شرح عمدة الفقه - كتاب المناسك [4]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويستحب الإكثار منها ورفع الصوت بها لغير النساء، وهي آكد فيما إذا علا نشزاً أو هبط وادياً، أو سمع ملبياً أو فعل محظوراً ناسياً أو لقي ركباً، وفي أدبار الصلاة المكتوبة وبالأسحار وإقبال الليل والنهار].

تقدم لنا في الدرس السابق شيءٌ من سنن الإحرام وآدابه، وذكر المؤلف رحمه الله من هذه السنن الاغتسال وما يتعلق به من حيث الكيفية والحكم، وكذلك أيضاً التنظف بأخذ سنن الفطرة، وهل هو من سنن الإحرام؟ وهل يشرع للإحرام صلاة خاصة؟

وتكلمنا في آخر ما تكلمنا عليه ما يتعلق بالتلبية ومتى تشرع، وأن العلماء رحمهم الله اختلفوا في ذلك على أقوال: القول الأول: أنه يبدأ بالإهلال دبر الصلاة.

والقول الثاني: أنه يبدأ إذا استوت به راحلته.

والقول الثالث: أنه يبدأ إذا بدأ بالمسير.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الدرس شيئاً من الأحكام المتعلقة بالتلبية؛ فذكر ما يتعلق برفع الصوت، وأيضاً متى تتأكد التلبية.

الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها

فنقول: يشرع الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها، ويدل لهذا حديث السائب بن خلاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ) وهذا أخرجه الترمذي وصححه، وبقول أنس رضي الله عنه في صحيح البخاري : سمعتهم يصرخون بها صراخاً، وكذلك أيضاً ذكر جابر رضي الله تعالى عنه: أن حلوقهم كانت تبح من رفع أصواتهم بالإهلال.

ورفع الصوت بالتلبية هذا باتفاق الأئمة.

أوقات تتأكد فيها التلبية

وذكر المؤلف رحمه الله تعالى بأن التلبية تتأكد إذا علا نشزاً أو هبط وادياً، أو صلى مكتوبةً، أو أقبل ليل أو نهار، أو التقت الرفاق أو سمع ملبياً.

وما ذكره المؤلف رحمه الله دليله ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يلبي راكباً ونازلاً ومضطجعاً، وهذا أخرجه البيهقي ، وكذلك أيضاً روى سعيد بن منصور كما روى خيثمة بن أبي سبرة ، يقول: كان أصحاب عبد الله -يعني: عبد الله بن مسعود - يلبون إذا هبطوا وادياً، أو أشرفوا على أكمةٍ، أو لقوا ركباً، وبالأسحار ودبر الصلاة.

تلبية النساء

كذلك أيضاً الرجل يصوت بها، وأما المرأة فإنها تخفيها، ولا تجهر بها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها، لأن أمر المرأة مبني على الحشمة والحياء والستر.

فنقول: يشرع الإكثار من التلبية ورفع الصوت بها، ويدل لهذا حديث السائب بن خلاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ) وهذا أخرجه الترمذي وصححه، وبقول أنس رضي الله عنه في صحيح البخاري : سمعتهم يصرخون بها صراخاً، وكذلك أيضاً ذكر جابر رضي الله تعالى عنه: أن حلوقهم كانت تبح من رفع أصواتهم بالإهلال.

ورفع الصوت بالتلبية هذا باتفاق الأئمة.

وذكر المؤلف رحمه الله تعالى بأن التلبية تتأكد إذا علا نشزاً أو هبط وادياً، أو صلى مكتوبةً، أو أقبل ليل أو نهار، أو التقت الرفاق أو سمع ملبياً.

وما ذكره المؤلف رحمه الله دليله ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يلبي راكباً ونازلاً ومضطجعاً، وهذا أخرجه البيهقي ، وكذلك أيضاً روى سعيد بن منصور كما روى خيثمة بن أبي سبرة ، يقول: كان أصحاب عبد الله -يعني: عبد الله بن مسعود - يلبون إذا هبطوا وادياً، أو أشرفوا على أكمةٍ، أو لقوا ركباً، وبالأسحار ودبر الصلاة.

كذلك أيضاً الرجل يصوت بها، وأما المرأة فإنها تخفيها، ولا تجهر بها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها، لأن أمر المرأة مبني على الحشمة والحياء والستر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب محظورات الإحرام].

بعد أن ذكر المؤلف ما يتعلق بالإحرام وآدابه شرع رحمه الله فيما يتعلق محظورات الإحرام.

المحظورات، أي: المحرمات، وقوله: (الإحرام) هذا سبق بيانه، فالمراد بهذا الباب: المحرمات بسبب الإحرام، وتقدم أن ذكرنا أن المحرم إذا دخل في النسك، فإنه يحرم على نفسه شيئاً من المباحات التي كانت مباحة له قبل دخوله في النسك، فقولنا: المحظورات، أي: المحرمات بسبب الإحرام.

والحكمة من تحريم هذه الأشياء على المحرم هي: البعد عن الترفه، وتربية النفس على التقشف والاتصاف بصفة الخاشع، ولكي يتذكر بتجرده عن المخيط القدوم على ربه عز وجل فيكون أقرب إلى مراقبته. وكذلك أيضاً من الحكم: استكمال العبادة في جميع البدن. ومن الحكم أيضاً: أن الإنسان إذا أحرم فإنه ينبه نفسه أنه في عبادة لا ينبغي له أن يشتغل إلا بها.

ثم قال المؤلف رحمه الله: [وهي تسعة].

يعني: أن محظورات الإحرام تسعة أشياء، وهذا الحصر بناءً على استقراء العلماء رحمهم الله؛ فإن العلماء رحمهم الله استقرؤوا الأدلة، فتلخص لهم من الأدلة أنها تسعة محظورات، وسيأتي إن شاء الله بيانها.

وهل فعل شيءٍ من هذه المحظورات محرم؟ يعني: هل يأثم الإنسان إذا فعل شيئاً من هذه المحظورات؟ نقول بأن فعل هذه المحظورات ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: أن يفعلها لحاجة، فهذا لا إثم عليه، وإنما تجب عليه الفدية كما سيأتي إن شاء الله بيانها.

القسم الثاني: أن يفعلها لغير حاجة، فهذا يأثم.

قال المؤلف رحمه الله: [ الأول والثاني: حلق الشعر].

هذا المحظور الأول من محظورات الإحرام وهو حلق الشعر، وظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أن حلق الشعر من جميع البدن من محظورات الإحرام، سواء حلقه من الرأس، أو حلقه من الأماكن التي يشرع أخذ الشعر منها، كسنن الفطرة: قص الشارب، ونتف الإبط، وحلق العانة، أو حلقه من بقية البدن.

واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] فقالوا: إن الله عز وجل نص على حلق الرأس، وأُلحق بقية الشعر بالرأس، وجمهور أهل العلم رحمهم الله يتفقون على أن حلق الشعر من جميع البدن -سواء كان من الرأس أو من بقية البدن- أنه من محظورات الإحرام.

وإن كانوا يختلفون في تحديد المحظور إلا أنهم يتفقون من حيث الجملة أن حلق الشعر يشمل كل البدن، ولا يختص ذلك بالرأس. وهذا الرأي الأول.

والرأي الثاني: وهو رأي ابن حزم رحمه الله أن حلق الشعر الذي هو محظور من محظورات الإحرام إنما هو حلق شعر الرأس فقط، أما أخذ الشعر من بقية البدن فإنه ليس من محظورات الإحرام؛ لأن النص إنما ورد في شعر الرأس فقط.

والقول بأن النص إنما ورد في شعر الرأس فقط هذا غير مسلم؛ فإن الله عز وجل قال: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29] وقضاء التفث هذا إنما يكون يوم النحر عند التحلل، وقد فسره جمع من العلماء كـمحمد بن كعب وغيره: أن قضاء التفث المراد به حلق العانة ونتف الإبط والأخذ من الشارب وقص الأظفار.. هكذا فسره طوائف من أئمة اللغة وجمع من المفسرين، فدل ذلك -أعني تفسير قوله سبحانه وتعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ)- أنه كان ممنوعاً من هذه الأشياء قبل تحلله.

وعلى هذا نقول: الشَّعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: شعر الرأس، وهذا لا إشكال في أنه من محظورات الإحرام، والاتفاق واقع على ذلك.

القسم الثاني: الشعر الذي يشرع أخذه وندب الشارع إلى أخذه، كشعر الإبط والشارب والعانة، فهذه أيضاً دل قول الله عز وجل: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج:29] على أنه أيضاً من محظورات الإحرام.

القسم الثالث: الشعر من بقية البدن، فهذا لا دليل على أنه محظور من محظورات الإحرام، ولكن الأولى والأحسن بالمسلم أن يترك ذلك؛ لأنه كما سبق أن الأئمة الأربعة رحمهم الله كلهم يتفقون على أنه من محظورات الإحرام، وإن كان يختلفون في شيءٍ من التفاصيل.

وقول المؤلف رحمه الله: (حلق الشعر) يشمل ما إذا نتفه، يعني: سواء كان حلقاً، أو كان ذلك عن طريق النتف، أو كان ذلك عن طريق القص، فهذا كله لا يجوز لعموم قول الله عز وجل: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] وسيأتينا إن شاء الله ما هو الشعر الذي إذا حلق ترتبت الفدية في حلقه، ولكن هنا بينا: هل حلق الشعر أو قص الشعر من محظورات الإحرام أو لا؟ وتلخص لنا أن الشعر ينقسم إلى هذه الأقسام الثلاثة.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [22] 2512 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [1] 2460 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [4] 2430 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [12] 2419 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [2] 2392 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [14] 2348 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الطهارة [2] 2347 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب النكاح [1] 2307 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الصلاة [23] 2302 استماع
شرح عمدة الفقه - كتاب الزكاة [6] 2295 استماع