الأمة الوسط


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً بين يدي الساعة.

من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فقد اختار الأبناء عنواناً لكلمتنا هذه وهو: (الأمة الوسط) وكأنهم ينظرون إلى قول الله تبارك وتعالى من سورة البقرة: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143].

فمن هي الأمة الوسط؟ وما معنى الوسط؟ أهل التفسير يقولون في هذه الوسطية: إنهم خيار عدول، هذا معنى الأمة الوسط، أي هي التي أفرادها خيار بين الناس، عدول فيهم.

نعم، هذه الأمة إبان نشأتها وفي أطوارها الأولى كانت حقاً الأمة الوسط، إذ الخير فاض عنها وتجاوز ديارها، فعم أقطار المعمورة كلها، والعدل تجلى فيها وظهر بصورة لم تعرف في الوجود قط.

حقاً كانت أمة الإسلام الأمة الوسط، وذلك في عصورها الذهبية المشرقة التي عرفت الدنيا أيامها من الخير والكمال ما لم تعرفها في غيرها.

نذكر نماذج لذلك الخير، وتلك العدالة التي تجلت في هذه الأمة، أمة الإسلام، أمة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

أولاً: نشّأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورباها وجعلها نموذجاً للكمال البشري، ومن ذلك أنه أخذ ينميها ويربيها، ويحيطها بسياج من المناعة حتى أصبحت المثل الأعلى بين الأمم والشعوب، وكانت بذلك القائدة الرائدة الهادية.

من مظاهر ذلك: أنه منعها من أن تتشبه بغيرها، فلم يأذن لأفرادها أن يتشبهوا بغيرهم من أهل الدنيا، حتى في العبادة كره لهم أن يصوموا يوماً يصومه أعداؤنا، وكره لهم أن يتشبهوا بغيرهم؛ لأنهم المثل الذي شاء الله عز وجل أن يهدي به بلايين البشر، فتجلت فيهم الخيرية، وتجلت فيهم العدالة، وحسبنا شهادة الله لنا بذلك، إذ هو القائل: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143].

فلا تقبل شهادة غير العدول، فشهادة غير العدل مرفوضة، ولا تقوم بها حجة، ولا يعطى بها حق، وهذا طابع هذه الأمة إلى أن تقوم الساعة.

فالذي لم يكن عدلاً لا تصح شهادته، ولا يقبل قوله؛ لأنه خرج عن دائرة الكمال التي وضعت في هذه الأمة، فما أصبح أهلاً لأن يشهد شهادة تؤخذ بها الحقوق.

وحقيقة هذه العدالة المنشودة والمطلوبة أن على الفرد منا ألا يفرط في واجب أوجبه الله عليه، وألا يهمل فريضة افترضها الله، فلا يظهر في مظهر العاصي الخارج عن طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بترك الواجب، ولا بفعل الحرام، فذلكم هو العدل الذي لم ينحرف يميناً ولا شمالاً، بل يقف مستقيماً على منهج الله، فلا يتهاون بفرائض افترضها الله، ولا يغشى محارم وذنوباً حرمها الله، هكذا عرف المسلمون أنفسهم عدولاً.

وبذلك تأهلوا لأن يشهدوا على الناس، وتقبل شهادتهم، لكن إن سقطت عدالتهم لم يصبحوا أهلاً لهذا الموقف المشرف.

لنا يا معاشر الأبناء! أن نبكي بالدموع وبالدماء! حيث سقطنا من علياء كرامتنا، ونزلنا إلى مستويات كانت لأعدائنا، فأصبحنا دونهم وأمسوا فوقنا، فماذا نذكر من عدالة هذه الأمة ووسطيتها؟!

كانت الأمة الوسط -والله الذي هيأها لهذه الخيرية- أيام كانت تلتزم وتتقيد بدينها، وأيام كانت تعتز بوجودها، وتفاخر بكمالاتها، واليوم أصبحنا نجري وراء أعدائنا، ونجتهد في أن نكون مثلهم، هذا هو الطابع العام لأمة الإسلام اليوم وفي كل ديارها.

أصبحت الأمة الهادية، الأمة الإمامة القائدة، التي أثنى الله تعالى عليها في غير ما آية في كتابه، ضائعة بين الأمم، نسيت الرسول صلى الله عليه وسلم الذي ضرب لها مثلاً، ووضع لها أسوة تأتسي بحياته، وتقتدي به، وأصبحت تقتدي وتأتسي بشرار الخلق، بأفسد الناس، من فعل بنا هذه الفعلة الشنعاء؟ كيف انتقلنا من حال إلى أخرى؟ كيف هبطنا من الإمامة السامية، والقيادة الحكيمة الهادية إلى أن أصبحنا نجري وراء الغرب، ونجد ونجتهد في أن نكون مثلهم، وأصبحنا كما يعلم الله حالنا، وكما نعرف نحن من أمرنا وواقعنا؟ أين عزة هذه الأمة القعساء التي كانت تناطح الجوزاء؟ أين هذه العزة؟

يذكر التاريخ أن امرأة أوذيت في ديار الروم، فصرخت مستنجدة بإمام المسلمين يومئذ: وامعتصماه! وبلغ هذا الصوت إمام المسلمين، فجهز جيشه وغزا ذلك البلد إنقاذاً لمؤمنة أوذيت بين أعداء الإيمان والإسلام!

هذه العزة ذابت، رحلت من ديارنا، ما سبب هذا؟

ضعف الإيمان والتوحيد

هيا نبحث عن الأسباب! نبدأ بالعقيدة التي هي الطاقة الدافعة، والقوة المحركة، بل والحياة الكاملة، عقيدة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، هذه الكلمة ماذا تعني من قائلها وسامعها؟

إنها تعني: أن المسلم ذكراً كان أو أنثى لا يرهب إلا الله، ولا يرغب إلا في الله، ولا يحيا ولا يموت إلا طلباً لرضا الله، فسما فوق جاذبية هذه الأرض والحياة، وأصبح بذلك موصولاً بالله!

ومن شهد هذه الشهادة بصدق تأبى عليه حياته أن يجعل همه في غير مرضاة الله، فتتلاشى كل مظاهر الأهواء والشهوات، ويصبح عبد الله حقاً عبداً صادقاً لله، ما ناداه إلا وقال: لبيك يا ألله! إن أمره أطاع ففعل ما أمر به، وإن نهاه أطاع وانصاع، فاجتنب ما نهاه ربه عنه، وأصبح حقاً عبداً لله، فقوته مستمدة من قوة الله، وعلمه مستمد من علم الله، وبذلك صح أن يكون حقاً عبد الله.

(محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي عبد يشهد هذه الشهادة، لم يبق له أسوة في الناس يأتسي بها سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبق من يقلد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه رسول الله إليه، فلا يزال يقتفي أثره ويمشي وراءه، حتى يكمل بكماله، ويصبح نسخة -إن شئت أن تقول- من رسول الله في إيمانه، وصدقه، ووفائه، وعفته، وطهره، وشجاعته، وعدله وتصميمه، وإرادته، وكل الكمالات المحمدية!

لما ضاعت العقيدة ماتت هذه الأمة وهبطت، ولصقت بالأرض، وداسها الشرق والغرب، وها نحن إلى الآن نتجرع الغصص، ونتذوق مرارة الحياة، مما حل بهذه الأمة من الدون والهون، كيف نزلت من ذلك الكمال إلى هذا الانحطاط، حتى أصبح مفكرونا بلهاً، وعلماؤنا يبذلون الجهد الكبير في أن يسووا بيننا وبين أعدائنا، لنصبح كاليهود والنصارى في تفكيرنا، في معاشنا، في زينا، في كل منعطف من منعطفات حياتنا، وبدل أن نريد ذلك الاستقلال، وبدل أن نريد ذلك الكمال، أصبح الهم أن نكون كالشرق والغرب، نغني كما يغنون، ونلهو كما يلهون، ونلعب كما يعلبون، وننسى الله ولا نذكره كما ينسون ولا يذكرون، وننظر فقط إلى بطوننا وفروجنا، كأننا البهائم التي لا هم لها إلا بطنها وفرجها.

هكذا تقاد أمة الإسلام الأمة الوسط، أصبحت الأمة تجري بسرعة لأن تصل إلى مستوى أعدائها، في الفجور، في العهر، في الباطل، في الشر، في الفساد، في الكذب، في كل مظاهر الباطل والشر، أما تذكرون هذا وتشعرون؟ أين أمة الوسط؟

كان أول ما فعل أعداء الأمة أن زعزعوا عقيدتها وزلزلوها، وذوبوها، وتركوها بلا عقيدة.

وإذا مرضت العقيدة أو تزلزلت أو تخلخلت، كيف يصح لهذا الجسم أن يقوى على العمل؟

دور الثالوث الأسود في إضعاف عقيدة المسلمين وأسباب ذلك

هذه الطعنات والضربات ليست حديثة العهد، بل قديمة الزمان، تجمع علينا ثلاثة أعداء، نسميهم بالثالوث الأسود: المجوس، واليهود، والنصارى.

المجوس عبدة النار والشمس والظلام، ما إن سقط عرش كسرى على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، حتى تكونت الأحزاب السرية التي تعمل في الظلام؛ لتنتقم من الإسلام، الذي سل عرش مجدها إن كان لها مجد، وأول رصاصة أطلقوها في جسم هذا الإسلام كانت في طعنة عمر بن الخطاب في محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعزموا على أن يضربوا الإسلام، بعد أن عرفوا أن عقيدته هي طاقته، فأخذوا يعملون على إفساد العقيدة، وبحثوا عن موتور فعثروا على اليهود، اليهود النازحون إلى الحجاز، المرتقبون المنتظرون للنبوة الجديدة التي كانوا يظنون أن تنقذهم مما حل بهم من الخزي والعار، وما نالهم من أيدي أعدائهم الصليبيين.

نزلوا هذه الديار يرتقبون طلوع الشمس، وطلعت الشمس فأعشاهم نورها، وعرفوا أنهم إذا دخلوا في الإسلام ذابوا فيه، ولم يبق لهم أمل في عودة مجد بني إسرائيل! أو مملكة بني إسرائيل.

ومن ثم عزموا على حرب الإسلام، إذ قالوا: لا يمكن أن يكون لنا وجود مع الإسلام، ووجدوا الموتورين من المجوس فصافحوهم على أن يضربوا بيد واحدة الإسلام والمسلمين.

وما إن وصلت أنوار الإسلام إلى أوروبا في غربها، وأنارت هذا القطر من المدينة إلى الأندلس، حتى رأوا أن هذا النور سوف يغمر أوروبا، وسوف تنتهي الكنيسة والصليب، فبحثوا عن موتور فعثروا على المجوس واليهود، فتحالفوا في الخفاء، على أن يضربوا الإسلام حتى يقضوا عليه، ولم يشأ الله أن يقضوا عليه! ولكن حقاً دوخ هذا الثالوث، فلما عجز عن مقاومة المسلمين بالسنان والرماح والسيوف؛ عدل عن ذلك في عصور متعددة يبحث عن المكيدة، فعثروا على الحقيقة، وهي أن هذه الأمة قوتها في معتقدها.

فأخذوا يضعون من الترهات والأباطيل والأماني الكاذبة، ويقدمونها لأمة الإسلام وهي غافلة حتى بددوا عقيدة (لا إله إلا الله)، فعبدت فئام من الأمة القبور والأشجار والأحجار، وعادت الوثنية كما كانت قبل نور الإسلام، ومن ثم تمزقت الأمة وتشتتت، وأصبحت عبارة عن كتل هنا وهناك، وكل كتلة تطعن الأخرى وتضرب في جسمها، فذهب ذلك النور، وذهبت تلك الخيرية، وانتهت الوسطية، وحسبنا أيها الأبناء! أن نذكر أن يوماً ما وضعنا الغرب تحت نعاله من أندونيسيا شرقاً إلى الدار البيضاء غرباً.

ولم تنج إلا هذه البقعة حماها الله، كيف كادتها أوروبا؟ كيف وصلت إلى ديارنا؟ كيف حكمتنا وساستنا وسامتنا أسوأ العذاب؟ يوم أن فقدنا الطاقة الروحية الدافعة العقيدة الإسلامية.

فمن هنا يجب إذا أردنا أن نعود من جديد، والعود محمود، والأمل منشود، وباب الله مفتوح؛ ينبغي أن نعنى بعقيدتنا الإسلامية.

هذه العقيدة من أجزاء كيانها التي تتكون منه: أن نرى أنا أفضل من الشرق والغرب، أن نعتقد أن الواحد منا يزن ما في المشرق والمغرب من أهل الكفر والشرك والباطل.

العقيدة: مجموعة أوامر ومتطلبات فرض الله علينا اعتقادها، ولكن من أجزائها ومكوناتها: الشعور بأن المؤمن يزن الشرق والغرب من بلاد الكفر من المجوس واليهود والنصارى.

والكل يذكر قولة النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل المؤمن الذي اختبر به أصحابه، فلما قالوا قولتهم فيه، مر الثاني، ثم قال لهم: ( لهذا الذي استضعفتموه أو ازدريتموه أو حقرتموه لخير من ملء الأرض من ذلك المشرك المنافق ).

ينبغي أن تعود هذه الروح، وبذلك نضع حداً للتقليد الأعمى، والجري وراء الغرب، إنهم أرادوا مسخنا كلية، أرادوا أن ينتهي الحجاب بيننا وبين نسائنا، أرادوا اختلاط النساء بالرجال في كل مكان، وأن تكون الشغالات والعاملات في كل مكان، فماتت بعد ذلك القلوب والضمائر، وأصبحنا تيوساً كتيوس الغرب! لا غيرة، ولا شرف، ولا مروءة، ولا كرامة.

إنهم يعملون ونجحوا، أرونا أنفسهم أنهم قادة وسادة وأئمة، وعلونا بالفعل، فرغبونا في الائتساء بهم، والاقتداء بحالهم.

فيا معاشر المسلمين! لو تعرفون وتذكرون الخنا والشر والزنا الذي يجري في العالم الإسلامي، ما كان ليحدث أبداً، لولا أنهم وضعوا له طرقه، ومهدوا له سبله.

اعلموا أن هذه الحالة من السفور في العالم الإسلامي وهذا الاختلاط من مخططاتهم، ولم تبق إلا هذه البقعة، وهم يعملون -ورب الكعبة- الليل والنهار على أن يسووا بينكم وبين إخوانهم، وتجدون نساءكم وبناتكم في كل مكان، تلبس ما تشاء، وتخرج متى تشاء، ولا سلطان لك عليها، وبذلك نهبط هبوطاً لا يرجى لنا أن نرتفع معه.

فلاحظوا هذه الأمور لتشاهدوا عدوكم ماذا يصنع بكم، يريد أن يمحو هذه السمة، سمة الخيرية والعدالة التي أكرمنا الله بها، عملوا عليها وما زالوا يعملون أيضاً.

فمتى نفيق؟ متى نستفيق؟ أنواع الملاهي والملاعب التي أصبحت كأنها دين يديّن بها الغافلون، إنها من مكائد العدو الثالوث.

هيا نبحث عن الأسباب! نبدأ بالعقيدة التي هي الطاقة الدافعة، والقوة المحركة، بل والحياة الكاملة، عقيدة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، هذه الكلمة ماذا تعني من قائلها وسامعها؟

إنها تعني: أن المسلم ذكراً كان أو أنثى لا يرهب إلا الله، ولا يرغب إلا في الله، ولا يحيا ولا يموت إلا طلباً لرضا الله، فسما فوق جاذبية هذه الأرض والحياة، وأصبح بذلك موصولاً بالله!

ومن شهد هذه الشهادة بصدق تأبى عليه حياته أن يجعل همه في غير مرضاة الله، فتتلاشى كل مظاهر الأهواء والشهوات، ويصبح عبد الله حقاً عبداً صادقاً لله، ما ناداه إلا وقال: لبيك يا ألله! إن أمره أطاع ففعل ما أمر به، وإن نهاه أطاع وانصاع، فاجتنب ما نهاه ربه عنه، وأصبح حقاً عبداً لله، فقوته مستمدة من قوة الله، وعلمه مستمد من علم الله، وبذلك صح أن يكون حقاً عبد الله.

(محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي عبد يشهد هذه الشهادة، لم يبق له أسوة في الناس يأتسي بها سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يبق من يقلد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه رسول الله إليه، فلا يزال يقتفي أثره ويمشي وراءه، حتى يكمل بكماله، ويصبح نسخة -إن شئت أن تقول- من رسول الله في إيمانه، وصدقه، ووفائه، وعفته، وطهره، وشجاعته، وعدله وتصميمه، وإرادته، وكل الكمالات المحمدية!

لما ضاعت العقيدة ماتت هذه الأمة وهبطت، ولصقت بالأرض، وداسها الشرق والغرب، وها نحن إلى الآن نتجرع الغصص، ونتذوق مرارة الحياة، مما حل بهذه الأمة من الدون والهون، كيف نزلت من ذلك الكمال إلى هذا الانحطاط، حتى أصبح مفكرونا بلهاً، وعلماؤنا يبذلون الجهد الكبير في أن يسووا بيننا وبين أعدائنا، لنصبح كاليهود والنصارى في تفكيرنا، في معاشنا، في زينا، في كل منعطف من منعطفات حياتنا، وبدل أن نريد ذلك الاستقلال، وبدل أن نريد ذلك الكمال، أصبح الهم أن نكون كالشرق والغرب، نغني كما يغنون، ونلهو كما يلهون، ونلعب كما يعلبون، وننسى الله ولا نذكره كما ينسون ولا يذكرون، وننظر فقط إلى بطوننا وفروجنا، كأننا البهائم التي لا هم لها إلا بطنها وفرجها.

هكذا تقاد أمة الإسلام الأمة الوسط، أصبحت الأمة تجري بسرعة لأن تصل إلى مستوى أعدائها، في الفجور، في العهر، في الباطل، في الشر، في الفساد، في الكذب، في كل مظاهر الباطل والشر، أما تذكرون هذا وتشعرون؟ أين أمة الوسط؟

كان أول ما فعل أعداء الأمة أن زعزعوا عقيدتها وزلزلوها، وذوبوها، وتركوها بلا عقيدة.

وإذا مرضت العقيدة أو تزلزلت أو تخلخلت، كيف يصح لهذا الجسم أن يقوى على العمل؟

هذه الطعنات والضربات ليست حديثة العهد، بل قديمة الزمان، تجمع علينا ثلاثة أعداء، نسميهم بالثالوث الأسود: المجوس، واليهود، والنصارى.

المجوس عبدة النار والشمس والظلام، ما إن سقط عرش كسرى على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، حتى تكونت الأحزاب السرية التي تعمل في الظلام؛ لتنتقم من الإسلام، الذي سل عرش مجدها إن كان لها مجد، وأول رصاصة أطلقوها في جسم هذا الإسلام كانت في طعنة عمر بن الخطاب في محراب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعزموا على أن يضربوا الإسلام، بعد أن عرفوا أن عقيدته هي طاقته، فأخذوا يعملون على إفساد العقيدة، وبحثوا عن موتور فعثروا على اليهود، اليهود النازحون إلى الحجاز، المرتقبون المنتظرون للنبوة الجديدة التي كانوا يظنون أن تنقذهم مما حل بهم من الخزي والعار، وما نالهم من أيدي أعدائهم الصليبيين.

نزلوا هذه الديار يرتقبون طلوع الشمس، وطلعت الشمس فأعشاهم نورها، وعرفوا أنهم إذا دخلوا في الإسلام ذابوا فيه، ولم يبق لهم أمل في عودة مجد بني إسرائيل! أو مملكة بني إسرائيل.

ومن ثم عزموا على حرب الإسلام، إذ قالوا: لا يمكن أن يكون لنا وجود مع الإسلام، ووجدوا الموتورين من المجوس فصافحوهم على أن يضربوا بيد واحدة الإسلام والمسلمين.

وما إن وصلت أنوار الإسلام إلى أوروبا في غربها، وأنارت هذا القطر من المدينة إلى الأندلس، حتى رأوا أن هذا النور سوف يغمر أوروبا، وسوف تنتهي الكنيسة والصليب، فبحثوا عن موتور فعثروا على المجوس واليهود، فتحالفوا في الخفاء، على أن يضربوا الإسلام حتى يقضوا عليه، ولم يشأ الله أن يقضوا عليه! ولكن حقاً دوخ هذا الثالوث، فلما عجز عن مقاومة المسلمين بالسنان والرماح والسيوف؛ عدل عن ذلك في عصور متعددة يبحث عن المكيدة، فعثروا على الحقيقة، وهي أن هذه الأمة قوتها في معتقدها.

فأخذوا يضعون من الترهات والأباطيل والأماني الكاذبة، ويقدمونها لأمة الإسلام وهي غافلة حتى بددوا عقيدة (لا إله إلا الله)، فعبدت فئام من الأمة القبور والأشجار والأحجار، وعادت الوثنية كما كانت قبل نور الإسلام، ومن ثم تمزقت الأمة وتشتتت، وأصبحت عبارة عن كتل هنا وهناك، وكل كتلة تطعن الأخرى وتضرب في جسمها، فذهب ذلك النور، وذهبت تلك الخيرية، وانتهت الوسطية، وحسبنا أيها الأبناء! أن نذكر أن يوماً ما وضعنا الغرب تحت نعاله من أندونيسيا شرقاً إلى الدار البيضاء غرباً.

ولم تنج إلا هذه البقعة حماها الله، كيف كادتها أوروبا؟ كيف وصلت إلى ديارنا؟ كيف حكمتنا وساستنا وسامتنا أسوأ العذاب؟ يوم أن فقدنا الطاقة الروحية الدافعة العقيدة الإسلامية.

فمن هنا يجب إذا أردنا أن نعود من جديد، والعود محمود، والأمل منشود، وباب الله مفتوح؛ ينبغي أن نعنى بعقيدتنا الإسلامية.

هذه العقيدة من أجزاء كيانها التي تتكون منه: أن نرى أنا أفضل من الشرق والغرب، أن نعتقد أن الواحد منا يزن ما في المشرق والمغرب من أهل الكفر والشرك والباطل.

العقيدة: مجموعة أوامر ومتطلبات فرض الله علينا اعتقادها، ولكن من أجزائها ومكوناتها: الشعور بأن المؤمن يزن الشرق والغرب من بلاد الكفر من المجوس واليهود والنصارى.

والكل يذكر قولة النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل المؤمن الذي اختبر به أصحابه، فلما قالوا قولتهم فيه، مر الثاني، ثم قال لهم: ( لهذا الذي استضعفتموه أو ازدريتموه أو حقرتموه لخير من ملء الأرض من ذلك المشرك المنافق ).

ينبغي أن تعود هذه الروح، وبذلك نضع حداً للتقليد الأعمى، والجري وراء الغرب، إنهم أرادوا مسخنا كلية، أرادوا أن ينتهي الحجاب بيننا وبين نسائنا، أرادوا اختلاط النساء بالرجال في كل مكان، وأن تكون الشغالات والعاملات في كل مكان، فماتت بعد ذلك القلوب والضمائر، وأصبحنا تيوساً كتيوس الغرب! لا غيرة، ولا شرف، ولا مروءة، ولا كرامة.

إنهم يعملون ونجحوا، أرونا أنفسهم أنهم قادة وسادة وأئمة، وعلونا بالفعل، فرغبونا في الائتساء بهم، والاقتداء بحالهم.

فيا معاشر المسلمين! لو تعرفون وتذكرون الخنا والشر والزنا الذي يجري في العالم الإسلامي، ما كان ليحدث أبداً، لولا أنهم وضعوا له طرقه، ومهدوا له سبله.

اعلموا أن هذه الحالة من السفور في العالم الإسلامي وهذا الاختلاط من مخططاتهم، ولم تبق إلا هذه البقعة، وهم يعملون -ورب الكعبة- الليل والنهار على أن يسووا بينكم وبين إخوانهم، وتجدون نساءكم وبناتكم في كل مكان، تلبس ما تشاء، وتخرج متى تشاء، ولا سلطان لك عليها، وبذلك نهبط هبوطاً لا يرجى لنا أن نرتفع معه.

فلاحظوا هذه الأمور لتشاهدوا عدوكم ماذا يصنع بكم، يريد أن يمحو هذه السمة، سمة الخيرية والعدالة التي أكرمنا الله بها، عملوا عليها وما زالوا يعملون أيضاً.

فمتى نفيق؟ متى نستفيق؟ أنواع الملاهي والملاعب التي أصبحت كأنها دين يديّن بها الغافلون، إنها من مكائد العدو الثالوث.

أمتنا أمة الوسط، فلا تنام كما ينام الحيوان، ولا تعيش كما يعيش الحيوان، أمة أهدافها أسمى من أن تتمثل اللهو في الأباطيل، أو الالتفات إلى الشهوات والجري وراء الأهواء والمتطلبات، هذه الأمة أمة الوسط، انظروا إليها من خلال رسولها صلى الله عليه وسلم، وقد جعله الله الأسوة والقدوة الصالحة، يقتدي به المؤمنون في كل كمالاته، وليس له إلا الكمال؛ ليكونوا حقاً أمة الوسط، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلهو ويلعب؟ يقضي نصف الليل، وثلث الليل في اللهو والباطل؟! هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تكلم يتكلم بغير المعروف والحق؟! هل كان يسجل عليه كلمة لا تنفع؟! هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيش على نحو من هذه الحياة الهابطة الساقطة؟! كأننا لا نذكر الدار الآخرة، ولا نرجو ما عند الله فيها.

حقاً الذين يأتسون برسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم الله بثلاث صفات، لعلنا ما اتصفنا بها، فلذا ما وجدنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوتنا، إذ قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب:21]، فرجاء الله هو: أن تعلم أنك مقبل على الله، وأن ساعة اللقاء حتمية مع الله، وأنك لا تدري متى تستدعى إلى الله، وتقف بين يدي الله، فأنت ترجو لقاءه كما ترجو إنعامه وإفضاله، فأنت لا تفارق الله ساعة من يومك ولا من ليلتك، دائماً نصب عينيك طلب مرضاة ربك.

الرجاء يتناسب مع الضياع، والنسيان يتناسب مع الغفلة؟ فرجاء الله في انتظار الساعة التي يستدعيك فتقف بين يديه.

أما رجاء الدار الآخرة فهو أن تراك وقد نصبتها بين عينيك، فتعمل لها ليلك كنهارك، تحول إليها وتدخل إليها من دنياك، تستعد للوقوف والمثول في ساحتها.

الذي يرجو الله والدار الآخرة لا ينسى أبداً ربه ليلاً أو نهاراً، ويعيش على الأضاحيك والأباطيل.

الذي يرجو الدار الآخرة لا تراه إلا عاملاً لله، ولا تراه يومه أبداً ولا ليله إلا عاملاً لتلك الدار.

وثالث الصفات: ذكر الله، فالذين يرجون الله واليوم الآخر ويذكرون الله الذكر الذي لا يفارق ألسنتهم وقلوبهم هم الذين يجدون في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة.

وقد عرفتم والحمد لله أن الذين سلكوا هذا الطريق لا يكادون ينسون رسول الله صلى الله عليه وسلم ألبتة؛ لأنه إذا أراد أن يتكلم أحدهم يذكر تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقول: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )، وإذا أراد أن يبيع أو يشتري، يأخذ ويعطي، لا يقدم يده ولا يأخذ إلا وقد ذكر ما أوجب الرسول صلى الله عليه وسلم، وما سن وما شرع.

هل يستطيع أحدنا أن يأكل ولم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي علمنا كيف نتناول الطعام، ولهذا يقول: بسم الله ذاكراً أن الرسول صلى الله عليه وسلم سن وشرع، ويأكل مما يليه، ويغض الطرف عن مؤاكليه. هذه كلها ذكريات لا ينسى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن أحدنا لا يدخل حتى المرحاض ولا يخرج إلا وقد ذكر الله ورسوله.

رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوتنا، فإن نظرنا إلى شجاعته وجدنا هذه الشجاعة هي محط قدوتنا وأسوتنا، فمن شجاعته نأخذ شجاعتنا، فلا ننهار ونذوب هذا الذوبان، وإن شئتم ذكرت لكم ناراً تتأجج في ديارنا تمضي عليها السنون العديدة، ما استطاع المسلمون أن يطفئوها، أين المسلمون؟

إخواننا وأبناؤنا يقتلون ويعذبون، ويصب عليهم أنواع العذاب كل يوم، وألف مليون مسلم يفتحون أفواههم، أو يرفعون أكفهم متحسرين! أين شجاعة الإسلام؟ أين القدوة برسول الله صلى الله عليه وسلم في شجاعته؟ ونحن نعرف أن أبطال الأصحاب كانوا يقولون: ( إذا حمي الوطيس كنا نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ) أين الكرم النفسي الذي كان يتمتع به رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ضاع هذا الكرم منا وفينا، وأصبحنا أشبه بماديين لا نرى ولا ننظر ولا نفكر إلا في القرش والفلس، مادية بحتة.

معاشر المسلمين ما هو الخلاص من هذه الفتنة؟ أنصح فأبدأ:

أولاً: أقول: يا أبنائي! صححوا عقيدتكم، انظروا إليها من خلال حياة نبيكم صلى الله عليه وسلم.

ثانياً: اعلموا أن مكانتكم فوق كل مكانة، وأن الواحد منكم إذا آمن بالله وأقام الصلاة وثبت على منهج الله فإنه يعدل من على الأرض، وبذلك يجب ألا نجري وراء الفاسقين والمجرمين، والكافرين والمشركين، ولا نريد أن نتمثل حياتهم، فنعطيهم ما ليس لهم، بل يجب أن تكون لنا الذات المميزة والشخصية البارزة، هم الذين ينبغي أن يجروا وراءنا! ولعلكم تعرفون هذا في أننا نتزيا بزيهم، ونستهين ونكره زي الإسلام والمسلمين، هذا طابع عام قل من سلم منه من المسلمين.

قبل جماعة الدعوة ما كان العربي المسلم يدخل باريس أو لندن وعليه مسحته الإسلامية، وعليه ثيابه الإيمانية، حتى ينسلخ من كل مظاهر إسلامه، ليتمكن من الدخول إلى لندن، البرنيطة على رءوسهم! وهم يعايشوننا بالأعوام ولا يلبسون لباسنا، ونحن نتملقهم بزيهم، ونجري وراءهم لنكون مثلهم، أهذه هي الأمة الوسط؟ كيف تكون أمة خياراً عدولاً وهي ترغب في الكفر والكافرين، وتتمثل حياتهم، وتريد أن تدخلها في بيوتنا؟

يا معاشر المسلمين! قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] هذه الوسطية خيرية، والخيرية تتنافى مع الخبث، وتتنافى مع الغش، وتتنافى مع الكذب، وتتنافى مع الشح والبخل، وتتنافى مع الهبوط والسقوط في التفكير والآراء، وتتنافى مع الانحراف عن منهج الله.

الخيرية! كالعدالة، العدل فينا من هو؟ قالت الفقهاء: من يتقي الكبائر، ويجتنب في غالب حياته الصغائر، فالعدول لا يميلون ولا ينحرفون، يقولون الحق وبه يعدلون، أعزاء شرفاء كرماء؛ لأنهم موصولون بالسماء، لا يذلون ولا يهونون من أجل الجوع والعطش، يجوعون ويعطشون ويعرون، ويقاسون الحر والبرد وهم أكمل الناس وأعلى الناس شرفاً وكرامة.

والطريق إلى هذا معاشر الأبناء! هو أن نعود من حيث بدأنا، كيف بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته لإنشاء أمة وتكوينها؟ بدأها بالمساجد، ما إن أوحي إليه والتزم بمبدأ التبليغ حتى اتخذ دار الأرقم بن أبي الأرقم -وهي ليست بعيدة منا- اتخذها مقراً لأصحابه، فكان يزكيهم ويعلمهم فيها، ولما هاجر ما إن وصل ديار بني مالك بن عوف في قباء حتى اختط مسجد قباء، وبناه في أقلِّ من خمسة أيام، وجمع فيه المؤمنين والمؤمنات، وتركهم فيه يتعلمون الهدى.

مشت راحلته -ناقته القصواء- فما إن نزلت بقرب ديار أخواله حتى قال: هنا يبنى المسجد، فبنى مسجداً، ومن المسجد انطلقت تلك الجماعات تنشر الهدى في الشرق والغرب.

حتى لا يضيع الموضوع، والكلام ينسي بعضه بعضاً هيا نعود!

لما نجلس هذه الجلسة في المسجد تكون قلوبنا مشرقة صافية، لأنها موصولة بالله، فيصير ذلك رحمة بيننا، فنحقق الإخاء الإيماني الإسلامي بيننا، فلا كبرياء، ولا احتقار ولا ازدراء، ولا حسد، ولا بغضاء، ولا ظلم، وإنما رحمة، وصدق ووفاء، وطهر ظاهراً وباطناً، وصفاء، نبكي بين يدي الله وندعوه، فيستجيب لنا، إذا سمعنا الهدى آمنا به، وأسرعنا إلى الالتزام به، فلا نزال نسمع ونهتدي حتى تتجلى حقيقة الوسطية فينا، ونصبح حقاً عدولاً خياراً، ما فينا من شر أبداً، كلنا خير، ما منا إلا خير يطير بالخير، لا يظهر منه الشر أبداً، ولا يلصق به، على الصراط المستقيم لا يعرف انحرافاً ولا الاعوجاج ولا السقوط.

وبذلك نعاود التاريخ من جديد، وعلى الأقل ننجو مما يريدون أن يوقعونا فيه.

معاشر المستمعين! الوسطية في هذه الأمة ليست أمنية، وليست حلماً، ونستحي أن نقول: إننا الأمة الوسطية اليوم، فلن نكون الأمة الوسط على الحقيقة إلا إذا رأينا أنفسنا خياراً عدولاً، ونساؤنا خيرات طاهرات صالحات.

إننا نرى أنفسنا كل يوم ننحدر ونهبط، والعدو يدفع بنا حتى أنسانا وجودنا، والذي يحز في النفس ويؤلم أن بين المسلمين من يعمل على ردّنا إلى الوراء، وأن يرجع بنا إلى أن نكون كأعدائنا، ويسمي رغبتنا في الله وعودتنا إلى دينه: رجعية! ويسميها تزمتاً، ويسميها: تنطعاً، والحق أن الله يقول: وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ [الأعراف:170]، فأين التمسك؟ نحن لم نتمسك بالعشر ولا بعشر العشر، وهم يخافون من هذا؛ لأنهم يريدون أن نكون غربيين، سواء بسواء، هذه هي أمنية الثالوث الأسود، ألّا تبقى لنا خاصية، حتى في الزي واللباس، يريدون أن يكشفوا عورات نسائنا وبناتنا! يريدون أن يزيلوا عمائمنا وثيابنا عن ظهورنا، يريدون حتى اللغة أن ننطق بغير لغة القرآن، يريدون ألا نجتمع في بيوت الله، وإنما نجتمع في المقاهي والمسابح والليالي الحمراء، يريدون ألا نذكر الله، هذا شأن العدو، فلا يلام فيما يريد منا، ولكن نحن الذين نلام.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
انتبه .. إنها الساعة الحاسمة 3861 استماع
لماذا نصوم - شرح آخر -1 3657 استماع
القرآن حجة لك أو عليك 3553 استماع
لماذا نصوم -1 3490 استماع
سر الوجود 3489 استماع
وصايا لقمان كما وردت في القرآن 3350 استماع
دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى أن تقوم الساعة 3251 استماع
مناسك الحج 3190 استماع
الذكر والشكر 3144 استماع
كيف نزكي أنفسنا 3081 استماع