شرح عمدة الفقه - كتاب المناسك [17]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وإن أكل أكثرها جاز. وله أن ينتفع بجلدها ولا يبيعه ولا شيئاً منها، فأما الهدي فإن كان تطوعاً استحب له الأكل منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جزور ببضعة فطبخت، فأكل من لحمها وحسا من مرقها، ولا يأكل من واجبٍ إلا من هدي المتعة والقران. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته حتى يضحي ).

باب العقيقة:

وهي سنة عن الغلام شاتان متكافئتان، وعن الجارية شاة تذبح يوم سابعه، ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقاً، فإن فات يوم سابعه ففي أربعة عشر، فإن فات ففي إحدى وعشرين، وينزعها أعضاءً ولا يكسر لها عظماً، وحكمها حكم الأضحية فيما سوى ذلك ].

فقد تقدم لنا بم يتعين كل من الهدي والأضحية؟ وذكرنا أنهما يتعينان بالقول وبالفعل، وهل يتعينان بالنية أم لا؟ وذكرنا أيضاً جملةً من الأحكام المترتبة على تعين الهدي والأضحية، ثم بعد ذلك تقدم أن ذكرنا أن السنة أن يأكل من الأضحية ثلثاً وأن يهدي ثلثاً، وأن يتصدق بثلثٍ، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله، وقال: أذهب إلى فعل عبد الله ، أي: عبد الله بن مسعود ، فإنه أمر أن يأكل الثلث وأن يهدي إلى أخيه عتبة بالثلث، وأن يتصدق بالثلث.

والرأي الثاني -قال به الشافعي في القديم- أنه يأكل نصفاً ويتصدق بالنصف الآخر؛ لقول الله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] .

قال المؤلف رحمه الله: [وإن أكل أكثرها جاز].

يعني: الأضحية لو أنه أكلها كلها، أو أكل أكثر الأضحية، يقول المؤلف رحمه الله بأن هذا جائز ولا بأس به، لكن قال العلماء رحمهم الله: يجب عليه أن يتصدق بأوقية أو قدر أوقية، والأوقية: تساوي من الدراهم الفضة وزنها أربعين درهماً، وكل عشرة دراهم تساوي سبعة دنانير.. فأربعون درهماً كم يساوي بالدنانير؟ يساوي ثمانية وعشرين ديناراً، والدينار مثقال، والمثقال وزنه بالغرامات أربعة وربع، فتضرب ثمانية وعشرين بأربعة وربع.. كم الناتج؟ مائة وتسعة عشر غراماً، يعني: عشر كيلو وخمس العشر، أي: إذا أكلها كلها أو أكثرها يجب عليه أن يتصدق بعشر كيلو من اللحم وخمس العشر، أي: بمقدار مائة وتسعة عشر غراماً؛ فيشتري لحماً بمائة وتسعة عشر غراماً ويتصدق به.

قال المؤلف رحمه الله: [وله أن ينتفع بجلدها، ولا يبيعه ولا شيئاً منها].

هذا تقدم الكلام عليه، عندما تكلمنا على ما تتعين به الأضحية، وذكرنا ما يتعلق بالجلد، وأنه ليس له أن يبيعه ولا أن يعطيه الجزار مقابل أجرته، ولا أن يعطي الجزار شيئاً من اللحم مقابل أجرته.

قال المؤلف رحمه الله: [فأما الهدي إن كان تطوعاً استحب له الأكل منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جزور ببضعة فطبخت، فأكل من لحمها وحسا من مرقها].

مشروعة الأكل من الهدي

يستحب للحاج أن يأكل من الهدي، سواء كان تطوعاً أو واجباً، فالواجب كهدي المتعة أو القران، والتطوع: كأن اعتمر ثم أهدى للحرم، أو حج مفرداً وأهدى للحرم، فيستحب له أن يأكل، أو أنه ذبح فوق الواجب.. أي: كان متمتعاً فذبح شاتين، أو كان قارناً فذبح شاتين ونحو ذلك، نقول: يستحب له أن يأكل من هذا الهدي.

ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة، وأمر من كل بدنة بقطعة من اللحم، فوضعت في قدر فأكل من هذا اللحم وشرب من المرق؛ لأن المرق يختلط، فإذا شرب من هذا المرق فكأنه شرب من كل مرق لحم هذه الجزور، وأكل من اللحم.. فهو لا يتمكن أن يأكل مائة قطعة، لكن أكل من بعض القطع وشرب من المرق، فشربه من المرق هذا بمنزلة أكله من كل الجزور، فيستحب للإنسان إذا أهدى أن يأكل من الهدي.. إن كان هدي متعة أو قران أو تطوع، بأن زاد على هدي المتعة والقران، أو كان مفرداً أو كان معتمراً وأهدى، فيستحب له أن يأكل منه.

قال المؤلف رحمه الله: [ولا يأكل من واجبٍ إلا من هدي المتعة والقران].

هذه مسألة مهمة: ما هو الذي يأكل منه، وما هو الذي لا يأكل منه؟

نقول: هذا ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: الأضحية، فالأضحية يستحب الأكل منها ولو كانت منذورةً، أي: لو نذر أن يضحي.. فالأضحية هنا تكون واجبة بالنذر، فيستحب له أن يأكل من الأضحية، وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم.. وهدي الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد تقدم قول المؤلف رحمه الله: (يأكل ثلثاً ويتصدق بثلث ويهدي ثلثاً).

القسم الثاني: هدي المتعة يأكل منه، ولهذا قال المؤلف: (ولا يأكل من واجبٍ إلا من هدي متعة وقران).

القسم الثالث: هدي القران، وهذا يأكل منه، ويدل لهذين القسمين فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان قارناً، ومع ذلك أهدى وأكل من هديه، فكذلك أيضاً المتمتع.

القسم الرابع: ما ذبح نذراً.. والمنذور غير الأضحية.. والأضحية تقدم الكلام عليها، لكن ما ذبح نذراً، نقول: هذا فيه تفصيل وهو نوعان:

النوع الأول: إن كان هذا النذر لله عز وجل، مثلاً قال: لله عز وجل أن أذبح شاةً، أو: إن شفى الله مريضي ذبحت لله شاةً ونحو ذلك، فنقول: هذا لا يجوز له أن يأكل منه؛ لأنه أخرجه لله عز وجل، وكل شيءٍ أخرجه الإنسان لله عز وجل فإنه ليس له أن يأكل منه.

النوع الثاني من أنواع المنذور: ألا يقصد بالنذر وجه الله عز وجل، وإنما يقصد به الفرح والسرور، فيقول: إن نجحت ذبحت شاةً، ويقصد بذلك فرحاً وسروراً أن يأكلها هو وأهله ونحو ذلك، فهذا له أن يأكل، وحكمه حكم النذر المباح: له أن يوفي به وله أن يترك التوفية به، ويكفر عن ذلك كفارة يمين.

القسم الخامس: هدي التطوع، فهدي التطوع له أن يأكل منه؛ لما تقدم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

القسم السادس: الهدي الذي ذبحه لفعل محظور أو ترك واجب، أو بسبب الإحصار.. فالهدي الذي ذبحه لفعل محظور من المحظورات، مثلاً: إذا حلق رأسه فهو مخير بين أن يذبح شاةً أو أن يصوم ثلاثة أيام، أو أن يطعم ستة مساكين، فإذا ذبح شاةً نقول: هذه الشاة التي ذبحتها لفعل محظور من محظورات الإحرام ليس لك أن تأكل منها.

أما الذبح لترك واجب.. فإن ترك واجباً من واجبات الحج، مثل رمى الجمار، فنقول: بأنه ليس له أن يأكل من ذلك.

أما الذبح للإحصار فإن أحصر، أي: منع من إتمام النسك -والمحصر كما سبق لنا: يجب عليه أن يذبح هدياً- نقول: ليس له أن يأكل من ذلك.

القسم السابع: الهدي إذا ساقه ثم عطب، أي: مرض الهدي ونحو ذلك.. ولم يتمكن من السير، فإنه ليس له أن يأكل منه ولا رفقته، فرفقته ليس لهم أن يأكلوا منه.

القسم الثامن والأخير: العقيقة، وهذه حكمها حكم الأضحية، وقد تقدم لنا في الأضحية: أنه يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.

يستحب للحاج أن يأكل من الهدي، سواء كان تطوعاً أو واجباً، فالواجب كهدي المتعة أو القران، والتطوع: كأن اعتمر ثم أهدى للحرم، أو حج مفرداً وأهدى للحرم، فيستحب له أن يأكل، أو أنه ذبح فوق الواجب.. أي: كان متمتعاً فذبح شاتين، أو كان قارناً فذبح شاتين ونحو ذلك، نقول: يستحب له أن يأكل من هذا الهدي.

ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة، وأمر من كل بدنة بقطعة من اللحم، فوضعت في قدر فأكل من هذا اللحم وشرب من المرق؛ لأن المرق يختلط، فإذا شرب من هذا المرق فكأنه شرب من كل مرق لحم هذه الجزور، وأكل من اللحم.. فهو لا يتمكن أن يأكل مائة قطعة، لكن أكل من بعض القطع وشرب من المرق، فشربه من المرق هذا بمنزلة أكله من كل الجزور، فيستحب للإنسان إذا أهدى أن يأكل من الهدي.. إن كان هدي متعة أو قران أو تطوع، بأن زاد على هدي المتعة والقران، أو كان مفرداً أو كان معتمراً وأهدى، فيستحب له أن يأكل منه.

قال المؤلف رحمه الله: [ولا يأكل من واجبٍ إلا من هدي المتعة والقران].

هذه مسألة مهمة: ما هو الذي يأكل منه، وما هو الذي لا يأكل منه؟

نقول: هذا ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: الأضحية، فالأضحية يستحب الأكل منها ولو كانت منذورةً، أي: لو نذر أن يضحي.. فالأضحية هنا تكون واجبة بالنذر، فيستحب له أن يأكل من الأضحية، وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم.. وهدي الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقد تقدم قول المؤلف رحمه الله: (يأكل ثلثاً ويتصدق بثلث ويهدي ثلثاً).

القسم الثاني: هدي المتعة يأكل منه، ولهذا قال المؤلف: (ولا يأكل من واجبٍ إلا من هدي متعة وقران).

القسم الثالث: هدي القران، وهذا يأكل منه، ويدل لهذين القسمين فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان قارناً، ومع ذلك أهدى وأكل من هديه، فكذلك أيضاً المتمتع.

القسم الرابع: ما ذبح نذراً.. والمنذور غير الأضحية.. والأضحية تقدم الكلام عليها، لكن ما ذبح نذراً، نقول: هذا فيه تفصيل وهو نوعان:

النوع الأول: إن كان هذا النذر لله عز وجل، مثلاً قال: لله عز وجل أن أذبح شاةً، أو: إن شفى الله مريضي ذبحت لله شاةً ونحو ذلك، فنقول: هذا لا يجوز له أن يأكل منه؛ لأنه أخرجه لله عز وجل، وكل شيءٍ أخرجه الإنسان لله عز وجل فإنه ليس له أن يأكل منه.

النوع الثاني من أنواع المنذور: ألا يقصد بالنذر وجه الله عز وجل، وإنما يقصد به الفرح والسرور، فيقول: إن نجحت ذبحت شاةً، ويقصد بذلك فرحاً وسروراً أن يأكلها هو وأهله ونحو ذلك، فهذا له أن يأكل، وحكمه حكم النذر المباح: له أن يوفي به وله أن يترك التوفية به، ويكفر عن ذلك كفارة يمين.

القسم الخامس: هدي التطوع، فهدي التطوع له أن يأكل منه؛ لما تقدم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

القسم السادس: الهدي الذي ذبحه لفعل محظور أو ترك واجب، أو بسبب الإحصار.. فالهدي الذي ذبحه لفعل محظور من المحظورات، مثلاً: إذا حلق رأسه فهو مخير بين أن يذبح شاةً أو أن يصوم ثلاثة أيام، أو أن يطعم ستة مساكين، فإذا ذبح شاةً نقول: هذه الشاة التي ذبحتها لفعل محظور من محظورات الإحرام ليس لك أن تأكل منها.

أما الذبح لترك واجب.. فإن ترك واجباً من واجبات الحج، مثل رمى الجمار، فنقول: بأنه ليس له أن يأكل من ذلك.

أما الذبح للإحصار فإن أحصر، أي: منع من إتمام النسك -والمحصر كما سبق لنا: يجب عليه أن يذبح هدياً- نقول: ليس له أن يأكل من ذلك.

القسم السابع: الهدي إذا ساقه ثم عطب، أي: مرض الهدي ونحو ذلك.. ولم يتمكن من السير، فإنه ليس له أن يأكل منه ولا رفقته، فرفقته ليس لهم أن يأكلوا منه.

القسم الثامن والأخير: العقيقة، وهذه حكمها حكم الأضحية، وقد تقدم لنا في الأضحية: أنه يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [22] 2514 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [1] 2463 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [4] 2442 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [12] 2421 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [2] 2395 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [14] 2350 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2] 2350 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [1] 2311 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [23] 2306 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [6] 2300 استماع