خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [24]
الحلقة مفرغة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل في موقف الإمام والمأمومين:
يقف المأمومون خلف الإمام، ويصح معه عن يمينه أو عن جانبيه، لا قدامه، ولا عن يساره فقط، ولا الفذ خلفه أو خلف الصف, إلا أن تكون امرأة.
وإمامة النساء تقف في صفهن: ويليه الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء كجنائزهم، ومن لم يقف معه إلا كافر، أو امرأة، أو من عرف حدثه أحدهما، أو صبي في فرض ففذ، ومن وجد فرجة دخلها، وإلا عن يمين الإمام، فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه، فإن صلى فذاً ركعة لم تصح، وإن ركع فذاً ثم دخل في الصف أو وقف معه آخر قبل سجود الإمام صحت.
فصل: يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره ولا من وراءه، إذا سمع التكبير، وكذا خارجه إن رأى الإمام أو المأمومين.
وتصح خلف إمام عال عنهم، ويكره إذا كان العلو ذراعاً فأكثر كإمامته في الطاق، وتطوعه موضع المكتوبة إلا من حاجة].
تقدم لنا شيء من مباحث الائتمام، وذكرنا فيما تقدم حكم ائتمام من يؤدي الصلاة بمن يقضيها، ومن يقضي الصلاة بمن يؤديها، وكذلك أيضاً حكم ائتمام المفترض بالمتنفل، وكذلك أيضاً حكم الائتمام بالصبي.
وتكلمنا أيضاً عن اختلاف الصلاتين، وأن اختلاف الصلاتين ينقسم إلى أقسام، وذكرنا أن الذي يمتنع هو ما إذا كان الاختلاف بين الصلاتين في الأفعال اختلافاً كثيراً، فهنا يمتنع الائتمام، وما عدا ذلك فإن الائتمام مشروع.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (فصل في موقف الإمام والمأمومين).
هذا الفصل عقده المؤلف رحمه الله لبيان موقف الإمام وموقف المأمومين، سواء كان ذلك في صلاة الفرض أو في صلاة النفل.
صلاة المأموم خلف إمامه
لا يخلو المأمومون من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون المأموم واحداً، فإذا كان واحداً فإنه يقف عن يمين الإمام، وسيأتينا إن شاء الله حكم وقوفه عن يسار الإمام أو خلف الإمام.
الحالة الثانية: أن يكون المأموم أكثر من واحد، فإنهم كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى بقوله: يقفون خلف الإمام، ويدل لذلك: حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: ( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم واليتيم معي، والعجوز من ورائنا ).
وأيضاً يدل لذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى معه
وكان في أول الأمر إذا كانوا ثلاثة فإنهم يقومون عن يمينه وشماله، ولكن هذا نسخ، وخفي النسخ على ابن مسعود ، ولهذا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يرى أنهم إذا كانوا ثلاثة فإن الإمام يقوم بينهم، أحدهما يكون عن يمينه والآخر عن شماله، وهذا كان في أول الأمر، ثم بعد ذلك نسخ.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويصح معه).
يعني: يصح أن يقف المأمومون مع الإمام عن يمينه وعن شماله، لكن هذا خلاف السنة، فلو وقف المأمومون عن يمين الإمام وعن شماله صحت صلاتهم.
وسبق أن بينا أنه كان في أول الأمر إذا كانوا ثلاثة فإن أحدهما يقوم عن يمين الإمام والآخر عن شماله، والسنة هو تقدم الإمام، يعني: كون المأمومين يقومون عن يمين الإمام وعن شماله هذا خلاف السنة، والسنة أن يتقدم الإمام، وعلى هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، وسائر أئمة المسلمين.
ويستثني العلماء رحمهم الله من ذلك مسألتين:
المسألة الأولى: إمام العراة، فإن إمام العراة يقوم في وسطهم وجوباً؛ لأنه لو تقدم عليهم أدى ذلك إلى النظر إلى عورته، فإمام العراة يكون في الوسط.
أما المسألة الثانية: إمامة النساء، وإمامة النساء يستحب أن تكون في وسطهن استحباباً، ولو تقدمت فلا بأس، وسيأتي إن شاء الله.
صلاة من تقدم على إمامه
يعني: لا يصح أن يقف المأموم قدام الإمام.
والصلاة قدام الإمام للعلماء رحمهم الله ثلاثة آراء فيها:
الرأي الأول: ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى قال بقوله: (لا قدامه)، أي: لا قدام الإمام، فلا تصح للمأموم، يعني: المأموم إذا أحرم وكبر تكبيرة الإحرام قدام الإمام فإن صلاته لا تصح، والقول بعدم الصحة هو رأي جمهور العلماء.
والرأي الثاني: أنها تصح، وهو ما ذهب إليه مالك رحمه الله.
والرأي الثالث: أنها تصح في حال الزحام، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإذا كان هناك عذر وحاجة فإنها تصح قدام الإمام.
فالآراء في هذه المسألة ثلاثة، فأصحاب الرأي الأول استدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم ويتخلف الصحابة خلفه، وكذلك أيضاً الخلفاء الراشدون، وكما سبق أن ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار جابراً وجبار إلى ورائه.
وأما الذين قالوا بأنها تصح قدام الإمام كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى، فقال: بأن كون المأموم قدام الإمام هذا لا يمنعه من الاقتداء، فهو يتمكن من أن يقتدي بإمامه ولو كان قدامه.
وأما ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها تصح عند الحاجة والعذر ولا بأس به فدليله على ذلك: أن تقدم الإمام على المأموم من واجبات الصلاة، وإذا كان من الواجبات فإنه يسقط بالعجز، ونظير ذلك ما سيأتينا إن شاء الله من أن المصافة واجبة، يعني: يجب على المأموم أن يدخل في الصف، ولا يصح أن يصلي خلف الصف، لكن هذه المصافة تسقط بالعجز، فإذا اكتمل الصف فإن المصافة تسقط, وتصح الصلاة خلف الصف، مع أنه ورد النهي عن ذلك كما في حديث علي بن شيبان, كما سيأتينا إن شاء الله.
صلاة المأموم عن يسار إمامه
هذه المسألة من مفردات مذهب الحنابلة، أن الصلاة لا تصح عن يسار الإمام مع خلو يمينه، يعني: لو أن المأموم وقف عن يسار الإمام ويمينه خالية فإن صلاته لا تصح، وعند جمهور أهل العلم أن صلاته صحيحة.
أما الذين قالوا بأنها لا تصح فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس -لما كبر عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم- من يساره إلى يمينه.
وأما الذين قالوا بأنها صحيحة قالوا: ابن عباس أدى جزءاً من الصلاة عن يسار الإمام، فهو كبر تكبيرة الإحرام عن يسار الإمام، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.
والذي يظهر والله أعلم هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن صلاة المأموم عن يسار الإمام صحيحة، ولكن هذا خلاف الأفضل والسنة، وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من يساره إلى يمينه فهذا لا يدل على الوجوب؛ لأن هذا مجرد فعل يدل على الأفضلية والكمال.
صلاة المنفرد خلف الإمام أو خلف الصف
يعني: يقول المؤلف رحمه الله: لا تصح صلاة الفذ - يعني: الفرد- خلف الإمام، لو كان هناك إمام وخلفه مأموم واحد ما صحت صلاته.
قال رحمه الله: (أو خلف الصف).
يعني: مأموم صلى خلف الصف، فحكم ذلك -كما يقول المؤلف رحمه الله-: لا يصح. وهذا هو المشهور من المذهب، وأيضاً هذه المسألة من مفردات مذهب الحنابلة، واستدلوا على ذلك بحديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لفرد خلف الصف )، رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما، والحديث صححه جمع من أهل العلم؛ فقد صححه ابن خزيمة وابن حبان ، والبوصيري وابن حزم رحمهم الله.
وكذلك يدل لذلك حديث وابصة بن معبد : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد )، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وصححه ابن حبان , وحسنه الترمذي .
الرأي الثاني، رأي جمهور أهل العلم: أن الصلاة خلف الصف صحيحة، واستدلوا على ذلك بما تقدم من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: ( والعجوز من ورائنا )، فالعجوز صلت خلف الصف، وما ثبت في حق النساء يثبت في حق الرجال.
وكذلك أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من يساره إلى يمينه، فـابن عباس أثناء الإدارة أدى جزءاً من الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
والرأي الثالث وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن المصافة واجبة، لكنها تسقط مع العذر، والعذر اكتمال الصف، فإذا كان الصف مكتملاً فإن المصافة تسقط؛ لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها.
وهذا القول وسط بين رأي الحنابلة رحمهم الله الذين يقولون: الصلاة لا تصح حتى مع اكتمال الصف إذا كان فرداً خلف الصف، وبين رأي الجمهور الذين يتوسعون ويقولون: بأن الصلاة تصح -صلاة الفذ- خلف الصف ولو لم يكتمل الصف، فما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المصافة واجبة، والتخلف خلف الصف يسقط بالعجز، والتقدم على الإمام يسقط أيضاً بالعجز، هو الكلام الوسط.
صلاة المرأة خلف الصف
المرأة إذا صلت خلف الصف فإن أمرها لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون مع الرجال، فإنها لا تصافف الرجال، فتصلي ولو منفردة خلف الصف، ويدل لذلك ما تقدم من حديث أنس , قال: ( والعجوز من ورائنا ).
وأيضاً يدل لذلك: حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وخير صفوف النساء آخرها )، فدل ذلك على أن موقف المرأة إذا كانت مع الرجال أنها تكون في المؤخرة، وأنها لا تختلط بالرجال.
الحالة الثانية: أن تكون المرأة مع النساء، فحكم المرأة مع النساء كالرجل مع الرجال، وعلى هذا إذا صفت المرأة خلف صف النساء فحكم الصلاة هنا أنها لا تصح إلا إذا اكتمل الصف، وحينئذ تسقط المصافة، كذلك أيضاً لو أن امرأة صفت عن يسار امرأة نقول على المذهب: لا يصح، وعلى رأي الجمهور يصح، وعلى هذا فقس.
فنقول: حكم المرأة مع النساء كحكم الرجل مع الرجال، ولكن المرأة مع الرجال موقفها خلف الصف، ولا تخالط الرجال.
موقف إمامة النساء
إمامة النساء تقف في صفهن، وهذا هو المروي عن عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما، وكذلك أيضاً ورد عن ابن عباس , فهو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم. وسبق أن أشرنا إلى هذه المسألة، وقلنا: بأن إمامة النساء تقف في وسطهن استحباباً، وعلى هذا لو أن المرأة تقدمت إذا أمت النساء فإن هذا جائز ولا بأس به.
قال رحمه الله: (يقف المأمومون خلف الإمام).
لا يخلو المأمومون من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون المأموم واحداً، فإذا كان واحداً فإنه يقف عن يمين الإمام، وسيأتينا إن شاء الله حكم وقوفه عن يسار الإمام أو خلف الإمام.
الحالة الثانية: أن يكون المأموم أكثر من واحد، فإنهم كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى بقوله: يقفون خلف الإمام، ويدل لذلك: حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: ( فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم واليتيم معي، والعجوز من ورائنا ).
وأيضاً يدل لذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى معه
وكان في أول الأمر إذا كانوا ثلاثة فإنهم يقومون عن يمينه وشماله، ولكن هذا نسخ، وخفي النسخ على ابن مسعود ، ولهذا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه يرى أنهم إذا كانوا ثلاثة فإن الإمام يقوم بينهم، أحدهما يكون عن يمينه والآخر عن شماله، وهذا كان في أول الأمر، ثم بعد ذلك نسخ.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ويصح معه).
يعني: يصح أن يقف المأمومون مع الإمام عن يمينه وعن شماله، لكن هذا خلاف السنة، فلو وقف المأمومون عن يمين الإمام وعن شماله صحت صلاتهم.
وسبق أن بينا أنه كان في أول الأمر إذا كانوا ثلاثة فإن أحدهما يقوم عن يمين الإمام والآخر عن شماله، والسنة هو تقدم الإمام، يعني: كون المأمومين يقومون عن يمين الإمام وعن شماله هذا خلاف السنة، والسنة أن يتقدم الإمام، وعلى هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، وسائر أئمة المسلمين.
ويستثني العلماء رحمهم الله من ذلك مسألتين:
المسألة الأولى: إمام العراة، فإن إمام العراة يقوم في وسطهم وجوباً؛ لأنه لو تقدم عليهم أدى ذلك إلى النظر إلى عورته، فإمام العراة يكون في الوسط.
أما المسألة الثانية: إمامة النساء، وإمامة النساء يستحب أن تكون في وسطهن استحباباً، ولو تقدمت فلا بأس، وسيأتي إن شاء الله.
قال رحمه الله: (ويصح معه عن يمينه أو عن جانبيه لا قدامه).
يعني: لا يصح أن يقف المأموم قدام الإمام.
والصلاة قدام الإمام للعلماء رحمهم الله ثلاثة آراء فيها:
الرأي الأول: ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى قال بقوله: (لا قدامه)، أي: لا قدام الإمام، فلا تصح للمأموم، يعني: المأموم إذا أحرم وكبر تكبيرة الإحرام قدام الإمام فإن صلاته لا تصح، والقول بعدم الصحة هو رأي جمهور العلماء.
والرأي الثاني: أنها تصح، وهو ما ذهب إليه مالك رحمه الله.
والرأي الثالث: أنها تصح في حال الزحام، كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فإذا كان هناك عذر وحاجة فإنها تصح قدام الإمام.
فالآراء في هذه المسألة ثلاثة، فأصحاب الرأي الأول استدلوا بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم ويتخلف الصحابة خلفه، وكذلك أيضاً الخلفاء الراشدون، وكما سبق أن ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار جابراً وجبار إلى ورائه.
وأما الذين قالوا بأنها تصح قدام الإمام كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى، فقال: بأن كون المأموم قدام الإمام هذا لا يمنعه من الاقتداء، فهو يتمكن من أن يقتدي بإمامه ولو كان قدامه.
وأما ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنها تصح عند الحاجة والعذر ولا بأس به فدليله على ذلك: أن تقدم الإمام على المأموم من واجبات الصلاة، وإذا كان من الواجبات فإنه يسقط بالعجز، ونظير ذلك ما سيأتينا إن شاء الله من أن المصافة واجبة، يعني: يجب على المأموم أن يدخل في الصف، ولا يصح أن يصلي خلف الصف، لكن هذه المصافة تسقط بالعجز، فإذا اكتمل الصف فإن المصافة تسقط, وتصح الصلاة خلف الصف، مع أنه ورد النهي عن ذلك كما في حديث علي بن شيبان, كما سيأتينا إن شاء الله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا عن يساره فقط).
هذه المسألة من مفردات مذهب الحنابلة، أن الصلاة لا تصح عن يسار الإمام مع خلو يمينه، يعني: لو أن المأموم وقف عن يسار الإمام ويمينه خالية فإن صلاته لا تصح، وعند جمهور أهل العلم أن صلاته صحيحة.
أما الذين قالوا بأنها لا تصح فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس -لما كبر عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم- من يساره إلى يمينه.
وأما الذين قالوا بأنها صحيحة قالوا: ابن عباس أدى جزءاً من الصلاة عن يسار الإمام، فهو كبر تكبيرة الإحرام عن يسار الإمام، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة.
والذي يظهر والله أعلم هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن صلاة المأموم عن يسار الإمام صحيحة، ولكن هذا خلاف الأفضل والسنة، وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من يساره إلى يمينه فهذا لا يدل على الوجوب؛ لأن هذا مجرد فعل يدل على الأفضلية والكمال.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (ولا الفذ خلفه).
يعني: يقول المؤلف رحمه الله: لا تصح صلاة الفذ - يعني: الفرد- خلف الإمام، لو كان هناك إمام وخلفه مأموم واحد ما صحت صلاته.
قال رحمه الله: (أو خلف الصف).
يعني: مأموم صلى خلف الصف، فحكم ذلك -كما يقول المؤلف رحمه الله-: لا يصح. وهذا هو المشهور من المذهب، وأيضاً هذه المسألة من مفردات مذهب الحنابلة، واستدلوا على ذلك بحديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لفرد خلف الصف )، رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما، والحديث صححه جمع من أهل العلم؛ فقد صححه ابن خزيمة وابن حبان ، والبوصيري وابن حزم رحمهم الله.
وكذلك يدل لذلك حديث وابصة بن معبد : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد )، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم، وصححه ابن حبان , وحسنه الترمذي .
الرأي الثاني، رأي جمهور أهل العلم: أن الصلاة خلف الصف صحيحة، واستدلوا على ذلك بما تقدم من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: ( والعجوز من ورائنا )، فالعجوز صلت خلف الصف، وما ثبت في حق النساء يثبت في حق الرجال.
وكذلك أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار ابن عباس من يساره إلى يمينه، فـابن عباس أثناء الإدارة أدى جزءاً من الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم.
والرأي الثالث وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن المصافة واجبة، لكنها تسقط مع العذر، والعذر اكتمال الصف، فإذا كان الصف مكتملاً فإن المصافة تسقط؛ لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها.
وهذا القول وسط بين رأي الحنابلة رحمهم الله الذين يقولون: الصلاة لا تصح حتى مع اكتمال الصف إذا كان فرداً خلف الصف، وبين رأي الجمهور الذين يتوسعون ويقولون: بأن الصلاة تصح -صلاة الفذ- خلف الصف ولو لم يكتمل الصف، فما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المصافة واجبة، والتخلف خلف الصف يسقط بالعجز، والتقدم على الإمام يسقط أيضاً بالعجز، هو الكلام الوسط.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] | 2818 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2732 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2678 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2646 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2640 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2558 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2555 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2528 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2521 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2498 استماع |