خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب الصيام [7]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويكره إفراد رجب والجمعة والسبت والشك، ويحرم صوم العيدين ولو في فرض، وصيام أيام التشريق إلا عن دم متعة وقران.
ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه، ولا يلزم في النفل ولا قضاء فاسده إلا الحج. وترجى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وأوتاره آكد، وليلة سبع وعشرين أبلغ، ويدعو فيها بما ورد.
باب الاعتكاف.
هو لزوم مسجد لطاعة الله تعالى، مسنون، ويصح بلا صوم ويلزمان بالنذر].
إفراد شهر رجب
لما تكلم المؤلف رحمه الله عن الصوم المستحب شرع الآن في بيان الصوم المكروه، فمن الصوم المكروه إفراد رجب بالصيام، ورجب وما ورد فيه من فضل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في فضل صيام رجب.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، ولا يعتمد أهل العلم على شيء منها.
وابن حجر رحمه الله تعالى له رسالة فيما يتعلق بفضائل رجب، بين فيها ضعف ما ورد في ذلك من أحاديث، وما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
فإفراد رجب بالصيام، يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأنه مكروه؛ لما في ذلك من إحياء شعار الجاهلية، فإن أهل الجاهلية هم الذين يعظمون رجب، وكان عمر رضي الله تعالى عنه يضرب أيدي الناس ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب، وقال: لا تشبهوه برمضان.
وصيام رجب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: إفراده بالصيام، بأن يصوم شهر رجب وحده، فهذا ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى بأنه مكروه.
القسم الثاني: أن لا يفرده بالصيام، بل يصوم شهراً قبله أو بعده، فهذا جائز ولا بأس به؛ لأنه لم يفرده بالصيام، ولم يظهر في ذلك شيء من تعظيم هذا الشهر بخصوصه.
القسم الثالث: أن لا يصومه كاملاً، وإنما يفطر بعض الأيام من شهر رجب، وحينئذ نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله؛ لأنه لم يفرده بالصيام، وإنما صام بعض أيامه.
إفراد الجمعة
يعني: يكره إفراد الجمعة بالصيام، فإذا صام الجمعة وحدها دون أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، فإن هذا مكروه، ودليل ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، وأيضاً يدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على إحدى أمهات المؤمنين فوجدها صائمة يوم الجمعة، فقال: (أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تخصوا يوم الجمعة بالصوم من بين الأيام)، فإفراد يوم الجمعة بالصيام مكروه، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وكذلك أيضاً مذهب الشافعي .
والرأي الثاني: أنه لا يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة والإمام مالك ، واستدلوا على ذلك بما يروى من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة)، وهذا الحديث أخرجه الترمذي وحسنه، والجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أنه ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والوجه الثاني: على فرض ثبوته فإنه يحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوماً قبله أو صام يوماً بعده.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخصوا يوم الجمعة بصوم من بين الأيام)، هذه اللفظة جاءت في صحيح مسلم وفيها النهي عن التخصيص، فأخذ بعض أهل العلم من هذه اللفظة أنه إذا صام يوم الجمعة دون أن يكون هناك تخصيص فإن هذا جائز ولا بأس به، كما لو صام يوم الجمعة لا من أجل أنه يوم الجمعة، ولكن من أجل أن هذا اليوم هو يوم فراغ يستطيع فيه أن يصوم، فقال: إن هذا جائز ولا بأس به، فالنهي عن تخصيص يوم الجمعة، أخذ منه بعض أهل العلم على أنه إذا صام ولم يقصد التخصيص، وإنما صامه لعارض ونحو ذلك، فإن ذلك جائز ولا بأس به، ولا يدخل في الكراهة.
والذي يظهر والله أعلم أن لفظة النهي عن التخصيص فيها نظر، ودليله ما ثبت في الصحيحين من نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يصام يوم الجمعة إلا أن يصام يوم قبله أو يوم بعده، والله أعلم.
فالخلاصة في صيام يوم الجمعة: أنه يكره إلا إذا صام يوماً قبلها أو يوماً بعده، ولفظة التخصيص -كما ذكرنا- انفرد بها مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه، وأما حديث أبي هريرة في الصحيحين فليس فيه لفظة التخصيص: (لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده).
إفراد يوم السبت
يعني: يكره إفراد يوم السبت بالصيام، ودليل ذلك حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء ، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وهذا الحديث اختلف فيه المحدثون كثيراً، وأعل بالشذوذ، وأعل بالاضطراب، وكذلك ِأيضاً قيل: بأنه منسوخ، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا يكره إفراد يوم السبت بالصيام؛ لأن الأصل في ذلك المشروعية، ولا بد أن يقوم الدليل على عدم المشروعية، فالجمهور على أنه يكره إفراد يوم السبت بالصيام، ولكن عند شيخ الإسلام لا يكره؛ لأن هذا الحديث الذي ذكرنا -حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء - لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا نقول: بأن صيام السبت لا يكره إفراده.
وعلى هذا يتلخص لنا من ظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أن يوم الأحد لا يكره إفراده، وأن يوم الثلاثاء لا يكره إفراده، وأن يوم الأربعاء لا يكره إفراده، وأما الإثنين والخميس فذكر المؤلف رحمه الله أنه يستحب صيامهما، وعلى هذا نقول: صيام أيام الأسبوع تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يستحب صيامه، وهو يوم الإثنين، وهو الذي ثبت فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤلف يضيف إلى يوم الإثنين يوم الخميس، ويرى أنه من التطوع المقيد، ولكن قلنا: إن الحديث الوارد في هذا -حديث أسامة رضي الله تعالى عنه- ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني: ما يكره إفراده، وهو يوم الجمعة.
القسم الثالث: بقية الأيام، يوم السبت ويوم الأحد ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وأيضاً يوم الخميس ما دام أنه لم يثبت فيه شيء، فنقول: إن هذه الأيام صيامها من التطوع المطلق، ولا بأس بإفرادها، ولا يكره إفرادها بصيام، وصيامها من التطوع المطلق وليس من التطوع المقيد.
يوم الشك
أي يكره صيام يوم الشك، ويوم الشك على المشهور من المذهب هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا لم يكن هناك غيم ولا قتر، وكانت السماء صحواً.
ولكن إذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان، وكان هناك غيم أو قتر، فما حكم صيام الثلاثين من شعبان على المشهور من المذهب؟ حكمه واجب، يعني إذا كان هناك غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان، يرون أن صيامه واجب للاحتياط للعبادة، وهذا سبق الكلام عليه، وتطرقنا إلى كلام أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة.
والرأي الثاني في هذه المسألة: أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر، وهذا هو الصواب؛ لأنه إذا لم يكن هناك غيم أو قتر فليس هناك شك؛ لأن الأمر واضح جلي، وأن الشهر لم يدخل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإكمال العدة، فإذا لم يكن هناك غيم أو قتر فليس هو يوم الشك كما يذهب إليه الحنابلة، بل الأمر في هذا جلي وواضح، وأن شهر رمضان لم يدخل لعدم رؤية هلاله، وحينئذ نكمل عدة شعبان، ولكن إذا كان هناك غيم أو قتر فالأمر هنا مشتبه، يحتمل أن الهلال ولد، لكن لم ير من أجل هذا الغيم أو القتر، فيكون هو يوم الشك، وهذا هو الصواب في تحديد يوم الشك.
وما حكم صيام يوم الشك؟
المؤلف رحمه الله يرى أن صيام يوم الشك مكروه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه محرم؛ لحديث عمار رضي الله تعالى عنه: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)، وهذا الحديث علقه البخاري ، ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه).
قال المؤلف رحمه الله: (ويكره إفراد رجب).
لما تكلم المؤلف رحمه الله عن الصوم المستحب شرع الآن في بيان الصوم المكروه، فمن الصوم المكروه إفراد رجب بالصيام، ورجب وما ورد فيه من فضل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في فضل صيام رجب.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، ولا يعتمد أهل العلم على شيء منها.
وابن حجر رحمه الله تعالى له رسالة فيما يتعلق بفضائل رجب، بين فيها ضعف ما ورد في ذلك من أحاديث، وما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
فإفراد رجب بالصيام، يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بأنه مكروه؛ لما في ذلك من إحياء شعار الجاهلية، فإن أهل الجاهلية هم الذين يعظمون رجب، وكان عمر رضي الله تعالى عنه يضرب أيدي الناس ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب، وقال: لا تشبهوه برمضان.
وصيام رجب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: إفراده بالصيام، بأن يصوم شهر رجب وحده، فهذا ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى بأنه مكروه.
القسم الثاني: أن لا يفرده بالصيام، بل يصوم شهراً قبله أو بعده، فهذا جائز ولا بأس به؛ لأنه لم يفرده بالصيام، ولم يظهر في ذلك شيء من تعظيم هذا الشهر بخصوصه.
القسم الثالث: أن لا يصومه كاملاً، وإنما يفطر بعض الأيام من شهر رجب، وحينئذ نقول: بأن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله؛ لأنه لم يفرده بالصيام، وإنما صام بعض أيامه.
قال رحمه الله: (والجمعة).
يعني: يكره إفراد الجمعة بالصيام، فإذا صام الجمعة وحدها دون أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، فإن هذا مكروه، ودليل ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، وأيضاً يدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على إحدى أمهات المؤمنين فوجدها صائمة يوم الجمعة، فقال: (أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتصومين غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تخصوا يوم الجمعة بالصوم من بين الأيام)، فإفراد يوم الجمعة بالصيام مكروه، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وكذلك أيضاً مذهب الشافعي .
والرأي الثاني: أنه لا يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، وهذا ما ذهب إليه أبو حنيفة والإمام مالك ، واستدلوا على ذلك بما يروى من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قلما كان يفطر يوم الجمعة)، وهذا الحديث أخرجه الترمذي وحسنه، والجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أنه ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والوجه الثاني: على فرض ثبوته فإنه يحمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوماً قبله أو صام يوماً بعده.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تخصوا يوم الجمعة بصوم من بين الأيام)، هذه اللفظة جاءت في صحيح مسلم وفيها النهي عن التخصيص، فأخذ بعض أهل العلم من هذه اللفظة أنه إذا صام يوم الجمعة دون أن يكون هناك تخصيص فإن هذا جائز ولا بأس به، كما لو صام يوم الجمعة لا من أجل أنه يوم الجمعة، ولكن من أجل أن هذا اليوم هو يوم فراغ يستطيع فيه أن يصوم، فقال: إن هذا جائز ولا بأس به، فالنهي عن تخصيص يوم الجمعة، أخذ منه بعض أهل العلم على أنه إذا صام ولم يقصد التخصيص، وإنما صامه لعارض ونحو ذلك، فإن ذلك جائز ولا بأس به، ولا يدخل في الكراهة.
والذي يظهر والله أعلم أن لفظة النهي عن التخصيص فيها نظر، ودليله ما ثبت في الصحيحين من نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يصام يوم الجمعة إلا أن يصام يوم قبله أو يوم بعده، والله أعلم.
فالخلاصة في صيام يوم الجمعة: أنه يكره إلا إذا صام يوماً قبلها أو يوماً بعده، ولفظة التخصيص -كما ذكرنا- انفرد بها مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه، وأما حديث أبي هريرة في الصحيحين فليس فيه لفظة التخصيص: (لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده).
قال رحمه الله: (والسبت).
يعني: يكره إفراد يوم السبت بالصيام، ودليل ذلك حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء ، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وغيرهم، وهذا الحديث اختلف فيه المحدثون كثيراً، وأعل بالشذوذ، وأعل بالاضطراب، وكذلك ِأيضاً قيل: بأنه منسوخ، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه لا يكره إفراد يوم السبت بالصيام؛ لأن الأصل في ذلك المشروعية، ولا بد أن يقوم الدليل على عدم المشروعية، فالجمهور على أنه يكره إفراد يوم السبت بالصيام، ولكن عند شيخ الإسلام لا يكره؛ لأن هذا الحديث الذي ذكرنا -حديث عبد الله بن بسر عن أخته الصماء - لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا نقول: بأن صيام السبت لا يكره إفراده.
وعلى هذا يتلخص لنا من ظاهر كلام المؤلف رحمه الله: أن يوم الأحد لا يكره إفراده، وأن يوم الثلاثاء لا يكره إفراده، وأن يوم الأربعاء لا يكره إفراده، وأما الإثنين والخميس فذكر المؤلف رحمه الله أنه يستحب صيامهما، وعلى هذا نقول: صيام أيام الأسبوع تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يستحب صيامه، وهو يوم الإثنين، وهو الذي ثبت فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤلف يضيف إلى يوم الإثنين يوم الخميس، ويرى أنه من التطوع المقيد، ولكن قلنا: إن الحديث الوارد في هذا -حديث أسامة رضي الله تعالى عنه- ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني: ما يكره إفراده، وهو يوم الجمعة.
القسم الثالث: بقية الأيام، يوم السبت ويوم الأحد ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، وأيضاً يوم الخميس ما دام أنه لم يثبت فيه شيء، فنقول: إن هذه الأيام صيامها من التطوع المطلق، ولا بأس بإفرادها، ولا يكره إفرادها بصيام، وصيامها من التطوع المطلق وليس من التطوع المقيد.
قال رحمه الله: (والشك).
أي يكره صيام يوم الشك، ويوم الشك على المشهور من المذهب هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا لم يكن هناك غيم ولا قتر، وكانت السماء صحواً.
ولكن إذا كانت ليلة الثلاثين من شعبان، وكان هناك غيم أو قتر، فما حكم صيام الثلاثين من شعبان على المشهور من المذهب؟ حكمه واجب، يعني إذا كان هناك غيم أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان، يرون أن صيامه واجب للاحتياط للعبادة، وهذا سبق الكلام عليه، وتطرقنا إلى كلام أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة.
والرأي الثاني في هذه المسألة: أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان، إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو قتر، وهذا هو الصواب؛ لأنه إذا لم يكن هناك غيم أو قتر فليس هناك شك؛ لأن الأمر واضح جلي، وأن الشهر لم يدخل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإكمال العدة، فإذا لم يكن هناك غيم أو قتر فليس هو يوم الشك كما يذهب إليه الحنابلة، بل الأمر في هذا جلي وواضح، وأن شهر رمضان لم يدخل لعدم رؤية هلاله، وحينئذ نكمل عدة شعبان، ولكن إذا كان هناك غيم أو قتر فالأمر هنا مشتبه، يحتمل أن الهلال ولد، لكن لم ير من أجل هذا الغيم أو القتر، فيكون هو يوم الشك، وهذا هو الصواب في تحديد يوم الشك.
وما حكم صيام يوم الشك؟
المؤلف رحمه الله يرى أن صيام يوم الشك مكروه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه محرم؛ لحديث عمار رضي الله تعالى عنه: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)، وهذا الحديث علقه البخاري ، ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه).
صوم العيدين
العيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، يحرم صيامهما بالإجماع، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الفطر ويوم الأضحى)، وكذلك جاء من حديث عمر رضي الله تعالى عنه.
قوله رحمه الله: (ولو في فرض). يعني: لو أنه صام يوم العيد في فرض، كقضاء رمضان مثلاً، أو كنذر، أو صام يوم الأضحى للمتمتع الذي لا يجد هدياً، فإنه يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، فلو أنه صام شيئاً من هذه الثلاثة في يوم عيد الأضحى، نقول: بأن هذا محرم ولا يجوز.
صيام أيام التشريق
المؤلف لما ذكر التطوع المستحب، ثم ذكر الصيام المكروه، شرع في الصيام المحرم، فقال لك أيضاً: يحرم صيام أيام التشريق، وأيام التشريق هي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وسميت هذه الأيام بأيام التشريق لأنهم كانوا يشرقون فيها اللحم، تذبح فيه الأضاحي والهدايا ويكثر اللحم عند الناس، فيحتاجون إلى أن يقطعوه ويعرضوه للشمس؛ لكي ييبس، وتذهب عنه العفونة، وفي الزمن السابق لم يكن هناك آلات تحفظ فيها اللحوم كما يوجد في وقتنا الحاضر، فأيام التشريق يحرم صيامها، ودليل ذلك حديث نبيشة الهذلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل).
ثم قال رحمه الله: (إلا عن دم متعة وقران).
يعني: لا بأس أن تصام أيام التشريق للمتمتع أو القارن الذي لم يجد هدياً، وكل من المتمتع والقارن يجب عليه الهدي، كما سيأتينا إن شاء الله في أحكام المناسك.
لكن إذا لم يجد المتمتع أو القارن هدياً فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج، وهذه الأيام تبدأ من حين الإحرام بالعمرة، ويستمر صيام هذه الأيام إلى نهاية أيام التشريق، فإذا لم يصم قبل يوم العيد، فإنه يصوم هذه الأيام الثلاثة في أيام التشريق، اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فالمتمتع والقارن إذا لم يجدا هدياً فيجب عليهما أن يصوما ثلاثة أيام؛ لقول الله عز وجل: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196]، وإذا لم يصم قبل يوم العيد فإنه يصوم بعد يوم العيد هذه الأيام الثلاثة، ويدل لذلك حديث ابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم، أنهما قالا:لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. أخرجه البخاري في صحيحه.
والذي ذهب إليه المؤلف رحمه الله: أنه لا بأس للمتمتع والقارن أن يصوما أيام التشريق إذا لم يصوما قبل ذلك، وهذا هو مذهب أحمد ومذهب الشافعي خلافاً لـأبي حنيفة ومالك ، فإنهما لا يريان أن المتمتع والقارن أنه يصوم أيام التشريق، ويستدلون على ذلك بما تقدم من حديث نبيشة الهذلي ، لكن نقول: حديث نبيشة الهذلي يخص منه ما يتعلق بصيام المتمتع والقارن.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |