رسالة الجهاد 3


الحلقة مفرغة

معاشر المستمعين مع هذه الرسيلة الصغيرة! وقد عرفنا أن أعداءنا أربعة، وعرفنا كيف نحاربهم، وهم: النفس، والشيطان، والفساق، والكفار، والآن مع [ الفصل الثالث: كيف ندعو ونقاتل؟] عدنا الآن إلى الكفار، كيف ندعوهم؟ وكيف نقاتلهم؟ يجب أن نعلم هذا فهو ضروري.

قال: [ إن قتالنا في سبيل الله وهو الجهاد الحق الذي هو أشرف الأعمال وأفضلها كما بيناه سابقاً، يكون بإذن إمام المسلمين وكيفيته تكون كالآتي:

إنه لما يرى إمام المسلمين أن له قدرة كافية على دعوة دولة كافرة مجاورة لنا] أي: قريبة من حدود بلادنا.

ولهذا وقف الجهاد اليوم؛ لأن المسلمين ليس عندهم القدرة.

إذاً: لما يرى إمام المسلمين أن له قدرة بدنية ومالية من سلاح وعتاد، قدرة كافية على دعوة دولة كافرة مجاورة قريبة من حدودنا، فلا نتجاوز هذه الدولة الكافرة وننتقل إلى أخرى بعدها، كما بينت لكم، فالحجر تلقيه في البحر يتسع يتسع إلى نهايته.

قال: [ ولم تكن هناك معاهدة سلم وعدم اعتداء بيننا وبينهم]. الشرط الثاني: أن لا يكون بيننا وبين الدولة المجاورة اتفاق وعهد يجب الوفاء به.

إذاً: لما يرى إمام المسلمين أن له قدرة كافية على دعوة دولة كافرة مجاورة لنا -أي: قريبة من حدود بلادنا- ولم تكن هناك معاهدة سلم وعدم اعتداء بيننا وبينهم فحينئذ يخرج إليهم.

تخيير إمام المسلمين أو نائبه في المعركة للكافرين بين الإسلام أو الجزية أو القتال

قال: [ فيخرج إمام المسلمين أو من ينيبه عنه من رجالات الحرب والجهاد بجيشه وعدته وعتاده، فينزل قريباً من بلاد الدولة الكافرة، ثم يبعث سفيراً من خيرة رجاله كما فعل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، ويطلب منه قبول واحدة من ثلاث:

الأولى: الدخول في الإسلام؛ لينجوا ويسعدوا بعبادة الله تعالى التي خلقوا من أجلها].

ادخلوا في الإسلام لتكملوا وتسعدوا؛ إذ خلقتم لهذه المهمة، فما خلقوا للهو والباطل والشرك والكفر، وإنما خلقوا ليعبدوا الله عبادة تطهرهم وتزكيهم، وتؤهلهم للجنة دار السلام.

هذه واحدة من الثلاث: أن يدعوهم إلى الدخول في الإسلام. من أجل ماذا؟ لنكسب أموالهم أو نذلهم ونهينهم؟ لا والله، بل لينجوا ويسعدوا بعبادة الله تعالى التي خلقوا من أجلها، أما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] لو سئلت عن سر الخلق فتقول: أن يعبد الله.

قال: [والثانية: دفع جزية سنوية] دفع ضريبة سنوية في العام مرة، مقابل حماية المسلمين لهم، لا يدخل عليهم عدو يؤذيهم.

نحن نتولى الدفاع عنهم، وجيوشنا هي التي تدفع العدو الذي يهاجم هذا البلد الذين هم أهل ذمتنا، مقابل تلك الدريهمات القليلة جيشنا يتولى حمايتهم، فلو غزاهم عدو يقف المسلمون في وجهه، والذميون لا نطالبهم أن يقاتلوا.

[والثانية: دفع جزية سنوية مقابل حماية المسلمين لهم، بحكم أنهم أصبحوا في ذمة المسلمين يدفعون عنهم كل ما يضرهم ويؤذيهم من عدو وغيره ما وفوا بالعهد، والجزية مفصلة في كتب الفقه والتفسير، مقدارها شيء بسيط على الرجال دون النساء، على القادرين دون الضعفاء.

والثالثة: قتالهم] وليس قتلهم، لأن قتلهم ماذا يفيد؟ من يعبد الله إذا ماتوا؟ لا نريد قتلهم أبداً، بل نريد قتالهم حتى يسلموا.

فهل فهمتم السر في قتالهم أم لا؟ لماذا نقاتلهم؟ حتى يخضعوا، وليعبدوا الله عز وجل أو يدخلوا في ذمتنا شيئاً فشيئاً وكلهم مسلمون، وهل الشام، وهل العراق، وهل مصر.. دخلوا في الإسلام في يوم واحد؟ لا.

لما حكموا من قبل المسلمين وشاهدوا الأنوار الإلهية والشعيرة الإسلامية أخذوا يدخلون في الإسلام، فما مضت عشر سنوات حتى أسلموا كلهم أو أكثرهم.

قال: [ والثالثة: قتالهم حتى ينهزموا ويدخلوا في ذمة المسلمين وفي حمايتهم].

أسباب قتال المسلمين للكفار

قال: [هذا سبب قتال الكافرين، وآخر هو أن يعتدوا على المسلمين أو يعلنوا الحرب عليهم].

إذاً: نقاتل العدو من الدولة الكافرة أو الأمة الكافرة لأمرين:

الأول: من أجل أن يعبدوا الله ويدخلوا في الإسلام.

والثاني: من أجل أن نرد كيدهم ومكرهم وحربهم، ولا نسمح لهم أن يؤذوا المسلمين.

قال: [ وآخر هو أن يعتدوا على المسلمين أو يعلنوا الحرب عليهم] كأن كانت بيننا وبينهم معاهدة فنقضوها وأعلنوا الحرب، وبناء على هذه القاعدة الشرعية المتمثلة في المسلمين المذكورين فإنه لا قتال لكافر ولا للكافرين إلا إذا وجد أحد السببين اللذين هما:

إذن من إمام المسلمين في قتالهم.

والثاني: أذيتهم للمسلمين بإعلان الحرب عليهم للسببين المذكورين أعلى، وهما:

أولاً: دعوتهم إلى الإسلام.

الثاني: اعتداؤهم على المسلمين.

هذا والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما ندرس ونسمع.