خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1800"> الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1800?sub=65207"> عمدة الفقه
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
عمدة الفقه - كتاب النكاح [17]
الحلقة مفرغة
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المشاهدون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم إلى هذا الدرس ضمن دروس الأكاديمية، حيث نلتقي فيه معكم أيها الأحبة في شرح كتاب النكاح من عمدة الفقه لـابن قدامة المقدسي رحمه الله، ويتولى شرح هذا الكتاب صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: عبد الله بن ناصر السلمي وكيل المعهد العالي للقضاء لشئون الدورات والتدريب بالمملكة العربية السعودية.
فباسمكم جميعاً نرحب بضيفنا الشيخ عبد الله ، فأهلاً ومرحباً بكم يا شيخ!
الشيخ: حياكم الله وبالإخوة المستمعين والمستمعات والحاضرين.
المقدم: ترحيبنا موصول بكم، ونسعد كثيراً بتواصلكم من خلال اتصالاتكم الهاتفية على أرقام الهواتف التي تظهر أمامكم، وكذلك تواصلكم البريدي عبر البريد الإلكتروني الخاص بموقع الأكاديمية، وكذلك بريد الشيخ ضيف هذا اللقاء، ونسعد أيضاً بإجاباتكم عن أسئلة كل درس.
شيخ عبد الله ! لعلنا نبدأ درسنا في هذا اليوم باستعراض الإجابات عن سؤال الأمس.
الشيخ: تفضل.
المقدم: كان السؤال الذي طرحتموه: إذا طلق المولي بعد إيلائه، فهل طلاقه يكون بائناً أم رجعياً؟ مع ذكر دليل كل قول وذكر الراجح؟
الشيخ: نعم.
المقدم: الإجابات الواردة في هذا المقام كثيرة، من هذه الإجابات إجابة الأخت جميلة من العراق: تقول في إجابتها:
أولاً: قول الجمهور واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن الطلاق رجعي؛ لأنه طلق بغير عوض فأشبه الذي لم يحلف، والذي بغير عوض طلاق رجعي، وهذا القول قوي.
ثانياً: إذا طلق عليه الحاكم أو طلقها، فإن طلاقه بائن؛ لأن هذا الطلاق لرفع الضرر على المرأة، مثل العنين، والقول الأول هو الأقوى.
الشيخ: نعم، هذا الصحيح وهذا الراجح والله أعلم، وهو ظاهر القرآن؛ لأن الله يقول: فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:226-227]، فذكر الشارع سبحانه لفظ (الطلاق)، فإذا ذكر لفظ (الطلاق) فالطلاق هنا طلاق شرعي، والطلاق الشرعي: أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه، ويكون أيضاً يحق له فيه الرجعة.
المقدم: نعم، ومن الإجابات التي وردت:
إجابة الأخت: سمر من الأردن، والأخت: خديجة من المغرب، و غزلان كذلك من المغرب.
وإجابة الأخ: نبيل إبراهيم السيد حجازي من السعودية، وعزيزة باخلعة أيضاً من السعودية، ومريم من السعودية، والأخت: كنزة من المغرب، وخلود من السعودية، وجميلة من العراق استعرضنا إجابتها قبل قليل، وفوزية من الكويت، ولولو إبراهيم من السعودية.
والأخت: لولو حقيقة لها أيضاً سؤال يا شيخ!
الشيخ: تفضل.
هل تطلق المرأة بانتهاء مدة الإيلاء أم تحتاج إلى تطليق
الشيخ: ذكرنا هذا، وقلنا: ترفع المرأة أمرها إلى الحاكم، وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:226]، والفيئة كما قال ابن عباس وغيره هي: الجماع، فدل ذلك على أن مضي المدة لا تطلق بها المرأة، والدليل أيضاً: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:227]، فجعل لفظ (الطلاق) بيد الزوج لا بمجرد مضي المدة، هذا هو الراجح، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم.
المقدم: تقول: لقد أشكل عليَّ في الدرس الماضي هل المرأة تطلق بمجرد انتهاء مدة الإيلاء أربعة أشهر دون أن يتلفظ الرجل بلفظ الطلاق أم لا؟
الشيخ: ذكرنا هذا، وقلنا: ترفع المرأة أمرها إلى الحاكم، وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة؛ لقول الله تعالى: فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:226]، والفيئة كما قال ابن عباس وغيره هي: الجماع، فدل ذلك على أن مضي المدة لا تطلق بها المرأة، والدليل أيضاً: وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ [البقرة:227]، فجعل لفظ (الطلاق) بيد الزوج لا بمجرد مضي المدة، هذا هو الراجح، والله أعلم.
المقدم: أحسن الله إليكم.
الشيخ: لعلك تقرأ درسنا هذا اليوم: باب القسم والنشوز.
المقدم: أحسن الله إليكم، قال المصنف رحمه الله: [ باب القسم والنشوز:
وعلى الرجل أن يساوي بين نسائه في القسم، وعماده الليل، فيقسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية، وليس عليه المساواة بينهن في الوطء، وليس له البداءة في القسم بإحداهن ولا السفر بها إلا بقرعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه).
وللمرأة أن تهب حقها من القسم لبعض ضرائرها بإذن زوجها أو له، فيجعله لمن شاء منهن؛ ( لأن
وإذا أعرس على بكر أقام عندها سبعاً، ثم دار، وإن أعرس على ثيب أقام عندها ثلاثاً؛ لقول أنس : ( من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أن يقيم عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثاً، وإن أحبت الثيب أن يقيم عندها سبعاً فعل، ثم قضاهن للبواقي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوج
تعريف القسم بين الزوجات وأدلة وجوبه
يقول المؤلف: (باب القسم والنشوز):
القسم هو: توزيع الزمان بين نسائه، وهو إعطاء المرأة حقها في البيتوتة عندها للصحبة والمؤانسة، وعليه فمجرد بقاء الزوج مع زوجاته في الليل أو في النهار -على الوجه الذي سوف نذكره في القسم- يكفي في ذلك، فالبيتوتة كافية في ذلك ولو لم يحصل وطء.
وهذا القسم واجب باتفاق الفقهاء، نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر و ابن قدامة وغيرهما، قال ابن قدامة : لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية في القسم خلافاً، وهذا لا شك فيه؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3].
ومن المعلوم أن قسمه لبعض نسائه دون بعض ميل وحيف وعدم تسوية، كما عند أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )، فيجب على الزوج أن يسوي بين نسائه في القسم.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يقسم بين نسائه بالسوية، وكن تسع نساء، فقد روى الإمام أحمد و أبو داود و النسائي و الترمذي و ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل فيقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك )، وهذا الحديث صححه بعض المتأخرين.
والصواب أن الحديث مرسل، فإن أكثر الرواة كـحماد بن سلمة و عبد الوهاب الثقفي و إسماعيل بن علية رووه عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً، فالحديث مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف.
وهذا الحكم بالإرسال لهذا الحديث قاله البخاري و أبو زرعة و النسائي ، وكذلك الترمذي ، فهذا الحديث ضعيف وإن كان معناه صحيحاً، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعدل بين نسائه، وكان عليه الصلاة والسلام، يدور على نسائه -كما سوف يأتي بيانه- بعد العصر، فيدخل على كل واحدة منهن، غير أنه يدنو ولا يجامع عليه الصلاة والسلام.
حكم التسوية بين الزوجات في النفقة والكسوة
ذكرنا الخلاف بالأمس على عجل، ونقول:
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الذي يجب على الزوج العدل فيه هو القسم في البيتوتة، ولا يجب القسم في الكسوة والنفقة، إذا أدى لكل واحدة من نسائه النفقة الواجبة والكسوة الواجبة.
دليلهم في هذا، قالوا: لأن العدل في النفقة والكسوة مما يشق، والقاعدة الفقهية تقول: (المشقة تجلب التيسير)؛ لأنه ربما يكون له زوجة كبيرة يكفيها للباسها ألف ريال، ويتزوج زوجة شابة ربما لا يكفيها أقل من ثلاثة آلاف ريال، فلو سوى بينهما لكان في هذه الزوجة فضل في عدم لباسها، فسوف تكنزه لها.
فقالوا: ثم إنه ربما يعطي الزوج بعض نسائه على حسب عرف كل زوجة عند أهلها، فامرأة ذات يسار ربما يكون لباسها ليس مثل امرأة ليست بذات يسار، فلهذا قالوا: لا يجب العدل.
القول الثاني في المسألة: وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد مال إليها ورجحها أبو العباس بن تيمية رحمه الله، قالوا: إنه يجب العدل بين النساء في القسم وفي الكسوة وفي النفقة؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، ومن أعظم المعروف أن يعدل بين نسائه؛ لأنه إذا لم يعدل فسوف يكون فيه نوع من الضير والضرر وإيغار الصدور والوحشة بين نسائه، فدل ذلك على وجوب العدل في ذلك.
وأيضاً: قول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3]، قالوا: فندب الشارع إلى الواحدة عند خوف عدم العدل، وإنما يخاف من ترك الواجب.
وقال ابن تيمية : ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة:
يقول: ولأن ترك العدل في النفقة والكسوة يورث الأحقاد ويثير وحر الصدور ويؤثر على الحياة الزوجية.
وأقول: يستحب للزوج أن يعدل بين نسائه في النفقة والكسوة باتفاق الفقهاء، وكذلك ينبغي للزوج أن يتحرى العدل في ذلك، ولا يجحف؛ لأن المرأة لو علمت أن زوجها أعطى إحدى نسائه بيتاً جميلاً ولم يعطها مثلها، بل اكتفى ببيت مستأجر، فهذا ربما يوغر صدرها، ويؤثر ذلك على أولادها وعلى أولاده، فربما حصلت حرب داحس والغبراء لأجل ذلك!
حكم تفضيل بعض الزوجات في النفقة والكسوة لصفة أو عمل يميزها
أو ربما تكون بعض نسائه هي التي تقوم بشئونه في الولائم والضيوف، فلا حرج يفضلها على من تصنع هذا على مضض وكره؛ لأن هذا من العدل ومن التشجيع، فيكون التفضيل ليس لأجل الميل، بل لأجل العمل والصفة.
أو تكون بعض نسائه تخدمه وتقوم بشئون بيته وتراعي هذا الأمر، فلا حرج في التفضيل؛ لأن هذا التفضيل من أجل الخدمة والعمل، وليس لميل نفسي، وإذا كان كل نسائه يسارعن في خدمته وفضل بعضهن فأرى أن هذا فيه نوع من الإجحاف، وفيه نوع من الظلم، وفيه نوع من الميل، وقد قال الله تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129]، وقال صلى الله عليه وسلم: ( فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ).
على هذا نقول: إذا كانت إحدى زوجاته تفضل عليهن بالخدمة له أو لأبيه وأمه، فإنه لا بأس أن تعطى لأجل الخدمة، لا لأجل المحبة، كما أن الوالد يعطي بعض أولاده لأجل خدمته له أو لأجل بذله لنفسه له، ولا يعطي الآخرين؛ لأن هذا عطاء بالصفة والعمل، وليس عطاءً بالميل والمحبة.
ما يفضل به الزوج إحدى الزوجات لأجل عمل أو صفة هل يظهره لغيرها
الشيخ: لا يلزم أن يظهر بين زوجاته، ولا حرج أيضاً أن يقول لبعض زوجاته: خذي هذه الساعة ولا تخبري فلانة؛ لأجل أن المرأة ربما إذا كان فيها هذا الكتمان تحظى بها وتستأنس بها وتقع هذه الهدية في القلب موقعاً، ويقول للثانية مثلما قال للأولى، وبهذا يحصل الوئام، والحكمة في التعامل مطلب، فقد كان عليه الصلاة والسلام يصنع ذلك؛ بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام!
ومن جميل ما يذكر في السنة في هذا: ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن، وإنه دخل على تقول قالت
( قالت
على هذا أيها الإخوة! يجب على الزوج أن يعدل في القسم.
عماد القسم بين الزوجات من الليل أو النهار
وللزوج أن يأتي إلى نسائه في بيوتهن، في محالهن، في غرفهن، وله أن يدعوهن إلى غرفته أو إلى بيته، كل ذلك لا بأس به، وإن كان الأفضل أن يأتي هو إلى بيوتهن وحجرهن وغرفهن كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأن ذلك أستر وأقل خروجاً للمرأة من بيتها؛ لأن الله قال لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33].
المقدم: شيخ عبد الله! بالنسبة لمن كان عمله كما ذكرت بالشفتات ولكن عمله متقلب، يعني: أحياناً بالليل وأحياناً بالنهار؛ فهل يكون على العكس؟
الشيخ: إذا كان معاشه بعض الأوقات في الليل قسم بالنهار، وإذا كان معاشه بالنهار قسم بالليل.
وجوب العدل بين الزوجات في القسم
لو أن رجلاً عنده أمة وثلاث حرائر، قلنا: إن الأمة على النصف من الحرة، فإذا أخذت حرة ليلة، والأخرى ليلة، والأخرى ليلة، والأمة لو أخذت ليلة لكانت الأمة مثلها مثل الحرة.
ولهذا نفترض أن ثمة ليلتين، ليلة لأمة وليلة لأمة، فإذا لم يكن له أمتان وكان له أمة واحدة، فيكون للأمة ليلة من ثمان ليال.
يقول المؤلف: (وإن كانت كتابية)، يعني: يجب على الزوج أن يعدل في القسم بين نسائه ولو كانت إحدى نسائه كتابية أو ذمية؛ لأن هذا العدل حق للزوجية وليس حقاً للديانة.
عدم وجوب المساواة بين الزوجات في الوطء
أي: لا يجب على الزوج أن يعدل في الوطء؛ لأن هذا مما لا يستطاع، ولا يقدر عليه الإنسان؛ ولهذا قال الله تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:129].
روى ابن جرير ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال: العدل في الحب والجماع.
ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يحب عائشة كما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد، أن عمرو بن العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه مسروراً تبرق أسارير وجهه قال: ( يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ قال:
ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يخبئ شيئاً، وقد ( اجتمع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيحين- فأمرن
قالت: ( فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لـ فاجتمعن فأمرن زينب بنت جحش ، تقول عائشة : وهي التي كانت تساميني في المحبة والجمال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك اجتمعن يناشدنك العدل في بنت أبي قحافة ، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجب
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كله عدل قولاً وفعلاً وتقريراً، بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
على هذا فلا يجب العدل في الوطء كما قلنا في تفسير الآية، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك )، فالصواب أنه مرسل.
المقدم: بالنسبة لقضية الوطء، هل هي مرتبطة بقضية القسم في الليلة؟
الشيخ: لا يلزم، بل يقسم بين نسائه بالعمل ولا يلزم الوطء، وأنا لا أحب أن أفصل في هذا، لكن قال ابن القيم رحمه الله: إن ترك الجماع لعدم الداعي إليه وعدم الانتشار فلا حرج، أما إن كان ثمة داع إلى ذلك، ورغب أن يكون ذلك لبعض ضرائرها، فهو آثم في ذلك.
والأقرب والله أعلم أن يقال: إذا عف الرجل نساءه فلا بأس بذلك، والله تبارك وتعالى أعلم.
الشيخ: جزاك الله خيراً، بسم الله الرحمن الرحيم.
يقول المؤلف: (باب القسم والنشوز):
القسم هو: توزيع الزمان بين نسائه، وهو إعطاء المرأة حقها في البيتوتة عندها للصحبة والمؤانسة، وعليه فمجرد بقاء الزوج مع زوجاته في الليل أو في النهار -على الوجه الذي سوف نذكره في القسم- يكفي في ذلك، فالبيتوتة كافية في ذلك ولو لم يحصل وطء.
وهذا القسم واجب باتفاق الفقهاء، نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر و ابن قدامة وغيرهما، قال ابن قدامة : لا نعلم بين أهل العلم في وجوب التسوية في القسم خلافاً، وهذا لا شك فيه؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، وقال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3].
ومن المعلوم أن قسمه لبعض نسائه دون بعض ميل وحيف وعدم تسوية، كما عند أهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل )، فيجب على الزوج أن يسوي بين نسائه في القسم.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يقسم بين نسائه بالسوية، وكن تسع نساء، فقد روى الإمام أحمد و أبو داود و النسائي و الترمذي و ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل فيقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك )، وهذا الحديث صححه بعض المتأخرين.
والصواب أن الحديث مرسل، فإن أكثر الرواة كـحماد بن سلمة و عبد الوهاب الثقفي و إسماعيل بن علية رووه عن أيوب عن أبي قلابة مرسلاً، فالحديث مرسل، والمرسل من أقسام الضعيف.
وهذا الحكم بالإرسال لهذا الحديث قاله البخاري و أبو زرعة و النسائي ، وكذلك الترمذي ، فهذا الحديث ضعيف وإن كان معناه صحيحاً، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعدل بين نسائه، وكان عليه الصلاة والسلام، يدور على نسائه -كما سوف يأتي بيانه- بعد العصر، فيدخل على كل واحدة منهن، غير أنه يدنو ولا يجامع عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: هذا القسم أيها الإخوة! قسم في المبيت، وهل تجب التسوية في النفقة والكسوة؟
ذكرنا الخلاف بالأمس على عجل، ونقول:
ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الذي يجب على الزوج العدل فيه هو القسم في البيتوتة، ولا يجب القسم في الكسوة والنفقة، إذا أدى لكل واحدة من نسائه النفقة الواجبة والكسوة الواجبة.
دليلهم في هذا، قالوا: لأن العدل في النفقة والكسوة مما يشق، والقاعدة الفقهية تقول: (المشقة تجلب التيسير)؛ لأنه ربما يكون له زوجة كبيرة يكفيها للباسها ألف ريال، ويتزوج زوجة شابة ربما لا يكفيها أقل من ثلاثة آلاف ريال، فلو سوى بينهما لكان في هذه الزوجة فضل في عدم لباسها، فسوف تكنزه لها.
فقالوا: ثم إنه ربما يعطي الزوج بعض نسائه على حسب عرف كل زوجة عند أهلها، فامرأة ذات يسار ربما يكون لباسها ليس مثل امرأة ليست بذات يسار، فلهذا قالوا: لا يجب العدل.
القول الثاني في المسألة: وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد مال إليها ورجحها أبو العباس بن تيمية رحمه الله، قالوا: إنه يجب العدل بين النساء في القسم وفي الكسوة وفي النفقة؛ لأن الله يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]، ومن أعظم المعروف أن يعدل بين نسائه؛ لأنه إذا لم يعدل فسوف يكون فيه نوع من الضير والضرر وإيغار الصدور والوحشة بين نسائه، فدل ذلك على وجوب العدل في ذلك.
وأيضاً: قول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3]، قالوا: فندب الشارع إلى الواحدة عند خوف عدم العدل، وإنما يخاف من ترك الواجب.
وقال ابن تيمية : ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة:
يقول: ولأن ترك العدل في النفقة والكسوة يورث الأحقاد ويثير وحر الصدور ويؤثر على الحياة الزوجية.
وأقول: يستحب للزوج أن يعدل بين نسائه في النفقة والكسوة باتفاق الفقهاء، وكذلك ينبغي للزوج أن يتحرى العدل في ذلك، ولا يجحف؛ لأن المرأة لو علمت أن زوجها أعطى إحدى نسائه بيتاً جميلاً ولم يعطها مثلها، بل اكتفى ببيت مستأجر، فهذا ربما يوغر صدرها، ويؤثر ذلك على أولادها وعلى أولاده، فربما حصلت حرب داحس والغبراء لأجل ذلك!
الشيخ: ولهذا أقول: إنه يجب العدل بين زوجاته في النفقة والكسوة، إلا أنه لا بأس أن يؤثر بعض نسائه بسبب حفاظهن وخدمتهن لأبويه، فربما تكون زوجته الأولى قائمة بخدمة أمه أو أبيه، فأقول: إنه لا حرج أن يفضل إحدى نسائه على الأخر لأجل خدمة أحد أقاربه.
أو ربما تكون بعض نسائه هي التي تقوم بشئونه في الولائم والضيوف، فلا حرج يفضلها على من تصنع هذا على مضض وكره؛ لأن هذا من العدل ومن التشجيع، فيكون التفضيل ليس لأجل الميل، بل لأجل العمل والصفة.
أو تكون بعض نسائه تخدمه وتقوم بشئون بيته وتراعي هذا الأمر، فلا حرج في التفضيل؛ لأن هذا التفضيل من أجل الخدمة والعمل، وليس لميل نفسي، وإذا كان كل نسائه يسارعن في خدمته وفضل بعضهن فأرى أن هذا فيه نوع من الإجحاف، وفيه نوع من الظلم، وفيه نوع من الميل، وقد قال الله تعالى: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ [النساء:129]، وقال صلى الله عليه وسلم: ( فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ).
على هذا نقول: إذا كانت إحدى زوجاته تفضل عليهن بالخدمة له أو لأبيه وأمه، فإنه لا بأس أن تعطى لأجل الخدمة، لا لأجل المحبة، كما أن الوالد يعطي بعض أولاده لأجل خدمته له أو لأجل بذله لنفسه له، ولا يعطي الآخرين؛ لأن هذا عطاء بالصفة والعمل، وليس عطاءً بالميل والمحبة.
المقدم: وهل يلزم أن يظهر هذه الزيادة للزوجات؟
الشيخ: لا يلزم أن يظهر بين زوجاته، ولا حرج أيضاً أن يقول لبعض زوجاته: خذي هذه الساعة ولا تخبري فلانة؛ لأجل أن المرأة ربما إذا كان فيها هذا الكتمان تحظى بها وتستأنس بها وتقع هذه الهدية في القلب موقعاً، ويقول للثانية مثلما قال للأولى، وبهذا يحصل الوئام، والحكمة في التعامل مطلب، فقد كان عليه الصلاة والسلام يصنع ذلك؛ بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام!
ومن جميل ما يذكر في السنة في هذا: ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنو منهن، وإنه دخل على تقول قالت
( قالت
على هذا أيها الإخوة! يجب على الزوج أن يعدل في القسم.
الشيخ: قال المؤلف: (وعماده الليل)، أي: فالقسم عماده الليل لمن معاشه في النهار، والليل: هو الذي يأوي فيه الإنسان إلى فراشه وينام مع أهله في العادة، كما قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً [النبأ:10-11]، أما من كان معاشه بالليل كالحارس والجندي، وبعض الموظفين ذوي الشفتات التي يتناوبونها، فإن عماد قسمه النهار.
وللزوج أن يأتي إلى نسائه في بيوتهن، في محالهن، في غرفهن، وله أن يدعوهن إلى غرفته أو إلى بيته، كل ذلك لا بأس به، وإن كان الأفضل أن يأتي هو إلى بيوتهن وحجرهن وغرفهن كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأن ذلك أستر وأقل خروجاً للمرأة من بيتها؛ لأن الله قال لنساء رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33].
المقدم: شيخ عبد الله! بالنسبة لمن كان عمله كما ذكرت بالشفتات ولكن عمله متقلب، يعني: أحياناً بالليل وأحياناً بالنهار؛ فهل يكون على العكس؟
الشيخ: إذا كان معاشه بعض الأوقات في الليل قسم بالنهار، وإذا كان معاشه بالنهار قسم بالليل.
الشيخ: يقول المؤلف: (فيقسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين).
لو أن رجلاً عنده أمة وثلاث حرائر، قلنا: إن الأمة على النصف من الحرة، فإذا أخذت حرة ليلة، والأخرى ليلة، والأخرى ليلة، والأمة لو أخذت ليلة لكانت الأمة مثلها مثل الحرة.
ولهذا نفترض أن ثمة ليلتين، ليلة لأمة وليلة لأمة، فإذا لم يكن له أمتان وكان له أمة واحدة، فيكون للأمة ليلة من ثمان ليال.
يقول المؤلف: (وإن كانت كتابية)، يعني: يجب على الزوج أن يعدل في القسم بين نسائه ولو كانت إحدى نسائه كتابية أو ذمية؛ لأن هذا العدل حق للزوجية وليس حقاً للديانة.