خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [13]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله: [ولا تمر بلا نوى بما فيه نوى، ويباع النوى بتمر فيه نوى، ولبن وصوف بشاة ذات لبن وصوف، ومرد الكيل لعرف المدينة، والوزن لعرف مكة زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وما لا عرف له هناك اعتبر عرفه في موضعه.
فصل: ويحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقداً كالمكيلين والموزونين، وإن تفرقا قبل القبض بطل، وإن باع مكيلاً بموزون جاز التفرق قبل القبض والنسأ وما لا كيل فيه ولا وزن كالثياب والحيوان يجوز فيه النسأ، ولا يجوز بيع الدين بالدين.
فصل: أحكام الصرف، ومتى افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض بطل العقد فيما لم يقبض، والدراهم والدنانير تتعين بالتعيين في العقد فلا تبدل، وإن وجدها مغصوبة بطل ومعيبة من جنسها أمسك أو رد، ويحرم الربا بين المسلم والحربي وبين المسلمين مطلقاً بدار إسلام وحرب.
باب بيع الأصول والثمار: إذا باع دار شمل أرضها وبناءها وسقفها والباب المنصوب والسلم والرف المسمرين والخابية المدفونة دون ما هو مودع فيها من كنز وحجر ومنفصل منها كحبل ودلو وبكرة وقفل وفرش ومفتاح].
تقدم لنا فيما سلف تعريف الجنس، وكذلك أيضاً تعريف النوع، وأن الجنس هو اسم خاص يشمل أشياء مختلفة في أنواعه، وأما النوع فهو ما يشمل أشياء مختلفة بأشخاص، وذكرنا فائدة معرفة الأجناس والأنواع، يعني إذا حكمنا بأن هذا جنس فإنك إذا بادلته بجنس آخر جاز التفاضل، وأما إذا حكمنا بأنه نوع فإنك إذا بادلته بنوع آخر لم يجز التفاضل، هذه فائدة معرفة الجنس والنوع، وتقدم لنا ما يتعلق بمسألة مد عجوة ودرهم، وذكرنا أن لها صورتين، وأن ضابطها مبادلة ربوي بجنسه، ومع أحدهما، أو مع كل منهما من غير جنسهما، كأن يبادل الذهب بذهب آخر معه ريالات، ذهب قديم بذهب جديد، ومع أحدهما ريالات، نقول بأن هذا غير جائز؛ لأنه داخل في مسألة مد عجوة ودرهم.
كذلك أيضاً تقدم لنا ما يتعلق بمسألة المحاقلة، والمزابنة، والعرايا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا تمر بلا نوى بما فيه نوى).
لا يباع تمر نزع نواه بتمر فيه نوى؛ لأن التساوي هنا متعذر، والتمر بالتمر لا بد أن يكون يداً بيد مثلاً بمثل، فأحدهما اشتمل على ما ليس من جنسه، فالتساوي هنا غير موجود فلا يصح.
قال المؤلف رحمه الله: (ويباع النوى بتمر فيه نوى) لاختلاف الجنس، النوى بالتمر الجنس هنا مختلف، فيجوز التفاضل، وقوله: (فيه نوى) النوى ليس مقصوداً في الجنس الآخر، ولهذا قال: يباع النوى بتمر، المقصود هو التمر فيه نوى، جاء على سبيل التبع وليس مقصوداً، وسبق أن ذكرنا في مسألة مد عجوة ودرعة أنه إذا كان التابع ليس مقصوداً فإنه لا يضر فيها النوى، ليس مقصوداً يباع النوى بتمر فيه نوى، فالنوى مع التمر مع الجنس الآخر هذا ليس مقصوداً، وإذا كان التابع للربوي ليس مقصوداً فإنه لا يضر.
كذلك أيضاً قال المؤلف رحمه الله: (ولبن وصوف بشاة ذات لبن وصوف)، يبيع اللبن، والصوف على المذهب ربوي لأنه موزون، واللبن ربوي لأنه مكيل على المذهب، (بشاة) الشاة هذه ليست ربوية فيصح ذلك، وقوله: (ذات لبن وصوف) اللبن في الشاة هل هو مقصود أو ليس مقصوداً؟ ليس مقصوداً، والصوف أيضاً ليس مقصوداً، فالمبادلة هنا حصلت للبن والصوف بالشاة، وأما وجود الصوف مع الجنس الآخر، أو وجود اللبن مع الجنس الآخر فهذا ليس مقصوداً، وهذا لا يضر، كما أسلفنا أنه عند مبادلة ربوي بجنس، وإذا كان أحدهما ليس مقصوداً فإنه لا يضر مع أن الربوي هنا ليس مقصوداً التابع هنا لبن وصوف بشاة ذات لبن وصوف، واللبن والصوف هذا مع الجنس الآخر ليس مقصوداً والمقصود هو الشاة وهنا بادل مكيلاً أو موزوناً بمعدود وهذا لا يضر.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (ومرد الوزن لعرف مكة زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وما لا عرف له هناك اعتبر عرفه في موضعه).
هذا من الضوابط الربوية، سبق أن ذكرنا جملة من الضوابط الربوية، ومن الضوابط التي ذكرنا أنه إذا اشترط التساوي عند مبادلة جنس ربوي بمثله فإنه لابد أن يكون التساوي بالمعيار الشرعي، كيلاً في المكيلات ووزناً في الموزونات، وهنا أراد المؤلف رحمه الله أن يبين لنا ما هو ضابط المكيلات؟ وما هو ضابط الموزونات؟ فعندما نبادل ربوياً بجنسه يشترط التساوي، والتساوي هنا لابد أن يكون بالمعيار الشرعي، لكن ما هو المعيار الشرعي؟ ما هي التي تضبط بالكيل؟ وما هي التي تضبط بالوزن؟
قال المؤلف رحمه الله: (ومرد الوزن بعرف مكة زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والكيل مرده لعرف المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم) وعلى هذا ما كان مكيلاً في عهد النبي صل الله عليه وسلم في المدينة فهو مكيل إلى يوم القيامة، وما كان موزوناً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فهو موزون إلى يوم القيامة، ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المكيال مكيال أهل المدينة، والميزان ميزان أهل مكة ).
وقوله: (ما لا عرف له هناك) الذي ليس له عرف في مكة وفي المدينة، قال: نعتبره عرفاً في موضعه، يعني إذا وجدنا شيئاً ليس له عرف، لا في مكة، ولا في المدينة، فيقول المؤلف رحمه الله: (اعتبر عرفه في موضعه) مثلاً هناك شيء من المطعومات ليس له عرف في مكة أنه موزون، وفي المدينة ليس له عرف أنه مكيل نعتبر عرفه في موضعه، فإذا كان في موضعه مكيل فهو مكيل، وإذا كان في موضعه موزون فهو موزون، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهذا قول الشافعية.
الرأي الثاني في المسألة: رأي الحنفية، يقولون: الأصناف الستة موزونة ومكيلة: الذهب والفضة موزونان، والأصناف الأربعة السابقة مكيلة، وما عدا الأصناف الستة يرجع في ذلك إلى العرف، إلى أعراف الناس، لكن هذا يختلف فمثلاً: الأرز يرجع إلى عرف الناس، وعرف الناس يختلف باختلاف الزمان والمكان، فما تعارف عليه الناس أنه مكيل فهو مكيل، وما تعارف عليه الناس أنه موزون فهو موزون، فمثلاً الذرة والدخن التي لم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء نرجع إلى أعراف الناس.
وعلى كل حال: العلماء رحمهم الله ضبطوا هذه الأشياء، يعني المكيلات والموزونات وجعلوا لها ضوابط، فعندك أولاً الحبوب كلها مكيلة، ثانياً: الثمار مكيلات مثل التمر، اللوز، الجوز، التين، العنب، هذه مكيلات.
ثالثاً: سائر المائعات مكيلات مثل اللبن والحليب والدهن، هذه مكيلات.
رابعاً: الذهب والفضة موزونان.
خامساً: بقية المعادن موزونة مثل الحديد، والرصاص، والنحاس، والصفر.. إلخ.
سادساً: اللحم، والشحم، والسكر، ونحو ذلك هذه موزونة.
سابعاً: الصوف، والوبر، والشعر، والحرير، والكتان، هذه موزونة، هذا على القول بأن العلة هي الكيل والوزن، ولكن لو قلنا: إن العلة هي الثمنية، والاقتيات والادخار، فهذه الضوابط لا نحتاج إليها.
فعلى القول بأن العلة هي الكيل والوزن، فالأمر ظاهر، وعلى القول أن العلة هي الثمنية ما نحتاج إلى معرفة الوزن في الحديد والصفر والنحاس؛ لأن الربا لا يأتي في مثل هذه الأشياء، ولا نحتاج إلى معرفة الوزن في الشعر والصوف والقطن والكتان؛ لأن هذه الأشياء لا يجري فيها الربا؛ ولأننا نحتاج أن نعرف أنها موزونة وأن معيارها الوزن، لكن الذي يجري فيه الربا يحتاج إلى أن نعرف معياره، فمثلاً: البر والشعير والأرز والدخن، والثمار، كما سلف نحتاج أن نعرف معياره، وأيضاً اللحم والشحم نحتاج أن نعرف معياره، وأيضاً الذهب والفضة نحتاج أن نعرف معياره، فالذي يجري فيه الربا هو الذي نحتاج أن نعرف معياره.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فصل: ويحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل).
تعريف النسيئة لغة واصطلاحاً
الضابط الثامن: كل عوضين اختلفا في العلة فإننا لا نشترط شيئاً، مثال ذلك: ذهب بأرز، الذهب ربوي، لكنهما يختلفان في العلة، فنقول: لا نشترط، بع كيف شئت، لا يشترط التساوي، ولا يشترط أيضاً التقابض.
مثال آخر: أرز بريالات، كل منهما ربوي، لكنهما يختلفان في العلة، الأرز علته الاقتيات والادخار أو الطعم مع الكيل، والريالات علتها الثمنية.
الضابط التاسع: إذا تخلفت العلة في أحد العوضين، أو في كل منهما فإننا لا نشترط شيئاً، مثال ذلك: كتب بريالات، الريالات فيها العلة موجودة، وهي الثمنية، لكن الكتب العلة فيها ليست موجودة، فليست ثمناً، وليست مطعومة.. مكيلة.. ليست مقتاتة مدخرة فعلة الربا تخلفت عنها، فنقول: لا نشترط شيئاً. أيضاً إذا تخلفت العلة عن كل من العوضين فإننا لا نشترط شيئاً، مثاله: كتب بسيارات أو ثلاجات، تخلفت العلة في كل من العوضين، فلا نشترط شيئاً، بع كيف شئت، فيجوز التفاضل، ويجوز أيضاً تأخير القبض.
العلة في تحريم ربا النسيئة
قوله: (اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقداً) لماذا قال المؤلف رحمه الله: ليس أحدهما نقداً؟ يعني: إذا كان أحد العوضين نقداً، مع أنهما يتفقان في العلة، يقول المؤلف رحمه الله: يجوز تأخير القبض، لأنه لو اشترط التقابض لانسد باب السلم في الموزونات، فعلى المذهب هم يستثنون. والأصل أنك إذا بادلت ربوياً بربوي آخر يتفق معه في العلة ويختلف معه في الجنس فإنه يشترط التقابض، واستثنى المؤلف رحمه الله هذه المسألة، فقال: (ليس أحدهما نقداً) لو كان أحدهما نقداً لا بأس في التأخير، مثال ذلك: ذهب بحديد يتفقان في العلة على المذهب، كل منهما موزون، الذهب موزون والحديد أيضاً موزون، فيتفقان في العلة، ومع ذلك يقول المؤلف: يجوز التأخير، مع أن الأصل أنهما إذا اتفقا في العلة لا يجوز التأخير فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )، ومع ذلك قال المؤلف رحمه الله: يجوز التأخير، لماذا جوز ذلك؟ قالوا: لئلا ينسد باب السلم في الموزونات، والسلم جائز كما في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهذا مما يضعف التعليل بالوزن. ابن القيم رحمه الله رد التعليل بالوزن بأنه يصادم حديث ابن عباس الذي فيه جواز السلم، فتعطيه ذهباً وتأخذ حديداً، يقول: لو أن العلة هي الوزن، ما كان هناك سلم، لابد من التقابض، ولذلك المؤلف رحمه الله لكي لا يورد سد باب السلف في الموزونات، قال: إذا كان أحدهما نقداً، فإنه لا بأس، وإذا كان كل منهما نقداً فإنه لا يجوز.
قال: (كالمكيلين والموزونين) المكيلان مثل بر شعير، المكيلان يتفقان في العلة فيجب التقابض. والموزونان مثل الحديد بشعر، كل منهما موزون فيجب التقابض.
قال رحمه الله: (وإن تفرقا قبل القبض بطل).
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ).
بيع المكيل بالموزون
وهذا أشرنا إليه أنه إذا اختلفت العلة فإنه لا يشترط شيء، حتى إذا بادلت ربوياً بربوي آخر لكنهما يختلفان في العلة لا يشترط شيء، فمثلاً بر بحديد، أو ذهب بقطن، أو ذهب بدخن، يختلفان في العلة؛ البر بالحديد، البر علته تخالف علة الحديد، بع كيف شئت لا يشترط شيء، أيضاً ريالات بدخن، العلة هنا مختلفة بع كيف شئت.
قوله: (وإن باع مكيلاً بموزون) ذهب بأرز بع كيف شئت؛ لأنهما يختلفان في العلة.
قوله: (جاز التفرق قبل القبض والنسيء)، ويجوز أيضاً التفاضل من باب أولى.
بيع ما لا كيل فيه
ما لا كيل فيه هذا أيضاً ذكرناه من الضوابط، وهو إذا تخلفت العلة في العوضين، أو في أحدهما فإنه لا نشترط شيئاً.
قوله: (كالثياب)، مع الكتب كل منهما ليس ربوياً فلا نشترط شيئاً، تخلفت العلة في أحدهما كالثياب مع الريالات أحدهما ليس ربوياً وهو الثياب، لا نشترط شيئاً، قال: (يجوز فيه النسأ).
النسيئة في اللغة: التأخير، وأما في الاصطلاح: فهو تأخير القبض في أحد العوضين اللذين اشتملا على علة ربا الفضل، مثال ذلك: ذهب مع فضة يجب أن يكون يداً بيد، ريالات سعودية بجنيهات مصرية يجب أن يكون يداً بيد؛ لأن العوضين اشتملا على علة ربا الفضل، وهي في الذهب والفضة الثمن، وفي البر والشعير الكيل مع الطعم، أو الكيل مع الاقتيات والادخار، على حسب خلاف العلماء رحمهم الله تعالى، وعلى هذا نقول: من الضوابط، وهو الضابط السابع: كل ربويين اتفقا في العلة واختلفا في الجنس، فإننا نشترط شرطاً واحداً فقط وهو الحلول والتقابض.
الضابط الثامن: كل عوضين اختلفا في العلة فإننا لا نشترط شيئاً، مثال ذلك: ذهب بأرز، الذهب ربوي، لكنهما يختلفان في العلة، فنقول: لا نشترط، بع كيف شئت، لا يشترط التساوي، ولا يشترط أيضاً التقابض.
مثال آخر: أرز بريالات، كل منهما ربوي، لكنهما يختلفان في العلة، الأرز علته الاقتيات والادخار أو الطعم مع الكيل، والريالات علتها الثمنية.
الضابط التاسع: إذا تخلفت العلة في أحد العوضين، أو في كل منهما فإننا لا نشترط شيئاً، مثال ذلك: كتب بريالات، الريالات فيها العلة موجودة، وهي الثمنية، لكن الكتب العلة فيها ليست موجودة، فليست ثمناً، وليست مطعومة.. مكيلة.. ليست مقتاتة مدخرة فعلة الربا تخلفت عنها، فنقول: لا نشترط شيئاً. أيضاً إذا تخلفت العلة عن كل من العوضين فإننا لا نشترط شيئاً، مثاله: كتب بسيارات أو ثلاجات، تخلفت العلة في كل من العوضين، فلا نشترط شيئاً، بع كيف شئت، فيجوز التفاضل، ويجوز أيضاً تأخير القبض.
قوله: (ويحرم ربا النسيئة في بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل) ربا النسيئة محرم بالإجماع، ويدل على ذلك حديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ربا إلا في النسيئة، إنما الربا في النسيئة ).
قوله: (اتفقا في علة ربا الفضل ليس أحدهما نقداً) لماذا قال المؤلف رحمه الله: ليس أحدهما نقداً؟ يعني: إذا كان أحد العوضين نقداً، مع أنهما يتفقان في العلة، يقول المؤلف رحمه الله: يجوز تأخير القبض، لأنه لو اشترط التقابض لانسد باب السلم في الموزونات، فعلى المذهب هم يستثنون. والأصل أنك إذا بادلت ربوياً بربوي آخر يتفق معه في العلة ويختلف معه في الجنس فإنه يشترط التقابض، واستثنى المؤلف رحمه الله هذه المسألة، فقال: (ليس أحدهما نقداً) لو كان أحدهما نقداً لا بأس في التأخير، مثال ذلك: ذهب بحديد يتفقان في العلة على المذهب، كل منهما موزون، الذهب موزون والحديد أيضاً موزون، فيتفقان في العلة، ومع ذلك يقول المؤلف: يجوز التأخير، مع أن الأصل أنهما إذا اتفقا في العلة لا يجوز التأخير فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )، ومع ذلك قال المؤلف رحمه الله: يجوز التأخير، لماذا جوز ذلك؟ قالوا: لئلا ينسد باب السلم في الموزونات، والسلم جائز كما في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهذا مما يضعف التعليل بالوزن. ابن القيم رحمه الله رد التعليل بالوزن بأنه يصادم حديث ابن عباس الذي فيه جواز السلم، فتعطيه ذهباً وتأخذ حديداً، يقول: لو أن العلة هي الوزن، ما كان هناك سلم، لابد من التقابض، ولذلك المؤلف رحمه الله لكي لا يورد سد باب السلف في الموزونات، قال: إذا كان أحدهما نقداً، فإنه لا بأس، وإذا كان كل منهما نقداً فإنه لا يجوز.
قال: (كالمكيلين والموزونين) المكيلان مثل بر شعير، المكيلان يتفقان في العلة فيجب التقابض. والموزونان مثل الحديد بشعر، كل منهما موزون فيجب التقابض.
قال رحمه الله: (وإن تفرقا قبل القبض بطل).
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ).
قال رحمه الله: (وإن باع مكيلاً بموزون جاز التفرق قبل القبض والنسأ).
وهذا أشرنا إليه أنه إذا اختلفت العلة فإنه لا يشترط شيء، حتى إذا بادلت ربوياً بربوي آخر لكنهما يختلفان في العلة لا يشترط شيء، فمثلاً بر بحديد، أو ذهب بقطن، أو ذهب بدخن، يختلفان في العلة؛ البر بالحديد، البر علته تخالف علة الحديد، بع كيف شئت لا يشترط شيء، أيضاً ريالات بدخن، العلة هنا مختلفة بع كيف شئت.
قوله: (وإن باع مكيلاً بموزون) ذهب بأرز بع كيف شئت؛ لأنهما يختلفان في العلة.
قوله: (جاز التفرق قبل القبض والنسيء)، ويجوز أيضاً التفاضل من باب أولى.
قال رحمه الله: (وما لا كيل فيه ولا وزن كالثياب والحيوان يجوز فيه النسأ).
ما لا كيل فيه هذا أيضاً ذكرناه من الضوابط، وهو إذا تخلفت العلة في العوضين، أو في أحدهما فإنه لا نشترط شيئاً.
قوله: (كالثياب)، مع الكتب كل منهما ليس ربوياً فلا نشترط شيئاً، تخلفت العلة في أحدهما كالثياب مع الريالات أحدهما ليس ربوياً وهو الثياب، لا نشترط شيئاً، قال: (يجوز فيه النسأ).
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |