خطب ومحاضرات
كتاب الطهارة [24]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:
قال المصنف رحمه الله: [ المسألة الثانية: الحيضة المتقطعة ]، هذه المسألة يقال فيها: حكم تقطع الدم مع وجود نقاء بين الدماء.
فالحائض مثلاً: تمكث يوماً وليلة أو يومين وهي ترى الدم، ثم ترى جفافاً تماماً، بحيث أنها لو أدخلت القطنة فرجها لخرجت جافة، أما لو أدخلت القطنة فرجها فخرجت متلوثة بقطرة أو حمرة أو صفرة فهذا دم حيض باتفاق، وأنها تصلي؛ لأن بقايا الدم لا تزال موجودة بالفرج.
لكن لو أنها أبقت القطنة في فرجها فخرجت جافة بيضاء ليس فيها شيء، فهذا يسمى: النقاء، أو يسمى: نقاء بين دم.
ثم مكثت بعد ذلك على هذه الصفة يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام، ثم جاءها الدم.. وهكذا، فهذا النقاء الحاصل يعتبر من الحيض أو من الطهر؟
أقوال الفقهاء في النقاء الذي في زمن الحيض
فللفقهاء هنا مسألتان:
المسألة الأولى: الاعتداد بالأطهار، فمثلاً لا نقول: أنها لو حاضت يومين وطهرت يومين أو ثلاثة، ثم حاضت يومين أو يوم وليلة ثم طهرت، وكان هذا التقطع كله داخل الخمسة عشر يوماً، فلا نقول: إن كل طهر يحسب حيضة كاملة، فتنقضي عدتها في خلال خمسة عشر يوماً؛ لأن العلماء قد اتفقوا أن الطهر والدم في خلال الخمسة عشر يوماً يعتبر حيضة واحدة تحسب في العدة.
إذاً: المسألة الأولى تنقسم إلى قسمين:
أولاً: متقطعة يكون فيها أثر الدم، هذه لا تصوم ولا تصلي ولا شيء.
ثانياً: المتقطعة، التي ترى جفافاً.. بحيث تدخل القطنة فتراها بيضاء فيكون بحثها على ما يلي:
أولاً: نبحثها من حيث العدة: نقول: إذا كان التقطع ثلاثة أطهار في خلال خمسة عشر يوماً، أي: رأت الطهر ثلاث مرات في خمسة عشر يوماً، فهل يقال لها: انقضت عدتك بالخمسة عشر يوماً فنقول: لا، لاتفاق الفقهاء على أنها لا تنقضي عدتها، بهذه الطريقة.
أقوال العلماء في حكم المرأة التي ترى الطهر في زمن الحيض
فيبقى هل يجب عليها الصوم والصلاة، أو لا يجب عليها الصوم والصلاة؟ وهل يجوز لزوجها أن يأتيها أو لا يجوز لزوجها أن يأتيها في هذ الأيام التي هي جافة ولا ترى فيها شيئاً؟
اختلف العلماء فيها إلى قولين:
القول الأول: يطلق عليهم: أهل اللقط والتلصيق، هؤلاء قالوا: يجب عليها في أيام الجفاف أن تصلي، ويجب عليها أن تصوم، ويجوز لزوجها أن يأتيها، فإذا ما عاودها الدم فصومها صحيح، وزوجها لا إثم عليه، وهذا ما يسموه باللقط: يلقطوا أيام الطهر، لقط بين الحيضة، وقال بهذا القول الإمام أحمد والإمام مالك ، وهو رأي للشافعي اعتمده بعض أصحابه ليس الأكثر.
والقول الثاني: وهو أنه إذا جف منها الدم، فإنا لا ندري أنه سيعود أو لا يعود، ولكن نوجب عليها الصوم ونوجب عليها الصلاة، ويجوز لزوجها أن يأتيها؛ لأن الظاهر أنها طهرت، فإذا ما جاءها الدم فصومها باطل يجب عليها أن تقضيه، وصلاتها باطلة، لكن لا تقضيها لأن الصلاة لا تجب على الحائض، وزوجها كان مخطئاً ولكنه لا إثم عليه وهذا ما يسمونه بالسحب، يعني: سحبوا أيام الحيض على أيام الطهر.
وهذا القول لـأبي حنيفة واختاره، وهو قول لـلشافعي اعتمده جل أصحابه وهو الذي يفتى به عند الشافعية ويسمى السحب.
فهذه هي المسألة وما قيل فيها، والمسألة على القولين، ولا يوجد لها دليل.
الخلاصة عند تقطع الدم مع وجود النقاء بين الدماء حقيقة النقاء.
وحقيقة النقاء هو: أن يصير فرجها بحيث لو جعلت القطنة فيه لخرجت بيضاء، أما التي يتقطع الدم ويبقى لون لو أدخلت في فرجها قطنة يخرج عليها أثر الدم من حمرة أو صفرة أو كدرة فهي في هذه الحالة حائض قولاً واحداً باتفاق الفقهاء، وهو قول الأئمة الأربعة، إلا ما نقل عن ابن حزم من أنها حيضات ونقاء؛ بناءً على أن الكدرة والصفرة ليست بحيض مطلقاً، وإنما الحيض هو الأسود.
أما من رأت دماً ثم نقاءً - أي: جفافاً - ثم دماً في زمن الحيض فهذه المسألة لم ترد فيها أدلة ظاهرة - أدلة واضحة - ولكن المسألة اجتهادية، وقد اتفقوا على أن هذا الطهر المتخلل بين الدماء التي في مدة الحيض، كله دم حيضة واحدة في حق المعتدة. واختلفوا في حق غير المعتدة.
واختلفوا أيضاً في حكم الصلاة والصوم، ووطء الزوج لها على قولين:
القول الأول: ما يسمى باللقط أو التلصيق، ومعناه: أن أيام النقاء طهر، فتصوم فيها وتصلي ويعتد بصومها وصلاتها، وأنه يجوز لزوجها أن يطأها فيها - في هذه الأيام - وبهذا قال مالك و أحمد وهو قول لـلشافعي واعتمده بعض أصحابه.
القول الثاني: ما يسمى بالسحب، ومعنى السحب: أن أيام النقاء تعد أيام حيض، فيسحب عليها حكم الحيض، إلا أنها يجب عليها إذا رأت الانقطاع وتحققته أن تصلي وتصوم، ويجوز لزوجها إتيانها؛ لاحتمال الطهر، فإذا عاودها الدم بان أن صومها باطل، وأن عليها قضاؤه، أما الصلاة فساقطة - بطلت لكنها ساقطة - وتبين أن وطء زوجها لها لم يكن مباحاً، لكن لا إثم عليه، وبهذا القول قال أبو حنيفة ، وهو القول الثاني لـلشافعي واعتمده أكثر أصحابه وعليه الفتوى.
الراجح في مسألة النقاء في زمن الحيض
والذي أرجحه أنا وأفتي به النساء هو القول الأول، الذي هو: اللقط، وأن صومها صحيح ولا يجب عليها قضاؤه، والمسألة اجتهادية.
هذه المسألة واقعة ويخطئ من يظن أنها مسألة فرضية، هذه مسألة واقعة، وتحصل الفتوى في أيام رمضان بها كثيراً، المرأة يظهر لها جفاف تاماً فتصبح صائمة، فلا تستطيع أن تترك الصوم وهي ترى الجفاف التام، فتصبح صائمة يومين أو أكثر ثم ترى الدم، ففقهاء الشافعية يفتونها بأن صومها الأول باطل، وبعد رمضان تقضي الأيام كلها، لكن عندما أسأل عنها فإني أقول: إن صومك في تلك الأيام صحيح، والأيام التي نزل الدم فيها تقضيها لو صامتها، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها والدين يسر، فأشجعها على أنها تصوم ولا تترك الصوم، وهذا المسألة اجتهادية.
إلا أن هناك عالماً كبيراً متمسك بمذهب الشافعي ولا يستطيع أن يخالفه، يسمى: محمد يوسف الكبير ، إذا سألوه أفتاهن بالسحب، وأوجب عليهن أن يقضين الصوم. أما نحن فنفتي بالقول الثاني في مذهب الشافعي وهو القول باللقط، فيصمن أيام النقاء ولا قضاء عليهن.
إذاً: المسألة اجتهادية والدين يسر، والقول باللقط فيه تيسير للنساء في أمر دينهن، وهو الذي يتمشى مع رأي الشريعة السمحة.
أما القول الثاني ففيه تشديد على النساء في أمر دينهن، وقد تؤدي الفتوى به إلى ترك الصوم عند الانقطاع؛ خوفاً من معاودة الدم، وإيجاب الصوم مرة أخرى؛ لعدم الاعتداد بالصوم الأول.
ولذلك تجد بعض النساء تقول: أنا أصوم ويأتيني الدم ويقول الفقهاء: أقضي، سأفطر حتى تنتهي الخمسة عشر يوماً.
ومما يدل على سلوك أمر التيسير في مثل هذه المسألة الاجتهادية ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري و مسلم وغيرهما في جملة من الأحاديث عن جماعة من الصحابة أنه قال: ( يسروا ولا تعسروا )، وقال: ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين )، وقال: ( إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه )، وفي حديث عائشة : ( وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً )، وهذه جملة أحاديث استفدنا منها هذا التيسير وهي كلها في البخاري و مسلم .
فللفقهاء هنا مسألتان:
المسألة الأولى: الاعتداد بالأطهار، فمثلاً لا نقول: أنها لو حاضت يومين وطهرت يومين أو ثلاثة، ثم حاضت يومين أو يوم وليلة ثم طهرت، وكان هذا التقطع كله داخل الخمسة عشر يوماً، فلا نقول: إن كل طهر يحسب حيضة كاملة، فتنقضي عدتها في خلال خمسة عشر يوماً؛ لأن العلماء قد اتفقوا أن الطهر والدم في خلال الخمسة عشر يوماً يعتبر حيضة واحدة تحسب في العدة.
إذاً: المسألة الأولى تنقسم إلى قسمين:
أولاً: متقطعة يكون فيها أثر الدم، هذه لا تصوم ولا تصلي ولا شيء.
ثانياً: المتقطعة، التي ترى جفافاً.. بحيث تدخل القطنة فتراها بيضاء فيكون بحثها على ما يلي:
أولاً: نبحثها من حيث العدة: نقول: إذا كان التقطع ثلاثة أطهار في خلال خمسة عشر يوماً، أي: رأت الطهر ثلاث مرات في خمسة عشر يوماً، فهل يقال لها: انقضت عدتك بالخمسة عشر يوماً فنقول: لا، لاتفاق الفقهاء على أنها لا تنقضي عدتها، بهذه الطريقة.
فيبقى هل يجب عليها الصوم والصلاة، أو لا يجب عليها الصوم والصلاة؟ وهل يجوز لزوجها أن يأتيها أو لا يجوز لزوجها أن يأتيها في هذ الأيام التي هي جافة ولا ترى فيها شيئاً؟
اختلف العلماء فيها إلى قولين:
القول الأول: يطلق عليهم: أهل اللقط والتلصيق، هؤلاء قالوا: يجب عليها في أيام الجفاف أن تصلي، ويجب عليها أن تصوم، ويجوز لزوجها أن يأتيها، فإذا ما عاودها الدم فصومها صحيح، وزوجها لا إثم عليه، وهذا ما يسموه باللقط: يلقطوا أيام الطهر، لقط بين الحيضة، وقال بهذا القول الإمام أحمد والإمام مالك ، وهو رأي للشافعي اعتمده بعض أصحابه ليس الأكثر.
والقول الثاني: وهو أنه إذا جف منها الدم، فإنا لا ندري أنه سيعود أو لا يعود، ولكن نوجب عليها الصوم ونوجب عليها الصلاة، ويجوز لزوجها أن يأتيها؛ لأن الظاهر أنها طهرت، فإذا ما جاءها الدم فصومها باطل يجب عليها أن تقضيه، وصلاتها باطلة، لكن لا تقضيها لأن الصلاة لا تجب على الحائض، وزوجها كان مخطئاً ولكنه لا إثم عليه وهذا ما يسمونه بالسحب، يعني: سحبوا أيام الحيض على أيام الطهر.
وهذا القول لـأبي حنيفة واختاره، وهو قول لـلشافعي اعتمده جل أصحابه وهو الذي يفتى به عند الشافعية ويسمى السحب.
فهذه هي المسألة وما قيل فيها، والمسألة على القولين، ولا يوجد لها دليل.
الخلاصة عند تقطع الدم مع وجود النقاء بين الدماء حقيقة النقاء.
وحقيقة النقاء هو: أن يصير فرجها بحيث لو جعلت القطنة فيه لخرجت بيضاء، أما التي يتقطع الدم ويبقى لون لو أدخلت في فرجها قطنة يخرج عليها أثر الدم من حمرة أو صفرة أو كدرة فهي في هذه الحالة حائض قولاً واحداً باتفاق الفقهاء، وهو قول الأئمة الأربعة، إلا ما نقل عن ابن حزم من أنها حيضات ونقاء؛ بناءً على أن الكدرة والصفرة ليست بحيض مطلقاً، وإنما الحيض هو الأسود.
أما من رأت دماً ثم نقاءً - أي: جفافاً - ثم دماً في زمن الحيض فهذه المسألة لم ترد فيها أدلة ظاهرة - أدلة واضحة - ولكن المسألة اجتهادية، وقد اتفقوا على أن هذا الطهر المتخلل بين الدماء التي في مدة الحيض، كله دم حيضة واحدة في حق المعتدة. واختلفوا في حق غير المعتدة.
واختلفوا أيضاً في حكم الصلاة والصوم، ووطء الزوج لها على قولين:
القول الأول: ما يسمى باللقط أو التلصيق، ومعناه: أن أيام النقاء طهر، فتصوم فيها وتصلي ويعتد بصومها وصلاتها، وأنه يجوز لزوجها أن يطأها فيها - في هذه الأيام - وبهذا قال مالك و أحمد وهو قول لـلشافعي واعتمده بعض أصحابه.
القول الثاني: ما يسمى بالسحب، ومعنى السحب: أن أيام النقاء تعد أيام حيض، فيسحب عليها حكم الحيض، إلا أنها يجب عليها إذا رأت الانقطاع وتحققته أن تصلي وتصوم، ويجوز لزوجها إتيانها؛ لاحتمال الطهر، فإذا عاودها الدم بان أن صومها باطل، وأن عليها قضاؤه، أما الصلاة فساقطة - بطلت لكنها ساقطة - وتبين أن وطء زوجها لها لم يكن مباحاً، لكن لا إثم عليه، وبهذا القول قال أبو حنيفة ، وهو القول الثاني لـلشافعي واعتمده أكثر أصحابه وعليه الفتوى.
استمع المزيد من الشيخ محمد يوسف حربة - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كتاب الزكاة [9] | 2957 استماع |
كتاب الزكاة [1] | 2913 استماع |
كتاب الطهارة [15] | 2906 استماع |
كتاب الطهارة [3] | 2619 استماع |
كتاب الصلاة [33] | 2567 استماع |
كتاب الصلاة [29] | 2416 استماع |
كتاب الطهارة [6] | 2397 استماع |
كتاب أحكام الميت [3] | 2389 استماع |
كتاب الطهارة [2] | 2366 استماع |
كتاب الصلاة [1] | 2329 استماع |