ديوان الإفتاء [566]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فحياكم الله في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، وأسأل الله أن يعينكم على حسن السؤال، وأن يسددني في الجواب، وأن يستعملنا جميعاً في طاعته، ومرحباً بأول اتصالات هذه الليلة.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: في عيد الأضحى يوجد بعض الجزارين يوردون بهائم للأضحية للموظفين بالتقسيط؛ فهل هذا يجوز أو لا يجوز؟

السؤال الثاني: يا شيخنا! بالنسبة للأضحية في اليوم الرابع هل تجوز أو لا تجوز؟ وجزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم.

المتصل: أسأل عن قوله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ[البقرة:233] حيث إن عندي إشكالية في فهم هذه الآية يا شيخ! فما تفسيرها؟

الشيخ: طيب! أبشري!

المتصل: أسأل عن الذين لا يقدرون أن يذهبوا إلى الحج، ما هي الأعمال التي يمكنهم أن يعملوها ويكون لهم الثواب العظيم، والأجر الجزيل في العشر الأولى من ذي الحجة؟

الشيخ: أبشر يا ناصر !

المتصل: لما جاء وقت السحور وإذا بالمؤذن يؤذن فظننته الأذان الأول، فظهر لي أنه الثاني بقوله: الصلاة خير من النوم، فما حكم تسحري وأثره على صيام ذلك اليوم؟

الجواب: اذهب واقض هذا اليوم يا أخي! بارك الله فيك!

الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا عمر أبو قرون عن الأضحية بالتقسيط؟

فأقول: لا حرج فيها إن شاء الله، لا مانع لو أن إنساناً استدان ثمن الأضحية كله إذا كان يرجو قضاءه، ولا مانع أيضاً لو أن المؤسسة جاءت للناس بأضاح وقالت لهم: هذا الثمن سيقسط على ستة أشهر أو ثلاثة أشهر أو أكثر، فلا مانع من ذلك إن شاء الله، وقد أفتى بذلك أئمة أهل العلم بل بعضهم قال: إن استسلف رجوت أن يخلف الله عليه.

لكن أيها الإخوة! هذا مشروط بأن يريد بها وجه الله، يعني: هو يستسلف ويستدين إرادة وجه الله عز وجل، وأن يصيب أجر من ضحى، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله تعالى من إراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بموقع قبل أن يقع على الأرض؛ فطيبوا بها نفساً ).

السؤال: عمر يقول: هل يجوز التضحية في اليوم الرابع من أيام العيد؟

الجواب: نعم؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( منى كلها منحر، وأيام التشريق كلها ذبح )، فالأضحية يبدأ وقتها من بعد صلاة العيد في يوم النحر، وينتهي وقتها بغروب شمس اليوم الرابع من أيام التشريق، يعني: مثلاً العيد -إن شاء الله- يوم الجمعة، فبعد الصلاة يبدأ وقت الأضحية -وهو أفضل أوقاتها- من بعد الصلاة إلى الزوال، ويستمر وقتها إلى غروب شمس يوم الإثنين الذي هو رابع أيام عيد الأضحى المبارك.

وأنبه! إلى أنه لا يجوز الذبح قبل الصلاة؛ لأن ( رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في طريقه إلى المصلى يوم العيد فشم رائحة شواء، فقال: ما هذا؟ قالوا: أبو بردة بن نيار ذبح، فاستدعاه صلى الله عليه وسلم وقال له: من أمرك بهذا؟ فقال: يا رسول الله! اشتهينا اللحم فذبحنا، فقال: اذبح مكانها أخرى )، يعني: الأولى هذه لم تجزِ، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نغدو إلى المصلى ثم نرجع فننحر نسكنا، فمن فعل فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء ).

السؤال: أخونا ناصر يسأل: ما هي الأعمال التي يعملها من لم يحج؟

الجواب: أولاً: نطمئن ناصراً بأن الإنسان إذا نوى الحج، وعلم الله عز وجل من حاله أنه يحب الحج، وأنه راغب فيه حريص عليه مشتاق إليه، ولكن حيل بينه وبين ما يشتهي، فالله يكتب له الأجر، فضلاً منه ونعمة؛ لأن كل من نوى عملاً صالحاً ثم عجز عنه فالله عز وجل برحمته وفضله يكتب له الأجر؛ ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما كان في غزوة تبوك قال لأصحابه: ( إن بالمدينة نفراً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا شركوكم في الأجر؛ حبسهم العذر ).

والإنسان الذي ما خرج إلى الحج فعنده هذه الأيام المباركة مليئة بالخيرات، فأكثر يا عبد الله! من ذكر الله وتلاوة القرآن والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثر من نوافل الصلاة، ونوافل الصيام، أكثر من نوافل الصدقات، أكثر من عيادة المرضى وصلة الأرحام واتباع الجنائز وخاصة التكبير، فإن الصحابة الكرام عليهم من الله الرضوان كانوا يخرجون إلى السوق ويكبرون، يرفعون أصواتهم ويكبر أهل السوق بتكبيرهم؛ لأن هذه الأيام المباركة هي الأيام المعلومات التي قال الله فيهن: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ[الحج:28].

الشيخ: أختنا أماني محمد ذكرت الآية التي في سورة البقرة، وما شاء الله قرأتها قراءة صحيحة سليمة طيبة وهي تطلب تفسيرها، هذا الآية هي قول ربنا جل جلاله: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[البقرة:233]، هذه الآية بينت حقوق الأولاد على الأمهات؛ لأن الأم إذا وضعت فالواجب عليها أن ترضع هذا الولد، وأن تباشر رضاعته؛ لأن قول الله عز وجل: (يُرْضِعْنَ)، هذا فعل مضارع خرج مخرج الأمر، والمعنى: ليرضعن، أو أرضعن أولادكن، كما في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ[البقرة:228]، أي: هذا أمر من الله عز وجل بالتربص مدة العدة، وهنا أيضاً أمر بالإرضاع.

قال تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ[البقرة:233]، حولين قمريين، من حين ولد إلى أن يبلغ الحولين، وليس هذا على سبيل الوجوب بقرينة قول ربنا سبحانه: لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ[البقرة:233]، يعني: لو أن الأم رأت -بعد التشاور مع الأب- أن المصلحة في فطام الولد بعد سنة أو بعد سنة وبعض سنة مثلاً، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

قال الله عز وجل: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ[البقرة:233]، (المولود له) هو: الوالد، رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ[البقرة:233]، أي: يجب على الوالد أن يتكفل بإطعام هذه المرضعة وكسوتها بالمعروف، أي: بما جرى عليه عرف الناس وبما يتسع له وسع الوالد، كما قال ربنا سبحانه: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ[الطلاق:7]، وهذا هو معنى الآية التي سألت عنها الأخت، وتمامها قول ربنا جل جلاله: فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ[البقرة:233]، أي: تطلبوا لهم مرضعات غير الوالدات، قال: فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ[البقرة:233]، أي: لا مانع أن يرضع الولد غير أمه، مثلاً: سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعته في أيامه الأولى أمه آمنة ، ثم بعد ذلك جاءت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية ، فصحبته إلى ديار قومها في بني سعد بن بكر، وقبل ذلك أرضعته ثويبة مولاة عمه أبي لهب ، فهؤلاء جميعاً اشتركن في إرضاعه صلوات ربي وسلامه عليه.

السؤال: أبو محسن يقول: ما حكم المشاركة في الانتخابات؟

الجواب: يا أبا محسن! اعلم بأن الصوت أمانة، وأن المشاركة مطلوبة، وأن الإنسان يتخير القوي الأمين، الحفيظ العليم، الذي هو أقرب إلى الدين والأمانة، ويرجى خيره، هذا هو الذي ينبغي أن يكون.

أما السلبية فهي أن يقف الإنسان بعيداً، وهذا مما لا ينبغي.

السؤال: أبو مرثد يقول: قراءة القرآن بدون وضوء هل تجوز؟

الجواب: نعم، إذا لم يكن مساً للمصحف فلا مانع أن تقرأ القرآن من غير وضوء؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم ( كان يقرأ القرآن على كل أحواله ) و( ما كان يمنعه من القرآن شيء إلا الجنابة ).

السؤال: لماذا سن سجود السهو؟

الجواب: سجود السهو سن لجبر النقص الذي يحصل في الصلاة، وهذا النقص إما أن يكون بنقص سنة وإما أن يكون بزيادة وإما أن يكون بخلل، هذا كله يسمى نقصاً.

فسن سجود السهو لجبر هذا الخلل الطارئ في الصلاة، سواء كان بنقصان أو زيادة أو زيادة ونقصان.

السؤال: ما حكم زيارة القبور؟

الجواب: سنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ).

السؤال: ما حكم تغطية الوجه للمرأة؟

الجواب: تغطية الوجه مشروعة، لكن درجة المشروعية هل هي الوجوب كما يقول بعض أهل العلم، أو هي الاستحباب كما يقول بعضهم؟ هذا محل نقاش بينهم.

لكن على كل حال لا ينكر على من غطت وجهها، وكذلك لا ينكر على من كشفت وجهها.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2824 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2651 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2536 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2536 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2509 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2477 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2466 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2445 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2408 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2407 استماع