خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب الجنائز [5]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض تجمر ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط فيما بينها ثم يوضع عليها مستلقياً، ويجعل منه في قطن بين إليتيه ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده، وإن طيب كله فحسن، ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن ويرد طرفها الآخر من فوقه ثم الثانية والثالثة كذلك، ويجعل أكثر الفاضل عند رأسه ثم يعقدها، وتحل في القبر، وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز، وتكفن المرأة في خمسة أثواب إزار وخمار وقميص ولفافتين، والواجب ثوب يستر جميعه.
فصل: السنة أن يقوم الإمام عند صدره وعند وسطها، ويكبر أربعاً، يقرأ في الأولى بعد التعوذ الفاتحة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية كالتشهد، ويدعو في الثالثة فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا فتوفه عليهما، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله داراً خيراً من داره، وزوجا خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره، ونوّر له فيه، وإن كان صغيراً قال: اللهم اجعله ذخرا لوالديه، وفرطا وشفيعا مجابا، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم، ويقف بعد الرابعة قليلا ويسلم واحدة عن يمينه، ويرفع يديه مع كل تكبيرة.
وواجبها: قيام، وتكبيرات أربع، والفاتحة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوة للميت والسلام، ومن فاته شيء من التكبير قضاه على صفته، ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض).
قوله: (رجل).
المراد به البالغ، واعلم أنهم غالباً إذا أطلقوا الرجل فإنهم يريدون به البالغ، فعندنا الذكر بالنسبة لتكفينه كما سيذكر المؤلف رحمه الله ينقسم إلى قسمين: الذكر البالغ وهذا له كفن، والقسم الثاني: الذكر غير البالغ، وهذا له كفن آخر.
وكذلك أيضاً بالنسبة للمرأة إن كانت بالغةً فهذه سيذكر المؤلف رحمه الله لها كفناً، وإن كانت غير بالغة أيضاً لها كفن آخر سيأتي بيانه.
واعلم أيضاً أن هؤلاء الأصناف الذين عددناهم: الذكر البالغ والذكر غير البالغ، والمرأة البالغة؛ والمرأة غير البالغة لكل منهم كفنان: كفن مستحب، وكفن مجزئ كما سيأتي بيانه إن شاء الله.
كيفية تجهيز الكفن للميت الذكر
لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة أدرج فيها إدراجاً )، أخرجه البخاري ومسلم . هذا هو الكفن الكامل المستحب للذكر البالغ، وسيأتي الكفن المجزئ.
قال: (تجمر).
يعني: ترش، قال العلماء رحمهم الله: ترش بماء الورد، ثم بعد ذلك تبخر، ويدل لذلك ما أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثاً )، وذكره ابن المنذر رحمه الله عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم أنهم يستحبون إجمار ثياب الميت.
وقد ورد أيضاً ذلك عن أسماء بنت أبي بكر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فنقول: بأن هذه اللفائف الثلاث يؤتى بها، فترش بماء الورد ثم تبخر، والحكمة أنها ترش قبل ذلك لكي يعلق بها البخور.
قال: (ثم تبسط بعضها فوق بعض), يعني نجعل اللفافة الأولى, ثم نجعل اللفافة الثانية عليها تماماً، ثم نجعل اللفافة الثالثة عليها تماماً، هكذا بعضها فوق بعض، ثم يؤتى بالميت ويوضع على اللفائف هذه، ثم تلف عليه كما سيذكر المؤلف رحمه الله.
قال: (ثم تبسط بعضها فوق بعض).
وتكون أحسنها وأعلاها هي الأولى؛ لأنها هي التي تكون ظاهرة، فإذا كان هناك لفافة تميزت بالحسن أو بالكبر أو نحو ذلك فإننا نجعلها هي الأولى؛ لأنها إذا كانت هي الأولى ستكون هي الظاهرة، وهذه عادة الحي؛ عادة الحي أن تكون ثيابه الحسنة هي الظاهرة للناس.
مواضع استعمال الحنوط
الحنوط: أخلاط من الطيب يعد للميت خاصة، فهذا الحنوط يجعل فيما بين هذه اللفائف، فالحنوط يستعمل بالنسبة للميت في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: أنه يستعمل في كفن الميت، يعني يوضع بين هذه اللفائف الثلاث.
الموضع الثاني: أنه يوضع في قطن, ويتتبع به مغابن الميت ومنافذه، مثل العينين والفم يعني يضع على فمه وعلى أنفه وعلى عينيه، وعلى عمق السرة وطي الركبتين، وعلى الإبطين، وأيضاً الأذنين.
الموضع الثالث: على مواضع السجود، وهي: الجبهة, والأنف, والركبتين واليدين والرجلين كما سيأتي إن شاء الله، فنضع على يديه، وعلى جبهته، وعلى ركبتيه، وعلى أنفه، وعلى رجليه.
قال: (ويجعل الحنوط فيما بينها، ثم يوضع عليها مستلقياً).
يعني: بعد أن يحنط أو يقيد بالحنوط كما تقدم يوضع عليها مستلقياً على ظهره بعد أن نبسط هذه اللفائف، وتكون يداه إلى جانبيه، يده اليمنى إلى جانبه الأيمن، ويده اليسرى إلى جانبه اليسرى.
قال: (ويجعل منه في قطن بين إليتيه).
نحن قلنا: إن الحنوط يوضع في مغابن الميت ومنافذه، ولا شك أن الدبر من المنافذ؛ فيوضع الحنوط في شيء من القطن بين إليتيه، وهذه الأشياء واردة عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وقوله: (ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع إليتيه ومثانته).
يعني: يؤتى بخرقة كالتبان, والتبان: هو السروال القصير، بحيث أن هذه الخرقة تستوعب مقدار الإلية، ثم بعد ذلك تلف على إليتيه، وهذا لم يرد فيه شيء من السنة، وإنما العلماء ذكروا هذا قالوا: لئلا يخرج منه شيء، فهي أمكن في دفع الخارج ورده، ولا شك أن الميت هذا سيحرك، فيحتمل أن يخرج منه شيء، فذكر العلماء رحمهم الله ذلك، وإلا فإنه لم يثبت فيه شيء من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: (كالتبان تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده).
والدليل على ذلك ما ورد أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك. وهذا الأثر أخرجه عبد الرزاق ، كذلك أيضاً البيهقي رحمهم الله، وإسناده صحيح.
وكذلك أيضاً ورد أن أنساً رضي الله تعالى عنه طلي بالمسك، وهذا أيضاً أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي، وكذلك أيضاً ابن عمر رضي الله تعالى عنهما طلى ميتاً بالمسك، وهذا أيضاً أخرجه عبد الرزاق، وهذا إسناده صحيح.
والذي ورد في السنة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته: ( لا تحنطوه )، لكن ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما ورد عن ابن عمر تتبع المغابن والمرافق، وابن عمر أيضاً طلى ميتاً بالمسك.. إلى آخره، فذكر العلماء رحمهم الله أنه يوضع في هذه المواضع الثلاثة.
قال: (وإن طيب كله فحسن).
لما سبق أن ذكرنا أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما طلى ميتاً بالمسك، وكذلك أيضاً أنس رضي الله تعالى عنه طلي بالمسك.
طريقة جمع لفائف الكفن على الميت
يعني: بعد أن تبسط اللفائف واحدة فوق الأخرى يؤتى بالميت ويجعل مستلقياً على ظهره، ثم نأخذ اللفافة من الجانب الأيسر فنردها على جانبه الأيمن، ثم نأخذ طرفها من الجانب الأيمن ونردها على جانبه الأيسر، ثم الثانية نفعل بها كذلك، ثم الثالثة نفعل بها كذلك.
ولو كان الكفن طويلاً جعل أكثر لفافة عند رأسه؛ لأن الرأس هو أشرف الأعضاء، ثم بعد ذلك تحل هذه العقد؛ لورود ذلك عن أنس رضي الله تعالى عنه؛ لأن أنساً قال: ( إذا أدخلتم الميت فحلوا العقد ) فيربط بثلاث عقد: عقدة عند رجليه، وعقدة عند رأسه، وعقدة في وسطه.
حكم تكفين الذكر البالغ في قميص ومئزر ولفافة
تقدم لنا أن الذكر البالغ له كفنان: كفن كامل وهو ثلاث لفائف، والمجزئ هو ثوب واحد يستره، بحيث لا يبين لون الجسم، فلو أنه أتي بثوب واحد ولف عليه فإن هذا الكفن يستره، وسيذكره المؤلف رحمه الله تعالى في قوله: (والواجب ثوب يستر جميع).
يقول المؤلف رحمه الله: (وإن كفن في قميص).
القميص: هو الثوب.
(ومئزر).
المئزر: هو ما يستر نصف البدن.
(ولفافة).
فلو أنه لف نصفه الأسفل بمئزر، ثم ألبس ثوبه، ثم لف بلفافة يقول المؤلف رحمه الله: إن هذا جائز، ويدل لهذا ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس
يقول المؤلف رحمه الله: (رواه البخاري في الشرح).
وهو في صحيح البخاري ، وكذلك أيضاً في صحيح مسلم ، وهذا فيه نظر، والأقرب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عبد الله بن أبي ثوبه حينما طلب ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رضي الله تعالى عنه من النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه لكي يلبسه أباه، وذلك تبركاً بالنبي عليه الصلاة والسلام.
ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام له بركة ذاتية، كما أن له بركة معنوية، ففي هذا الاستدلال نظر، فيظهر من السنة أنه يكفن الإنسان كما كفن النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أثواب بيض سحولية، وأما بالنسبة للواجب فسيأتينا إن شاء الله.
صفة كفن المرأة
والإزار: هو -كما تقدم لنا-: ما يستر نصف البدن الأسفل، والخمار معروف، وكذلك أيضاً القميص هو الثوب، واللفافتان معروفتان.
ويدل لهذا حديث ليلى الثقفية رضي الله تعالى عنها قالت: ( كنت فيمن غسل
وهذا أخرجه الإمام أحمد وأبو داود ، كذلك الطبراني والبيهقي ، لكنه ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مدار الحديث هذا على نوح بن حكيم الثقفي وهو مجهول.
وعند الحنفية المؤلف رحمه الله ذكر أن المرأة البالغة تكفن في خمسة أثواب، عند الحنفية قالوا: تكفن في قميص وإزار وخمار ولفافة وخرقة تربط على ثدييها.
عند مالك رحمه الله: أنه يستحب أن تكفن في ثلاثة في قميص وخمار وإزار، أو خمسة تضاف على ذلك لفافتان.
وعند الشافعي في إزار وقميص وخمار وثلاث لفائف.
والصواب في ذلك: أن ما ثبت في حكم الرجال ثبت في حكم النساء إلا بدليل، فنقول: ما دام أن هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن المرأة تكفن بما يكفن به الرجل، وحال الحياة يختلف عن حال الممات، مع أن عندنا القاعدة: أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، فنقول: الصواب في ذلك أن المرأة تكفن في ثلاثة أثواب كما كفن النبي صلى الله عليه وسلم.
الكفن المجزئ للبالغ ذكراً كان أو أنثى
نعم هذا الواجب، يعني: يكفي ثوب واحد أي لفافة واحدة، فبالنسبة للذكر البالغ الكفن المجزئ لفافة واحدة، وبالنسبة للأنثى البالغة المجزئ هو لفافة واحدة، ويدل لذلك ما تقدم من حديث خباب بن الأرت رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن مصعب بن عمير بنمرة، فلما لم تكف هذه النمرة جعل النبي صلى الله عليه وسلم على رجليه شيئاً من الإذخر، فهذا يدل على أن المقصود هو ستر البدن، ويشترط في هذا أن يستر لون البشرة، فإن كان يصف لون البشرة فإن هذا لا يجزئ، ولا يكفي ذلك.
صفة كفن غير البالغ ذكراً كان أو أنثى
والصواب في ذلك: أن الذكر الصغير كالذكر الكبير.
كذلك أيضاً بالنسبة للصغيرة تكفن الكفن الكامل في قميص ولفافتين، والمجزئ ثوب واحد -لفافة واحدة- والصواب في ذلك أنها كالمرأة الكبيرة.
وعلى هذا نقول: الخلاصة في كل ما تقدم أن الميت سواء كان ذكراً أو أنثى كبيراً أو صغيراً يكفن في ثلاث لفائف كما كفن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كفن من ماله فإنه يكره أن ينقص عن هذه اللفائف؛ لأنه خلاف السنة، ومال الميت كما أنه مقدم به في حال الحياة فكذلك أيضاً هو مقدم به في حال الممات، أما إذا لم يكفن من ماله فإن المجزئ لفافة واحدة تستر بدنه بحيث لا تصف البشرة.
أما على كلام العلماء رحمهم الله فهم يجعلون كفناً كاملاً وكفناً مجزئاً، فالكفن الكامل للذكر البالغ ثلاث لفائف، والمجزئ لفافة واحدة، وللذكر غير البالغ يقولون: الكفن الكامل ثوب واحد، ويباح في ثلاثة أثواب، وبالنسبة للمرأة قالوا: في خمسة إذا كانت بالغة بالنسبة للكفن الكامل، وبالنسبة للمجزئ ثوب، وإن كانت غير بالغة قالوا: تكفن في قميص ولفافتين، والمجزئ ثوب واحد.
قال رحمه الله: (يستحب تكفين رجل في ثلاث لفائف بيض من قطن).
لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة أدرج فيها إدراجاً )، أخرجه البخاري ومسلم . هذا هو الكفن الكامل المستحب للذكر البالغ، وسيأتي الكفن المجزئ.
قال: (تجمر).
يعني: ترش، قال العلماء رحمهم الله: ترش بماء الورد، ثم بعد ذلك تبخر، ويدل لذلك ما أخرجه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثاً )، وذكره ابن المنذر رحمه الله عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم أنهم يستحبون إجمار ثياب الميت.
وقد ورد أيضاً ذلك عن أسماء بنت أبي بكر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فنقول: بأن هذه اللفائف الثلاث يؤتى بها، فترش بماء الورد ثم تبخر، والحكمة أنها ترش قبل ذلك لكي يعلق بها البخور.
قال: (ثم تبسط بعضها فوق بعض), يعني نجعل اللفافة الأولى, ثم نجعل اللفافة الثانية عليها تماماً، ثم نجعل اللفافة الثالثة عليها تماماً، هكذا بعضها فوق بعض، ثم يؤتى بالميت ويوضع على اللفائف هذه، ثم تلف عليه كما سيذكر المؤلف رحمه الله.
قال: (ثم تبسط بعضها فوق بعض).
وتكون أحسنها وأعلاها هي الأولى؛ لأنها هي التي تكون ظاهرة، فإذا كان هناك لفافة تميزت بالحسن أو بالكبر أو نحو ذلك فإننا نجعلها هي الأولى؛ لأنها إذا كانت هي الأولى ستكون هي الظاهرة، وهذه عادة الحي؛ عادة الحي أن تكون ثيابه الحسنة هي الظاهرة للناس.
قال رحمه الله: (ويجعل الحنوط).
الحنوط: أخلاط من الطيب يعد للميت خاصة، فهذا الحنوط يجعل فيما بين هذه اللفائف، فالحنوط يستعمل بالنسبة للميت في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: أنه يستعمل في كفن الميت، يعني يوضع بين هذه اللفائف الثلاث.
الموضع الثاني: أنه يوضع في قطن, ويتتبع به مغابن الميت ومنافذه، مثل العينين والفم يعني يضع على فمه وعلى أنفه وعلى عينيه، وعلى عمق السرة وطي الركبتين، وعلى الإبطين، وأيضاً الأذنين.
الموضع الثالث: على مواضع السجود، وهي: الجبهة, والأنف, والركبتين واليدين والرجلين كما سيأتي إن شاء الله، فنضع على يديه، وعلى جبهته، وعلى ركبتيه، وعلى أنفه، وعلى رجليه.
قال: (ويجعل الحنوط فيما بينها، ثم يوضع عليها مستلقياً).
يعني: بعد أن يحنط أو يقيد بالحنوط كما تقدم يوضع عليها مستلقياً على ظهره بعد أن نبسط هذه اللفائف، وتكون يداه إلى جانبيه، يده اليمنى إلى جانبه الأيمن، ويده اليسرى إلى جانبه اليسرى.
قال: (ويجعل منه في قطن بين إليتيه).
نحن قلنا: إن الحنوط يوضع في مغابن الميت ومنافذه، ولا شك أن الدبر من المنافذ؛ فيوضع الحنوط في شيء من القطن بين إليتيه، وهذه الأشياء واردة عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
وقوله: (ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان تجمع إليتيه ومثانته).
يعني: يؤتى بخرقة كالتبان, والتبان: هو السروال القصير، بحيث أن هذه الخرقة تستوعب مقدار الإلية، ثم بعد ذلك تلف على إليتيه، وهذا لم يرد فيه شيء من السنة، وإنما العلماء ذكروا هذا قالوا: لئلا يخرج منه شيء، فهي أمكن في دفع الخارج ورده، ولا شك أن الميت هذا سيحرك، فيحتمل أن يخرج منه شيء، فذكر العلماء رحمهم الله ذلك، وإلا فإنه لم يثبت فيه شيء من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: (كالتبان تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده).
والدليل على ذلك ما ورد أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك. وهذا الأثر أخرجه عبد الرزاق ، كذلك أيضاً البيهقي رحمهم الله، وإسناده صحيح.
وكذلك أيضاً ورد أن أنساً رضي الله تعالى عنه طلي بالمسك، وهذا أيضاً أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي، وكذلك أيضاً ابن عمر رضي الله تعالى عنهما طلى ميتاً بالمسك، وهذا أيضاً أخرجه عبد الرزاق، وهذا إسناده صحيح.
والذي ورد في السنة هو قول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته: ( لا تحنطوه )، لكن ورد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما ورد عن ابن عمر تتبع المغابن والمرافق، وابن عمر أيضاً طلى ميتاً بالمسك.. إلى آخره، فذكر العلماء رحمهم الله أنه يوضع في هذه المواضع الثلاثة.
قال: (وإن طيب كله فحسن).
لما سبق أن ذكرنا أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما طلى ميتاً بالمسك، وكذلك أيضاً أنس رضي الله تعالى عنه طلي بالمسك.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2816 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2730 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2676 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2643 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2638 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2556 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2553 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2526 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2520 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2497 استماع |