خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [11]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والإقالة فسخ تجوز قبل قبض المبيع بمثل الثمن، ولا خيار فيها ولا شفعة.
باب الربا والصرف:
يحرم ربا الفضل في مكيل وموزون بيع بجنسه، ويجب فيه الحلول والقبض، ولا يباع مكيل بجنسه إلا كيلاً، ولا موزون بجنسه إلا وزناً ولا بعضه ببعض جزافاً، فإن اختلف الجنس جازت الثلاثة].
تقدم لنا بقية أقسام الخيارات، ومن أقسام الخيارات التي تناولناها ما يتعلق بخيار التخبير بالثمن، وأنه يثبت في صوره الأربع: التولية والمرابحة والشركة والمواضعة.
وتطرقنا أيضاً إلى خيار اختلاف المتبايعين، وأن اختلاف المتبايعين له صور منها: الاختلاف في قدر الثمن، والاختلاف في عين المثمن، والاختلاف في الأجل والشرط، والاختلاف في الاستلام والتسليم، والاختلاف بتغير ما تقدمت رؤيته، أو لتخلف صفة من صفات المبيع.
تعريف الإقالة وتكييفها
الإقالة في اللغة: الرفع والفسخ، وفي الاصطلاح: ما يقتضي رفع العقد المالي بوجه مخصوص.
والإقالة مستحبة لما فيها من تفريج كربة المسلم، فإن الإنسان قبل أن يتمكن من الشيء يكون راغباً فيه، فإذا تمكن منه ربما ندم على شرائه، وربما يتعجل الإنسان في بيع الشيء ثم بعد ذلك يندم بعد فواته من يده، فاستُحبت الإقالة لما فيها من تفريج كربة المسلم.
وقول المؤلف رحمه الله: (الإقالة فسخ) هل الإقالة فسخ أو بيع؟ للعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رأيان:
الرأي الأول: أن الإقالة فسخ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ودليلهم على ذلك أنها عبارة عن الرفع والإزالة، فهي رفع للعقد المتقدم، وإذا كان كذلك فإنها فسخ.
ذهب بعض العلماء إلى أنها بيع لوجود المبادلة فيها. وهذا الرأي الثاني.
والصواب في هذه المسألة: أنها فسخ وليست بيعاً، والكلام في أن الإقالة فسخ أو بيع يترتب عليه مسائل كثيرة ذكرها ابن رجب رحمه الله في كتابه القواعد، فذكر في آخر كتابه بعض الفوائد، منها: الإقالة، هل هي فسخ أو بيع؟ وذكر ما يترتب على هذا الخلاف، وأن هذا الخلاف يترتب عليه مسائل كثيرة، وسنتعرض لشيء من هذه المسائل.
الإقالة قبل قبض البيع
هذه المسألة الأولى: مما يترتب على الإقالة، هل هي فسخ، أو بيع؟ فإذا قلنا: بأنها فسخ فتجوز قبل قبض المبيع، وإذا قلنا: بأنها بيع فالبيع لا يصح إلا بعد قبض المبيع، وعلى هذا لو اشترى مبيعاً وقبل أن يقبضه طلب من البائع أن يقيله، وهو ما قبضه من البائع نقول: بأن هذا جائز لأنها فسخ، ولكن لو قلنا بأنها بيع فلابد أن يقبضه ثم بعد ذلك يبيعه مرة أخرى. هذه المسألة الأولى.
الخيار في الإقالة
هذه المسألة الثانية: أنه لا خيار فيها، فإذا حصلت الإقالة نقول: بأنه لا خيار فيها، ولو قلنا: بأنها بيع فإنه يثبت فيها خيار المجلس، ولكن على القول: بأنها إقالة نقول: بأنه لا يثبت فيها الخيار.
والصحيح في هذه المسألة: أن خيار الشرط ثابت، فلو قال: أنا أقيلك، ولكن لي خيار الشرط، فنقول: بأن هذا ثابت؛ لأن خيار الشرط أوسع من خيار المجلس، والصحيح أنه لا يثبت فيها خيار المجلس؛ لأن خيار المجلس لا يثبت إلا في البيع وما كان في معنى البيع، وفيما يتعلق بخيار الشرط الصواب: أن خيار الشرط ثابت في سائر العقود، وأيضاً يثبت في الفسوخ، والصواب في ذلك أن خيار الشرط أمره واسع.
صور الإقالة
أي: الإقالة هل تجوز بأقل من الثمن أو أنه يشترط أن تكون بمثل الثمن؟ فهذه من المسائل المترتبة على الخلاف في الإقالة هل هي بيع أو فسخ؟ فإذا قلنا بأنها فسخ فمقتضي ذلك أن تكون بأي شيء؟ بمثل الثمن، ولهذا قال المؤلف: (بمثل الثمن)، ولو قلنا بأنها بيع صح بمثل الثمن، أو أقل من الثمن، أو أكثر.
إذاً المؤلف رحمه الله يقول: (لابد أن تكون الإقالة بمثل الثمن لأنها فسخ وليست بيعاً). وهذا الرأي الأول.
والرأي الثاني: أنه لا بأس أن تكون الإقالة بأقل من الثمن، فمثلاً: اشترى السيارة بعشرة آلاف ريال، ثم قال المشتري للبائع: أقلني، قال: أنا أقيلك ولكن ما أعطيك إلا تسعة آلاف ريال، هو الآن اشتراها بعشرة آلاف، المشهور من المذهب أنه لا يصح أن يقيله إلا بعشرة آلاف لأنه اشتراها بعشرة آلاف، وإذا قال البائع: أنا لا أقيلك إلا بتسعة آلاف ريال فترجع السيارة وأعطيك تسعة آلاف، وأخصم عليك ألفاً، فهل يصح ذلك أو لا يصح؟ المشهور من المذهب أن هذا لا يصح.
أو مثلاً: باع السيارة بعشرة آلاف ثم جاء البائع وقال للمشتري: رد عليّ السيارة وأعطيك العشرة آلاف، فقال المشتري: أنا أرد عليك السيارة، ولكن تعطيني ألفاً، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ المشهور من المذهب أن هذا ليس جائزاً. وهذا الرأي الأول.
والرأي الثاني، أن هذا جائز ولا بأس به، بأقل من الثمن، أو أكثر.
والصحيح في هذه المسألة: أنه تصح الإقالة بغير مثل الثمن، فمثلاً: لو قال البائع: أنا أقيلك لكن أخصم عليك ألفاً، فأنت اشتريت السيارة بعشرة آلاف فأرجع إليك السيارة وأعطاك تسعة آلاف، فنقول: الصواب أن هذا جائز ولا بأس به لأمرين:
الأمر الأول: أن أخذ البائع شيئاً من الثمن فيه جبر للنقص الذي حصل في السلعة؛ لأن السلعة لما اشتُريت ثم رُدت فإنها تنقص في أعين الناس وفي أعين التجار، فكون البائع يأخذ شيئاً من الثمن، نقول: هذا جبر للنقص الحاصل في السلعة.
والأمر الثاني: أن السلعة حُبست عند المشتري فمقابل هذا الحبس أي: أن البائع الآن لم يتمكن من التصرف فيها وفات عليها أُناس ربما يشترون هذه السلعة، فكونه يشترط شيئاً من الثمن مقابل الحبس ومقابل الضرر الذي لحقه نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
الشفعة في الإقالة
لأنها فسخ وليست بيعاً، فلا تثبت بها الشفعة.
وصورة المسألة لو أن زيداً وعمراً شريكان في أرض، لكن زيداً باع نصيبه على صالح، فأصبح الآن الشركاء عمرو وصالح بالأرض وزيد الشريك الأول، فإذا فسخ من صالح فالآن رجعت الأرض لزيد، والنصيب رجع لزيد، فهل لشريكه عمرو أن يُشفع أم ليس له أم يُشفع؟
في الأول ما شفع ودخل صالح مدخل زيد وأصبحا شريكين.
فالآن حصل الفسخ ورجعت الأرض والنصيب رجع لزيد، فهل لعمرو أن يُشفع على زيد ويأخذ كل النصيب أو نقول: ليس له أن يُشفع؟ نقول: مادام أنها فسخ وليست بيعاً فإنه لا يملك أن يُشفع؛ لأن الشفعة إنما تثبت في البيع ونحوه كما في انتقال النصيب، وسيأتينا إن شاء الله، ولكن هذا على القول بأنها فسخ وليست بيعاً نقول: لا تثبت الشفعة.
الإقالة بعد نداء الجمعة وبعد اليمين
فإذا قلنا: بأنها بيع فإنها لا تصح بعد نداء الجمعة الثاني، وإذا قلنا: أنها فسخ فإنها تصح بعد نداء الجمعة الثاني.
وأيضاً من المسائل المترتبة على هذا الخلاف لو حلف ألا يبيع، ثم عمل إقالة هل يحنث أو لا يحنث؟
فإذا قلنا بأنها بيع فإنه يحنث، وإذا قلنا بأنها فسخ فإنه لا يحنث.
ثم بعد ذلك يقول المؤلف رحمه الله تعالى: (والإقالة فسخ).
الإقالة في اللغة: الرفع والفسخ، وفي الاصطلاح: ما يقتضي رفع العقد المالي بوجه مخصوص.
والإقالة مستحبة لما فيها من تفريج كربة المسلم، فإن الإنسان قبل أن يتمكن من الشيء يكون راغباً فيه، فإذا تمكن منه ربما ندم على شرائه، وربما يتعجل الإنسان في بيع الشيء ثم بعد ذلك يندم بعد فواته من يده، فاستُحبت الإقالة لما فيها من تفريج كربة المسلم.
وقول المؤلف رحمه الله: (الإقالة فسخ) هل الإقالة فسخ أو بيع؟ للعلماء رحمهم الله تعالى في ذلك رأيان:
الرأي الأول: أن الإقالة فسخ، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، ودليلهم على ذلك أنها عبارة عن الرفع والإزالة، فهي رفع للعقد المتقدم، وإذا كان كذلك فإنها فسخ.
ذهب بعض العلماء إلى أنها بيع لوجود المبادلة فيها. وهذا الرأي الثاني.
والصواب في هذه المسألة: أنها فسخ وليست بيعاً، والكلام في أن الإقالة فسخ أو بيع يترتب عليه مسائل كثيرة ذكرها ابن رجب رحمه الله في كتابه القواعد، فذكر في آخر كتابه بعض الفوائد، منها: الإقالة، هل هي فسخ أو بيع؟ وذكر ما يترتب على هذا الخلاف، وأن هذا الخلاف يترتب عليه مسائل كثيرة، وسنتعرض لشيء من هذه المسائل.
قال المؤلف رحمه الله: (فتجوز قبل قبض المبيع).
هذه المسألة الأولى: مما يترتب على الإقالة، هل هي فسخ، أو بيع؟ فإذا قلنا: بأنها فسخ فتجوز قبل قبض المبيع، وإذا قلنا: بأنها بيع فالبيع لا يصح إلا بعد قبض المبيع، وعلى هذا لو اشترى مبيعاً وقبل أن يقبضه طلب من البائع أن يقيله، وهو ما قبضه من البائع نقول: بأن هذا جائز لأنها فسخ، ولكن لو قلنا بأنها بيع فلابد أن يقبضه ثم بعد ذلك يبيعه مرة أخرى. هذه المسألة الأولى.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا خيار فيها).
هذه المسألة الثانية: أنه لا خيار فيها، فإذا حصلت الإقالة نقول: بأنه لا خيار فيها، ولو قلنا: بأنها بيع فإنه يثبت فيها خيار المجلس، ولكن على القول: بأنها إقالة نقول: بأنه لا يثبت فيها الخيار.
والصحيح في هذه المسألة: أن خيار الشرط ثابت، فلو قال: أنا أقيلك، ولكن لي خيار الشرط، فنقول: بأن هذا ثابت؛ لأن خيار الشرط أوسع من خيار المجلس، والصحيح أنه لا يثبت فيها خيار المجلس؛ لأن خيار المجلس لا يثبت إلا في البيع وما كان في معنى البيع، وفيما يتعلق بخيار الشرط الصواب: أن خيار الشرط ثابت في سائر العقود، وأيضاً يثبت في الفسوخ، والصواب في ذلك أن خيار الشرط أمره واسع.
قال المؤلف رحمه الله: (بمثل الثمن).
أي: الإقالة هل تجوز بأقل من الثمن أو أنه يشترط أن تكون بمثل الثمن؟ فهذه من المسائل المترتبة على الخلاف في الإقالة هل هي بيع أو فسخ؟ فإذا قلنا بأنها فسخ فمقتضي ذلك أن تكون بأي شيء؟ بمثل الثمن، ولهذا قال المؤلف: (بمثل الثمن)، ولو قلنا بأنها بيع صح بمثل الثمن، أو أقل من الثمن، أو أكثر.
إذاً المؤلف رحمه الله يقول: (لابد أن تكون الإقالة بمثل الثمن لأنها فسخ وليست بيعاً). وهذا الرأي الأول.
والرأي الثاني: أنه لا بأس أن تكون الإقالة بأقل من الثمن، فمثلاً: اشترى السيارة بعشرة آلاف ريال، ثم قال المشتري للبائع: أقلني، قال: أنا أقيلك ولكن ما أعطيك إلا تسعة آلاف ريال، هو الآن اشتراها بعشرة آلاف، المشهور من المذهب أنه لا يصح أن يقيله إلا بعشرة آلاف لأنه اشتراها بعشرة آلاف، وإذا قال البائع: أنا لا أقيلك إلا بتسعة آلاف ريال فترجع السيارة وأعطيك تسعة آلاف، وأخصم عليك ألفاً، فهل يصح ذلك أو لا يصح؟ المشهور من المذهب أن هذا لا يصح.
أو مثلاً: باع السيارة بعشرة آلاف ثم جاء البائع وقال للمشتري: رد عليّ السيارة وأعطيك العشرة آلاف، فقال المشتري: أنا أرد عليك السيارة، ولكن تعطيني ألفاً، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ المشهور من المذهب أن هذا ليس جائزاً. وهذا الرأي الأول.
والرأي الثاني، أن هذا جائز ولا بأس به، بأقل من الثمن، أو أكثر.
والصحيح في هذه المسألة: أنه تصح الإقالة بغير مثل الثمن، فمثلاً: لو قال البائع: أنا أقيلك لكن أخصم عليك ألفاً، فأنت اشتريت السيارة بعشرة آلاف فأرجع إليك السيارة وأعطاك تسعة آلاف، فنقول: الصواب أن هذا جائز ولا بأس به لأمرين:
الأمر الأول: أن أخذ البائع شيئاً من الثمن فيه جبر للنقص الذي حصل في السلعة؛ لأن السلعة لما اشتُريت ثم رُدت فإنها تنقص في أعين الناس وفي أعين التجار، فكون البائع يأخذ شيئاً من الثمن، نقول: هذا جبر للنقص الحاصل في السلعة.
والأمر الثاني: أن السلعة حُبست عند المشتري فمقابل هذا الحبس أي: أن البائع الآن لم يتمكن من التصرف فيها وفات عليها أُناس ربما يشترون هذه السلعة، فكونه يشترط شيئاً من الثمن مقابل الحبس ومقابل الضرر الذي لحقه نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2818 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2731 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2678 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2644 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2640 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2558 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2555 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2528 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2521 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2498 استماع |