خطب ومحاضرات
شرح العقيدة الطحاوية [74]
الحلقة مفرغة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة: (من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له).
لا شك أن الهداية بيد الله تعالى، وكذا الإضلال، فمن هداه الله فذلك نعمة من الله عليه وفضل وكرم، ومن أضله فلم يظلمه، وليس للعبد حجة على الله، بل لله الحجة البالغة، فإذا شاء هدى وإذا شاء أضل، فمن هداه الله فقد أنعم عليه، فهدايته له فضل منه، ومن أضله الله فإنه عدل منه، فإنه تعالى لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، وأيضاً هو المنعم المتفضل على خلقه.
وقد ورد في بعض الأحاديث: أن الله تعالى لو عذب خلقه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، فلو رحمهم كلهم لكانت رحمته فضلاً منه، فهو سبحانه قد تنزه عن الظلم، فوي الحديث القدسي: (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا) فهو سبحانه لا يظلم وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46]، فإذا أهلك العباد أو سلط بعضهم على بعض، أو سلط عليهم عقوبة سماوية، أو عاقبهم بالعذاب بالنار، لم يكن ذلك ظلماً، بل هم يستحقون ذلك، فإنه لا يمكن أن يهلكهم أو يعذبهم إلا بظلم منهم، يقول الله تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117] ، فلا يهلكهم ظلماً منه لهم، ولا يهلكهم إلا بعدما يقيم عليهم الحجة.
وكذلك إذا أنعم عليهم فإنه هو المتفضل، وفي حديث الأوراد يقول عليه الصلاة والسلام: (لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله المن، وله الثناء الحسن) ، فالنعمة منه وحده، والفضل على الخلق منه وحده، وكذلك الثناء الحسن، فإذا عرفنا أن ربنا سبحانه هو المتفضل على عباده؛ فنعلم أن نعمه لا تنفك عن العباد: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34]، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53] ، فما أصابنا من نعمة فهو محض فضل الله، ومحض منه على عباده، وليس بأعمالنا، ولا باكتسابنا، ولا باستحقاقنا، بل أعمالنا تضعف عن أن نستحق هذا الفضل وهذه النعمة؛ ولكن هو الذي يتفضل على هؤلاء بالنعم وبالخيرات، وبالنصر وبالتمكين، وبالعطاء وبالصحة وبالإعزاز، وبغير ذلك من أنواع النعم، أو يسلط على من يشاء ما يشاء من المصائب والعقوبات، وكل ذلك محض عدله.
وعلى هذا: فإن المسلم يعتمد على ربه سبحانه وتعالى، ويأتي بالأسباب التي تكون مؤهلة له أن يكون من أهل الفضل.. مؤهلة له أن يستحق لأجلها أن يكون أهلاً للامتنان.. أهلاً للنعمة.. أهلاً للخير، ويبتعد عن النقم والعقوبات التي تكون سبباً للعذاب، والتي يعذب الله بسببها، فإنه سبحانه قد رتب للنعم أسباباً، وهي الأعمال الصالحة، فجعلها سبباً لتفضله، فلنأتِ بالأسباب التي يرحمنا الله بسببها، وجعل للعقوبات أسباباً وهي المعاصي، فلنبتعد عن العقوبات وعن أسباب العقوبات وهي المعاصي؛ حتى نسلم من العقاب، ونحظى بالثواب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:
[وقوله: (يفعل ما يشاء، وهو غير ظالم أبداً):
الذي دل عليه القرآن من تنزيه الله نفسه عن ظلم العباد، يقتضي قولاً وسطاً بين قولي القدرية والجبرية، فليس ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون منه ظلماً وقبيحاً، كما تقوله القدرية والمعتزلة ونحوهم؛ فإن ذلك تمثيل لله بخلقه وقياس له عليهم، وهو الرب الغني القادر، وهم العباد الفقراء المقهورون.
وليس الظلم عبارة عن الممتنع الذي لا يدخل تحت القدرة، كما يقوله من يقوله من المتكلمين وغيرهم، يقولون: إنه يمتنع أن يكون في الممكن المقدور ظلم، بل كل ما كان ممكناً فهو منه لو فعله عدل، إذ الظلم لا يكون إلا من مأمور من غيره منهي، والله ليس كذلك.
فإن قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112] ، وقوله تعالى: مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق:29]، وقوله تعالى: وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ [الزخرف:76] ، وقوله تعالى: وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، وقوله تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [غافر:17] يدل على نقيض هذا القول.
ومنه قوله الذي رواه عنه رسوله: (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً؛ فلا تظالموا) فهذا دل على شيئين:
أحدهما: أنه حرم على نفسه الظلم، والممتنع لا يوصف بذلك.
الثاني: أنه أخبر أنه حرمه على نفسه، كما أخبر أنه كتب على نفسه الرحمة.
وهذا يبطل احتجاجهم بأن الظلم لا يكون إلا من مأمور منهي، والله ليس كذلك. فيقال لهم: هو سبحانه كتب على نفسه الرحمة، وحرم على نفسه الظلم، وإنما كتب على نفسه وحرم على نفسه ما هو قادر عليه، لا ما هو ممتنع عليه.
وأيضاً: فإن قوله: فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112] قد فسره السلف بأن الظلم: أن توضع عليه سيئات غيره. والهضم: أن ينقص من حسناته، كما قال تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]].
ضلال أهل الكلام في طريقة تنزيههم لله عن الظلم
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع
فهم يجوبون على الله أن يثيب هذا، ويحرمون عليه أن يعاقب هذا، ويجعلون هذا مستحقاً بعمله، وهذا مستحقاً بعمله، ولا يجعلون لله تصرفاً، ولا يجعلون له منة، ولا يجعلون له فضلاً على عباده ورحمة.
لا شك أن هذا تصرف في أفعال الخالق سبحانه، فلأجل ذلك رد عليهم الشارح، وبين أن الظلم الذي نفاه الله تعالى عن نفسه ليس بممتنع ولا بمستحيل، بل هو مقدور، ولكن الله تعالى لا يفعله؛ لكونه غير مستحسن، بل هو أمر مستهجن ومستقبح، فلأجل ذلك نزه الله نفسه في هذه الآيات، فقال تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، هذا دليل على أنه قادر على أن يظلم، ولكنه منزه عن ذلك، وكذلك قوله: فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112]، (لا يخاف ظلماً) أي: بأن يُحمّل سيئات لم يعملها، (ولا هضماً) أي: نقصاً لحسنات قد عملها، بل الله تعالى حكم عدل، فلا يمكن أن يظلم هذا فينقصه، أو يظلمه فيزيد في سيئاته، بل له الفضل عليه، فيضاعف له الحسنات، ويمحو عنه السيئات، ومن أوبقته سيئاته فهو الموبق، ولا يهلك على الله إلا هالك.
الرد على أهل الكلام في طريقة تنزيه الله عن الظلم
وكذا قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ [ق:28] إلى قوله: وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق:29]، لم يعنِ بها نفي ما لا يقدر عليه ولا يمكن منه، وإنما نفى ما هو مقدور عليه ممكن، وهو أن يجزوا بغير أعمالهم.
فعلى قول هؤلاء ليس الله منزهاً عن شيء من الأفعال أصلاً، ولا مقدساً عن أن يفعله، بل كل ممكن فإنه لا ينزه عن فعله، بل فعله حسن، ولا حقيقة للفعل السوء، بل ذلك ممتنع، والممتنع لا حقيقة له! والقرآن يدل على نقيض هذا القول، في مواضع نزَّه الله نفسه فيها عن فعل ما لا يصلح له ولا ينبغي له، فعُلم أنه منزه مقدس عن فعل السوء والفعل المعيب المذموم، كما أنه منزه مقدس عن وصف السوء والوصف المعيب المذموم، وذلك كقوله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115]، فإنه نزه نفسه عن خلق الخلق عبثاً، وأنكر على من حسب ذلك، وهذا فعل، وقوله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [القلم:35]، وقوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:28] إنكار منه على من جوز أن يسوي الله بين هذا وهذا.
وكذا قوله: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21] إنكار على من حسب أنه يفعل هذا، وإخبار أن هذا حكم سيء قبيح، وهو مما ينزه الرب عنه].
كل هذا رد على كلام هؤلاء المبتدعة، فإن من عقيدتهم أن الظلم الذي نزه الله نفسه عنه مستحيل، فلا يمكن أن يحصل، وعلى موجب كلامهم يقال: إذاً هم آمنون، لأن المستحيل ممتنع الوقوع، فإذاً لا داعي لأن يؤمنهم من الظلم.
ويقال أيضاً: إذا كانوا آمنين من الظلم فكيف يؤمنهم منه بقوله: وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ق:29] ، وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ [غافر:31]، ويقول: فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112]؟! فهذا يدل على أنه ممكن، ولو كان شيئاً مستحيلاً لما خافوا منه، ولما أمنهم، فدل على أنه ما نزه نفسه إلا عن شيء مقدور له، ولكنه تعالى نزه عنه نفسه؛ لأنه لا يليق؛ ولأنه وصف للظلمة الذين يفعلون ما لا يستحسن، فيقصرون ويقتلون ظلماً، ويحبسون وينتهبون، فيقال: هؤلاء ملوك ظلمة، وهؤلاء أمراء ظلمة؛ لأنهم يبطشون في الناس بغير حق؛ فلذلك نزه الله نفسه عن مثل هذه الأفعال.
انقلاب الموازين عند الجبرية
نقول: إن الله تعالى أعدل من أن يضيع خلقه، ومن الأدلة على نقيض قولهم:
أولاً: الأدلة على أنه تعالى ما خلق الخلق عبثاً، كقول تعالى: أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى [القيامة:36] أي: مهملاً لا يؤمر ولا ينهى، وهذا حسبان باطل!
وقوله تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115]، أي: قد حسبتم ذلك، ولكنكم أخطأتم في هذا الحسبان، فما كان ربكم ليهملكم ولا ليترككم مهملين عبثاً.
وكقوله تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ [ص:27] دل على أن من اعتقد أنه خلقهم بغير حكمة، وإنما خلقهم هملاً وسدى، أنه من الكافرين الضالين.
ومرت بنا الأدلة التي تنفي التسوية بين أهل الخير وأهل الشر، مثل قوله تعالى: أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:28] أي: لا نجعلهم سواء، بل تأبى حكمة الله أن يجعل المتقين كالفجار، وتأبى أن يجعل المؤمنين كالمفسدين في الأرض، بل لابد أن يميز بينهم.
وكذلك قوله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ [القلم:35]؟ لا يجوز، وهذا خلاف حكمة الله، أن يسوي بين المسلم وبين المجرم، فالمسلم له الثواب، والمجرم يستحق العقاب.
ومثله قول الله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الجاثية:21]، هل حسبوا ذلك؟ فهذا حسبان باطل! كيف يعتقدون ويحسبون أن نجعلهم -وهم قد اجترحوا السيئات- أن نجعلهم مثل أهل الحسنات؟! ومثل أهل الأعمال الصالحة؟! لقد أخطئوا في هذا الحسبان.
هذا كله من مقتضى قول الأشاعرة أو المجبرة الذين يجعلون لله التسوية، ويقولون: يجوز أن يسوي بين الفاجر وبين المؤمن، فلذلك رد عليهم بهذه الآيات، وأصرحها آية سورة (ص)، وهو قوله: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ [ص:27-28] أي: لا نجعلهم، بل لابد أن نميز هؤلاء، فالله تعالى خلق هؤلاء وميزهم، وهؤلاء وحكم عليهم بالشقاء.. وهؤلاء يستحقون النصر والتمكين في الدنيا.. وهؤلاء يستحقون الخذلان والعذاب في الدنيا، وفي الآخرة فريق في الجنة وفريق في السعير.
هذا توضيح لما حكاه عن المعتزلة الذين يقولون: إن الظلم الذي نزه الله نفسه عنه هو الشيء الذي لا يمكن ولا يقدر عليه؛ وذلك لأن من معتقد هؤلاء المتكلمين من المعتزلة: أن العبد هو الذي يهدي نفسه، أو يضل نفسه، وأن الله لا يقدر على أن يهدي هذا أو يضل هذا، فيجعلون الله تعالى عاجزاً، وكذلك يوجبون على الله أن يثيبت المطيع، فيجعلونه حقاً عليه، وتعالى الله عن قولهم، فإنه تعالى ليس عليه حق لعباده:
ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله وهو الكريم الواسع
فهم يجوبون على الله أن يثيب هذا، ويحرمون عليه أن يعاقب هذا، ويجعلون هذا مستحقاً بعمله، وهذا مستحقاً بعمله، ولا يجعلون لله تصرفاً، ولا يجعلون له منة، ولا يجعلون له فضلاً على عباده ورحمة.
لا شك أن هذا تصرف في أفعال الخالق سبحانه، فلأجل ذلك رد عليهم الشارح، وبين أن الظلم الذي نفاه الله تعالى عن نفسه ليس بممتنع ولا بمستحيل، بل هو مقدور، ولكن الله تعالى لا يفعله؛ لكونه غير مستحسن، بل هو أمر مستهجن ومستقبح، فلأجل ذلك نزه الله نفسه في هذه الآيات، فقال تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]، هذا دليل على أنه قادر على أن يظلم، ولكنه منزه عن ذلك، وكذلك قوله: فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112]، (لا يخاف ظلماً) أي: بأن يُحمّل سيئات لم يعملها، (ولا هضماً) أي: نقصاً لحسنات قد عملها، بل الله تعالى حكم عدل، فلا يمكن أن يظلم هذا فينقصه، أو يظلمه فيزيد في سيئاته، بل له الفضل عليه، فيضاعف له الحسنات، ويمحو عنه السيئات، ومن أوبقته سيئاته فهو الموبق، ولا يهلك على الله إلا هالك.
استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح العقيدة الطحاوية [87] | 2714 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [60] | 2630 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [1] | 2590 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [79] | 2564 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [93] | 2472 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [77] | 2408 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [53] | 2386 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [99] | 2373 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [71] | 2336 استماع |
شرح العقيدة الطحاوية [31] | 2300 استماع |