خطب ومحاضرات
مختصر صحيح مسلم - كتاب الإيمان
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
وبعد:
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ) ].
الحديث رواه مسلم في صحيحه وتفرد به.
و(لا) هنا جاءت في بعض النسخ على أنها (لا) الناهية، وجاء الفعل بإثبات النون على أنها (لا) النافية، فتكون حرف نفي، وبالتالي تثبت النون، وإذا كانت لام النهي فإنها تحذف النون لأنها من الأفعال الخمسة المجزومة.
وهذا الحديث يفيد دلالة واضحة على أن إفشاء السلام من الصغير للكبير أو من الكبير في ذلك زرع للمحبة، وهذه سنة افتقدها كثير من أهل الصلاح فضلاً عن عامة الناس.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.
قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ). وكان أبو هريرة يلحق معهن: ( ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ). وفي حديث همام : ( يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها، وهو حين ينتهبها مؤمن ) وزاد: ( ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن فإياكم إياكم ) ].
هذا الحديث متفق عليه.
الفرق بين الإسلام والإيمان، ومدى زيادة الإيمان ونقصانه
وهذا فيه فائدة: وهو أن يعلم الإنسان أن فعل الكبيرة يؤثر على إيمانه، فكما أن الإيمان يزيد بالطاعة فإنه ينقص بالمعصية، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يزيد وينقص، وما وجد عن بعض السلف أنه أثبت زيادة الإيمان ولم يثبت نقصانه؛ لأن لفظ الزيادة ثابت في الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2]، فأثبتوا في الإيمان الزيادة وتوقفوا في مسألة النقصان، وروي هذا عن مالك ، ولكن هذا الخلاف الآن معدوم، واستقر منهج أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، الأدلة منها: ( ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن )، فهذا نقصان للإيمان.
الفرق بين النهبة والسرقة
والحديث يفيد على أن المسلم حال فعله للكبيرة ليس بمؤمن، وهذا يبين الفرق بين الإيمان والإسلام، وأن الإسلام هو: الأفعال الظاهرة مع أصل الإيمان، وأما الإيمان فهو أعلى مرتبة من الإسلام؛ ولهذا جاء في الحديث: ( أن الإيمان يكون كالظلة، فإذا نزع رجع عنه أو رجع إليه ).
وهذا فيه فائدة: وهو أن يعلم الإنسان أن فعل الكبيرة يؤثر على إيمانه، فكما أن الإيمان يزيد بالطاعة فإنه ينقص بالمعصية، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يزيد وينقص، وما وجد عن بعض السلف أنه أثبت زيادة الإيمان ولم يثبت نقصانه؛ لأن لفظ الزيادة ثابت في الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2]، فأثبتوا في الإيمان الزيادة وتوقفوا في مسألة النقصان، وروي هذا عن مالك ، ولكن هذا الخلاف الآن معدوم، واستقر منهج أهل السنة والجماعة على أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، الأدلة منها: ( ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن )، فهذا نقصان للإيمان.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ( ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع إليه الناس فيها أعينهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) فهناك نهبة وهي ما يأخذه الإنسان من الغنائم، فليست هذه الأموال من حرزها، ولكنه ينتهبها بخفية وسرعة أخذ، وليس فيها قطع على الراجح؛ لأنها لم تؤخذ من حرزها بخلاف السرقة فهي تؤخذ من حرز، ولكن النهبة أخذ لأموال الناس بالإثم، وهذا وعيد شديد على أن من يأخذ أموال بيت المال عن طريق المشاريع الملتوية أن ذلك نوع من النهبة، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) ].
الحديث متفق عليه.
وهو يفيد أن المؤمن لا ينبغي له أن يقع في حبائل الشيطان أكثر من مرة، فإذا كانت حبائل الشيطان قد جرته مرة عن طريق الشبكة العنكبوتية فلا ينبغي أن يأتيها مرة ثانية إذا كان مؤمناً حقاً.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: في الوسوسة من الإيمان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان ) ].
هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.
وهو يفيد أن مجرد الوسوسة هي دلالة على وجود الإيمان، وعلى هذا فالذين يوسوسون فيقولون: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله؟ وغير ذلك، فهذا ما جاءهم إبليس بهذا إلا لوجود الإيمان في قلوبهم، وهذه بشرى.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: أكبر الكبائر الشرك بالله.
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور أو قول الزور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت ) ].
الحديث متفق عليه من حديث أبي بكرة ومن حديث أنس بن مالك ولكن بلفظ آخر.
وهو يفيد أن الكبائر شعب كما أن الإيمان شعب، وأعظمها وأظلمها وأظلم الظلم هو الإشراك بالله سبحانه وتعالى وعقوق الوالدين، وهذا يفيد أن من عق والديه فهو على خطر عظيم والعياذ بالله.
قال المؤلف رحمه الله: [ عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( اجتنبوا السبع الموبقات، قيل: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) ].
هذا الحديث متفق عليه.
وقوله: ( اجتنبوا السبع الموبقات ) يعني: الغليظات الشديدات، وملاحظ أنه لم يذكر عقوق الوالدين ولا شهادة الزور، والقاعدة عند أهل العلم أن العدد لا مفهوم له، يعني: ليست سبع موبقات فقط دون غيرها، فهناك غيرها من الموبقات: وهي عقوق الوالدين وشهادة الزور، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: [ باب: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: ( ويحكم، أو قال: ويلكم، لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ].
الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر ومن حديث جرير بن عبد الله البجلي ، وفي زياده لحديث جرير : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( استنصف الناس، ثم قال: أيها الناس! ويحكم لا ترجعوا بعدي كفاراً... ) الحديث.
المراد بالكفر في قوله: لا ترجعوا بعدي كفاراً
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ليس معناه أنه كافر إذا قتل مسلم، ولكن كما هو مذهب أهل السنة والجماعة أن معناه أن فعله فعل أهل الكفر.
توبة من قتل مسلماً بغير حق
معنى كفاراً في هذا الحديث عند أهل السنة والجماعة: أنه كفر دون كفر، وهذا ما يسميه بعض أهل العلم: كفراً عملياً وليس كفراً اعتقادياً، يعني: أنه عمل من أعمال الكفار، وهذا يفيد خطورة قتل المسلم بغير حق.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ) ليس معناه أنه كافر إذا قتل مسلم، ولكن كما هو مذهب أهل السنة والجماعة أن معناه أن فعله فعل أهل الكفر.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [1] | 2406 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [2] | 2045 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الحيض | 2028 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [7] | 2026 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [8] | 1885 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [5] | 1883 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [11] | 1843 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الصلاة [9] | 1700 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الجنائز | 1586 استماع |
مختصر صحيح مسلم - كتاب الوضوء | 1554 استماع |