شرح ألفية ابن مالك [64]


الحلقة مفرغة

تعريف التصغير

يقول المؤلف: [التصغير].

والتصغير ضد التكبير، والتكبير بقاء الاسم كما هو عليه، وليس هناك تكبير ووسط وتصغير، فالأسماء إما مكبرة وإما مصغرة.

والتصغير يراد به التحقير، ويراد به التعظيم، ويراد به التلميح، وله أغراض متعددة، فقول الشاعر:

وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل.

أي: الموت، والمراد به التعظيم.

وقول النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس: (يا غليم) المراد به التمليح.

والغالب أنه يراد به التحقيق، وله أوزان متعددة:

أوزان التصغير:

أولاً: الثلاثي، يقول المؤلف:

[فُعيلاً اجعل الثلاثي إذا صغرته نحو قُذَيِّ في قذى].

الثلاثي إذا صغرته فوزنه دائماً فُعيل، فنقول في قَذى: قُذَيٌّ، وهدى هُدي، وفتى فُتَي، وعلى هذا فقس.

إذاً: كل ثلاثي سواء كان معتل الآخر، أو الوسط، أو صحيحاً أو كان مثالاً، مثل: وعد تقول: وعيد.

فتكون على فُعَيل في التصغير سواء أريد به التحقير، أو أريد به التعظيم.

قال:

[فعيعل مع فعيعيل لما فاق كجعل درهم دريهما]

إذا كان الاسم رباعياً فأكثر يقال فيه: فعيعل وفُعيعيل، فتقول مثلاً في جعفر: جعيفر، وفي درهم: دُريهم، وفي عصفور: عصيفير.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ فعيلا اجعل الثلاثي إذا صغرته نحو قُذَيّ في قَذى

فعيعل مع فعيعيل لمـا فاق كجعل درهم دريهما].

قال ابن عقيل: [إذا صُغر الاسم المتمكن ضُم أوله، وفتح ثانيه، وزيد بعد ثانيه ياء ساكنة، ويقتصر على ذلك إن كان الاسم ثلاثياً فتقول في فلس: فُلَيس، وفي قذىً قذي ].

المراد بالاسم المتمكن هو الاسم المعرب، وغيره الممنوع من الصرف ويقال: متمكن غير أمكن.

قال ابن عقيل : [ وإن كان رباعياً فأكثر فعل به ذلك وكسر ما بعد الياء].

فوائد التصغير

قال رحمه الله: [ فوائد التصغير خمس:

الأولى: تصغير ما يتوهم كِبره نحو: جُبيل تصغير جبل ].

يعني: لو أن أحداً قال: ما أريد أن أذهب من هذا الطريق؛ لأن فيه جبلاً فتقول له: ما أمامك إلا جُبيل، فهذا المقصود بتصغير ما يتوهم كبره.

[الثانية: تحقير ما يتوهم عظمه، نحو: سُبيع تصغير سَبُع].

والسبع معروف وجسمه معروف، لكن قد يظن إنسان أنه عظيم فأحقره وأقول: سُبيع.

الثالثة: [تقليل ما يتوهم كثرته نحو: دريهمات تصغير جمع درهم.

الرابعة: تقريب ما يتوهم بعده إما في الزمن نحو: قُبيل العصر، وإما في المكان نحو: فُويق الدار، وإما في الرتبة نحو: أُصيغرُ منه].

يعني: هو أصغر منه، وتقليل ما يتوهم بعده إما بالزمن كأن يظن الإنسان وهو نائم وقت الظهر فاستيقظ ووقت العصر ضيق فأقول له: أنت الآن قُبيل العصر.

وفي المكان يقول مثلاً: فُويق الدار، ومنه قوله الخبثاء الفلاسفة:

(مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي).

فالأفضل عندهم الولي ثم النبي، لكن النبي منحط جداً عن الولي، لأنه قال: دون الولي، ثم بعد ذلك الرسول، والرسول قريب من النبي، وكلاهما دون الولي، ولهذا يزعمون أن أوليائهم أفضل من الأنبياء، ويقولون: إن من أئمتنا من هو بمرتبةٍ لا ينالها ملك مقرب ولا نبي مرسل، قاتلهم الله!

[الخامسة: التعظيم كما في قول لبيد بن ربيعة العامري :

(وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل).

وأنكر هذه الفائدة البصريون، وزعموا أن التصغير لا يكون للتعظيم لأنهما متنافيان].

فيقولون في دويهية: إن هذه المراد أنها شيء بسيط عند الناس، فكل الناس يصابون فيها وليست بشيء عزيز، ومع ذلك فإنها وإن كانت شائعة فإنها تصيب كل الناس.

قال ابن عقيل: [وإن كان رباعياً فأكثر فعل به ذلك وكسر ما بعد الياء، فتقول في درهم: دُريهم، وفي عصفور: عصيفير.

وأمثلة التصغير ثلاثة: فُعيلٌ، وفعيعيل، وفُعيعلٍ ].

يعني: أوزان التصغير ثلاثة فقط: فُعيل وفُعيعل وفُعيعيل، فلا يوجد وزن رابع.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ وما به لمنتهى الجمع وصـل به إلى أمثلة التصغير صل].

قال ابن عقيل : [أي: إذا كان الاسم مما يصغر على فُعيعل أو على فعيعيل توصل إلى تصغيره بما سبق أنه يتوصل به إلى تكسيره على فَعالل أو فعاليل: من حذف حرف أصلي أو زائد، فتقول في سفرجل: سُفيرج، كما تقول: سفارج، ومستدعٍ: مديعٍ، كما تقول: مداعِ، فتحذف بالتصغير ما حذفت في الجمع.

وتقول في علندى: عُلَيند، وإن شئت قلت: عليِّد، كما تقول في الجمع علاند وعلادد ].

يجوز تعويض ياء قبل الطرف عما حذف من الاسم المصغر

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[وجائز تعويض يا قبل الطرف إن كان بعض الاسم فيهما انحذف].

يقول المؤلف: إنه يجوز أن نعوض قبل الآخر ياء تكون عوضاً عن آخر المحذوف، كما ذكرنا أنك تحذف السين والتاء، كما قال المؤلف:

والسين والتا من كمستدع أزل إذ ببنا الجمع بقاهما مخل

فمثلاً: مستخرج، لابد أن نحذف منها السين والتاء فنقول: مخيرج، ويجوز لنا أن نعوض ياء عما حذفناه فنقول في مستخرج: مخيريج، لكن نقول: إن كان بعض الاسم فيهما انحذف، فإن لم يكن انحذف فإنه لا تعوض الياء؛ لأن الياء إنما تكون عوضاً عما حذف، فإذا كانت الحروف كلها أصولاً فإنها لا يحذف منها شيء.

قال المؤلف رحمه لله:

[وحائد عن القياس كل ما خالف في البابين حكماً رسما].

قوله: (حائد عن القياس) أي: خارج عنه. (كل ما خالف في البابين) يعني بالبابين باب منتهى الجموع، وباب التكسير، فما خالف القواعد في ذلك فإنه يعتبر خارجاً عن القياس، والقاعدة: أن الخارج عن القياس يحفظ ولا يقاس عليه.

المواضع التي يجب فيها فتح ما بعد ياء التصغير

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[لتلو يا التصغير من قبل علم تأنيث او مدته الفتح انحتم

كذاك ما مدة أفعال سبق أو مد سكران وما به التحق]

وما بعد ياء التصغير في فعيعل وفيعيل مكسور، لكن يقول المؤلف:

(لتلو يا التصغير من قبل علم تأنيث)، أي: إذا جاء ياء التصغير في علم مؤنث فإنه لا يكسر ما بعد الياء فيكون مفتوحاً، مثاله: تقول في فاطمة: فطيمَة، وفي وردة: وريدَة، ولهذا قال: (الفتح انحتم).

يقول: (أو مدته) أي: مدة تاء التأنيث سواء كانت ممدودة أو مقصورة، فنقول في سلمى: سليمَى، ولا نقول: سليمِي، ونقول في صحراء: صحيراء، ولهذا قال: (أو مدته الفتح انحتم).

قوله: (كذاك ما مدة أفعال سبق) مر معنا أن أفعالاً من أوزان جموع القلة، فإذا صغرتها تفتح ما بعد الياء، فتقول في أسباب: أسيباب، وتقول في أعمال: أعيمال، وعلى هذا فقس، فإذا جاءت أفعال التي هي جمع تكسير فإنه لا يكسر ما بعد ياء التصغير.

قوله: (أو مد سكران وما به التحق) هذا أيضاً مثل ما سبق، فتقول في سكران: سكيران، وتقول في غضبان: غضيبان، وتقول في عطشان: عطيشان.

والمقصود سكران الذي مؤنثه سكرى، يعني فعلان الذي مؤنثه فعلى، فتبقى الألف فيه ولا تكسر.

أما فعلان الذي مؤنثه فعلانة فليس من هذا الباب، فنقول في شيطان: شييطين، وفي العامية يقولون: هذا شويطين، والصواب: شييطين.

وتقول في صرفان: صريفين؛ لأنه ليس على بابه، لكن نقول: إنه يجمع على صرافين، فإذا جمع على صرافين فإن التصغير يلحق بالجمع، فيقال: صريفين، وغالباً أن هذه المسائل -كما قال بعضهم- قليلة في اللغة العربية.

يقول المؤلف: [التصغير].

والتصغير ضد التكبير، والتكبير بقاء الاسم كما هو عليه، وليس هناك تكبير ووسط وتصغير، فالأسماء إما مكبرة وإما مصغرة.

والتصغير يراد به التحقير، ويراد به التعظيم، ويراد به التلميح، وله أغراض متعددة، فقول الشاعر:

وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل.

أي: الموت، والمراد به التعظيم.

وقول النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس: (يا غليم) المراد به التمليح.

والغالب أنه يراد به التحقيق، وله أوزان متعددة:

أوزان التصغير:

أولاً: الثلاثي، يقول المؤلف:

[فُعيلاً اجعل الثلاثي إذا صغرته نحو قُذَيِّ في قذى].

الثلاثي إذا صغرته فوزنه دائماً فُعيل، فنقول في قَذى: قُذَيٌّ، وهدى هُدي، وفتى فُتَي، وعلى هذا فقس.

إذاً: كل ثلاثي سواء كان معتل الآخر، أو الوسط، أو صحيحاً أو كان مثالاً، مثل: وعد تقول: وعيد.

فتكون على فُعَيل في التصغير سواء أريد به التحقير، أو أريد به التعظيم.

قال:

[فعيعل مع فعيعيل لما فاق كجعل درهم دريهما]

إذا كان الاسم رباعياً فأكثر يقال فيه: فعيعل وفُعيعيل، فتقول مثلاً في جعفر: جعيفر، وفي درهم: دُريهم، وفي عصفور: عصيفير.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ فعيلا اجعل الثلاثي إذا صغرته نحو قُذَيّ في قَذى

فعيعل مع فعيعيل لمـا فاق كجعل درهم دريهما].

قال ابن عقيل: [إذا صُغر الاسم المتمكن ضُم أوله، وفتح ثانيه، وزيد بعد ثانيه ياء ساكنة، ويقتصر على ذلك إن كان الاسم ثلاثياً فتقول في فلس: فُلَيس، وفي قذىً قذي ].

المراد بالاسم المتمكن هو الاسم المعرب، وغيره الممنوع من الصرف ويقال: متمكن غير أمكن.

قال ابن عقيل : [ وإن كان رباعياً فأكثر فعل به ذلك وكسر ما بعد الياء].

قال رحمه الله: [ فوائد التصغير خمس:

الأولى: تصغير ما يتوهم كِبره نحو: جُبيل تصغير جبل ].

يعني: لو أن أحداً قال: ما أريد أن أذهب من هذا الطريق؛ لأن فيه جبلاً فتقول له: ما أمامك إلا جُبيل، فهذا المقصود بتصغير ما يتوهم كبره.

[الثانية: تحقير ما يتوهم عظمه، نحو: سُبيع تصغير سَبُع].

والسبع معروف وجسمه معروف، لكن قد يظن إنسان أنه عظيم فأحقره وأقول: سُبيع.

الثالثة: [تقليل ما يتوهم كثرته نحو: دريهمات تصغير جمع درهم.

الرابعة: تقريب ما يتوهم بعده إما في الزمن نحو: قُبيل العصر، وإما في المكان نحو: فُويق الدار، وإما في الرتبة نحو: أُصيغرُ منه].

يعني: هو أصغر منه، وتقليل ما يتوهم بعده إما بالزمن كأن يظن الإنسان وهو نائم وقت الظهر فاستيقظ ووقت العصر ضيق فأقول له: أنت الآن قُبيل العصر.

وفي المكان يقول مثلاً: فُويق الدار، ومنه قوله الخبثاء الفلاسفة:

(مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي).

فالأفضل عندهم الولي ثم النبي، لكن النبي منحط جداً عن الولي، لأنه قال: دون الولي، ثم بعد ذلك الرسول، والرسول قريب من النبي، وكلاهما دون الولي، ولهذا يزعمون أن أوليائهم أفضل من الأنبياء، ويقولون: إن من أئمتنا من هو بمرتبةٍ لا ينالها ملك مقرب ولا نبي مرسل، قاتلهم الله!

[الخامسة: التعظيم كما في قول لبيد بن ربيعة العامري :

(وكل أناس سوف تدخل بينهم دويهية تصفر منها الأنامل).

وأنكر هذه الفائدة البصريون، وزعموا أن التصغير لا يكون للتعظيم لأنهما متنافيان].

فيقولون في دويهية: إن هذه المراد أنها شيء بسيط عند الناس، فكل الناس يصابون فيها وليست بشيء عزيز، ومع ذلك فإنها وإن كانت شائعة فإنها تصيب كل الناس.

قال ابن عقيل: [وإن كان رباعياً فأكثر فعل به ذلك وكسر ما بعد الياء، فتقول في درهم: دُريهم، وفي عصفور: عصيفير.

وأمثلة التصغير ثلاثة: فُعيلٌ، وفعيعيل، وفُعيعلٍ ].

يعني: أوزان التصغير ثلاثة فقط: فُعيل وفُعيعل وفُعيعيل، فلا يوجد وزن رابع.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ وما به لمنتهى الجمع وصـل به إلى أمثلة التصغير صل].

قال ابن عقيل : [أي: إذا كان الاسم مما يصغر على فُعيعل أو على فعيعيل توصل إلى تصغيره بما سبق أنه يتوصل به إلى تكسيره على فَعالل أو فعاليل: من حذف حرف أصلي أو زائد، فتقول في سفرجل: سُفيرج، كما تقول: سفارج، ومستدعٍ: مديعٍ، كما تقول: مداعِ، فتحذف بالتصغير ما حذفت في الجمع.

وتقول في علندى: عُلَيند، وإن شئت قلت: عليِّد، كما تقول في الجمع علاند وعلادد ].


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح ألفية ابن مالك [68] 3431 استماع
شرح ألفية ابن مالك [2] 3265 استماع
شرح ألفية ابن مالك [15] 3127 استماع
شرح ألفية ابن مالك[65] 2988 استماع
شرح ألفية ابن مالك[55] 2950 استماع
شرح ألفية ابن مالك [67] 2920 استماع
شرح ألفية ابن مالك [7] 2917 استماع
شرح ألفية ابن مالك [24] 2909 استماع
شرح ألفية ابن مالك [9] 2826 استماع
شرح ألفية ابن مالك [66] 2810 استماع