مختصر التحرير [16]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [فصل: المجاز واقع] أي: موجود.

وسبق أن المجاز: هو اللفظ المستعمل بوضع ثان لعلاقة، أو المستعمل في غير ما وضع له أولاً لعلاقة. وهل هو واقع أو ليس بواقع؟

المؤلف يقول: إنه واقع.

وذهب بعض العلماء إلى أنه ليس بواقع.

وفصل بعضٌ من أهل العلم فقال: واقع في غير القرآن، وفي القرآن ليس بواقع.

هذه هي أمهات الأقوال في هذا الباب، وإلا فهناك أقوال أخرى، فالأقوال إذاً ثلاثة، هل المجاز موجود في اللغة والقرآن والحديث أو لا؟

يقول بعض العلماء: إنه موجود في الثلاثة، وبعض العلماء يقول: غير موجود في الثلاثة، وممن قال بالثاني شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، وقد أسهب ابن القيم رحمه الله في كتاب الصواعق المرسلة في رد القول بأن المجاز واقع، فمن أحب أن يطلع عليه ففيه فائدة كبيرة.

الثالث: التفصيل، يقول: غير واقع في القرآن وواقع فيما عداه.

ومن تأمل ما ذكره ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الإيمان تبين له أن القول الصحيح أنه ليس بواقع؛ لأن كل ما ادُّعي أنه مجاز ففيه قرينة تمنع الحقيقة، وحينئذٍ يكون الكلام حقيقة في سياقه.

قال: [وليس بأغلب] يعني: ليس بأغلب من الحقيقة، خلافاً لمن قال: إن الأغلب في كلام الناس هو المجاز، وأن الحقيقة نادرة جداً، وأنه لا حقيقة إلا في الأعلام فقط، مثل (محمد) حيث سمي به شخص، وهو علم عليه حقيقة، وأما الباقي فكله مجاز، وهذا رأي ابن جني ، يقول: إن اللغة أكثرها مجاز. وهذا غريب، حتى أكل وشرب ولبس وما أشبه ذلك؛ كل هذه يقول: ليست حقيقة، ويمكن أن تكون حقيقة.

وابن القيم تعرض لهذا القول، وبين أنه قول باطل، وأنه يستلزم أنه يجوز أن ننفي غالب كلام الناس؛ لأن المجاز من علاماته: صحة نفيه.

قال: [وهو في الحديث والقرآن]، وسبق قبل قليل الخلاف في وجوده في القرآن.

عدم وجود كلام غير عربي في القرآن

قال المؤلف رحمه الله: [وليس فيه غير علم إلا عربي]، أي: ليس في القرآن شيء غير عربي إلا الأعلام، فالأعلام في القرآن أعجمية مثل: إبراهيم، إسماعيل.. وما أشبه ذلك، ولهذا نقول: إبراهيم ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وكذلك إسماعيل وإسحاق ويعقوب، فالأعلام الأعجمية في القرآن موجودة وكثيرة، وليس فيها خلاف، لكن غير الأعلام هل يوجد فيه شيء غير عربي؟ يقول المؤلف: لا، فالسندس والإستبرق وما أشبههما من ما ذكروا أنه كان أعجمياً ثم عُرِّب؛ يقول المؤلف: ما دامت العرب عرَّبت فإننا نعتبره عربياً، ونقول: ليس في القرآن شيء غير عربي إلا الأعلام.

وقال بعض العلماء: بل فيه شيء غير عربي، مثل هذه الكلمات نظراً إلى أصلها.

والصحيح أنه ليس فيه شيء غير عربي إلا العلم؛ لقول الله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:193-195]، وقال: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [الزخرف:3]، وهذا يشمل كل القرآن، وتستثنى الأعلام بالإجماع؛ لأنه لا يمكن الفرار منها، هذا هو الصواب.

فيقال: إذا كانت هذه الكلمة أصلها أعجمي وليس لها أصول في اللغة العربية؛ فإن العرب لما نطقوا بها واستعملوها في معناها صارت عربية.

تقديم المجاز الراجح على الحقيقة المرجوحة

قال: [ومجاز راجح أولى من حقيقة مرجوحة].

وهذا فيما إذا تعارض العُرف واللغة، فالمجاز في العُرف أرجح من الحقيقة، فإذا جاءت الصلاة في لسان الشارع فهل نحملها على الحقيقة اللغوية وهي الدعاء، أو على الحقيقة الشرعية وهي العبادة المعروفة؟

يقول المؤلف: المجاز الراجح في العرف أولى من الحقيقة المرجوحة، فيقال: حملها على الدعاء مرجوح، وحملها على الصلاة المعروفة راجح فيقدَّم، وإن كان استعمالها في الصلاة المعروفة من باب المجاز لغة؛ لأنه خلاف الأصل؛ لكنه أولى لأنه هو الراجح.

[ولو لم ينتظم كلام إلا بارتكاب مجاز زيادة أو نقص فنقص أولى].

المعنى: إذا كان الكلام يحتاج إلى تقدير، وقد لا يحتاج إليه، فهل نقدر أن فيه زيادة محذوفة أو أنه ليس فيه زيادة؟ يقول: قدر أنه ليس فيه زيادة، وهذا معنى ارتكاب النقص، ولهذا يقول: (فنقص أولى)؛ لأن الزيادة في اللغة العربية قليلة والنقص كثير.

ومعنى النقص: أن يكون في الكلام شيء محذوف، وهذا موجود بكثرة، كما في حذف جواب الشرط، وجواب القسم، وتأتي القصة مثلاً على سبيل الإيجاز بالحذف كما هو معروف.

إذاً: فلما كان الحذف في اللغة أكثر، وصار هذا الكلام دائراً بين أن نقول: فيه زيادة أو فيه نقص، فارتكاب النقص أولى؛ لأنه أكثر في اللغة العربية.

قال المؤلف رحمه الله: [وليس فيه غير علم إلا عربي]، أي: ليس في القرآن شيء غير عربي إلا الأعلام، فالأعلام في القرآن أعجمية مثل: إبراهيم، إسماعيل.. وما أشبه ذلك، ولهذا نقول: إبراهيم ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، وكذلك إسماعيل وإسحاق ويعقوب، فالأعلام الأعجمية في القرآن موجودة وكثيرة، وليس فيها خلاف، لكن غير الأعلام هل يوجد فيه شيء غير عربي؟ يقول المؤلف: لا، فالسندس والإستبرق وما أشبههما من ما ذكروا أنه كان أعجمياً ثم عُرِّب؛ يقول المؤلف: ما دامت العرب عرَّبت فإننا نعتبره عربياً، ونقول: ليس في القرآن شيء غير عربي إلا الأعلام.

وقال بعض العلماء: بل فيه شيء غير عربي، مثل هذه الكلمات نظراً إلى أصلها.

والصحيح أنه ليس فيه شيء غير عربي إلا العلم؛ لقول الله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:193-195]، وقال: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [الزخرف:3]، وهذا يشمل كل القرآن، وتستثنى الأعلام بالإجماع؛ لأنه لا يمكن الفرار منها، هذا هو الصواب.

فيقال: إذا كانت هذه الكلمة أصلها أعجمي وليس لها أصول في اللغة العربية؛ فإن العرب لما نطقوا بها واستعملوها في معناها صارت عربية.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر التحرير [69] 3202 استماع
مختصر التحرير [54] 3191 استماع
مختصر التحرير [70] 3080 استماع
مختصر التحرير [33] 2825 استماع
مختصر التحرير [36] 2823 استماع
مختصر التحرير [47] 2754 استماع
مختصر التحرير [23] 2743 استماع
مختصر التحرير [45] 2741 استماع
مختصر التحرير [4] 2691 استماع
مختصر التحرير [34] 2625 استماع