الآيات الكبرى التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
الآيات الكبرى التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراجقال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18].
وهي كقوله: ﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى ﴾ [طه: 23].
أي الدالة على قدرتنا وعظمتنا، وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية (لله) لم تقع، لأنه قال: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18].
ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك وقال ذلك للناس.
"ذكره ابن كثير في تفسيره" والآيات التي رآها الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج كثيرة:
1- جبريل عليه السلام:
(رأى جبريل له ستمائة جناح في صورته).
"متفق عليه".
﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]: قال: (رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه حُلتا رَفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض).
(الرفرف: الثياب الخضر).
﴿ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ﴾ [النجم: 8] يعني جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ﴾ [النجم: 9]:
القاب: نصف أصبع، وقال بعضهم: ذراعين كان بينهما.
﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10]: معناه: فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى، أو فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى بواسطة جبريل، وكِلا المعنيينى صحيح.
"ذكره ابن كثير" ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ [النجم: 13]: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إنما ذاك جبريل، لم يره في صورته التي خُلق عليها إلا مرتين: رآه منهبطًا من السماء إلى الأرض سادًّا عِظم خَلقه ما بين السماء والأرض).
"متفق عليه".
2- سدرة المنتهى:
قال الله تعالى: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16].
وفي الحديث: (فلما غشِيَها من أمر الله ما غشِيها تغيَّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها).
"رواه مسلم"، وقال ابن مسعود: لما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السابعة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض، فيُقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها، فيُقبض منها.
"ذكره ابن كثير في تفسيره".
وفي الحديث: (ثم رُفعتُ إلى سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قِلال هجر، وإذا أوراقها كآذان الفيلة).
"رواه البخاري" (نبقها مثل قلال هجر: أي ثمرها كبير).
3- البيت المعمور: وفي الحديث:
(فرُفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، وإذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم).
وفي رواية: (البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة، لو خرَّ لخرَّ عليها).
"رواه البخاري" واستُدل من الحديث على أن الملائكة أكثر المخلوقات لأنه لا يعرف من جميع العوالم ما ينجرد من جنسه في كل يوم سبعون ألفًا غير ما ثبت عن الملائكة في هذا الحديث.
4- الأنهار الأربعة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ- (ثم رفعتُ إلى سدرة المنتهى..
وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة.
"الكوثر والسلسبيل" وأما الظاهران فالنيل والفرات).
"رواه البخاري ومسلم".
ب- ووقع في حديث شريك: (ومضى به يرقى السماء، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد، فضرب بيده، فإذا هو مسك أذفر! فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك).
ج- ووقع في رواية يزيد عن أنس عند ابن أبي حاتم: أنه بعد أن رأى إبراهيم قال: (ثم انطلق بي على ظهر السماء السابعة حتى انتهى إلى نهر عليه خيام اللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعليه طير خضر، أنعَمُ طير رأيت.
قال جبريل: هذا الكوثر الذي أعطاك الله، فإذا آنيته الذهب والفضة، يجري على رضراض من الياقوت والزبرجد، ماؤه أشد بياضًا من اللبن).
قال صلى الله عليه وسلم: (فأخذت من آنيته، فاغترفت من ذلك الماء، فشربت، فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك).
د- قال الحافظ في الفتح: ووقع في "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة (أربعة أنهار في الجنة: النيل والفرات، وسيحان وجيحان).
فيحتمل أن تكون سدرة المنتهى مغروسة في الجنة، والأنهار تخرج من تحتها، فيصح أنها من الجنة.
هـ- قال النووي: في هذا الحديث أن أصل النيل والفرات من الجنة، وأنهما يخرجان من أصل سدرة المنتهى...
والحاصل: أن أصلها في الجنة، وهما يخرجان أولًا من أصلها، ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض، ثم ينبعان واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما الجنة، وكذا سيحان وجيحان.
و- قال القرطبي: لعل ترك ذكرهما في حديث الإسراء، لكونهما ليسا أصلًا برأسهما، وإنما يحتمل أن يتفرعا عن النيل والفرات.
وقيل: إنما أطلق على هذه الأنهار أنها أنهار من الجنة تشبيهًا[1]لها بأنهار الجنة لما فيها من شدة العذوبة والحسن والبركة، والأول أولى والله أعلم.
5- الخطباء القوالون:
"ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار".
الرسول صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا جبريل؟
جبريل: هؤلاء الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون.
"صححه الألباني في السلسلة رقم 292".
[1] ذهب الشيخ محمد أبو شهبة في كتابه الإسراء والمعراج: إلى أن النيل والفرات وردا على سبيل التمثيل والتصوير، وأن ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم هو مثال لهما، كما مثلت له الجنة في الحائط.