فتاوى نور على الدرب [8]


الحلقة مفرغة

السؤال: رجل وامرأة رضعا من امرأة أخرى، هذا الرجل يكبر البنت بخمسة عشر عاماً، ويريد أن يتزوج أخت هذه البنت، فهل يجوز له أم لا؟

الجواب: لا شك أن الرجل المذكور أخ للبنت المذكورة؛ لأنهما ارتضعا من امرأة واحدة، فهما أخوان من الرضاع، وأما إخوة هذين الرضيعين فإنه لا علاقة لهما بالرضاع، وعلى هذا فيجوز لهذا الرجل أن يتزوج أخت من رضعت معه، ولا حرج عليه في ذلك.

السؤال: رجل له أرض واسعة وفي الأرض جنينة فيها نخيل وثمار وعنده ذرية رجال ونساء، ولما كبر وتقدم عمره ترك الوصية، وقال: إن أرضي وجميع ما فيها هي وقف لأولادي الذكور ولذريتهم، أما بناتي لا حق لهن في الوقف ولا يرثون، وفعلاً هذا الرجل توفي وابنه نفذ هذه الوصية وحرم البنات وذريتهن، فهل يصح هذا الوقف وهل يأثم هذا الرجل؟

الجواب: الصحيح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة أنه لا يجوز أن يخص أحداً من ورثته بشيء من الوصية، وأن هذه الوصية باطلة، وأنه يجب أن ترد في الميراث ويرثها الورثة على حسب ما في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن الله سبحانه وتعالى تولى بنفسه قسمة الميراث بين مستحقيه، وأخبر أنه تعالى فرض ذلك فريضة، وأنه لا يعلم أحد منا أيهم أقرب لنا نفعاً، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ).

السؤال: إذا كان هناك ضرس من الأضراس أطول من البقية فهل يجوز لي أن أقصه أو أحكه حكاً حتى أساوي به الباقين؟

الجواب: إذا كان يتأذى بهذا الضرس الزائد فلا حرج عليه في قصه، فقص الزائد منه لإزالة الأذى عنه، وكذلك إذا كان يتألم منه بسبب نتوئه فإنه لا بأس أن يقص الزائد منه حتى يزول ذلك الضرر، وإلا فيبقيه على ما هو عليه.

السؤال: أنا شاب جامعي والحمد لله، هديت إلى تربية اللحية ولكنني آخذ منها قليلاً من ناحية الرقبة ومن ناحية أعلى الخد، وقد عارضني البعض، وقال: هذا غير جائز، علماً أن هذا الشعر الزائد يضايقني، فما رأي فضيلتكم؟

الجواب: أما ما تحت الحلق فإنه ليس من اللحية؛ لأنه ليس نابتاً على اللحيين، وأما ما كان على الخدين فمقتضى كلام أهل اللغة أنه من اللحية، وعلى هذا فإننا لا نرى لهذا الأخ أن يأخذ منه شيئاً، وعليه أن يبقي الشعر على الخدين وعلى العارضين كما هو؛ لأنه من اللحية حسب ما في كلام أهل اللغة العربية.

السؤال: هل يكفي أن أدفع نقوداً إلى عشرة مساكين بدلاً من إطعامهم، والنقود تكون مقدرة بالطعام وذلك لكفارة حنث علي؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يستبدل الطعام بدراهم؛ لأن ما نص عليه في الشرع فإنه يجب الوقوف عليه بدون أن يتخطاه الإنسان إلى غيره، ولهذا نقول: لا يجوز أن تدفع الدراهم عن زكاة الفطر، ولا عن كفارة الظهار، ولا عن كفارة اليمين، ولا عن كفارة حلق الرأس في الحج وما أشبه ذلك مما نص الله فيه على الإطعام، فإن الواجب اتباع النص في هذه الأمور، ولعل للشارع نظراً لا تدركه عقولنا في هذه التعيينات التي قد يظن البعض أنها من أجل مصلحة الفقير المحضة، فيرى أن الدراهم أفضل أو أحب إلى الفقير من الإطعام فيعدل عن الإطعام إليها، ولكننا نرى أن مثل هذه الأمور يجب التوقف فيها على ما ورد به الشرع ولا يتجاوز فيها ما جاء به الشرع.

السؤال: عندنا إمام مسجد، وفي خطبة العيد قال: إن زكاة الفطر تعطى فلوساً؟ فما رأي سماحتكم في ذلك؟

الجواب: لا يجوز إعطاء الفطرة من الفلوس، لأن الشرع إنما ورد بفرض صاع من طعام، ومن أجناس مختلفة النوع ومختلفة القيمة ما بين شعير وزبيب وتمر وأقط، ولو كان المقصود القيمة لعينت بواحد من هذه الأنواع وما يساويه من الأنواع الأخرى، لا أن تقدر بصاع معين، ثم إن إخراجها من الدراهم يضفي عليها صورة الخفاء، وهي إذا كانت من الطعام تكون أشهر وأعلم يعرفها أهل البيت كلهم، وأهل البيت كلهم يعرفونها، وكذلك تكون ظاهرة يأخذها كل إنسان يؤديها إلى الفقير بشكل واضح بين، أما إذا كانت من الدراهم فإنها تكون خفية وربما ينساها المخرج، وربما يقدرها بما هو أقل من القيمة ويعترضها آفات كثيرة، ولهذا نرى أن القول بجواز دفع الفلوس عن الفطرة قول ضعيف، وأن الصواب أنه لا يجوز إخراجها إلا مما فرضه الشرع من الطعام.

مداخلة: نحن فعلاً دفعنا نقوداً، فهل تجزئ هذه النقود التي دفعت في السنوات الماضية أم يلزمهم دفع زكاة؟

الشيخ: إذا كان دفعهم إياها مجرد استحسان منهم فإنه يجب عليهم إعادتها؛ لأنهم تصرفوا عن غير علم، أما إذا كان استناداً إلى فتوى ممن يرونه أعلم منهم وأهلاً لذلك فإنه لا شيء عليهم، وإثمهم على من أفتاهم.

السؤال: يوجد عندي أخت وهي في جبل مقطوع من الماء، بينها وبين الماء مسافة لا تقل عن ست ساعات، أفطرت في شهر رمضان كاملاً، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.

الجواب: السائل لم يبين سبب الفطر في شهر رمضان، وظاهر كلامه أنها أفطرت لقلة الماء، على كل حال إذا أفطرت لعذر شرعي فإنها تقضي عدد الأيام التي صامها الناس، فإذا كان الناس صاموا تسعاً وعشرين يوماً فإنها تقضي تسعاً وعشرين يوماً، وإذا كانوا صاموا ثلاثين يوماً فإنها تقضي ثلاثين يوماً.

السؤال: لي أخت كبيرة في السن ومتزوجة ولها أولاد، ولي خال متزوج وعنده بنت، هذه البنت أحبها وأريد أن أتزوجها، فخطبتها من خالي وبعد مرور بضعة أشهر من خطوبتنا تذكرت أختي المذكورة أنها قد أرضعتها مع أحد أولادها، فهل يصح لي أن أتزوجها أم لا؟ علماً بأن أختي من أمي وأباها آخر؟

الجواب: إذا تمت شروط الرضاعة من أختك لهذه البنت فإنك تكون خالاً لها، ولا تحل لك هذه البنت، وشروط الرضاعة أن تكون خمس رضعات قبل الفطام، فإذا كانت أختك قد أرضعت هذه البنت -أعني: بنت خالك- خمس رضعات قبل أن تفطم صارت بنتاً لها وصرت خالاً لها فلا تحل لك، أما إذا كانت الرضعات أقل من خمس فإنها تحل لك، لحديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم قالت: ( كانت فيما أنزل من الرضاع عشر رضعات، فنسخن بخمس رضعات معلومات واستقر الأمر على ذلك )، وعلى هذا فإذا كانت أختك لم ترضعها إلا أربع مرات فأقل فإنها لا تكون بتناً لها ويحل لك أن تتزوج بها.

السؤال: لي والد وعمة نذروا عند مرض أحد أولادهم صيام شهر من كل سنة، ومضى على ذلك أكثر من اثني عشرة سنة وهم يصومون، والآن لحق بهم مضرة من هذا الصيام؟

الجواب: الذي نرجو أنه لم يلحقهم ضرر بصيام شهر من سنة، لأنه يمكنهم أن يصوموا هذا الشهر في أيام الشتاء وفيها برودة الجو وقصر النهار، وهم فيما يبدو إنما سئموا فقط من هذا الصيام، ولكن سأمهم هم الذين جلبوه إلى أنفسهم بهذا المرض، وبهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني المستمعين إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وقال: ( إنه لا يأتي بخير )، وعلى هذا فيجب على المسلم أن يتحرز منه، وأن يحذر منه، ولا يجوز له أن ينذر فيلزم نفسه بما لم يلزمه الله به، فإن ذلك من المشقة، وكثيراً ما ينذر بعض الناس ليحصل له مصلحة أو يندفع عنه مضرة، ثم إذا اندفعت تلك المضرة أو حصلت تلك المصلحة صار يتجول يميناً وشمالاً لعله يتخلص من هذا النذر، وربما يترك ما نذر ولا يفي به، وهذا خطر عظيم، كما قال الله عز وجل: وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77] فنصيحتي إلى الإخوان ألا ينذروا أبداً، وإذا نزل بهم أمر يضرهم فليلجئوا إلى الله عز وجل بالدعاء والإنابة والخضوع لعل الله أن يرفعه عنهم، وإذا أرادوا ما يكون مصلحة لهم فليسألوا الله تعالى حصوله وتيسيره لهم وإعانتهم على الوصول إليه، وبهذا يحصل لهم المقصود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في النذر: ( إنه لا يأتي بخير ).

السؤال: رجل رأى في حلمه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقال له: ادع لي يا رسول الله، فهل هذه رؤية حقيقية أم خيالية؟

الجواب: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم حق، فإن الشيطان لا يتمثل به، ولكن يجب أن تنزل أوصاف المرئي على ما جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوصافه صلى الله عليه وسلم، فإن طابقت الأوصاف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فإنه حق، وإن خالفت، فإن ما رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه المسألة كثيراً ما يقع فيها بعض الناس، يرون خيالاً يعتقدونه النبي صلى الله عليه وسلم أو يقال لهم: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا وصفوا ما رأوا فإذا أوصافه تخالف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يتبين أن ما رأوه ليس بصحيح.

على كل حال: لابد أن يعرف أن أوصاف الذي رآه في المنام مطابقة لأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم، فإن لم تكن مطابقة فإن ما رآه ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع