شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [6]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [وإن أعتق فالولاء له، أو أن يفعل ذلك بطل الشرط وحده، إلا إذا شرط العتق، وبعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، وإلا فلا بيع بيننا صح، وبعتك إن جئتني بكذا، أو رضي زيد، أو يقول للمرتهن: إن جئتك بحقك وإلا فالرهن لك فلا يصح البيع، وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب مجهول لم يبرأ، وإن باعه داراً على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر أو أقل صح، ولمن جهله وفات غرضه الخيار.

باب الخيار: وهو أقسام: الأول: خيار المجلس يثبت في البيع والصلح بمعناه وإجارة، والصرف والسلم دون سائر العقود، ولكل من المتبايعين الخيار ما لم يتفرقا عرفاً بأبدانهما، وإن نفياه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، وإذا مضت مدته لزم البيع ].

تقدم لنا ما يتعلق بالشروط في العقود، وذكرنا أن الشرط في العقد هو: ما يشترطه أحد المتعاقدين، مما له به منفعة أو مصلحة، وأن الأصل في هذه الشروط الحل والصحة خلافاً لما عليه الظاهرية، وذكرنا دليل ذلك من قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وأيضاً حديث عقبة ، وكذلك أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنهما، وذكرنا أن الشروط في العقود تنقسم إلى قسمين: شروط صحيحة، وشروط فاسدة، وأن الشروط الصحيحة أربعة أنواع:

النوع الأول: شرط يقتضيه العقد .

النوع الثاني: شرط المصلحة .

النوع الثالث: شرط الصفة .

النوع الرابع: شرط المنفعة.

وذكرنا خلاف أهل العلم رحمهم الله تعالى فيما يتعلق بشرط المنفعة، وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يصح أن تشترط منفعة البائع أو المبيع، وألا تزيد على شرط واحد، وذكرنا أيضاً ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله تعالى، ثم بعد ذلك شرعنا في الشروط الفاسدة، وأن الشروط الفاسدة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: شروط فاسدة مفسدة.

القسم الثاني: شروط فاسدة غير مفسدة.

والشروط الفاسدة المفسدة: هي ما يتعلق باشتراط عقد في عقد آخر، وكذلك أيضاً ما يتعلق بتعليق العقود، وتكلمنا على هاتين المسألتين.

ثم قال رحمه الله: (وإن شرط ألا خسارة عليه) هذه الشروط الفاسدة غير المفسدة، وتكلمنا عليها، قال: (أو متى نفق المبيع وإلا رده، ولا يهبه، ولا يعتقه) وتكلمنا أيضاً على هذه المسألة، إذا شرط البائع على المشتري ألا يتصرف في المبيع، أو حجر عليه بعض التصرفات في المبيع، كأن يشترط عليه ألا يبيعه، أو ألا يهبه، أو ألا يوقفه، ونحو ذلك من الشروط، فذكرنا كلام أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة، وأن الصواب في هذه المسألة: أن مثل هذه الشروط تجوز عند المصلحة، وأن هذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ لورود ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم، ولأن هذا الشرط يترتب عليه غرض صحيح.

قال رحمه الله: (وإن أعتق فالولاء له).

يعني يبيع إليه الرقيق ويشترط عليه أنه إذا أعتقه فإن الولاء يكون للبائع ولا يكون للمشتري، وهذا شرط فاسد، ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها لما جاءتها بريرة ، وذكرت أنها كاتبت أسيادها، وعرضت عائشة رضي الله عنها أن تشتري بريرة ، لكن شرط أسيادها أن الولاء يكون لهم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشرط، وقال: ( إنما الولاء لمن أعتق ). فالولاء للمعتق، والمعتق هو المشتري، أما البائع فإنه لم يعتق، ولا يصح أن يشترط البائع أن الولاء له؛ لأن الولاء عصوبة كعصوبة النسب تترتب عليه أحكام، مثل: ما يتعلق بالتوارث، وما يتعلق بالعقل في الديات، وما يتعلق بالولايات كولاية النكاح وغير ذلك.

فكون البائع يشترط أن يكون الولاء له وهو لم يعتق، فهذا شرط باطل قد رده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( إنما الولاء لمن أعتق )، وقال: ( ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؛ كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط ).

قال رحمه الله: (أو أن يفعل ذلك بطل الشرط).

أيضاً إذا شرط أن يفعل ذلك كأن يشرط عليه أن يبيعه، قال: أبيع لك السيارة بشرط أن تبيعها لفلان، أو أبيع لك الرقيق بشرط أن تعتقه، أو أبيع لك البيت بشرط أن تهبه، أو أن تبيعه، ونحو ذلك، فنقول بأن هذا شرط فاسد؛ لأن المشتري لما ملك هذه السلعة ملك سائر التصرف بها، أما أن تحجر عليه بألا يبيع أو يبيع فهذه كلها شروط تخالف مقتضى العقد، وسبق أن ذكرنا أنه إذا كان يترتب على هذا الشرط مصلحة فإن هذا جائز ولا بأس به كما تقدم في اختيار شيخ الإسلام رحمه الله، فمثلاً: لو قال: أنا أبيع لك البيت، لكن إذا احتاجه المسجد تبيعه على المسجد، فهذا شرط صحيح، أو مثلاً: أنا أبيع لك الأرض فإن احتاجها جار الأرض تبيعه إياها، فنقول: بأن هذا شرط صحيح مادام أنه يترتب عليه مصلحة وغرض صحيح.

قال: (بطل الشرط وحده إلا إذا شرط العتق).

فيقول المؤلف رحمه الله: يصح إذا شرط العتق، فمثلاً لو قال: بعتك هذا الرقيق بشرط أن تعتقه، فيقول المؤلف رحمه الله: بأن هذا شرط صحيح، ويدل لذلك أن الشارع يتشوف للعتق، وتقدم لنا أن ( من ملك ذا رحم محرم عليه فإنه يعتق عليه )، ولهذا إذا تأملت أسباب العتق في الشريعة تجد أنها كثيرة، فمن أسباب العتق الكفارات: كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة الوطء في رمضان، وكفارة القتل، وكذلك أيضاً من أسباب العتق أنه إذا مثل برقيقه فإنه يعتق عليه، وكذلك أيضاً من أسباب العتق الترغيب في العتق وبيان فضله، وكذلك أيضاً من ملك ذا رحم محرم عليه فإنه يعتق عليه، وإذا طلب الرقيق من سيده أن يكاتبه فكثير من أهل العلم يرى أن الكتابة واجبة، وأنه يجب عليه أن يكاتبه؛ لقول الله عزّ وجل: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا [النور:33].

قال رحمه الله: (وبعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، وإلا فلا بيع بيننا صح).

الأصل في الشروط الصحة، فلو قال: بعتك على أن تحضر الثمن إلى مدة ثلاثة أيام، فإن تأخرت عن ثلاثة أيام فلا بيع بيننا، فهذا شرط صحيح ولا غبار عليه.

قال رحمه الله: (وبعتك إن جئتني بكذا، أو إن رضي زيد).

هذا يسمى كما سبق لنا تعليق العقد، وسبق أن أشرنا إلى هذه المسألة وأن تعليق العقود للعلماء رحمهم الله في ذلك قولان:

القول الأول: وهو رأي جمهور أهل العلم، أنه لا يصح تعليق العقود.

القول الثاني: أن تعليق العقود صحيح، وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وابن القيم وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وتقدم أن ذكرنا دليل ذلك.

وعلى هذا إذا علق عقد البيع أو غيره من العقود نقول: بأن هذا العقد صحيح، فمثلا لو قال: بعتك الأرض بشرط أن يرضى أبي، أو إن رضي أبي بعت لك الأرض، فنقول: هذا صحيح، أو قال: بعتك الأرض إذا دخل رمضان، فهذا صحيح سواء علقه على شرط محض كما لو قال: إن دخل رمضان بعت لك الأرض، أو علقه على شرط غير محض كما لو قال: بعتك الأرض إن رضي أبي، فنقول: هذه كلها شروط صحيحة.

قال رحمه الله: (أو يقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك وإلا فالرهن لك فلا يصح البيع).

هذه المسألة تسمى بغلق الرهن، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه؛ له غنمه وعليه غرمه ).

وغلق الرهن كان موجوداً في الجاهلية، وصورة غلق الرهن أن يأخذ صاحب الحق -سواء كان الحق ثمن مبيع، أو كان قرضاً، أو غير ذلك- ممن عليه الحق رهناً فيقول: إن جئت لي بحقي وإلا فإن الرهن يكون لي، أو يقول المرتهن الذي له الحق للراهن الذي عليه الحق: إن جئتني بحقي وإلا فالرهن لي، أو يقول الراهن للمرتهن: أقرضني عشرة آلاف ريال وهذه السيارة رهن، فإن جئتك بالعشرة في موعدها وإلا فالسيارة لك، فهذا يسمى بغلق الرهن، فهل هذا صحيح أو ليس صحيحاً؟ المؤلف رحمه الله يقول: ليس صحيحاً، ويرى المؤلف رحمه الله بأن هذا شرط فاسد مفسد، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهو الرأي الأول.

والرأي الثاني: وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أن هذا جائز ولا بأس به، وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله أنه أخذ حوائج من بقال ورهنه نعليه، فقال: إن جئتك بحقك وإلا فالنعلان لك.

والخلاصة في هذه المسألة: لو قال الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك وإلا فالرهن لك. نقول: هذه المسألة فيها تفصيل:

فإن كان الرهن مساوياً للحق أو قريباً منه فهذا الشرط صحيح ولا يفسد العقد. هذا القسم الأول.

والقسم الثاني: أن يكون الرهن أقل من الحق، أيضاً نقول: صحيح.

والقسم الثالث: أن يكون أكثر من الحق، فنقول هذا الشرط غير صحيح، وهنا يأتي غلق الرهن؛ لأن الراهن الآن يكون كالمكره؛ لأنه اضطر إلى أن يأخذ هذا الحق، وأن يعطي هذا الرهن، ولكي يتمكن من أخذ الحق قال: إن جئتك بحقك، وإلا فالرهن لك، فتلخص لنا أن المسألة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

إن كان الحق مساوياً للرهن أو قريباً منه، فهذا جائز.

إن كان الرهن أقل من الحق، هذا جائز أيضاً.

أن يكون الحق أكثر من الرهن فنقول: لا يجوز، فمثلاً: لو اقترض منه عشرة آلاف ريال وأعطاه سيارة بعشرين ألفاً، وقال: إن جئتك بحقك وإلا فالسيارة لك، يعني بدلاً من هذا الحق، فهذا لا شك أن الراهن هنا مكره، وهو مضطر إلى هذا العمل لكي يأخذ هذا القرض، فنقول: هذا غلق الرهن الذي ورد فيه النهي.

كذلك أيضاً من المسائل المتعلقة بتعليق العقود ما يتعلق ببيع العربون، هل هو جائز أو ليس جائزاً؟

فالمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه جائز ولا بأس به، وهذا الرأي الأول.

والرأي الثاني: رأي الحنفية والمالكية أنه لا يجوز، وعند الشافعية إن شرطه في نفس العقد فإنه لا يجوز، وإن شرطه قبله جاز.

وبيع العربون: هو أن يعطي المشتري البائع جزءاً من الثمن، فإن أتى ببقية الثمن تم البيع، وإن لم يأت ببقية الثمن فما أخذه البائع له.

وعلى هذا عمل الناس الآن، يعني البائع يأخذ من المشتري فإن وفى تم البيع، وإن لم يوف فما أخذ البائع فإنه يكون له، هذا هو بيع العربون، وكما يصير في البيع أيضاً يكون في الإجارة، فمثلاً: قد يستأجر بيتاً ويعطيه جزءاً من الأجرة، فإن رضي أتم العقد، وإن لم يرض فما قبضه المؤجر فإنه يكون له.

وبيع العربون ورد فيه حديثان:

حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربون ).

وكذلك أيضاً حديث زيد بن أسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن بيع العربون فأحله )، لكن الثابت هو عن عمر رضي الله عنه كما أخرجه البخاري معلقاً، أن عمر رضي الله عنه اشترى من صفوان داراً للسجن بمكة بأربعة آلاف، فإن رضي عمر وإلا فالأربعمائة لـصفوان ، يعني عمر رضي الله عنه اشترى من صفوان بن أمية داراً للسجن بمكة بأربعة آلاف، ودفع لـصفوان أربعمائة، فإن رضي عمر وإلا فالأربعمائة لـصفوان . فالأصل في العقود الصحة والحل، ولأن هذا العربون يعتبر كالجبر لهذا المبيع؛ لأن هذا المبيع:

أولاً: ينحبس عند المشتري فترة فلا يتمكن البائع من بيعه.

وثانياً: أن البائع إذا رده ولم يمض العقد فيعتبر هذا كالنقص في المبيع، فيكون هذا العربون جبراً لما حصل على هذا المبيع، ونظير ذلك كما سيأتينا إن شاء الله في آخر باب الخيار فيما يتعلق بالإقالة.

قال رحمه الله: ( وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب مجهول لم يبرأ ).

ومن صور ذلك ما يفعله بعض الناس، فيقول: أنا أبيع لك السيارة على أنها كومة حديد، يعني لا تطالبني بالعيوب التي فيها، أو أبيع لك البيت على أنه مجموعة من الأسمنت فلا تطالبني بشيء من العيوب، أو أن أبيع لك إطار السيارة، وغير ذلك مما يوجد عند الباعة من الصور التي خلاصتها هي البراءة من العيوب، فهل البائع يبرأ أو نقول بأنه لا يبرأ؟ فإذا قال: بعت لك، لكن إن كان فيها عيب فأنا بريء منه، فهل يبرأ البائع أو لا يبرأ؟

قال المؤلف رحمه الله: (إن باعه وشرط البراءة من كل عيب مجهول لم يبرأ)؛ لأن البراءة إسقاط، يعني لو أن المشتري الآن بعد أن اشترى السيارة وجد فيها عيباً، فهل يرجع للبائع أم لا يرجع للبائع؟ نقول: يرجع للبائع، ما هي العلة في ذلك؟

العلة في ذلك يقولون: إن شرط البراءة إسقاط حق، وهذا الإسقاط فرع عن ثبوت الحق، ولا يثبت الحق إلا بالعقد، يعني كونه يسقط قبل العقد وهو لا يملك الإسقاط، أي: لا يملك الإسقاط إلا بعد وجود العقد، والعقد إلى الآن لم يوجد.

فمثلاً: قال: أنا أبيع لك السيارة شرط أن تبرأني، فقال: أبرأتك من العيوب، فهنا المشتري الآن أسقط حقه، لكن هل يملك الإسقاط قبل كتابة العقد؟

قالوا: بأن الإسقاط فرع عن ملك الإسقاط، ولا يملك الإسقاط إلا بالعقد، فهو الآن أسقط قبل أن يوجد العقد، أي أنه أسقط شيئاً لم يملكه، فقالوا: لا يصح، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله وهو المشهور من المذهب. وهذا الرأي الأول.

والرأي الثاني: اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو التفصيل في هذه المسألة؛ فإن كان البائع يعلم بالعيب، وشرط البراءة من العيوب التي في السيارة أو في السلعة فإنه لا يبرأ، وإن كان لا يدري أن فيها عيباً فإنه يبرأ، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: بأن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.

أما المذهب فإنه لا يبرأ إلا إذا كان إسقاطاً بعد العقد؛ لأنه إذا كان بعد العقد فإنه ملك الإسقاط، والإسقاط فرع عن الملك، والملك لا يكون إلا بتمام العقد، فالحنابلة يقولون: إذا كان بعد العقد يصح، وإذا كان قبل العقد فلا يصح لما تقدم من التعليل.

وشيخ الإسلام رحمه الله يجعل الأمر منوطاً بالعلة، فيقول: إن كان البائع يعلم بالعيب فإنه لا يصح؛ لأن هذا نوع من التدليس، وإن كان لا يعلم بالعيب فيقول: بأن شرط البراءة من العيوب المجهولة صحيح.

قال رحمه الله: (وإن باعه داراً على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر أو أقل صح، ولمن جهله وفات غرضه الخيار).

يعني إذا باع داراً، أو باع أرضاً ولم يعين المساحة، فمثلاً: أنا بعتك هذه الأرض بمائة ألف فالأمر ظاهر في ذلك، سواء وجدها المشتري ألف متر، أو وجدها تسعمائة متر، أو وجدها ألف ومائة متر، فالبيع صحيح؛ لأنه باعه هذا المعلوم بالمشاهدة، لكن إذا عين المساحة وقال: أنا بعتك هذه الأرض، أو بعتك هذا البيت، فقال:كم مساحتها؟ قال: المساحة ألف متر أو خمسمائة متر، ثم تبين أن المساحة أقل أو أكثر، فهنا صورتان:

الصورة الأولى: قال: (على أنها عشرة أذرع فبانت أكثر) فمثلاً: بعتك الأرض، فقال: كم مساحتها؟ قال: مساحتها ألف متر، ثم تبين أن الأرض مساحتها ألف ومائة متر، فالزيادة تكون للبائع؛ لأن البائع لم يبع إلا ألف متر، والمشتري يكون له ألف. فأنت أيها المشتري بالخيار، إما أن تعطي البائع قيمة هذه المائة الزائدة وإلا تفسخ، فإن أعطاه مضى البيع وإن قال: أفسخ فله حق الفسخ، إلا إذا قال البائع: أتنازل عن المائة، فالبائع لا يملك الفسخ؛ لأن الأصل تمام العقد، وهذه المسألة تحدث كثيراً، وقد يتنازع المتعاقدان عند ارتفاع الأسعار.

إذاً الصورة الأولى: إذا وجد مساحة العقار أكثر، باعه على أنها ألف متر، ثم تبين له أنها ألف ومائة، فالزيادة الآن لمن؟ نقول: للبائع؛ لأن البائع ما باعها إلا على أنها ألف متر، فنقول للمشتري: أنت بالخيار، إما أن تدفع للبائع قيمة هذه المائة، وإلا فافسخ، فإذا كانت الأسعار زائدة يفسخ أو يبقى؟ يبقى ما يفسخ، فإذا اختار البقاء نقول: يجب عليه أن يدفع قيمة هذه المائة، إذاً لو اختار الفسخ فالأمر له، لكن لو قال: لا أريد الزيادة وأريد الفسخ، هل يتمكن من الفسخ أو لا يتمكن؟ لا يتمكن، هذا إذا ما نزلت الأسعار، قد يقول: أنا أريد الفسخ، لكن لو قال البائع عندما أراد المشتري أن يفسخ قال: أتنازل عن الزائد، هل يملك المشتري الفسخ حينئذ أو لا يملك؟ نقول: لا يملك الفسخ؛ لأن الأصل بقاء العقد، والسبب الذي من أجله جعلنا الخيار للمشتري قد زال.

الصورة الثانية: أن يتبين أن المساحة أقل، فمثلاً: باعه الأرض على أنها ألف متر، ثم تبين لنا أنها تسعمائة متر، فالنقص يكون على البائع، فنقول: أيها البائع! أعطه قيمة مائة متر أو افسخ، فإذا اختار أن يعطيه قيمة مائة متر مضى البيع، وإذا اختار البائع الفسخ، قال: أنا لا أعطيه، أفسخ، فإن المشتري يملك رد الفسخ. وقول المؤلف رحمه الله: (وفات غرضه) هذه العبارة ليست موجودة في الأصل، ولا تترتب عليها فائدة، فليست في المقنع، ولا في الشرح الكبير، ولا في الإقناع، ولا في المنتهى.

تعريف الخيار لغة واصطلاحاً

قال رحمه الله: (باب الخيار).

الخيار في اللغة: اسم مصدر، اختار أي: طلب خير الأمرين. وأما في الاصطلاح: فهو طلب خير الأمرين من إمضاء العقد أو فسخه.

وإثبات الخيار من محاسن الشريعة، وخصوصاً فيما يتعلق بخيار المجلس، كذلك أيضاً ما يتعلق بخيار الشرط؛ لأن الإنسان قبل أن يتملك الشيء يكون مشغوفاً بتملكه، ثم بعد ذلك إذا حصل وتملك هذا الشيء قلَّت رغبته فيه، وقد يحصل أن يندم البائع أو يندم المشتري، فوسع الشارع في أن يختار البائع أو المشتري إمضاء العقد أو فسخه.

قال رحمه الله: (باب الخيار).

الخيار في اللغة: اسم مصدر، اختار أي: طلب خير الأمرين. وأما في الاصطلاح: فهو طلب خير الأمرين من إمضاء العقد أو فسخه.

وإثبات الخيار من محاسن الشريعة، وخصوصاً فيما يتعلق بخيار المجلس، كذلك أيضاً ما يتعلق بخيار الشرط؛ لأن الإنسان قبل أن يتملك الشيء يكون مشغوفاً بتملكه، ثم بعد ذلك إذا حصل وتملك هذا الشيء قلَّت رغبته فيه، وقد يحصل أن يندم البائع أو يندم المشتري، فوسع الشارع في أن يختار البائع أو المشتري إمضاء العقد أو فسخه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2816 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2730 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2676 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2643 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2556 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2527 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2520 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2497 استماع