أرشيف المقالات

الإيمان بالقدر خيره وشره

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الإيمان بالقدر خيره وشره

من أركان الإيمان أن تؤمن بالقدر خيره وشره كما في حديث جبريل المشهور، وقال الله تعالى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان:2]، والله يقول: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر:49]، و"كل" من صيغ العموم، فكل شيء خلقه الله بقدر.
 
يقول الله سبحانه: ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ [الأنبياء:35]، فالله خالق كل شيء من الخير والشر، كما قال تعالى:  ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الزمر:62]، وقال: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق:1-2] فلا خالق إلا الله.
 
لكن الله سبحانه لا يخلق الشر إلا لحكمة، حتى إبليس خلقه الله تعالى لحكمة، فالله هو أحكم الحاكمين، ولم يخلق شيئًا عبثًا بلا حكمة؛ ولهذا لا يُنسب إلى الله الشر المحض الذي ليس فيه حكمة كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دعائه: " الخير كله في يديك، والشر ليس إليك".
 
وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا * مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء:78- 79].
 
قال الشنقيطي في كتابه دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ص 64: " معنى قوله: ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ ﴾ [النساء: 78] أي مطر وخصب وأرزاق وعافية يقولوا: هذا أكرمنا الله به، ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾ [النساء: 78] أي جدب وقحط وفقر وأمراض، يقولوا: هذه من عندك أي من شؤمك يا محمد وشؤم ما جئت به.
قل لهم: كل ذلك من الله.
ومعلوم أن الله هو الذي يأتي بالمطر والرزق والعافية، كما أنه يأتي بالجدب والقحط والفقر والأمراض والبلايا.
وأما قوله: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 79]أي لأنه هو المتفضل بكل نعمة ﴿ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ [النساء: 79] أي من قِبلك ومن قِبل عملك أنت إذ لا تصيب الإنسان سيئة إلا بما كسبت يداه، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى:30] انتهى كلامه.
 
وما أحسن ما أجاب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حينما سئل عن هذه الآية فقال: «ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، والله قضاها» ذكره الخلال في كتاب السُّنة (909).

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣