شرح زاد المستقنع - كتاب الزكاة [5]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية، ففيه الخمس في قليله وكثيره.

باب: زكاة النقدين.

يجب في الذهب إذا بلغ عشرين مثقالاً، وفي الفضة إذا بلغت مائتي درهم ربع العشر منهما، ويضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، وتضم قيمة العروض إلى كل منهما، ويباح للذكر من الفضة الخاتم، وقبيعة السيف، وحلية المنطقة ونحوه، ومن الذهب قبيعة السيف، وما دعت إليه ضرورة كأنف ونحوه، ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه ولو كثر، ولا زكاة في حليهما المعد للاستعمال، أو العارية].

تقدم لنا ما يتعلق بزكاة الخارج من الأرض، وأن المؤلف رحمه الله تعالى يرى أن الزكاة تجب في كل حب، وفي كل ثمر يكال ويدخر، وأن رأي أبي حنيفة أوسع الأقوال في هذه المسألة، وهو أن الزكاة تجب في كل ما خرج من الأرض، من الحبوب والثمار، حتى ما يتعلق بالخضروات والفواكه، ويستثنون من ذلك بعض الأشياء كالحطب، والحشيش، والقصب، وأضيق الأقوال في ذلك ما ذهب إليه الحسن البصري ومن معه: أن الزكاة لا تجب إلا في أربعة أصناف، وذكرنا أيضاً مذهب المالكية والشافعية، وأن الزكاة تجب فيما جمع وصفين؛ الادخار والاقتيات، وأيضاً تكلم المؤلف رحمه الله فيما يتعلق بقدر الواجب من الزكاة، وأنه ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: ما سقي بلا مؤنة ففيه العشر.

القسم الثاني: ما سقي بمؤنة ففيه نصف العشر.

والقسم الثالث: ما سقي نصفين ففيه ثلاثة أرباع العشر، وقلنا: إن الصواب في هذه المسألة أن يرجع إلى أكثرهما نفعاً.

والقسم الرابع: إذا تفاوت النفع ينظر إلى الأكثر نفعاً.

والقسم الأخير: مع الجهل يخرج العشر.

وتوقفنا على زكاة العسل، وذكرنا كلام العلماء رحمهم الله في زكاة العسل، وأنهم اختلفوا في هذه المسألة إلى قولين:

القول الأول: وجوب الزكاة في العسل، وهذا مذهب أبي حنيفة ، وأحمد .

والرأي الثاني: أن الزكاة لا تجب في العسل، وهذا مذهب مالك ، والشافعي ، وذكرنا أن الأقرب في هذه المسألة كما قال أبو عبيد رحمه الله: أنهم يؤمرون بإخراجها من غير أن يكون ذلك لازماً لهم، ويكره لهم منعها.

ونصاب زكاة العسل اختلف فيه العلماء رحمهم الله -الذين قالوا بوجوب زكاة العسل- على قولين:

القول الأول: أن النصاب مائة وستون رطلاً عراقياً، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وقلنا: إن الرطل العراقي يساوي تسعين مثقالاً، وإن المثقال يساوي أربعة وربعاً من الغرامات، فتحول هذه الأرطال إلى مثاقيل، ثم إلى جرامات، ثم بعد ذلك إلى كيلوهات.

القول الثاني: رأي أبي حنيفة رحمه الله؛ أن الزكاة تجب في قليل العسل وكثيره.

وما قدر الواجب من الزكاة؟ المؤلف رحمه الله يقول: العشر كما ورد ذلك في الحديث، وكما ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه على القول بوجوب الزكاة.

تعريف الركاز وأقسامه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية).

الركاز: ما وجد من دفن الجاهلية، يعني: من مدفونهم.

والركاز ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن توجد عليه علامة المسلمين كأن يوجد عليه اسم ملك من ملوكهم ونحو ذلك، فهذا حكمه حكم اللقطة، والعلماء رحمهم الله يقولون: بأن حكمه حكم اللقطة، وعلى هذا يعرف سنةً كاملة، ثم بعد التعريف يتملكه الملتقط، أو يدخل في ملكه كما يقول الشافعية قهراً كما هو المشهور من المذهب.

القسم الثاني: أن توجد عليه علامة الكفار قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الركاز كما سبق، وفيه الخمس، ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي الركاز الخمس ).

القسم الثالث: أن يجهل أمره؛ أي: ليس عليه علامة الكفار الذين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عليه علامة من علامات المسلمين، فهذا أيضاً حكمه حكم اللقطة.

مقدار زكاة الركاز ومصرفها

قال المؤلف رحمه الله: (ففيه الخمس قليله وكثيره).

وهذا قول جمهور العلماء رحمهم الله تعالى؛ أن الركاز فيه الخمس سواء كان قليلاً أو كثيراً، سواء كان الموجود يبلغ النصاب أو لا يبلغ النصاب؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وفي الركاز الخمس).

والرأي الثاني: أنه يشترط فيه أن يبلغ النصاب، وهذا قول الشافعي رحمه الله في الجديد، والأصل عند الشافعية: أنهم يغلبون جانب الزكاة في الركاز، بخلاف الجمهور فإنهم يغلبون جانب الفيء، فقوله: (وفي الركاز الخمس) المقصود بالخمس: الخمس المعهود، وهو خمس الفيء كما في قول الله عز وجل: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41].

وهل يغلب على الركاز حكم الزكاة أو يغلب على الركاز حكم الفيء؟ وهل يشترط في هذا الركاز أن يكون من الأموال الزكوية من الذهب والفضة؟ أو لا يشترط ذلك سواء كان من الذهب والفضة، أو من غيرهما كما لو وجد أحجاراً كريمة، أو لؤلؤاً، أو أسلحة، أو غير ذلك.

الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة، فالمشهور من المذهب: أنه لا يشترط أن يكون الركاز من الأموال الزكوية.

والرأي الثاني: رأي الشافعي أنه يشترط أن يكون من الأموال الزكوية، يعني: من الذهب أو الفضة، كما تقدم أنهم يغلبون جانب الزكاة.

وهنا مسألة ثالثة: أين يصرف هذا الخمس؟

إذا قلنا: يغلب فيه جانب الفيء فيصرف كالفيء في مصالح المسلمين، من تعبيد الطرق، وحفر الآبار، ورزق الأئمة، والمؤذنين، والقضاة، وبناء المستشفيات، وهذا هو المذهب، ومذهب أبي حنيفة.

وعند الشافعي يصرف في أهل الزكاة؛ لأنه يغلب فيه جانب الزكاة.

زكاة المعادن

هنا مسألة أخرى: وهي المعادن هل تجب فيها الزكاة، أو لا تجب؟

إذا أخرج معدناً من الأرض حديداً، أو رصاصاً، أو نحو ذلك، فالمشهور من المذهب، ومذهب أبي حنيفة: أن الزكاة تجب في المعدن، ويدل لذلك عموم قول الله عز وجل: وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267]، وهذا على أصل أبي حنيفة ؛ لأن الحنفية -كما ذكرنا- يتوسعون في إيجاب زكاة الخارج من الأرض، ويوجبون الزكاة في كل حب، وفي كل ثمر، ويوجبون الزكاة في المعادن، والركاز، والعسل كما سلف؛ لكنهم يقيدون ذلك بشرط أن يكون قابلاً للطرق والسحب، وإذا كان لا يقبل الطرق والسحب كالسائل والجامد، فلا تجب فيه الزكاة.

والشافعية يقولون: تجب الزكاة في المعدن إن كان ذهباً أو فضة، كالركاز يغلبون فيه جانب الزكاة.

إذاً الآراء في هذه المسألة ثلاثة:

الرأي الأول: وجوب الزكاة مطلقاً، وهو مذهب أحمد ، ومالك .

والرأي الثاني: أن الزكاة تجب في المعدن إن كان قابلاً للطرق والسحب، أما الذي لا يقبل الطرق والسحب فلا تجب فيه الزكاة.

والرأي الثالث: رأي الشافعية أن الزكاة لا تجب إلا في الذهب والفضة.

والذي يظهر -والله أعلم- هو إيجاب الزكاة لعموم الآية: وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267] ؛ ولأن الشارع أوجب الخمس في الركاز، وإذا كان الركاز هذا المعدن، والعرق المودع في الأرض تجب فيه الزكاة، فكذلك أيضاً هذا المعدن تجب فيه الزكاة، سواء كان ذهباً، أو فضة، أو كان غيرهما.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والركاز: ما وجد من دفن الجاهلية).

الركاز: ما وجد من دفن الجاهلية، يعني: من مدفونهم.

والركاز ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن توجد عليه علامة المسلمين كأن يوجد عليه اسم ملك من ملوكهم ونحو ذلك، فهذا حكمه حكم اللقطة، والعلماء رحمهم الله يقولون: بأن حكمه حكم اللقطة، وعلى هذا يعرف سنةً كاملة، ثم بعد التعريف يتملكه الملتقط، أو يدخل في ملكه كما يقول الشافعية قهراً كما هو المشهور من المذهب.

القسم الثاني: أن توجد عليه علامة الكفار قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الركاز كما سبق، وفيه الخمس، ودليل ذلك: ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي الركاز الخمس ).

القسم الثالث: أن يجهل أمره؛ أي: ليس عليه علامة الكفار الذين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وليس عليه علامة من علامات المسلمين، فهذا أيضاً حكمه حكم اللقطة.

قال المؤلف رحمه الله: (ففيه الخمس قليله وكثيره).

وهذا قول جمهور العلماء رحمهم الله تعالى؛ أن الركاز فيه الخمس سواء كان قليلاً أو كثيراً، سواء كان الموجود يبلغ النصاب أو لا يبلغ النصاب؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وفي الركاز الخمس).

والرأي الثاني: أنه يشترط فيه أن يبلغ النصاب، وهذا قول الشافعي رحمه الله في الجديد، والأصل عند الشافعية: أنهم يغلبون جانب الزكاة في الركاز، بخلاف الجمهور فإنهم يغلبون جانب الفيء، فقوله: (وفي الركاز الخمس) المقصود بالخمس: الخمس المعهود، وهو خمس الفيء كما في قول الله عز وجل: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41].

وهل يغلب على الركاز حكم الزكاة أو يغلب على الركاز حكم الفيء؟ وهل يشترط في هذا الركاز أن يكون من الأموال الزكوية من الذهب والفضة؟ أو لا يشترط ذلك سواء كان من الذهب والفضة، أو من غيرهما كما لو وجد أحجاراً كريمة، أو لؤلؤاً، أو أسلحة، أو غير ذلك.

الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في المسألة السابقة، فالمشهور من المذهب: أنه لا يشترط أن يكون الركاز من الأموال الزكوية.

والرأي الثاني: رأي الشافعي أنه يشترط أن يكون من الأموال الزكوية، يعني: من الذهب أو الفضة، كما تقدم أنهم يغلبون جانب الزكاة.

وهنا مسألة ثالثة: أين يصرف هذا الخمس؟

إذا قلنا: يغلب فيه جانب الفيء فيصرف كالفيء في مصالح المسلمين، من تعبيد الطرق، وحفر الآبار، ورزق الأئمة، والمؤذنين، والقضاة، وبناء المستشفيات، وهذا هو المذهب، ومذهب أبي حنيفة.

وعند الشافعي يصرف في أهل الزكاة؛ لأنه يغلب فيه جانب الزكاة.

هنا مسألة أخرى: وهي المعادن هل تجب فيها الزكاة، أو لا تجب؟

إذا أخرج معدناً من الأرض حديداً، أو رصاصاً، أو نحو ذلك، فالمشهور من المذهب، ومذهب أبي حنيفة: أن الزكاة تجب في المعدن، ويدل لذلك عموم قول الله عز وجل: وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267]، وهذا على أصل أبي حنيفة ؛ لأن الحنفية -كما ذكرنا- يتوسعون في إيجاب زكاة الخارج من الأرض، ويوجبون الزكاة في كل حب، وفي كل ثمر، ويوجبون الزكاة في المعادن، والركاز، والعسل كما سلف؛ لكنهم يقيدون ذلك بشرط أن يكون قابلاً للطرق والسحب، وإذا كان لا يقبل الطرق والسحب كالسائل والجامد، فلا تجب فيه الزكاة.

والشافعية يقولون: تجب الزكاة في المعدن إن كان ذهباً أو فضة، كالركاز يغلبون فيه جانب الزكاة.

إذاً الآراء في هذه المسألة ثلاثة:

الرأي الأول: وجوب الزكاة مطلقاً، وهو مذهب أحمد ، ومالك .

والرأي الثاني: أن الزكاة تجب في المعدن إن كان قابلاً للطرق والسحب، أما الذي لا يقبل الطرق والسحب فلا تجب فيه الزكاة.

والرأي الثالث: رأي الشافعية أن الزكاة لا تجب إلا في الذهب والفضة.

والذي يظهر -والله أعلم- هو إيجاب الزكاة لعموم الآية: وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ [البقرة:267] ؛ ولأن الشارع أوجب الخمس في الركاز، وإذا كان الركاز هذا المعدن، والعرق المودع في الأرض تجب فيه الزكاة، فكذلك أيضاً هذا المعدن تجب فيه الزكاة، سواء كان ذهباً، أو فضة، أو كان غيرهما.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2725 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2639 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2549 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2524 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2518 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2493 استماع