الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
الدليل على أن من مات على التوحيددخل الجنة قطعا
عَنْ عُثْمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله دَخَلَ الْجَنَّةَ".
رواه مسلم.
أولاً: ترجمة راوي الحديث:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، أمير المؤمنين، وثالث الخلفاء الراشدين، أسلم قديماً على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهاجر الهجرتين، وتزوج ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم -رقية، فلما توفيت زوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أختها أم كلثوم، حتى قيل لا يعلم رجل تزوج ابنتي نبي غير عثمان ولذا سمي ذا النورين، بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وبايع عنه بيعة الرضوان، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان بعثه إلى مكة فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى يديه بالأخرى وقال:" هذه عن عثمان"، تولى الخلافة بعد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، بمبايعة أهل الشورى سنة أربع وعشرين، وقتل شهيداً يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة بعد العصر ودفن ليلة السبت سنة خمس وثلاثين في البقيع - رضي الله عنه - وأرضاه.
[انظر الإصابة (6/391) و أسد الغابة (3/584)].
ثانياً: تخريج الحديث:
الحديث أخرجه مسلم، حديث (26) وانفرد به عن البخاري.
ثالثاً: شرح ألفاظ الحديث:
(وَهُوَ يَعْلَمُ): قال القرطبي: "حقيقة العلم هي وضوح أمرٍ ما وانكشافه على غايته، بحيث لا يبقى له بعد ذلك غاية في الوضوح، ولا شك في أن من كانت معرفته بالله تعالى ورسوله كذلك، كان في أعلى درجات الجنة، وهذه الحالة هي حالة النبيين والصديقين، ولا يلزم فيمن لم يكن كذلك ألا يدخل الجنة، فإن من اعتقد الحق و صدق به تصديقا جازما لاشك فيه ولا ريب دخل الجنة".
[انظر المفهم، باب من لقي الله تعالى عالما به دخل الجنة، حديث (21)].
ومن أهل العلم من قال أن معنى العلم المعرفة ومن عرفها بذلك لابد أن يقيدها بالنطق بكلمة التوحيد المصاحب للاعتقاد الجازم.
رابعاً: من فوائد الحديث:
الفائدة الأولى: الحديث دليل على فضل عظيم امتن الله تعالى به على هذه الأمة وهو دخول الجنة لمن مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله، ولاشك أنه لابد من الإيمان بكلمة التوحيد وما تقتضيه فهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة وأن الإيمان قول وعمل، فالقول باللسان، والعمل يكون بالقلب كالاعتقاد وأعمال القلوب ويكون بالجوارح أيضا، وهذا الذي دلت عليه النصوص حين يجمع بعضها إلى بعض بخلاف أهل الأهواء أصحاب الفرق الضالة كالمرجئة فإنهم أخذوا مثل هذه النصوص كحديث الباب على الانفراد فقالوا لا يضر مع الإيمان معصية، فمنهم وهم غلاة المرجئة أخذوا مثل حديث الباب وقالوا من عرف أن لا إله إلا الله دخل الجنة ولو بدون اعتقاد، وهؤلاء أضل طوائف المرجئة، ويقال لهم إن إبليس يعرف أنه لا إله إلا الله وكذا المنافقون، ومن المرجئة من هو أقل ضلالا مع فساد مذهبهم فقالوا من اعتقد أن لا إله إلا الله دخل الجنة ولا تضر أي معصية فعلها، فجعلوا الأعمال الكونية لا تضر مع وجود هذا الاعتقاد، وتركوا نصوص الوعيد، ولاشك في فساد هذا المذهب.
وأهل السنة والجماعة وسط بين بين هؤلاء وبين الخوارج الذين يكفرون صاحب الكبيرة وكذلك المعتزلة الذين يقولون بأنه خالد في النار وهؤلاء على نقيض المرجئة تماما أخذوا نصوص الوعيد وأغفلوا نصوص الوعد كحديث الباب، وحديث الباب ردَّ عليهم وأن من مات على التوحيد فإن مآله إلى الجنة، ولو دخل النار وعذِّب بذنوبه فإنه سيصير إلى الجنة، وقد يغفر الله له ويدخله الجنة بغير عذاب لأنه مات على الإسلام ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾، فأهل السنة وسط بين المرجئة والخوارج، لا تفريط ولا غلو.
مستلة من: إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)