خطب ومحاضرات
النكت والطرائف
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أحبتي وإخوتي الأكارم: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
هذا هو الدرس الرابع عشر في سلسلة الدروس العلمية العامة، وهذه ليلة الإثنين الثامن من شهر الله المحرم، لعام(1411هـ).
موضوع الدرس في هذه الليلة، هو صلة الحديث عن موضوع (
ولا شك أن النكت والطرائف هي جزء من المزاح، فقد يتساءل البعض ولماذا نفردها بالحديث؟
فأقول: لا شك أنها جزء منه، وإن كانت جزءاً متميزاً؛ لأن النكت والطرائف هي -غالباً- عبارة عن روايات، وقصص صغيرة أو قصيرة يتناقلها الرواة، ويتداولونها على سبيل الإضحاك، فهي جزء من كل، وعلاقتها بموضوع المزاح علاقة الجزئية، فهي جزء من الموضوع العام، لكنها حظيت بمزيد من الاهتمام، وأصبحت في هذا العصر فناً خاصاً له أصوله، ومدارسه، وطرائقه، وأساليبه وكتبه وأهله، إضافة إلى أنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة كثير من الناس، بل غلبت على كثير من الناس وأصبحت هي أهم جزء في حياتهم.
ماهية النكت
هذه دردشة خفيفة حول الأصل اللغوي، من خلال قراءتي لـكتاب لسان العرب وما ذكر فيه ابن منظور، وجدت أنه يمكن أن نقول: إن النكت مشتقة من أحد ثلاثة معان:
إما أن تكون مشتقة من (النَّكْت) وهو الضرب في الأرض بعود أو غيره بحيث يؤثر فيه، جاء في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان ينكت الأرض بعود في يده} يعني يضرب به الأرض فيظهر أثره على الأرض، وإذا كان اشتقاقها من هذا المعنى فهو دليلٌ على أن الأصل في النكت أنها مذمومة، لأنها تؤثر في القلب وفي النفس، كما يؤثر هذا العود في الأرض، فيحدث فيه ندوباً وآثاراً، فكذلك بعض النكت أو كثيرٌ منها تحدث في النفس نكتاً وندوباً وآثاراً، فلذلك سميت بالنكت.
ويحتمل أن تكون مشتقة من (النَّكْت) وهو الطعن في الناس، يقال: هذا رجل نكات إذا كان طعاناً في الناس، وأيضاً إذا كان اشتقاقها من هذا المعنى؛ فذلك لأن كثيراً من النكت يكون المقصود بها الطعن في فلان أو فلان، أو العائلة الفلانية، أو القبيلة الفلانية، أو البلد الفلاني، أو ما أشبه ذلك، فتكون مذمومة على هذا الاشتقاق إجمالاً أيضاً.
أما الاحتمال الثالث: وهو الأقوى والأظهر والأرجح، فهو: أن تكون مأخوذة من (النَّكْت) وهو النقط، يُقال: نكت بمعنى نقط، ويُقال: نكتة أي نقطة، فهي النقطة في الشيء التي تكون مخالفة للونه، للون أرضه وعامته وغالبه، ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حديث حذيفة: {تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً -وفي رواية- عَوْداً عَوْداً فأيما قلبٍ أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء} فقوله نكتت أي: نقطت ووضعت فيه نقطة سوداء أو نقطة بيضاء.
وعلى هذا الاشتقاق؛ فإن هذا يدل على أن النكت ينبغي أن تكون قليلة، كما سبق في موضوع المزاح تكون كالملح في الطعام، فتكون مثل النقط المنتشرة المغايرة للون الأصل، بمعنى أن الأصل فيك يجب أن يكون هو الجد، والكلام المفيد، وأما النكت فهذه استثناءات عارضة مخالفة للون الأصل الذي أنت عليه، فالأصل عندك الجد، ولكنك تمزح أحياناً بهذه النكت كما سبق.
الجد شيمته وفيه دعابة حيناً ولا جدٌ لمن لا يهزل |
أما الطرائف: فهي أخف شأناً، وأظهر من حيث الاشتقاق اللغوي، فإنها جمع طرفة، وهي تحتمل أيضاً معنيين أو أكثر، ومن مراجعتي أيضاً لكتاب تهذيب اللغة للأزهري، تبين لي أنه من الممكن أن تُرجع إلى أحد معنيين:
أولهما: أن ترجع إلى الطَّرف، والطرف هو النظر أو البصر، ولذلك يقول الناس: طرفه، يعني إذا أصيبت العين، إذا ضرب إنسان آخر بيده أو بثوبه أو بشيء، يقال طَرَفه أي: أصاب طرفه، ويقال طُرفة: أي: إصابة العين تسمى طرفة، ويقال: رجل مطروف، وهذا معروف، إذاً على هذا الاشتقاق أيضاً تكون الطرفة الأصل أنها مذمومة، لأنها قد تؤثر فيمن تقال له، كما تؤثر الإصابة في العين، فإما أن تصيبها بالعمى، أو قد تصيبها بالاحمرار وغير ذلك من العوارض.
الاحتمال الثاني: وهو الأرجح والأصح والأقوى؛ أن تكون الطرفة مشتقة من قولهم: فلان ما له شيء طارف ولا تليد، ويعنون بالطارف الجديد، وبالتليد القديم، تقول: هذا من طريف مالي أي: من جديده ومستحدثه، وهذا من تلاده أي: من قديمه وموروثه، فالطارف عند العرب أو الطريف: هو الجديد، ومنه قول الإمام الأزهري في تهذيب اللغة يقول: سمعت أعرابياً يقول لآخر وقد قدم من سفر: هل وراءك طريفة خبر تطرفنا؟ فقوله: طريفة خبر يعني خبراً جديداً تتحفنا به، ومن ذلك أيضاً قولهم في المثل: (هل عنده من مغربة خبر) أي: من خبر غريب جديد، لكن الطريف مثل قولهم: أطرف فلاناً بكذا إذا أعطاه شيئاً جديداً ليس عنده، مثل لو أتيت لإنسان -مثلاً- بحلوى لم يتعود أن يشتريها، تقول: هذه طرفة أهديتها له، ويقول الناس: فلان قد أطرف فلاناً، أي: أعطاه طرفة وشيئاً جديداً غريباً غير معتاد، وهو هذه الحلوى التي يأكلها أو ما أشبه ذلك.
وهذا معروف عند العامة -عندنا- فيوم كان اللحم قليلاً عند الناس لا يكاد يوجد، كانوا إذا أتى أحدهم باللحم يسميه طريفة، أي: شيئاً طريفاً قليلاً لا يكاد يوجد إلا في الشهر مرة أو في الشهرين مرة، فهو أمر نادر عندهم، وجديد وغريب، وهو محبوب لهم أيضاً ولذلك سمي طريفاً، ومن هذا تشتق الطرفة وذلك:
أولاً: لأنها خبر فيه غرابة وعجب، وكذلك هو جديد على الإنسان يطرق سمعه لأول مرة، فلهذا وذاك سميت طرفة.
هذا مرور سريع على الجانب اللغوي في الموضوع، وهو لا يخلو -إن شاء الله- من فائدة.
النكت والطرائف: النكت: جمع نكتة، فمن أين اشتقت النكتة في اللغة العربية؟
هذه دردشة خفيفة حول الأصل اللغوي، من خلال قراءتي لـكتاب لسان العرب وما ذكر فيه ابن منظور، وجدت أنه يمكن أن نقول: إن النكت مشتقة من أحد ثلاثة معان:
إما أن تكون مشتقة من (النَّكْت) وهو الضرب في الأرض بعود أو غيره بحيث يؤثر فيه، جاء في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان ينكت الأرض بعود في يده} يعني يضرب به الأرض فيظهر أثره على الأرض، وإذا كان اشتقاقها من هذا المعنى فهو دليلٌ على أن الأصل في النكت أنها مذمومة، لأنها تؤثر في القلب وفي النفس، كما يؤثر هذا العود في الأرض، فيحدث فيه ندوباً وآثاراً، فكذلك بعض النكت أو كثيرٌ منها تحدث في النفس نكتاً وندوباً وآثاراً، فلذلك سميت بالنكت.
ويحتمل أن تكون مشتقة من (النَّكْت) وهو الطعن في الناس، يقال: هذا رجل نكات إذا كان طعاناً في الناس، وأيضاً إذا كان اشتقاقها من هذا المعنى؛ فذلك لأن كثيراً من النكت يكون المقصود بها الطعن في فلان أو فلان، أو العائلة الفلانية، أو القبيلة الفلانية، أو البلد الفلاني، أو ما أشبه ذلك، فتكون مذمومة على هذا الاشتقاق إجمالاً أيضاً.
أما الاحتمال الثالث: وهو الأقوى والأظهر والأرجح، فهو: أن تكون مأخوذة من (النَّكْت) وهو النقط، يُقال: نكت بمعنى نقط، ويُقال: نكتة أي نقطة، فهي النقطة في الشيء التي تكون مخالفة للونه، للون أرضه وعامته وغالبه، ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في حديث حذيفة: {تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً -وفي رواية- عَوْداً عَوْداً فأيما قلبٍ أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء} فقوله نكتت أي: نقطت ووضعت فيه نقطة سوداء أو نقطة بيضاء.
وعلى هذا الاشتقاق؛ فإن هذا يدل على أن النكت ينبغي أن تكون قليلة، كما سبق في موضوع المزاح تكون كالملح في الطعام، فتكون مثل النقط المنتشرة المغايرة للون الأصل، بمعنى أن الأصل فيك يجب أن يكون هو الجد، والكلام المفيد، وأما النكت فهذه استثناءات عارضة مخالفة للون الأصل الذي أنت عليه، فالأصل عندك الجد، ولكنك تمزح أحياناً بهذه النكت كما سبق.
الجد شيمته وفيه دعابة حيناً ولا جدٌ لمن لا يهزل |
أما الطرائف: فهي أخف شأناً، وأظهر من حيث الاشتقاق اللغوي، فإنها جمع طرفة، وهي تحتمل أيضاً معنيين أو أكثر، ومن مراجعتي أيضاً لكتاب تهذيب اللغة للأزهري، تبين لي أنه من الممكن أن تُرجع إلى أحد معنيين:
أولهما: أن ترجع إلى الطَّرف، والطرف هو النظر أو البصر، ولذلك يقول الناس: طرفه، يعني إذا أصيبت العين، إذا ضرب إنسان آخر بيده أو بثوبه أو بشيء، يقال طَرَفه أي: أصاب طرفه، ويقال طُرفة: أي: إصابة العين تسمى طرفة، ويقال: رجل مطروف، وهذا معروف، إذاً على هذا الاشتقاق أيضاً تكون الطرفة الأصل أنها مذمومة، لأنها قد تؤثر فيمن تقال له، كما تؤثر الإصابة في العين، فإما أن تصيبها بالعمى، أو قد تصيبها بالاحمرار وغير ذلك من العوارض.
الاحتمال الثاني: وهو الأرجح والأصح والأقوى؛ أن تكون الطرفة مشتقة من قولهم: فلان ما له شيء طارف ولا تليد، ويعنون بالطارف الجديد، وبالتليد القديم، تقول: هذا من طريف مالي أي: من جديده ومستحدثه، وهذا من تلاده أي: من قديمه وموروثه، فالطارف عند العرب أو الطريف: هو الجديد، ومنه قول الإمام الأزهري في تهذيب اللغة يقول: سمعت أعرابياً يقول لآخر وقد قدم من سفر: هل وراءك طريفة خبر تطرفنا؟ فقوله: طريفة خبر يعني خبراً جديداً تتحفنا به، ومن ذلك أيضاً قولهم في المثل: (هل عنده من مغربة خبر) أي: من خبر غريب جديد، لكن الطريف مثل قولهم: أطرف فلاناً بكذا إذا أعطاه شيئاً جديداً ليس عنده، مثل لو أتيت لإنسان -مثلاً- بحلوى لم يتعود أن يشتريها، تقول: هذه طرفة أهديتها له، ويقول الناس: فلان قد أطرف فلاناً، أي: أعطاه طرفة وشيئاً جديداً غريباً غير معتاد، وهو هذه الحلوى التي يأكلها أو ما أشبه ذلك.
وهذا معروف عند العامة -عندنا- فيوم كان اللحم قليلاً عند الناس لا يكاد يوجد، كانوا إذا أتى أحدهم باللحم يسميه طريفة، أي: شيئاً طريفاً قليلاً لا يكاد يوجد إلا في الشهر مرة أو في الشهرين مرة، فهو أمر نادر عندهم، وجديد وغريب، وهو محبوب لهم أيضاً ولذلك سمي طريفاً، ومن هذا تشتق الطرفة وذلك:
أولاً: لأنها خبر فيه غرابة وعجب، وكذلك هو جديد على الإنسان يطرق سمعه لأول مرة، فلهذا وذاك سميت طرفة.
هذا مرور سريع على الجانب اللغوي في الموضوع، وهو لا يخلو -إن شاء الله- من فائدة.
النقطة الثانية: ما هي أسماء الطرفة أو النكتة عند الناس؟
إضافة إلى هذين الاسمين، فإن لهما أسماء متداولة عند الناس منها: النوادر، فيقولون: نوادر فلان، أو يقولون: نوادر القضاة، نوادر العلماء، نوادر السلاطين، نوادر المجانين، نوادر المغفلين، وغير ذلك، فيسمونها (نوادر) وهي جمع نادرة وهو الأمر الغريب، يقال: هذا شيء نادر أي: قليل؛ لأنه ليس كل كلمة تقال تستثير الناس وتعجبهم، إنما يعجبهم الكلمة بعد الكلمة، والعادة في الناس أن يكون فيهم ثقل وعقل ووقار، فليس يضحكهم كل شيء، إنما يضحكهم الأمر الذي يستدعي الضحك، وإلا فإنه يلام الإنسان فيقال: يعجب من غير عجب، ويضحك من غير سبب، فإذا كان الإنسان مضحاكاً لا يكاد يسد فمه عن ضحك، فإن هذا يعتبر عيباً فيه، وقلة في عقله، ودليلاً على جهله، ولهذا سميت بالنوادر.
وقد يقال لها: المُلَح أيضاً، وهي جمع مُلحة بضم الميم وهي كسابقتها.
وقد تسمى اللطائف: جمع لطيفة وهو الشيء الغريب، الذي يتسلل إلى النفس وإلى القلب: والعرب تسمي النكت واستخدامها تسميه إحماضاً، وهذه التسمية لها دلالة قوية، كان ابن عباس رضي الله عنه يوماً جالساً في ملأٍ من أصحابه فقال لهم: [[أحمضوا أحمضوا]] معنى أحمضوا: أي اتركوا الجد وقتاً، وانتقلوا إلى شيء من الهزل.
وليس بالضرورة أن الهزل يعني النكت، قد يكون الهزل شعر العرب في الجاهلية، أو قصصاً، أو أخباراً، أو ما أشبه ذلك مما يذهب السآمة والملل عن النفس.
فقال لهم: (أحمضوا) والإحماض كما قالوا: بأنهم إذا أفاض الناس أو القوم فيما يؤنسهم من الكلام سمي هذا إحماضاً، وهو مشتق من إحماض الإبل، الحمض الذي ترعاه الإبل نوع من النبات، إذا رعت الإبل النباتات المعهودة التي تحبها تمل منها وتسأم، فتأخذ شيئاً يسيراً من الحَمض، فإذا أكلته رجعت إلى ما كانت تعهد من النبات، كان شيئاً يسيراً لا تكثر منه الإبل.
وهكذا الإحماض أن الإنسان ينتقل إلى التسلية وإلى المرح وإلى الدعابة أحياناً يسيرة، ثم يعود إلى ما هو عليه من الجد، لا يوهن ويسترسل في موضوع الطرائف والنكت حتى تكون هي الغالبة عليه، وإنما ينتقل إليها شيئاً يسيراً حتى يقوي عزيمته ويجددها، ثم يعود إلى ما كان عليه، هذه بعض أسمائها.
النقطة الثالثة في الموضوع: هي نماذج من ملح النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روى العلماء من ذلك شيئاً كثيراً، لكن أحببت أن أقتصر منها على بعض ما اشتهر على ألسنة الناس، وكثيرٌ مما سأذكره صحيح، وما كان سوى ذلك سأتكلم عليه، وسأبين وجه ضعفه.
ولد الناقة
والحديث رواه أبو داود والترمذي في سننه، وقال حديث حسن صحيح غريب، ورواه أيضاً الترمذي في شمائله في الكتاب المخصص للشمائل، ورواه الإمام أحمد في مسنده، والبغوي والبخاري في كتاب الأدب المفرد، والحديث سنده صحيح على شرط البخاري. وفيه جانب من دعابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الطرفة أو النكتة التي قالها لهذا الرجل يمازحه ويباسطه فيها.
لا يدخل الجنة عجوز
أولاً: لأنه مرسل عن الحسن البصري كما ذكرت.
وثانياً: لأن فيه مبارك بن فضالة وهو مدلس، وقد عنعن في هذا الحديث.
لكن للحديث شاهد آخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ذكره ابن الجوزي وسنده أيضاً ضعيف، كما ذكر العراقي، وله شاهد ثالث عن عائشة رضي الله عنها عند الطبراني في الأوسط والبيهقي وغيرهما، وهو حديث حسن.
إذاًً فالحديث إجمالاً ثابت، أن الرسول عليه السلام قال لهذه للمرأة: {إن الجنة لا يدخلها عجوز} وهذه المرأة اختلف فيها، قيل هي صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا جزم به غير واحد، وقد جاء في بعض روايات الحديث أنها امرأة من الأنصار، وعلى هذا لا تكون صفية، لأن صفية ليست من الأنصار، إلا إن كان المقصود الأنصار بالمعنى الأعم.
كلُّّي قال: كلُّك
وإنما قال ذلك لأن القبة كانت صغيرة، والحديث في سنن أبي داود وأصله في الصحيحين بدون موضع الشاهد (قوله: كلي، قال: كلك) أصله في الصحيحين أنه قال: فدخلت، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:{اعدد ستاً بين يدي الساعة} فهو في أشراط الساعة، لكن الشاهد ليس في صحيح البخاري ولا صحيح مسلم فيما أعلم، وإنما هو في سنن أبي داود فحسب، أنه قال: أأدخل كلي يا رسول الله؟ قال: كلك وهذه أيضاً نكتة.
من ذلك ما رواه زيد بن أسلم أيضاً، أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن زوجها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {زوجك الذي في عينه بياض، فقالت المرأة: عقرا -تدعو على نفسها- ومتى رأيته يا رسول الله؟ قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان إلا وفي عينه بياض} فهدأ روعها.
وفي رواية: أنها ذهبت لزوجها، فبدأت تنظر إليه وتحملق في عينيه، فقال: ما شأنك؟ قالت: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عينك بياضاً. قال: أوما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟ الرجل عرف الأمر فقال: أوما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟
والحديث رواه الزبير بن بكار في كتاب المزاح، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عبد الله بن سهم الفهري، وفيه اختلاف كما يقول العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، وقد جاء من طريق آخر مرسلاً عن زيد بن أسلم رحمه الله، وهذه المرأة هي أم أيمن بركة الحبشية، وهي غير أم أيمن المعروفة المشهورة، فقد فرق بينهما جماعة من الذين كتبوا في السير، كـالحافظ ابن حجر وغيره.
أبو الورد
أبو الشيخ
في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، والبغوي
في شرح السنة، أيضاً وفي سندهماجبارة بن المغلس
وهو من شيوخابن ماجة
وهو ضعيف، ولكن للقصة طريق أخرى أخرجهاابن مندة
وذكرها الحافظابن حجر
في الإصابة. فمما هو مشهور مأثور من مُزاح النبي صلى الله عليه وسلم وطرائفه: {أن رجلاً جاء إلى النبي عليه السلام كما في حديث
والحديث رواه أبو داود والترمذي في سننه، وقال حديث حسن صحيح غريب، ورواه أيضاً الترمذي في شمائله في الكتاب المخصص للشمائل، ورواه الإمام أحمد في مسنده، والبغوي والبخاري في كتاب الأدب المفرد، والحديث سنده صحيح على شرط البخاري. وفيه جانب من دعابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الطرفة أو النكتة التي قالها لهذا الرجل يمازحه ويباسطه فيها.
مثل آخر: ما رواه الترمذي -أيضاً- في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن البصري رحمه الله {أن امرأة عجوزاً أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أما علمت يا أم فلان أن الجنة لا يدخلها عجوز، فولت وهي تبكي وتولول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم انطلقوا إليها فأخبروها أنها تعود بنتاً بكراً، كما قال الله عز وجل: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ [الواقعة:35-38] } فأخبروها بذلك فهدأ روعها وزال ما فيها، والحديث -كما ذكرت لكم- رواه الترمذي في الشمائل وسنده عنده ضعيف.
أولاً: لأنه مرسل عن الحسن البصري كما ذكرت.
وثانياً: لأن فيه مبارك بن فضالة وهو مدلس، وقد عنعن في هذا الحديث.
لكن للحديث شاهد آخر عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ذكره ابن الجوزي وسنده أيضاً ضعيف، كما ذكر العراقي، وله شاهد ثالث عن عائشة رضي الله عنها عند الطبراني في الأوسط والبيهقي وغيرهما، وهو حديث حسن.
إذاًً فالحديث إجمالاً ثابت، أن الرسول عليه السلام قال لهذه للمرأة: {إن الجنة لا يدخلها عجوز} وهذه المرأة اختلف فيها، قيل هي صفية عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا جزم به غير واحد، وقد جاء في بعض روايات الحديث أنها امرأة من الأنصار، وعلى هذا لا تكون صفية، لأن صفية ليست من الأنصار، إلا إن كان المقصود الأنصار بالمعنى الأعم.
من النكت التي قالها النبي أو قيلت بحضرته صلى الله عليه وسلم: ما رواه أبو داود عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: {أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهو في قبة حمراء من أدمٍ، فقلت: يا رسول الله أأدخل؟ قال: ادخل، قلت: كلِّي؟، قال: كلُّك}.
وإنما قال ذلك لأن القبة كانت صغيرة، والحديث في سنن أبي داود وأصله في الصحيحين بدون موضع الشاهد (قوله: كلي، قال: كلك) أصله في الصحيحين أنه قال: فدخلت، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم:{اعدد ستاً بين يدي الساعة} فهو في أشراط الساعة، لكن الشاهد ليس في صحيح البخاري ولا صحيح مسلم فيما أعلم، وإنما هو في سنن أبي داود فحسب، أنه قال: أأدخل كلي يا رسول الله؟ قال: كلك وهذه أيضاً نكتة.
من ذلك ما رواه زيد بن أسلم أيضاً، أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن زوجها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {زوجك الذي في عينه بياض، فقالت المرأة: عقرا -تدعو على نفسها- ومتى رأيته يا رسول الله؟ قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ما من إنسان إلا وفي عينه بياض} فهدأ روعها.
وفي رواية: أنها ذهبت لزوجها، فبدأت تنظر إليه وتحملق في عينيه، فقال: ما شأنك؟ قالت: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في عينك بياضاً. قال: أوما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟ الرجل عرف الأمر فقال: أوما ترين بياض عيني أكثر من سوادها؟
والحديث رواه الزبير بن بكار في كتاب المزاح، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عبد الله بن سهم الفهري، وفيه اختلاف كما يقول العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين، وقد جاء من طريق آخر مرسلاً عن زيد بن أسلم رحمه الله، وهذه المرأة هي أم أيمن بركة الحبشية، وهي غير أم أيمن المعروفة المشهورة، فقد فرق بينهما جماعة من الذين كتبوا في السير، كـالحافظ ابن حجر وغيره.
استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
أحاديث موضوعة متداولة | 5155 استماع |
حديث الهجرة | 5026 استماع |
تلك الرسل | 4157 استماع |
الصومال الجريح | 4148 استماع |
مصير المترفين | 4126 استماع |
تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة | 4054 استماع |
وقفات مع سورة ق | 3979 استماع |
مقياس الربح والخسارة | 3932 استماع |
نظرة في مستقبل الدعوة الإسلامية | 3874 استماع |
العالم الشرعي بين الواقع والمثال | 3836 استماع |