خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8840"> شرح ألفية ابن مالك
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح ألفية ابن مالك[51]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [التوكيد.
بالنفس أو بالعين الاسم أكدا مع ضمير طابق الموكدا ].
يقال: التوكيد، ويقال: التأكيد، والتوكيد أفصح؛ لأنه الذي ورد في القرآن، قال الله تعالى: وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا [النحل:91].
ومعناه: التقوية، وهو نوعان: لفظي ومعنوي، فاللفظي تكرار اللفظ، مثل أن تقول للرجل: احرص على العلم احرص على العلم، وقد يكرر ثلاثاً كما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم -كررها ثلاثاً- حتى قال له
وأما المعنوي فذكره المؤلف في قوله:
(بالنفس أو بالعين الاسم أكدا).
الاسم: مبتدأ، وجملة (أكدا) خبره، و(بالنفس أو بالعين) هذا متعلق بأُكدا.
والمؤلف رحمه الله معلم حتى بالتعبير، فقد قال في الترجمة: (التوكيد) وقال في البيت: (أكدا) ولم يقل: وكد، ما جاء بها بالواو مع أنه لو جاء بالواو لاستقام الوزن، لكن كأنه يقول: يجوز بالهمز ويجوز بالواو.
وقوله: (بالنفس أو بالعين) يؤكد الاسم بالنفس ويؤكد بالعين، فتقول: أكرمت زيداً نفسه، فـ(نفسه) تأكيد، والفائدة من التأكيد أمران: التقوية، ونفي احتمال المجاز؛ لأنك إذا قلت: أكرمت زيداً، فيحتمل أنك أكرمت والده أو قريبه أو غلامه، أو رسوله الذي أرسله إليك، فإذا قلت: نفسه، يزول هذا الاحتمال.
والعين كأن تقول: رأيت زيداً عينه، فعين هنا بمعنى (نفس) وهي توكيد، والإعراب:
أكرمت: فعل وفاعل.
زيداً: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة.
نفسه: توكيد لزيد منصوب بالفتحة الظاهرة، ونفس مضاف والهاء مضاف إليه مبني على الضم في محل جر.
لكن اعلم أنه ليس الأمر كلما جاءت النفس والعين فهي للتوكيد، فقد تكون لغير التأكيد، كما لو قلت: أزهقت زيداً نفسه، فهذه تكون بدلاً أو عطف بيان؛ لأنك لم ترد أن تؤكد زيداً بالنفس، وإنما تريد أن تبين ما وقع عليه الفعل، وكذلك تقول: فقأت زيداً عينه، فتعرب عينه بدل بعض؛ لأنه معلوم أن زيداً نفسه لا يفقأ.
واشترط المؤلف فقال: (مع ضمير طابق المؤكدا)، فلابد أن يكون في النفس والعين ضمير يطابق المؤكد، تقول: أكرمت زيداً نفسه، ولا يجوز: أكرمت زيداً نفسها.
ويجوز: أكرمت الرجلين نفسهما؛ لأن المؤلف لم يقل لنا: إنه يجب أن يكون المؤكِّد مطابقاً للمؤكَّد، وإنما قال: (مع ضمير طابق المؤكدا).
ويجوز: أكرمت الرجال نفسهم، لأن الضمير مطابق، لكن بين المؤلف في قوله:
(واجمعهما بأفعل إن تبعا ما ليس واحداً تكن متبعاً)
أن النفس أو العين تأتي على وزن (أفعل) إذا كان المؤكد غير المفرد، فنفس تكون (أنفس)، وعين تكون (أعين).
إذاً: المؤلف بين لنا غير ما يفهم من كلامه الأول، بين لنا أنهما يجمعان مع غير المفرد، وكلامه يشمل المثنى والجمع، فتقول: جاء الرجلان أنفسهما، لكن لا يجوز: جاء الرجلان أنفسهم؛ لعدم مطابقة الضمير.
ويجوز: جاء الرجال أنفسهم، وجاءت النساء أنفسهن.
إذاً: فهمنا الآن أن التوكيد بالنفس وبالعين لابد أن يشتمل على ضمير يطابق المؤكد مطلقاً، أما العين والنفس فإنها في المفرد لابد أن تكون مفردة وفي الجمع لابد أن تكون مجموعة.
إذا أكد المثنى بالنفس أو بالعين فإنه يجوز فيه ثلاثة أوجه:
الأفصح الجمع، ثم الإفراد، ثم التثنية.
تقول: جاء الرجلان أنفسهما، وجاء الرجلان نفسهما، وجاء الرجلان نفساهما.
وإذا قال قائل: كيف يصح أن نقول: نفسهما مع أنهما اثنان ونفس واحدة؟ فنقول: لأنه مفرد مضاف، والمفرد المضاف يكون للعموم.
جمع النفس والعين عند تأكيد غير الواحد
[واجمعهما بأفعل إن تبعا ما ليس واحداً تكن متبعا]
وجه الجمع: هو أن المثنى يفيد التعدد فإن قلنا: إن أقل الجمع اثنان، فلا إشكال.
وإن قلنا: إن أقل الجمع ثلاثة، فإنها تجمع؛ لئلا تجتمع علامتا تثنية فيما هو كالكلمة الواحدة؛ فأن الآن يقول: جاء الرجلان أنفسهما، أخف على اللسان من: جاء الرجلان نفساهما.
قوله: (إن تبعا ما ليس واحداً تكن متبعاً)
أي: تكن متبعاً للعرب، ويجوز: تكون متبعاً للنحويين الذين أصدروا هذه الأحكام بمقتضى اللغة العربية.
ما يؤكد به لرفع توهم عدم إرادة الشمول
[وكلاً اذكر في الشمول وكلا].
يؤكد بـ (كل) إذا أريد الشمول، ومعنى الشمول: أنه لا يؤكد إلا ما له أفراد متباينة مثل القوم، فتقول: جاء القوم كلهم.
أما إذا كان لا يتجزأ فإنه لا يؤكد بكل؛ لأن احتمال المجاز فيه غير وارد.
إذاً: الشمول لا يكون إلا فيما تعددت أجزاؤه أو أفراده، أما ما لا يمكن فيه التعدد فلا يؤكد بكل.
فلو قلت: جاء زيد كله، لا يصح؛ لأن أجزاءه لا يمكن أن ينفرد بعضها عن بعض في المجيء، فلا يمكن أن يأتي رأسه بمفرده، ولا يده بمفردها.
ولو قلت: أعتقت العبد كله. يمكن لأن له أجزاء لكنها مشاعة، فيمكن أن تعتق أجزاء وأجزاء لا تعتق.
وإذا قلت: أكلت الخروف كله. يصلح لأنه يمكن تجزئته.
قوله: (وكلا كلتا) يؤكد أيضاً بكلا وكلتا، لكن لا يؤكد بهما إلا المثنى، فتقول: قام الرجلان كلاهما، ورأيت المرأتين كلتيهما.
إذاً: كلا وكلتا للشمول لكن خاصتان بالمثنى، وكل للجمع.
قال: (جميعاً) أيضاً يؤكد بها، ويحتمل إن قوله: (جميعاً) يعود على كل وكلا وكلتا، يعني: كل هذه الثلاثة لابد أن توصل بالضمير.
ولا شك أن جميع يؤكد بها، فتقول: جاء القوم جميعهم، لكنها إذا لم تضف صارت حالاً لا توكيداً، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] هذه حال؛ لأنها لم توصل بالضمير.
فإذا وصلت بضمير المؤكد صارت توكيداً، تقول: جاء القومُ جميعُهم، ورأيت القومَ جميعَهم، ومررت بالقومِ جميعِهم.
وقوله: (بالضمير موصلاً) يعود على كل الأربع الكلمات:
كل وكلا وكلتا وجميع، فإن لم يوصل بالضمير لم يقع توكيداً، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:32]، وقوله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ [هود:111] وقوله تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا [الطارق:4]، فكل هنا ليست توكيداً؛ لأنها لم تضف إلى ضمير.
إذاً لا بد أن تضاف إلى ضمير ويسبقها ما يؤكد، فتقول: إن القوم كلهم فاهمون.
والجميع كذلك إذا أضيفت إلى ضمير المؤكد صارت تأكيداً وإلا فهي على حسب العوامل.
وإعراب البيت كما يلي:
(كلاً) مفعول مقدم لاذكر.
(وكلا) معطوفة على كلاً، يعني: واذكر أيضاً كلا. و(كلتا) معطوفة على كلاً.
و(جميعاً) معطوفة عليها لكن بإسقاط حرف العطف من أجل ضرورة الشعر.
(بالضمير) متعلق بقوله: (اذكر)، و(موصلاً) حال مما سبقه، يعني: حال كونه موصلاً بالضمير.
ويحوز أن نقول: (بالضمير) متعلق بقوله: (موصلاً)، وتقدير البيت: واذكر كُلاً وكلا وكلتا وجميعاً في الشمول موصلاً بالضمير. والقاعدة من البيت: أنه يؤكد بكل وكلا وكلتا وجميع مضافة إلى ضمير المؤكد.
عامة تستعمل في التوكيد للدلالة على الشمول ككل
[واستعملوا أيضاً ككل فاعلة من عم في التوكيد مثل النافلة]
قوله: (واستعملوا) أي العرب.
(أيضاً) مصدر آض يئيض، بمعنى: رجع، وهي دائماً محذوفة العامل، فلا يقال: أئيض أيضاً، أي أرجع رجوعاً، وإنما استعملوه دائماً على المفعولية المطلقة أو على المصدرية وعاملها محذوف دائماً.
قوله: (ككلٍ فاعلة من عم) فاعلة يعني: اسم فاعل على وزن فاعلة، من عمَّ، فعم: فعل ماضٍ -وهي غير (عمَّ) التي هي حرف جر واسم استفهام- ومضارعة: يعم، واسم الفاعل منه: عامٌّ، لكن هو يقول: فاعلة، فأدخل التاء على (عام) فتصبح: عامة.
يعني: تعمل (عامة) في مكان (كل)، تقول: جاء القوم عامتهم، وهو بإزاء قولك: جاء القوم كلهم، والمعنى واحد، وكثيراً ما يستعمل شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك فيقول: عامة العلماء على هذا القول.
وغيره أيضاً ممن يذكر الخلاف، يقول: عليه عامة العلماء، أي: كل العلماء، وإن كان الإنسان قد يشعر بأن يوجد خلاف قليل، لكن ليست مثل ما إذا قيل: أكثر العلماء، فهنا الخلاف واضح.
والإعراب: استعملوا: فعل وفاعل.
و(أيضاً): مصدر لعامل محذوف من آض يئيض.
و(فاعلة): مفعول استعملوا.
و(من عمَّ): متعلقة بفاعلة حال، أو صفة.
و(عامة) مثل (جميع) إذا لم تتصل بالضمير تكون غير مؤكدة، كما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (وبعثت إلى الناس عامة) فهي حال.
قوله: (في التوكيد) متعلق باستعملوا، يعني: استعملوا في التوكيد أيضاً (عامة) استعمال (كلٍ)، وعلى هذا فيكون مضافاً إلى ضمير المؤكد.
وقوله: (مثل النافلة)، (مثل) يحتمل أنه مفعول مطلق، أي: استعمالاً مثل النافلة، ويحتمل أن يكون حالاً أي: مشبهاً للنافلة، ومعنى النافلة: الزيادة، كما قال الله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79]، يعني: زائدة لك، قال الشارح: إن كثيراً من النحويين لم يذكروها، فيكون الذي ذكرها زائداً على غيره في ذكرها.
وقال بعض المحشين : بل معنى قوله: (مثل النافلة) أي: مثل هذا الوزن، فهي على وزن فاعلة ولو كان المؤكد ذكراً، وهذا الذي ذكره المحشي أحسن مما ذكره الشارح، فالأحسن أن يقول: (مثل النافلة) أي: أنها تلزمها التاء وإن كان المؤكد فيها مذكراً، فتقول: جاء الرجال عامتهم، ولا تقل: عامهم.
وقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79].
نافلة: حال من التهجد، والتقدير: حال كونه نافلة لك، والتهجد مذكر.
ومن الأمثلة قولنا: جاء القومُ عامتُهم، ورأيتُ القومَ عامتَهم، ومررت بالقوم عامِتهم، وكونها مؤكدة للشمول واضح من معناها؛ لأن العموم معناه الشمول، وهي مأخوذة من عمَّ يعُمّ، أي: شمل يشمل فهو شامل.
ما يجاء به بعد كل لتقوية قصد الشمول
[وبعد كلٍ أكدوا بأجمعا جمعاء أجمعون ثم جمع]
تقول: جاء القوم كلهم أجمع، وجاءت القبيلة كلها جمعاءُ، وجاء القوم كلهم أجمعون، وجاءت النساء كلهن جمع.
قد يجاء بأجمع للتوكيد غير مسبوقة بكل
[ودون كل قد يجيء أجمع جمعاء أجمعون ثم جمع]
والحقيقة أنه غريب من ابن مالك ، أن يكرر هذا التكرير، ومعناه: إنهم أكدوا بعد كلٍ ودون كل، لكن دون كلٍ قد يجيء وليس كثيراً، فتقول: جاء الرجال أجمع، وجاءت القبيلة جمعاء، وجاء القوم أجمعون، وجاءت النساء جمع، بدون كل.
قال الشاعر:
يا ليتني كنت صبياً مُرضَعاً تحملني الذلفاء حولاً أكتعا
إذا بكيت قبلتني أربعاً إذاً ظللت الدهر أبكي أجمعا
و(الذلفاء)، قيل: إنها اسم امرأة، وقيل: إن الذلفاء هي المرأة الحسناء.
والشاهد في قوله:
(إذاً ظللت الدهر أبكي أجمعا) حيث أكد بأجمع دون كل، ولم يقل: إذاً ظللت الدهر كله أجمع.
وفي البيت أيضاً شاهد لجواز الفصل بين المؤكِد والمؤكَد، وهو قوله: الدهر أبكي، فأبكي: هذه جملة معترضة، نظيرها في القرآن قوله تعالى: وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَينَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ [الأحزاب:51] فكلهن ليست توكيداً للضمير الذي في (آتيتهن)، ولكنها توكيد للضمير في قوله (يرضين) ففصل بين المؤكِد والمؤكَد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[واجمعهما بأفعل إن تبعا ما ليس واحداً تكن متبعا]
وجه الجمع: هو أن المثنى يفيد التعدد فإن قلنا: إن أقل الجمع اثنان، فلا إشكال.
وإن قلنا: إن أقل الجمع ثلاثة، فإنها تجمع؛ لئلا تجتمع علامتا تثنية فيما هو كالكلمة الواحدة؛ فأن الآن يقول: جاء الرجلان أنفسهما، أخف على اللسان من: جاء الرجلان نفساهما.
قوله: (إن تبعا ما ليس واحداً تكن متبعاً)
أي: تكن متبعاً للعرب، ويجوز: تكون متبعاً للنحويين الذين أصدروا هذه الأحكام بمقتضى اللغة العربية.
وقال المؤلف أيضاً:
[وكلاً اذكر في الشمول وكلا].
يؤكد بـ (كل) إذا أريد الشمول، ومعنى الشمول: أنه لا يؤكد إلا ما له أفراد متباينة مثل القوم، فتقول: جاء القوم كلهم.
أما إذا كان لا يتجزأ فإنه لا يؤكد بكل؛ لأن احتمال المجاز فيه غير وارد.
إذاً: الشمول لا يكون إلا فيما تعددت أجزاؤه أو أفراده، أما ما لا يمكن فيه التعدد فلا يؤكد بكل.
فلو قلت: جاء زيد كله، لا يصح؛ لأن أجزاءه لا يمكن أن ينفرد بعضها عن بعض في المجيء، فلا يمكن أن يأتي رأسه بمفرده، ولا يده بمفردها.
ولو قلت: أعتقت العبد كله. يمكن لأن له أجزاء لكنها مشاعة، فيمكن أن تعتق أجزاء وأجزاء لا تعتق.
وإذا قلت: أكلت الخروف كله. يصلح لأنه يمكن تجزئته.
قوله: (وكلا كلتا) يؤكد أيضاً بكلا وكلتا، لكن لا يؤكد بهما إلا المثنى، فتقول: قام الرجلان كلاهما، ورأيت المرأتين كلتيهما.
إذاً: كلا وكلتا للشمول لكن خاصتان بالمثنى، وكل للجمع.
قال: (جميعاً) أيضاً يؤكد بها، ويحتمل إن قوله: (جميعاً) يعود على كل وكلا وكلتا، يعني: كل هذه الثلاثة لابد أن توصل بالضمير.
ولا شك أن جميع يؤكد بها، فتقول: جاء القوم جميعهم، لكنها إذا لم تضف صارت حالاً لا توكيداً، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] هذه حال؛ لأنها لم توصل بالضمير.
فإذا وصلت بضمير المؤكد صارت توكيداً، تقول: جاء القومُ جميعُهم، ورأيت القومَ جميعَهم، ومررت بالقومِ جميعِهم.
وقوله: (بالضمير موصلاً) يعود على كل الأربع الكلمات:
كل وكلا وكلتا وجميع، فإن لم يوصل بالضمير لم يقع توكيداً، كما قال الله تعالى: وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس:32]، وقوله تعالى: وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ [هود:111] وقوله تعالى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا [الطارق:4]، فكل هنا ليست توكيداً؛ لأنها لم تضف إلى ضمير.
إذاً لا بد أن تضاف إلى ضمير ويسبقها ما يؤكد، فتقول: إن القوم كلهم فاهمون.
والجميع كذلك إذا أضيفت إلى ضمير المؤكد صارت تأكيداً وإلا فهي على حسب العوامل.
وإعراب البيت كما يلي:
(كلاً) مفعول مقدم لاذكر.
(وكلا) معطوفة على كلاً، يعني: واذكر أيضاً كلا. و(كلتا) معطوفة على كلاً.
و(جميعاً) معطوفة عليها لكن بإسقاط حرف العطف من أجل ضرورة الشعر.
(بالضمير) متعلق بقوله: (اذكر)، و(موصلاً) حال مما سبقه، يعني: حال كونه موصلاً بالضمير.
ويحوز أن نقول: (بالضمير) متعلق بقوله: (موصلاً)، وتقدير البيت: واذكر كُلاً وكلا وكلتا وجميعاً في الشمول موصلاً بالضمير. والقاعدة من البيت: أنه يؤكد بكل وكلا وكلتا وجميع مضافة إلى ضمير المؤكد.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[واستعملوا أيضاً ككل فاعلة من عم في التوكيد مثل النافلة]
قوله: (واستعملوا) أي العرب.
(أيضاً) مصدر آض يئيض، بمعنى: رجع، وهي دائماً محذوفة العامل، فلا يقال: أئيض أيضاً، أي أرجع رجوعاً، وإنما استعملوه دائماً على المفعولية المطلقة أو على المصدرية وعاملها محذوف دائماً.
قوله: (ككلٍ فاعلة من عم) فاعلة يعني: اسم فاعل على وزن فاعلة، من عمَّ، فعم: فعل ماضٍ -وهي غير (عمَّ) التي هي حرف جر واسم استفهام- ومضارعة: يعم، واسم الفاعل منه: عامٌّ، لكن هو يقول: فاعلة، فأدخل التاء على (عام) فتصبح: عامة.
يعني: تعمل (عامة) في مكان (كل)، تقول: جاء القوم عامتهم، وهو بإزاء قولك: جاء القوم كلهم، والمعنى واحد، وكثيراً ما يستعمل شيخ الإسلام ابن تيمية ذلك فيقول: عامة العلماء على هذا القول.
وغيره أيضاً ممن يذكر الخلاف، يقول: عليه عامة العلماء، أي: كل العلماء، وإن كان الإنسان قد يشعر بأن يوجد خلاف قليل، لكن ليست مثل ما إذا قيل: أكثر العلماء، فهنا الخلاف واضح.
والإعراب: استعملوا: فعل وفاعل.
و(أيضاً): مصدر لعامل محذوف من آض يئيض.
و(فاعلة): مفعول استعملوا.
و(من عمَّ): متعلقة بفاعلة حال، أو صفة.
و(عامة) مثل (جميع) إذا لم تتصل بالضمير تكون غير مؤكدة، كما في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (وبعثت إلى الناس عامة) فهي حال.
قوله: (في التوكيد) متعلق باستعملوا، يعني: استعملوا في التوكيد أيضاً (عامة) استعمال (كلٍ)، وعلى هذا فيكون مضافاً إلى ضمير المؤكد.
وقوله: (مثل النافلة)، (مثل) يحتمل أنه مفعول مطلق، أي: استعمالاً مثل النافلة، ويحتمل أن يكون حالاً أي: مشبهاً للنافلة، ومعنى النافلة: الزيادة، كما قال الله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79]، يعني: زائدة لك، قال الشارح: إن كثيراً من النحويين لم يذكروها، فيكون الذي ذكرها زائداً على غيره في ذكرها.
وقال بعض المحشين : بل معنى قوله: (مثل النافلة) أي: مثل هذا الوزن، فهي على وزن فاعلة ولو كان المؤكد ذكراً، وهذا الذي ذكره المحشي أحسن مما ذكره الشارح، فالأحسن أن يقول: (مثل النافلة) أي: أنها تلزمها التاء وإن كان المؤكد فيها مذكراً، فتقول: جاء الرجال عامتهم، ولا تقل: عامهم.
وقوله تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [الإسراء:79].
نافلة: حال من التهجد، والتقدير: حال كونه نافلة لك، والتهجد مذكر.
ومن الأمثلة قولنا: جاء القومُ عامتُهم، ورأيتُ القومَ عامتَهم، ومررت بالقوم عامِتهم، وكونها مؤكدة للشمول واضح من معناها؛ لأن العموم معناه الشمول، وهي مأخوذة من عمَّ يعُمّ، أي: شمل يشمل فهو شامل.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[وبعد كلٍ أكدوا بأجمعا جمعاء أجمعون ثم جمع]
تقول: جاء القوم كلهم أجمع، وجاءت القبيلة كلها جمعاءُ، وجاء القوم كلهم أجمعون، وجاءت النساء كلهن جمع.