شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [5]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر.

باب القطع في السرقة:

إذا أخذ الملتزم نصاباً من حرز مثله من مال معصوم لا شبهة له فيه على وجه الاختفاء قطع، فلا قطع على منتهب، ولا مختلس، ولا غاصب، ولا خائن في وديعة، أو عارية أو غيرها، ويقطع الطرار الذي يبط الجيب أو غيره ويأخذ منه.

ويشترط أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو ولا محرم كالخمر، ويشترط أن يكون نصاباً وهو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، أو عرض قيمته كأحدهما، وإذا نقصت قيمة المسروق أو ملكها السارق لم يسقط القطع، وتعتبر قيمتها وقت إخراجها من الحرز، فلو ذبح فيه كبشاً، أو شق فيه ثوباً فنقصت قيمته عن نصاب ثم أخرجه، أو أتلف فيه المال لم يقطع، وأن يخرجه من الحرز، فإن سرقه من غير حرز فلا قطع، وحرز المال ما العادة حفظه فيه ويختلف باختلاف الأموال والبلدان، وعدل السلطان وجوره، وقوته وضعفه، فحرز الأموال والجواهر، والقماش في الدور والدكاكين والعمران، وراء الأبواب والأغلاق الوثيقة، وحرز البقل وقدور الباقلاء ونحوهما وراء الشرائج إذا كان في السوق حارس، وحرز الحطب والخشب الحظائر، وحرز المواشي الصير، وحرزها في المرعى بالراعي، ونظره إليها غالباً ].

تقدم لنا بقية الكلام على حد القذف، وذكرنا ما يتعلق بالتعريض بالزنا، وهل يجب فيه الحد أو لا يجب فيه الحد؟ وأن جمهور أهل العلم رحمهم الله لا يوجبون فيه الحد بخلاف الإمام مالك رحمه الله.

وأيضاً: سبق لنا ما يتعلق بحد المسكر، وما هو المسكر؟ وهل عقوبة شرب المسكر حد أو تعزير؟ وإذا قلنا: إنها حد فما قدرها عند العلماء رحمهم الله تعالى؟ ومتى يحرم العصير؟ ومتى يحرم النبيذ؟

وتقدم لنا أيضاً التعزير وذكرنا تعريفه، ومتى يجب التعزير، أو ما هي الذنوب التي يجب فيها التعزير؟ وأن المؤلف رحمه الله ذكر ضابطاً، وأن التعزير يجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة.

أنواع التعزير

وذكرنا أن عقوبة التعزير تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: التعزير بالجلد، وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يزاد على عشر جلدات، كما في حديث أبي بردة رضي الله تعالى عنه.

والرأي الثاني: أنه لا يبلغ بالتعزير جلداً أدنى الحدود؛ لحديث النعمان : ( من بلغ حداً في غير حد فهو من الآثمين )، لكنه ضعيف.

وذكرنا الرأي الثالث: وأنه لا حد له فيما يتعلق بالجلد؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

وتقدم لنا أن المشهور من المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات، إلا أنهم استثنوا من ذلك صوراً، وأن مذهب الحنفية والشافعية أنه لا يبلغ بها أدنى الحدود، وعند الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه غير مقدر لورود ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

القسم الثاني: التعزير بالقتل، هل يعزر بالقتل أو لا يعزر بالقتل؟ تكلمنا عن هذه المسألة.

القسم الثالث: التعزير بقطع الأطرف، وإذهاب المنافع، وحلق اللحية ونحو ذلك، كقطع اليد، أو الإصبع، والتعزير بإذهاب المنافع كإذهاب منفعة السمع، أو البصر، أو حلق اللحية فهذا يحرم ولا يجوز؛ لأنه من المثلة، والنبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن المثلة )، ولأن التعزير بمثل هذه الأشياء لم يرد.

القسم الرابع: التعزير بأخذ المال وإتلافه، وللعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رأيان:

الرأي الأول وهو قول أكثر أهل العلم في الجملة: أنه لا يجوز التعزير بأخذ المال وإتلافه، واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام )، فالأصل في مال المسلم الحرمة.

الرأي الثاني: أنه يجوز التعزير بأخذ المال وإتلافه، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأيده ابن القيم رحمه الله، وذكر له أدلة كثيرة، ومن أدلته: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )، فهنا التحريق بالنار فيه التعزير بإتلاف المال، والتعزير بالقتل.

ومن الأدلة على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة: ( فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا )، فقوله: (فإنا آخذوها)، أي: الزكاة، وشطر ماله، أي: المال الذي منع زكاته، وأخذ شطر المال هو من قبيل التعزير.

ومن الأدلة على ذلك: تحريق مسجد الضرار، فإنه ضرب من ضروب التعزير.

ومن الأدلة على ذلك: كسر أوعية الخمر، ونحو ذلك.

حكم الاستمناء

قال رحمه الله: (ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر)؛ لأنه معصية، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6]، فالأصل هو حفظ الفرج إلا من الزوجة، أو ملك اليمين: السرية، فيقول المؤلف رحمه الله: إذا كان لغير حاجة فإنه يعزر، لكن إذا احتاج إلى ذلك، كأن يخاف على نفسه من الزنا، فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن مفسدة الزنا أعظم من مفسدة الاستمناء، فتدرأ أعلى المفسدتين بأخفهما؛ لأن الأصل حفظ الفرج، لما ذكرنا من الدليل، وحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )، فيدخل في ذلك حفظها من الاستمناء، وكما قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: إنه نوع من استمتاع الإنسان بنفسه.

وذكرنا أن عقوبة التعزير تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: التعزير بالجلد، وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يزاد على عشر جلدات، كما في حديث أبي بردة رضي الله تعالى عنه.

والرأي الثاني: أنه لا يبلغ بالتعزير جلداً أدنى الحدود؛ لحديث النعمان : ( من بلغ حداً في غير حد فهو من الآثمين )، لكنه ضعيف.

وذكرنا الرأي الثالث: وأنه لا حد له فيما يتعلق بالجلد؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

وتقدم لنا أن المشهور من المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات، إلا أنهم استثنوا من ذلك صوراً، وأن مذهب الحنفية والشافعية أنه لا يبلغ بها أدنى الحدود، وعند الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه غير مقدر لورود ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

القسم الثاني: التعزير بالقتل، هل يعزر بالقتل أو لا يعزر بالقتل؟ تكلمنا عن هذه المسألة.

القسم الثالث: التعزير بقطع الأطرف، وإذهاب المنافع، وحلق اللحية ونحو ذلك، كقطع اليد، أو الإصبع، والتعزير بإذهاب المنافع كإذهاب منفعة السمع، أو البصر، أو حلق اللحية فهذا يحرم ولا يجوز؛ لأنه من المثلة، والنبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن المثلة )، ولأن التعزير بمثل هذه الأشياء لم يرد.

القسم الرابع: التعزير بأخذ المال وإتلافه، وللعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رأيان:

الرأي الأول وهو قول أكثر أهل العلم في الجملة: أنه لا يجوز التعزير بأخذ المال وإتلافه، واستدلوا على ذلك بقول الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام )، فالأصل في مال المسلم الحرمة.

الرأي الثاني: أنه يجوز التعزير بأخذ المال وإتلافه، وهذا الذي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأيده ابن القيم رحمه الله، وذكر له أدلة كثيرة، ومن أدلته: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار )، فهنا التحريق بالنار فيه التعزير بإتلاف المال، والتعزير بالقتل.

ومن الأدلة على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة: ( فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا )، فقوله: (فإنا آخذوها)، أي: الزكاة، وشطر ماله، أي: المال الذي منع زكاته، وأخذ شطر المال هو من قبيل التعزير.

ومن الأدلة على ذلك: تحريق مسجد الضرار، فإنه ضرب من ضروب التعزير.

ومن الأدلة على ذلك: كسر أوعية الخمر، ونحو ذلك.

قال رحمه الله: (ومن استمنى بيده بغير حاجة عزر)؛ لأنه معصية، ويدل لذلك قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6]، فالأصل هو حفظ الفرج إلا من الزوجة، أو ملك اليمين: السرية، فيقول المؤلف رحمه الله: إذا كان لغير حاجة فإنه يعزر، لكن إذا احتاج إلى ذلك، كأن يخاف على نفسه من الزنا، فإن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن مفسدة الزنا أعظم من مفسدة الاستمناء، فتدرأ أعلى المفسدتين بأخفهما؛ لأن الأصل حفظ الفرج، لما ذكرنا من الدليل، وحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )، فيدخل في ذلك حفظها من الاستمناء، وكما قال ابن عقيل رحمه الله تعالى: إنه نوع من استمتاع الإنسان بنفسه.

قال رحمه الله: (باب القطع في السرقة:

إذا أخذ الملتزم نصاباً).

تعريف السرقة وحكمها

السرقة في اللغة: تدل على الاستتار والاستخفاء، وأخذ الشيء خفية. وأما في الاصطلاح فهي: أخذ مال من مالكه، أو نائبه على وجه الاختفاء من حرز مثله.

والسرقة محرمة في سائر الشرائع.

وحفظ المال متفق عليه فيها، ويدل على التحريم قول الله عز وجل: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38]. وأيضاً قول الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188].

وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده ).

والإجماع قائم على ذلك، لما في ذلك من الفساد، وعدم انتظام الأمور، وأمن الناس على أموالهم وممتلكاتهم، ولهذا وجبت فيه هذه العقوبة المغلظة، وهي قطع هذا الطرف الفاسد.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2725 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2639 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2549 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2524 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2518 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2493 استماع