شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [18]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله: [ويكره قنوته في غير الوتر إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة غير طاعون، فيقنت الإمام في الفرائض، والتراويح عشرون ركعة تفعل في جماعة مع الوتر بعد العشاء في رمضان، ويوتر المتهجد بعده، فإن تبع إمامه شفعه بركعة، ويكره التنفل بينهما لا التعقيب بعدها في جماعة، ثم السنن الراتبة ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر وهما آكدها.

ومن فاته شيء منها سن له قضاؤه، وصلاة الليل أفضل من صلاة النهار، وأفضلها ثلث الليل بعد نصفه].

تقدم لنا شيء من مباحث الوتر، وذكرنا من هذه المباحث تعريف الوتر، وكذلك أيضاً حكمه، وأن جمهور أهل العلم يرون أنه سنة مؤكدة خلافاً لـأبي حنيفة رحمه الله تعالى، ثم تكلم المؤلف رحمه الله عن كيفيات الوتر، وأنه إذا أراد أن يوتر بخمس فالسنة أن يسردها سرداً، وإذا أراد أن يوتر بسبع أيضاً فالسنة أن يسردها سرداً بتشهد واحد وسلام واحد، وذكرنا أنه جاء في مسند أحمد بتشهدين وسلام واحد، وإذا أراد أن يوتر بتسع فإنه يسردها سرداً بتشهدين وسلام واحد، وإذا أراد أن يوتر بإحدى عشرة فقد ذكر الفقهاء رحمهم الله تعالى أربع صفات.

وذكرنا أن أصوب هذه الصفات ما دل عليه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر بإحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين )، وتكلمنا أيضاً عن وقت الوتر، وأن وقته ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأن المالكية يجعلون له وقتين وقت اختيار ووقت ضرورة.

وبقي من مباحث الوتر استحباب قضائه، فيستحب أن يقضى الوتر؛ ويدل لذلك حديث عائشة في مسلم قالت: ( وكان إذا غلبه نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة )، فيستحب أن يقضي الوتر، وكيفية قضائه: أن تقضيه شفعاً، فإذا أردت أن توتر بواحدة ثم غلبك نوم أو وجع أو نحو ذلك فإنك تصلي من النهار ثنتين، وإذا أردت أن توتر بثلاث فإنك تصلي من النهار أربعاً وهكذا، وإذا أردت أن توتر بخمس ولم توتر فإنك تصلي من النهار ستاً، ووقت قضاء الوتر يكون ضحى يعني: بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، وأما بالنسبة لآخره فلا حد لآخره؛ لأنه لم يرد في الشرع تحديده، وعلى هذا فلو قضاه بعد الظهر أو بعد المغرب فلا بأس به.

ومن المباحث ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى أنه يستحب أن يقول في آخر الوتر: ( اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا نحصي ثناءً عليك, أنت كما أثنيت على نفسك )، وهذا ورد في مسند أحمد وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وحسنه الترمذي .

أما بالنسبة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية القنوت فذكرنا أنه لم يثبت مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه جاء موقوفاً على بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وعلى هذا نقول: يفعله في بعض الأحيان، وأما ما يتعلق بمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء فهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأحاديث الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابتة.

وكذلك يستحب إذا انتهى من وتره أن يقول: سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، سبحان الملك القدوس، ثلاث مرات؛ لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله: (ويكره قنوته في غير الوتر).

يكره الدعاء بعد الركوع في غير الوتر، أما في الركوع فتقدم الكلام عليه، وهل يشرع كل ليلة أو لا يشرع كل ليلة؟ تكلمنا على هذه المسألة، وأن من العلماء من قال -كما هو قول أبي حنيفة وأحمد - يشرع كل ليلة.

الرأي الثاني: أن القنوت في الوتر لا يشرع إلا في النصف الثاني من رمضان، كما هو قول مالك والشافعي .

الرأي الثالث: أنه يفعله في بعض الأحيان ويتركه في بعض الأحيان، هذا فيما يتعلق بقنوت الوتر، فالقنوت الذي تكلم عليه العلماء رحمهم الله له ثلاث حالات:

الحالة الأولى: القنوت في الوتر، وهذا تكلمنا عليه.

الحالة الثانية: القنوت في غير الوتر، أي: القنوت في الفرائض، على كلام المؤلف رحمه الله تعالى القنوت في غير الوتر غير مشروع، بل مكروه.

الرأي الثاني: أن القنوت بعد صلاة الفجر مشروع، وهذا قول مالك والشافعي رحمهما الله، ولكل منهم دليل، أما الذين قالوا بأنه غير مشروع كما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، فاستدلوا بحديث أبي مالك الأشجعي أنه قال لأبيه: ( يا أبتي! صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي أكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث! ).

وقوله: محدث يدل على أنه غير مشروع، بل يدل على أنه بدعة، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الترمذي ، والذين وصفوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروه.

والذين قالوا بشرعية القنوت في صلاة الفجر استدلوا بحديث أنس رضي الله تعالى عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا )، وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد والحاكم وصححه، وأجاب عنه العلماء بأن قوله: (لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) أن المراد بالقنوت هنا طول القراءة، وسبق أن ذكرنا أن القنوت يطلق على معاني: منها الدعاء, ومنها الخشوع، ومنها طول القيام إلى آخره، فالمراد بحديث أنس على فرض ثبوته طول القراءة.

ولا شك أن صلاة الفجر يشرع فيها إطالة القراءة، فهذه الحالة الثانية، وهي القنوت في الفرائض، ولم يكن هناك نازلة نزلت بالمسلمين.

حكم القنوت للنازلة

قال المؤلف رحمه الله: (إلا أن ينزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت الإمام في الفرائض).

هذه الحالة الثالثة: القنوت إذا كان هناك نازلة نزلت بالمؤمنين، والنازلة هي المصيبة من شدائد الدهر، فإذا نزلت نازلة فإنه يشرع القنوت؛ ويدل لهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة أن أبا هريرة قال: ( لأقربن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة، وصلاة الصبح )، وأيضاً حديث البراء بن عازب : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر ) ورواه مسلم ، وكذلك أيضاً حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر )، كما في مسند أحمد وسنن أبي داود.

فالقنوت في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة مشروع، لكن ما هي النازلة التي يقنت لها؟ وما هي النازلة التي لا يقنت لها؟ وإلى أي وقت يقنت؟ ومن هو الذي يقنت؟ فهذه عدة مباحث.

ضابط النازلة

أما عن النازلة التي يقنت لها فالنوازل تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: نوازل من قبل الخالق فهذه لا يشرع القنوت لها، وإنما النوازل التي من قبل الله عز وجل رتبت لها عبادات في الشرع، فمثلاً إذا حصل الكسوف أو الخسوف فهناك صلاة الكسوف والخسوف، وإذا حصل الجدب في الأرض وغارت المياه شرعت صلاة الاستسقاء، وإذا حصل هبوب الرياح ونحو ذلك فهناك الأذكار المشروعة: (اللهم إنا نسألك من خيرها، وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أمرت به)، وإذا كثرت الأمطار وخيف على البلاد والعباد منها شرع أن يقول: (اللهم حوالينا ولا علينا).. إلى آخره.

المهم أن نفهم أن النوازل التي من قبل الله عز وجل لا يشرع القنوت لها، ولهذا يخطئ من يقنت إذا حصل للمسلمين ضرر وليس من قبل المخلوق، فإذا كانت النازلة من قبل الخالق فإنها لا يشرع القنوت لها، وإنما لها عبادات مشروعة، فيؤتى بالسنن التي شرعت عند حصول هذه النوازل.

القسم الثاني: أن تكون النازلة من قبل المخلوق، فهذه هي التي يشرع القنوت لها، فإذا حصل لطوائف من المسلمين ظلم وأذى واضطهاد ونحو ذلك من قبل المخلوقين، كأن تسلط عليهم المخلوقون فيشرع القنوت هنا، كما قنت النبي صلى الله عليه وسلم للقراء، وقنت للمستضعفين من المؤمنين في مكة.. إلى آخره.

من يشرع له القنوت للنازلة

قال المؤلف رحمه الله: (فيقنت الإمام في الفرائض).

على كلام المؤلف رحمه الله تعالى أن الذي يقنت هو الإمام الأعظم، وعلى هذا فإمام المسجد لا يقنت وإنما يقنت الإمام الأعظم.

الرأي الثاني: رواية عن الإمام أحمد رحمه الله: أنه يقنت كل إمام جماعة.

الرأي الثالث: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية : أنه يقنت كل مصل سواء كان الإمام الأعظم، أو كان الإمام الراتب أو كان منفرداً، أو حتى المرأة في بيتها تقنت وتدعو للمسلمين.

وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هو الصواب في هذه المسألة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، والدعاء هنا سنة، وما دام أنه سنة فنحن مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة، اللهم إلا إذا جاء الإمام منع من القنوت فإنه يمتثل هذا المنع، وبإمكانه أن يدعو لإخوانه المسلمين في السجود، وإذا صلى منفرداً أن يقنت سواء صلى في الليل أو النهار فالأمر واسع ولله الحمد.

إلى متى يقنت للنازلة

والأصل أنه يقنت إلى أن ترفع النازلة؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والدعاء إنما شرع من أجل هذه النازلة، فيشرع إلى أن ترفع هذه النازلة.

وقول المؤلف رحمه الله: (غير الطاعون).

يعني: لو وقع الطاعون في البلد فلا يقنت لرفعه؛ لأن الطاعون شهادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والشهداء ينقسمون إلى قسمين: شهيد في الدنيا وفي الآخرة، وشهيد في الآخرة دون الدنيا.

فالشهيد في الدنيا والآخرة هو الذي قتل في سبيل الله، قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ثم قتل، فهذا شهيد في الآخرة لما رتب الله عز وجل له من الأجر، وشهيد في الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه.

القسم الثاني: شهيد في الآخرة فقط، وهو المطعون, والمبطون, والحرق, والغرق، والمرأة تموت في نفاسها، كما جاء ذلك في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء شهداء لكنهم شهداء في الآخرة، وكذلك من قتل دون نفسه، ومن قتل دون أهله, ومن قتل دون ماله، فهؤلاء كلهم شهداء، لكنهم شهداء في الآخرة وفي الأجر عند الله عز وجل، أما في الدنيا فليسوا شهداء, فيغسلون ويصلى عليهم كغيرهم من الناس؛ ولهذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم غسلوا عمر وصلوا عليه، وعثمان وعلي إلى آخره.

محل قنوت النازلة

والقنوت مشروع في كل الفرائض، في الظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء, والفجر، كما سلف من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الذي أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه، وإن كان في صحيح مسلم حديث البراء : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في المغرب والفجر )، فقد قال بعض العلماء: يتأكد في هاتين الصلاتين، لكن القنوت مشروع في كل الفرائض، وعلى هذا ففي الصلاة السرية يجهر في الدعاء، ويؤمن المأمومون خلفه.

وهل يقنت في صلاة الجمعة أو لا يقنت؟ الفقهاء يقولون: لا يقنت في صلاة الجمعة؛ لأنه يكتفى بالدعاء الذي سيكون في الخطبة، فالإمام يشرع له أن يدعو للمؤمنين، ومن الدعاء ما سيكون برفع هذه النازلة، وتقدم لنا أن ذكرنا أنه يستحب أن يقول إذا أوتر: (سبحان الملك القدوس ثلاث مرات), وورد في الدارقطني أنه يزيد: (رب الملائكة والروح).

قال المؤلف رحمه الله: (إلا أن ينزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون فيقنت الإمام في الفرائض).

هذه الحالة الثالثة: القنوت إذا كان هناك نازلة نزلت بالمؤمنين، والنازلة هي المصيبة من شدائد الدهر، فإذا نزلت نازلة فإنه يشرع القنوت؛ ويدل لهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة أن أبا هريرة قال: ( لأقربن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة، وصلاة الصبح )، وأيضاً حديث البراء بن عازب : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة المغرب والفجر ) ورواه مسلم ، وكذلك أيضاً حديث ابن عباس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر )، كما في مسند أحمد وسنن أبي داود.

فالقنوت في الفرائض إذا نزلت بالمسلمين نازلة مشروع، لكن ما هي النازلة التي يقنت لها؟ وما هي النازلة التي لا يقنت لها؟ وإلى أي وقت يقنت؟ ومن هو الذي يقنت؟ فهذه عدة مباحث.

أما عن النازلة التي يقنت لها فالنوازل تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: نوازل من قبل الخالق فهذه لا يشرع القنوت لها، وإنما النوازل التي من قبل الله عز وجل رتبت لها عبادات في الشرع، فمثلاً إذا حصل الكسوف أو الخسوف فهناك صلاة الكسوف والخسوف، وإذا حصل الجدب في الأرض وغارت المياه شرعت صلاة الاستسقاء، وإذا حصل هبوب الرياح ونحو ذلك فهناك الأذكار المشروعة: (اللهم إنا نسألك من خيرها، وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أمرت به)، وإذا كثرت الأمطار وخيف على البلاد والعباد منها شرع أن يقول: (اللهم حوالينا ولا علينا).. إلى آخره.

المهم أن نفهم أن النوازل التي من قبل الله عز وجل لا يشرع القنوت لها، ولهذا يخطئ من يقنت إذا حصل للمسلمين ضرر وليس من قبل المخلوق، فإذا كانت النازلة من قبل الخالق فإنها لا يشرع القنوت لها، وإنما لها عبادات مشروعة، فيؤتى بالسنن التي شرعت عند حصول هذه النوازل.

القسم الثاني: أن تكون النازلة من قبل المخلوق، فهذه هي التي يشرع القنوت لها، فإذا حصل لطوائف من المسلمين ظلم وأذى واضطهاد ونحو ذلك من قبل المخلوقين، كأن تسلط عليهم المخلوقون فيشرع القنوت هنا، كما قنت النبي صلى الله عليه وسلم للقراء، وقنت للمستضعفين من المؤمنين في مكة.. إلى آخره.

قال المؤلف رحمه الله: (فيقنت الإمام في الفرائض).

على كلام المؤلف رحمه الله تعالى أن الذي يقنت هو الإمام الأعظم، وعلى هذا فإمام المسجد لا يقنت وإنما يقنت الإمام الأعظم.

الرأي الثاني: رواية عن الإمام أحمد رحمه الله: أنه يقنت كل إمام جماعة.

الرأي الثالث: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية : أنه يقنت كل مصل سواء كان الإمام الأعظم، أو كان الإمام الراتب أو كان منفرداً، أو حتى المرأة في بيتها تقنت وتدعو للمسلمين.

وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هو الصواب في هذه المسألة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، والدعاء هنا سنة، وما دام أنه سنة فنحن مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة، اللهم إلا إذا جاء الإمام منع من القنوت فإنه يمتثل هذا المنع، وبإمكانه أن يدعو لإخوانه المسلمين في السجود، وإذا صلى منفرداً أن يقنت سواء صلى في الليل أو النهار فالأمر واسع ولله الحمد.

والأصل أنه يقنت إلى أن ترفع النازلة؛ لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والدعاء إنما شرع من أجل هذه النازلة، فيشرع إلى أن ترفع هذه النازلة.

وقول المؤلف رحمه الله: (غير الطاعون).

يعني: لو وقع الطاعون في البلد فلا يقنت لرفعه؛ لأن الطاعون شهادة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والشهداء ينقسمون إلى قسمين: شهيد في الدنيا وفي الآخرة، وشهيد في الآخرة دون الدنيا.

فالشهيد في الدنيا والآخرة هو الذي قتل في سبيل الله، قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ثم قتل، فهذا شهيد في الآخرة لما رتب الله عز وجل له من الأجر، وشهيد في الدنيا فلا يغسل ولا يصلى عليه.

القسم الثاني: شهيد في الآخرة فقط، وهو المطعون, والمبطون, والحرق, والغرق، والمرأة تموت في نفاسها، كما جاء ذلك في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء شهداء لكنهم شهداء في الآخرة، وكذلك من قتل دون نفسه، ومن قتل دون أهله, ومن قتل دون ماله، فهؤلاء كلهم شهداء، لكنهم شهداء في الآخرة وفي الأجر عند الله عز وجل، أما في الدنيا فليسوا شهداء, فيغسلون ويصلى عليهم كغيرهم من الناس؛ ولهذا الصحابة رضي الله تعالى عنهم غسلوا عمر وصلوا عليه، وعثمان وعلي إلى آخره.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2726 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2640 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2549 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2524 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2518 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2493 استماع