خطب ومحاضرات
شرح اعتقاد أهل السنة [4]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله: [يعتقدون -يعني أهل السنة أهل الحديث- أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى، وموصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم].
هذه الجملة كررها كما سيأتي، وعقيدة أهل السنة إثبات أسماء الله تعالى، وكذلك دعاؤه بها، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ [الأعراف:180]، والأسماء الحسنى هي التي سمى الله بها نفسه، وهي التي بلغت النهاية في الحسن، فهي حسنة كلها ليس فيها ما هو غير حسن وما هو موصوف بالقبح.
ووردت أحاديث كثيرة في ذكر بعض الأسماء الحسنى، مثل التسعة والتسعين التي ذكرت في بعض الأحاديث، روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسماً -مائة إلا واحداً- من أحصاها دخل الجنة)، فلما روى هذا الحديث عمد بعض الرواة وجمعوها من القرآن، فبلغت تسعة وتسعين اسماً، وأخذوا الأسماء التي في آخر سورة الحشر هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر:22-24]، ثم جمعوا من مواضع من القرآن الغفار، والقهار، والوهاب، والعليم، والقابض، والباسط، والرزاق، والفتاح، والعليم... إلى آخرها.
ولكن الصحيح أن أسماء الله تعالى لا تحصر في هذه التسعة والتسعين، بل أسماء الله كثيرة وليست بهذا المقدار، والدليل على هذا ما رواه أحمد رحمه الله، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أصاب أحدكم هم أو غم فليقل: اللهم! إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرحاً)، فذكر في هذا الحديث قوله: (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) فدل على أن الله سبحانه له أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده ولم يطلع عليها أحداً.
أما الدعاء بها فهو فهم سؤال الله بأسمائه، وجعل الأسماء وسيلة، إذا أردت أن تدعو الله فإنك تقدم بين يدي الدعاء ذكراً للأسماء، فتقول: يا رحيم! يا رحمن! ارحمنا برحمتك. يا عزيز! يا غفور! اغفر لنا بواسع رحمتك. وهكذا تدعوه بأسمائه، فتقول في كل اسم: يا عزيز. يا رحمن. يا ملك. يا قدوس. فهذا معنى (فادعوها بها)، ويمكن أن يكون الدعاء هو أن يقدم بين يديه الثناء على الله تعالى بها، وأفضل ما يثنى به عليه ذكره بأسمائه الحسنى.
وقد أكثر العلماء من الكلام في أسماء الله، فتكلم عليها الإمام البيهقي رحمه الله تعالى في كتابه المطبوع: (الأسماء والصفات)، وقد طبع هذا الكتاب قديماً بتحقيق زاهد الكوثري ، ولكنه أفسده وحرفه وحمله محامل بعيدة.
ثم أعيد طبعه بتحقيق بعض العلماء المخلصين من أهل السنة، وسلم من تلك التعليقات التي أفسدته، ونبه المحقق على الأخطاء التي وقع فيها البيهقي والتأويلات، وعلى تحريف ذلك المعلق الأول الكوثري .
وكذلك نظمها كثير من العلماء، مثل قول بعضهم:
أيا طيب الأسماء يا من هو الله ومن لا يسمى بذلك الاسم إلا هو
ونظم التسعة والتسعين في أبيات على هذا النمط، وكذلك سردها كثير من العلماء، ومنهم ابن القيم في كتابه (الصواعق)، ومن المتأخرين حافظ الحكمي في (معارج القبول شرح سلم الأصول)، وغيرهم ممن تكلم على أسماء الله تعالى وسردوا ما وقفوا عليه.
وبعضهم أخذ أسماء وردت في بعض الأحاديث وإن لم يصدق أنه يسمى بها، كـابن حزم في (المحلى)، فإنه تتبع الأسماء التي وردت في الأحاديث، وذكر أسماء لا يليق أن يتسمى الله بها؛ لكونها وردت في الأحاديث، مثل قوله في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر وأنا الدهر)، فجعل الدهر من أسماء الله مع أن الدهر هو الزمان، قالوا في معنى (وأنا الدهر): أي: وأنا المتصرف في الدهر.
أمَّا الصفات التي ذكرها الله أو وصف بها نفسه على وجه المقابلة فلا يجوز أن يشتق لله منها اسم كما اعتقد ذلك بعضهم، مثل قوله تعالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142]، فلا يقال: من أسمائه المخادع.
ومنه قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة:15]، فلا يقال: من أسمائه المستهزئ. ومثل قوله: وَأَكِيدُ كَيْداً [الطارق:16]، فلا يجعل من أسمائه الكائد، وكذلك الأفعال التي ذكرها عن نفسه، مثل قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22] فلا يقال: من أسمائه الجائي. أو: أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ [البقرة:210] فلا يقال: من أسمائه الآتي. أو في قوله: لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا [الحشر:3] فلا يقال: من أسمائه المعذب وما أشبه ذلك.
ثم من أسمائه ما لا يجوز ذكره مفرداً إلا مع المقابل له، وهي الأسماء المزدوجة، مثل الخافض الرافع، المعز المذل، فلا يقتصر على واحد؛ لأنهما متقابلان، وكذلك المعطي المانع، وأشباه ذلك، نبه على هذا كثير من العلماء، ومنهم الشيخ آل سلمان في كتابه: (الكواشف الجلية في شرح العقيدة الواسطية) وغيره.
أما كلامه عن صفات الله بأنها هي التي [سمى ووصف بها نفسه ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم]، فهذه العبارة يذكرها جميع أهل السنة في مؤلفاتهم، فيقولون: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم. ويعللون ذلك بقولهم: إنه تعالى أعلم بنفسه وأعلم بغيره، فإذا كان أعلم بنفسه وأثبت لنفسه صفاتاً فإنا نثبتها ولا نتحاشى من إثباتها، بل نؤمن بها حقاً ونعتقد صحتها وموافقتها لعقيدة المسلمين مهما شنع المشنعون أو أنكر المنكرون، وسيأتي لنا أمثلة لها، وكذلك ما وصف به النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه أعلم بربه، وبمن أرسله، فالله تعالى خصه بالرسالة وأطلعه على ما أطلعه من العلم، وكلفه بالبيان وبالبلاغ، فلابد من أنه عالم بربه وعالم بما يجوز على الله تعالى، فإذا أثبت لله تعالى صفة أو صفات فإنا نتقبلها ولا نردها؛ لأننا إذا رددناها فقد رددنا ما بلغه أو جاء به، فنكون من الذين لم يتبعوه ولم يتقبلوا سنته، فلا يتحقق لنا الاتباع في قوله: وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158].
وقد سرد شيخ الإسلام ابن تيمية في أول كتابه (العقيدة الواسطية) في ثلاث ورقات آيات فيها الصفات، والأسماء، فيسرد مثلاً آيات العزة، ثم يأتي بآيات الحكمة، ثم الرحمة، ثم الأفعال، كآيات المكر والكيد والأسف في قوله: فَلَمَّا آسَفُونَا [الزخرف:55]، وكذلك آيات الكلام، والمجيء، والاستواء، والعلو، والمعية، وما أشبهها، وكذلك الأحاديث التي ورد فيها شيء من الصفات، مثل أحاديث النزول، والضحك، والعجب، والفرح، والأسماء، والأفعال، والرؤية، وما أشبهها، وكلها نتقبلها، وذلك لأن الذي بلغها هو الذي بلغ الرسالة كلها، فإذا قبلنا الأحكام أو الصلاة والصيام والحج والجهاد ونحوها فإننا نقبل العقيدة التي هي أساس الأعمال، والتي صحتها شرط لقبول الأعمال، فنقبل ما جاءنا من الآيات والأحاديث في أمر صفات الله تعالى حتى تصح عقيدتنا ثم تصح أعمالنا وتتقبل.
المصنف رحمه الله كرر قوله موصوف بما وصف به نفسه وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم كذلك قوله: [خلق آدم بيده] كررها أيضاً.
قال الله تعالى مخاطباً إبليس: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، أثبت الله سبحانه وتعالى لنفسه اليدين، وكذلك قال الله تعالى: وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64] استدل بهذه الآيات على إثبات اليدين، وقد ذكرهما الله تعالى بلفظ التثنية فقال: بيدي، وكذلك: بل يداه، وقد ورد ذكر اليد بلفظ المفرد: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1]، وكذلك قال: بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26]، والمقصود بالإفراد هنا الجنس، أي: جنس اليد، فنثبت لله تعالى اليد.
وقوله: [بلا اعتقاد كيف يداه] يعني: لا نكيفها. وقد ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسيره قوله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]، فسرد الأحاديث التي فيها ذكر اليد، والتي فيها قبض المخلوقات، وقبل أن يسردها قال: وقد وردت أحاديث في معنى هذه الآية الطريقة فيها طريقة أهل السنة، وهو إمرارها كما جاءت بلا كيف. يعني أنهم يمرونها كما جاءت ويقرونها ولا يكيفون، فلا يقولون: كيفية اليد كذا وكذا. ولا يقولون: إنها مركبة كيد الإنسان التي هي مركبة من عظام وعصب وجلود وشعر وأنامل ومفاصل وأظفار وسواعد وعضد وكوع ورسغ ونحو ذلك. بل يقولون: أثبت الله تعالى لنفسه اليد، ونعلم أنها يد حقيقية ولكن لا ندري ما كيفيتها.
والمراد بالبسط هنا البسط بالعطاء، أي: بالعطاء ينفق كيف يشاء. وذلك لأن اليهود وصفوا الله بالبخل، فقالوا: يد الله مغلولة أي: عن النفقة والعطاء والكرم فهو بخيل. هكذا أرادوا، فرد الله عليهم وكذبهم وأخبر بأنه واسع العطاء، وأن يداه مبسوطتان بالعطاء يعطي كما يشاء، فيطلق غل اليد على البخل، ويطلق البسط على النفقة وكثرة العطاء، قال الله تعالى في سورة الإسراء: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء:29]، فليس معناه أنه يربط يده إلى عنقه، بل المراد أنه يمتنع عن العطاء، كأنه هو البخيل الذي لا ينفق شيئاً، والذي يبسط يده كل البسط هو الذي يبذر ويفسد المال ويكثر من إعطائه فوق الحاجة، ولا تبسطها كل البسط يعني: ولا تبسطها في العطاء كل البسط، بل الوسط خير.
والحاصل أن الله تعالى أخبر بأن له يدين، وأنهما مبسوطتان ينفق كيف يشاء بلا اعتقاد كيف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأنه عز وجل استوى على العرش بلا كيف، فإن الله انتهى من ذلك إلى أنه استوى على العرش، ولم يذكر كيف كان استواؤه].
هذه صفة أيضاً، والصحيح أن الاستواء صفة فعلية، وذلك لأننا نعتقد أن العرش مخلوق، وإذا كان العرش مخلوقاً فإن الله تعالى استوى عليه بعدما خلقه، ونعتقد أن العرش سرير لا يعلم قدره إلا الله، كما ورد فيما رواه ابن جرير في تفسير آية الكرسي عن زيد بن أسلم وأبي ذر ، في تفسير قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255] قال: (ما السموات السبع والأرضون السبع إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس) السموات مع عظمها والأرضون مع عظمها كدراهم -والدراهم هي قطع صغيرة من الفضة- ألقيت في ترس، والترس هو المجن الذي يوضع على الرأس. فماذا تشغل الدراهم من هذا الترس؟
ثم قال: (والكرسي في العرش كحلقة ألقيت في أرض فلاة)، والحلقة هي القطعة من الحديد المتلاقية الطرفين، فإذا ألقيت في أرض فلاة فماذا تشغل من الأرض؟ إذا كان هذا مقدار الكرسي بالنسبة إلى العرش فماذا يكون مقدار العرش؟
ثم الله تعالى الذي استوى على العرش أعظم من أن يوصف وأن يحدد بكيفية أو نحو ذلك.
فنحن نقول: استوى على العرش كما أخبر ولا نكيف الاستواء، ولا نكيف سائر الصفات كاليد ونحوها.
ومشهور عن الإمام مالك رحمه الله أنه جاءه قائل فقال: أرأيت قول الله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] كيف استوى؟ فأطرق مالك برأسه حتى علته الرحضاء -أي: العرق-، ثم رفع رأسه وقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ولا أراك يا هذا إلا مبتدعاً. ثم أمر به فأخرج.
وفي رواية: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول.
وروي مثل هذا أيضاً عن شيخه ربيعة أنه قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.
وكأن مالكاً أخذ هذا الأثر من شيخه الذي تعلم عليه الكثير من العلوم، وشيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن من كبار التابعين.
وقد روي هذا الأثر أيضاً عن أم سلمة ، والصحيح أنه موقوف عليها وإن روي مرفوعاً، ومعناه أن الاستواء معلوم معناه وظاهر، ولأجل ذلك فسره العلماء، فهو معروف يفسر ويوضح ويترجم من لغة إلى لغة، ولكن للاستواء كيفية، وهذه الكيفية هي التي نقول: إنها مجهولة. فنتوقف عن الكيفية ونفسر اللفظ بما يليق بالله تعالى.
وهكذا بعضهم يقول: استوى استواء يليق به. ويتركون الإيضاحات، وأكثرهم يفسرونه، فـابن جرير كلما مر بآية من آيات الاستواء يفسرها بالعلو والارتفاع، استوى على العرش أي: علا وارتفع، وذلك استناداً منه إلى المعنى المعروف في اللغة، وأن هذا هو التي تدل عليه هذه اللفظة.
وكذلك تفسر بالاستقرار، استوى على العرش يعني: استقر عليه.
وقد تكلم المبتدعة على قوله: ثم استوى على العرش وبالغوا في ذكر إيرادات وشبهات يموهون بها على من يفسر هذا الاستواء بالاستقرار، وتجد ممن يبالغ في سردها الخطيب الرازي صاحب التفسير الكبير، ويقال له: ابن خطيب الري. فإنه لما تلكم عليها في سورة الأعراف أورد عليها شبهات يموه بها، ثم يقول يرد عليها: زيفت بوجوه منها كذا وكذا، ومنها كذا وكذا. ومنها كذا وكذا، ولما انتهى من ذكر الوجوه التي أوردها على تفسير الاستواء بالاستقرار بعد ذلك ذكر التفسير الذي يختاره، ثم ذكر أن السلف كانوا يفوضونها ويسكتون ولا يتكلمون، وهذا ليس بصحيح، ثم ذكر أن الخلف كانوا يفسرونها، وتفسيرهم لها في الحقيقة تأويل،يعني: صرف لها عن ظاهرها. فذكر أن بعضهم فسر الاستواء بالاستيلاء، فمعنى (استوى) أي: استولى. وبعضهم فسر العرش بأنه الملك، وأطالوا في ذلك، ولا حاجة بنا إلى مناقشتهم، وقد رد عليهم العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية ، وكذلك ابن القيم في (الصواعق)، وكذلك ابن أبي العز في (شرح الطحاوية)، ردوا عليهم وبينوا شبههم.
والحاصل أن الله تعالى ذكر الاستواء وقال: استوى على العرش.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأنه مالكُ خلقه، وأنشأهم لا عن حاجة إلى ما خلق، ولا لمعنىً دعاه إلى أن خلقهم؛ لكنه فعَّال لما يشاء ولا يُسأل عما يفعل، والخلق مسئولون عما يفعلون].
نعتقد أن الله تعالى هو الذي خلق الخلق، وما في الوجود مخلوق إلا والله خالقه؛ إذ ليس لأحد قدرة على أن يخلق أيَّ حيوان، ولو اجتمع الخلق كلهم على أن يخلقوا بعوضة يركبوا فيها أجنحتها وأيديها ومفاصلها وما أشبه ذلك، وينفخوا فيها الروح حتى تطير لن يقدروا، إلا ما ذكر الله تعالى عن عيسى عليه السلام في قوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي [المائدة:110]، فهذا إذن من الله تعالى أن أقدر عيسى على أن يصور صورة طير من الطين ثم ينفخ فيها فتطير، وذكروا أنه كان يطير حتى إذا اختفى عن الأعين سقط ميتاً، ليُعرف بذلك الفرق بين ما خلقه الله وما خلقه عيسى بإذن الله تعالى.
أما بقية الخلق فلن يستطيعوا أن يخلقوا أصغر مخلوق، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ [الحج:73]، والذباب من أحقر المخلوقات ولو اجتمعوا على أن يخلقوا مثل هذا الذباب وأن يركبوا فيه مفاصله وأوصاله وسمعه وبصره وشمَّه وأسنانه وأمعاءه وأجنحته، لن يستطيعوا، بل الخلق خلق الله.
وإذا قيل: أليس الإنسان يتسبب في خلق الولد؟
نقول: إن الله تعالى هو الذي يخلق الأولاد، فهو الذي قدَّر أن هذا الاتصال بين الذكر والأنثى يسبب خلق المولود وتولُّدَه بين اثنين، فهو الذي قدَّره وهو الذي يخلقه، فليس الإنسان هو الذي يخلق أولاده، ولو كان كذلك لاختار -مثلاً- أن يكون أولاده ذكوراً، وأن يكون خلقهم حسناً تاماً، فلا يكون هناك معاق، ولا ناقص في الخلق، ولا سيئ الخلقة، وما أشبه ذلك.
فدل على أن الله تعالى هو الذي يخلقهم وهو الذي فاوت بينهم.
فمالكهم هو الذي يملكهم، قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ [آل عمران:26]، فالخلق كلهم ملكه وتحت تصرفه وتقديره.
خلقهم وأنشأهم، وليس لحاجة أوجدهم وأنشأهم، بل هو الغني عنهم وهم الفقراء إليه، ففي الحديث القدسي الذي في صحيح مسلم يقول الله تعالى: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالَموا، يا عبادي! كلكم ضالٌّ إلا من هديته...)، ثم قال: (يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته...) (كلكم عارٍِ إلا من كسوته...) (يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم ...) ، إلى آخر الحديث، فيخبر بأنه غني عنهم، وأنهم لو اجتمعوا كلهم على أتقى قلب رجل ما زاد ذلك في ملكه شيئاً، وإن اجتمعوا على أشقى قلب رجل وأفجر قلب رجل منهم ما نقص ذلك من ملكه شيئاً، وأنهم لن يبلغوا نفعه ولن يبلغوا ضره.
قوله: [لا عن حاجة إلى ما خلق] أي: لم يكن بحاجة إليهم، ولكن خلق الخلق وأوجدهم للابتلاء والامتحان، أوجد هذا المخلوق حتى يبلوه، قال الله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الكهف:7]، وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] .
خلق الموت والحياة وخلق هؤلاء المخلوقين وأوجدهم وقدَّر أنهم يحيَون الحياة التي يعيشونها، وقدَّر أرزاقهم، وكذلك أمرهم ونهاهم، فكل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره.
قوله: [ولا لمعنىً دعاه إلى أن خلقهم] أي: ليس هناك دافع دفعه إلى خلقهم كما في قوله: (يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني).
فليس هو بحاجة إليهم، ولا تنفعه طاعة المطيع، ولا تضره معصية العاصي، بل هو النافع الضار.
قال رحمه الله تعالى: [فعَّال لما يشاء ويحكم ما يريد] فما شاءه كان، وما لم يشأ لم يكن، أراد إيجاد هذه المخلوقات، وكذلك أوجد جميع الحيوانات صغيرها وكبيرها، أوجد الدواب والحشرات والطيور والوحوش والسباع والهوام وغيرها، فهو الذي أوجدها وجعلها آية على قدرته؛ حيث خلق هذه المتضادات وأنشأها مع اختلافها، أليس ذلك دليلاً على كمال قدرته حيث خلق هذه المخلوقات وجعلها تتوالد كما يشاء؟!
فمن مُشاهَد آيات الله تعالى: أن كل مخلوق إنما يلد من جنسه، فمثلاً السبع يلد سبعاً مهما كانت أحواله، ولو رُبِّي ثم رُبِّي، وقد ذكر بعض أهل القصص أن امرأة أخذت جرو ذئب فربَّته في بيتها وأرضعته من شاتها ولما كبر بدأ فعقر شاتها، مع أنه أليف لهم، فأنشأت تقول:
عقرتَ شُوَيهتي وفجعتَ قلبي وأنت لشاتنا ولد ربيبُ
فديت بدرنا ونشأت فينا فمن أدراك أن أباك ذيبُ
إذا كان الطباع طباع سوء فليس بنافع فيها الأديب
فلو غُيِّر في طباعه لا تتغير، فهو هكذا طُبع، فولد السبع يكون سبعاً، وولد بهيمة الأنعام يكون تابعاً لها، وأولاد الطيور لو جمعت منها -مثلاً- بيضة حمامة ودجاجة وعصفور وحُبارى ونعامة وجعلتها في مكان لفقَّست وصارت كل واحدة مثل أمها التي باضتها، ولا يمكن أن تتغير، هكذا خلق الله، فكل شيء يكون ولده مثله، لا شك أن هذا دليل على قدرة الله، هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [لقمان:11].
ثم يقول: [لا يُسأل عما يفعل] أخذ ذلك من الآية في سورة الأنبياء: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء:23] أي أنه يفعل ما يشاء، ولا يجوز أن يقال: لماذا فعل الله كذا؟ بل أفعال الله تعالى لا تعلل؛ لأن الله تعالى حكيم في أفعاله.
فلا يجوز أن تسأل وتقول: لماذا خلق الله هذه الحشرة؟! وما فائدة خلق هذه السباع؟! وما فائدة خلق هذه الدواب؟! وهذه ضارة ومؤذية! وما فائدة خلق هذا الذباب؟! وما أشبه ذلك؛ فإن الله حكيم في أمره، لا يجوز أن يُسأل عن الحكمة في خلقه؛ لأنه حكيم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد [والخلق مسئولون عما يفعلون].
يقول: [وأنه مَدْعُوٌّ بأسمائه الحسنى].
تقدم قريباً أنه أمرنا بأن ندعوه بأسمائه، كما قال: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180].
قال المصنف رحمه الله: [وموصوف بصفاته التي سمَّى ووصف بها نفسه].
تقدم قريباً أيضاً أنه موصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه، وسماه ووصفه بها نبيه صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله: [لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يوصف بما فيه نقص أو عيب أو آفة، فإنه عز وجل تعالى عن ذلك]
قوله: [لا يعجزه شيء] هذه من الصفات السلبية، نقول: إنه تعالى أخبر بأنه لا يعجزه شيء، وذلك في عدة آيات، وذلك دليل على كمال قدرته، وإذا وصفناه وقلنا: لا يعجزه شيء فهذا سلب؛ لأن الصفات السلبية إنما يوصف بها إذا كانت تدل على إثبات، فهو لا يوصف بما فيه نقص أو عيب، فالصفات التي فيها نقص أو عيب لا يوصف بها، بل نزَّه الله تعالى نفسه عنها في قوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255]، وقوله: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ [الفرقان:58]، وقوله تعالى: وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:38] وأشباه ذلك.
حكم إجبار الورثة مورثهم على طلاق زوجته
الجواب: ذلك حرام، ثم لو طلق لم ينفذ طلاقه، وذلك لأن الأولاد الذين يجبرون أباهم على أن يطلق امرأته يريدون بذلك حرمانها من الإرث، والإجبار لا ينفذ، وكذلك أيضاً لو طلق بدون إجبار ولكنه في مرض الموت فإنه لا يسقط نصيبها من الإرث؛ لأن من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه.
فالذي يطلق امرأته في مرض الموت أو هو مريض ترث منه امرأته شاء أم أبى، حتى ولو انتهت العدة، إلا إذا تزوجت قبل موته.
الكيفية في صفات الله
الجواب: قولهم: (بلا كيف) يعني: لا تسألوا عن الكيفية ولا تكيفوها. ويذكرون في العقيدة قولهم: (من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تأويل).
فقولهم: (ولا تكييف) يحتمل أمرين:
الأول: السؤال عن الكيفية.
والثاني: الإخبار بالكيفية.
وكلاهما مراد، أي: لا تسألوا وتساءلوا فيما بينكم فتقولون: ما كيفية استواء الله تعالى؟ ما كيفية يد الله؟ ما كيفية نزوله؟ لا تسألوا عن ذلك فإن ذلك محجوب عنكم.
وكذلك أيضاً لا تكيفوا، فلا تقولوا: كيفية النزول كذا وكذا، وكيفية الرؤية كذا وكذا، وكيفية الاستواء كذا وكذا. فإن ذلك تكييف ليس عليه دليل.
معنى المقام المحمود
الجواب: هكذا روي عن مجاهد في تفسير المقام المحمود، في قوله تعالى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] أنه يجلسه على العرش. ولكن ليس بتأدية جلوس الله تعالى، أو كيفية استواء الله، إنما فيه أن الله يجلس محمداً صلى الله عليه وسلم على العرش معه.
والجواب على هذا هو أن هذا الأثر ضعيف؛ لأنه من رواية ليث بن أبي سليم، ولكن مع ذلك قد صححه وبالغ في تصحيحه كثير من العلماء، ورووا هذا الأثر أيضاً عن غير مجاهد، أي: أن جماعة من المفسرين من السلف فسروا المقام المحمود بالجلوس على العرش.
ثانياً: أن المقام المحمود هو الشفاعة، فقوله تعالى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79] يعني: يجعل لك الشفاعة في يوم القيامة، وسيكون ذلك سبباً في رفع مقامك وشهرتك عند الناس واعتراف الأمم السابقة بفضلك وبميزتك التي فضلك الله بها.
هذا هو المشهور في تفسير المقام المحمود.
وعلى كل حال فلا مانع من أن يجلسه الله على العرش، وليس في ذلك تكييف لجلوس الله تعالى أو لاستوائه على العرش.
كيفية استعمال النفي والإثبات في صفات الله
الجواب: لا إشكال في ذلك، فهنا نفي الاستحياء: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً [البقرة:26] ، وكذلك أيضاً قول الله تعالى: إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53] فهنا نفي الاستحياء، وذلك لأن الاستحياء هنا يراد به الخوف والخجل ونحو ذلك، فالله تعالى نفى عن نفسه هذا الأمر، وأخبر بأنه يخبِر بما عليكم فيه حق ولو كان النبي يستحيي منكم، أن ينهركم وأن يقِيْمكم والله تعالى لا يستحيي من الحق.
فالحاصل: أن نفي الاستحياء نفيٌ لهذه الصفة التي قد يكون فيها شيء من النقض، أو التنقص، وليس في ذلك نفي لبقية الصفات.
الجمع بين نصوص الإفراد والجمع في إثبات اليد لله
الجواب: أما الإفراد في قوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1] فالمراد باليد هنا جنس اليد، وذلك لأنه لا يُستغرب أن يقال -مثلاً-: فلان يده ندية. أي: بالعطاء. فيراد جنس اليد،ولا يُفهم منه أنه ليس لله إلا يداً واحدة.
وأما الجمع فالجمع للتعظيم، كقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً [يس:71] الجمع هنا للتعظيم، وذلك لأن الله تعالى ذكر الضمير بلفظ الجمع في قوله: (أَيْدِينَا) ولم يقل: (أيديَّ)، بل أضاف الضمير إلى الجمع، كما أنه يصف نفسه بضمير الجمع مثل قوله: نَحْنُ قَسَمْنَا [الزخرف:32]، فهذا للتعظيم، وكقوله تعالى: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ [الكوثر:1]، إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [النساء:163]، إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ [الفتح:1] الضمائر التي تُجمع هنا للتعظيم.
فالإفراد يُراد به الجنس، والتثنية يُراد بها الحقيقة، أي: أن لله تعالى يدين، والجمع يُراد به التعظيم.
الحكمة من خلق الخلق
الجواب: الحكمة في خلق الجن والإنس هي الأمر بالعبادة، ولكن ليس فيها دليل على أنه محتاج إلى عبادتهم، ولا أن عبادتهم تنفعه أو تزيد في ملكه أو نحو ذلك، بل هو الغني وهم الفقراء، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15].
فالله تعالى أخبر بأنه خلق الخلق ليعبدوه، والمعنى: خلقهم ليأمرهم وينهاهم وليمتحنهم وليكلفهم، فمنهم من عَبَدَ ومنهم من لم يعبد، فـ(اللام) هنا يقال لها: لام التعليل. فالعلة في خلقهم هو الأمر بعبادتهم، فليس فيها دليل على أنه ينتفع بعبادتهم، وأن ترك العبادة تضره، كما ذُكر في الآيات.
حكم تنبيه الخطيب على الخطأ حال الخطبة
الجواب: إذا تلعثم الخطيب في حالة الخطبة يجوز أن يُنبَّه حتى يستمر في خطبته، لكن الأصل أن الخطيب إذا كان يخطب ارتجالاً فإنه إذا غلط في آية تجاوزها وقرأ ما بعدها، ولا يحتاج إلى أنه يُتَكلم معه؛ لأن الكلام معه قد يشوش على الحاضرين.
وعلى كل حال لا مانع إذا احتاج إلى من يردُّ عليه ويفتح عليه حتى يستمر في خطبته، وأنه إذا غلط وقدَّم كلمة أو أخَّرها فيُنبه على ذلك بعد الصلاة.
مجالسة أهل المعاصي من الأقارب
الجواب: عليك بالإكثار من نصحه وتخويفه وتهديده وتحذيره، وعليك أيضاً بتأليفه وترقيق قلبه والتقرب إليه، وإرسال من ينصحه ويرشده لعله يتقبل وينيب، لكن إذا رأيت منه إصراراً واستكباراً وعدم التقبل فليس لك في هذه الحالة أن تبقى معه، بل أظهِر له الكراهية والمقت والبغض لعله يكون ذلك سبباً رادعاً له عن هذه المعاصي، ونشير عليك أن ترفع بأمره إلى من يعاقبه حتى ينزجر وينزجر أمثاله.
حكم الخِطبة على خِطبة المسلم
الجواب: ليس لك ذلك حتى يظهر الرد؛ لعموم الحديث: (لا يخطب على خطبة أخيه) ، فما دام أنه خطب وتقدم وسكت أهلها ولم يخبروه بأنه مقبول أو مردود فإنك تتوقف حتى يظهر الرد، وفي النساء كثرة.
حكم عرض الرجل قريبته على الرجل الصالح ليتزوجها
الجواب: لا مانع من ذلك إذا رأى رجلاً صالحاً وكان عنده مولية يحب أن يجد لها كفؤاً كريماً أن يعرضها، كما عرض عمر رضي الله عنه ابنته على عثمان وأبي بكر قبل أن يخطبها النبي صلى الله عليه وسلم، فلا مانع من ذلك.
شبهة تخلق أطفال الأنابيب والرد عليها
الجواب: ليس هذا مثل خلق الله، وليس هذا خلق لهم، فكونهم يعملون فهذا لا يستطيعون أن يخلقوه بغير الرحم، ولا من غير المنِي، فالمنِي هو خلق الله تعالى، والرحم والبويضة التي في المرأة هي خلق الله، فلا يقدرون على أن يستقلوا به بأن يخلقوا إنساناً من غير رحم ومن غير منِي ونحو ذلك، فهذا الذي أرادوا، أما إجراء هذه العملية فليس في ذلك غرابة.
زيارة المؤمنين لربهم في الجنة
الجواب: أحاديث الرؤية ذكرها ابن القيم في (حادي الأرواح)، وأنهم يزورون ربهم كل جمعة، ومنهم من ينظر إلى ربه بكرةً وعشياً، ومجموع الأحاديث تدل على أنها صحيحة ومشهورة.
الإخبار عن الله باسم الهادي والمقصود
الجواب: اشتهرت التسمية بها أو التعبيد لها، فيقال: عبد المقصود وعبد الهادي وأنا أقول: عند الإطلاق الله تعالى هو الهادي، الذي لا يصلح إطلاق الاسم إلا له، وإن كان يُطلق على الإنسان: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي [الشورى:52]، وكذلك قوله: وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الرعد:33]، وكذلك قوله: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد:7]، ولكن هناك فرق بين (الهادي) معرفاً وبين (هادٍ) منكَّراً.
فعند الإطلاق يصح أن يقال: الله هو الهادي.
وكذلك المقصود، بمعنى أنه الذي تقصده القلوب وتتوجه إليه الرغبات.
تسمية الله بالستير
الجواب: نسمع هذه الكلمة، فمنهم من يقول: نقتصر على الوارد؛ لحديث: (إن الله سِتِّير يحب الستر)، فيقولون: نسميه بالسِّتِّير ولا نسميه بالساتر؛ لأنه لم يَرِد. ولكن الأقرب أنه عند الإطلاق الله هو الستار وهو الساتر وهو السِّتِّير، فيصلح أن يسمى الله تعالى بذلك، وإن المخلوق يوصف بذلك من باب الفعل، أي: أن الإنسان يستر أخاه، كما في حديث: (من ستر مسلماً ستره الله).
تفسير الاستواء المعدى بـ(إلى) بالقصد
الجواب: قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29] ، فسره بعضهم -كما نقل ابن كثير في سورة البقرة في قوله تعالى: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29] -بأن معناه: قصد إلى السماء، ولكن الأولى أن يُفسر بالعلو، أي: ارتفع إلى السماء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ [البقرة:29] .
وأنكر ابن جرير في التفسير على من قال: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ [البقرة:29] أي: أقبل، فقال: وهل كان معرضاً قبل ذلك؟! وهل كان صادَّاً حتى أقبل؟!
وابن كثير ذكر الإقبال وأقرَّه، ولكن لا يستلزم أنه كان معرضاً.
حكم جلوس الرجل بجوار النساء مع وجود عازل
الجواب: يُفضل البُعد عن الأماكن التي فيها ريبة وفيها محذور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء! قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟! قال: الحمو الموت!)، ولكن إذا كان النساء لا يختلطن بالرجال، بل كنَّ في مكان ناءٍِ بعيد منعزلات عن الرجل والرجل بعيد عنهن وبينه وبينهن أبواب مغلقة فلعل ذلك يُرخَّص فيه للحاجة.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح اعتقاد أهل السنة [8] | 2695 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [5] | 2358 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [13] | 2328 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [7] | 2146 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [3] | 1851 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [12] | 1772 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [6] | 1719 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [17] | 1694 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [10] | 1675 استماع |
شرح اعتقاد أهل السنة [2] | 1621 استماع |