ديوان الإفتاء [560]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً وارزقنا عملاً صالحاً ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

فمرحباً بكم في هذه الحلقة الجديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن ينفعنا جميعاً بما نقول ونسمع، وأن يوفقنا ويسددنا في سؤالنا وجوابنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

السؤال: ما حكم الأذان؟

الجواب: أما الأذان فهو من فروض الكفايات، بمعنى: أن الأذان يقوم به واحد من الناس في المسجد أو في الجماعة التي تريد أن تؤدي الفريضة فيتحصل به الكفاية، والأذان من شعائر الإسلام وسننه الظاهرة التي تتميز بها دار الإسلام عن دار الكفر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغير على بلد تريث فإذا سمع أذاناً كف يعلم بأن أهلها مسلمون.

وهذا الأذان من السنن التي فيها أجر عظيم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).

وقد قال المفسرون: بأن المؤذن يدخل دخولاً أولياً في قول ربنا جل جلاله: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33].

السؤال: ما حكم المرتب الذي يتقاضاه المؤذن والإمام؟

الجواب: مسألة المرتب الذي يتقاضاه الإمام والمؤذن هي المسألة المعروفة عند أهل العلم بأخذ الأجرة على القرب، أي: الأعمال التي يتقرب بها إلى الله كالأذان والإمامة، وتعليم العلم، وإقراء القرآن، وقل مثل ذلك في القضاء وغيرها من المهام التي الأصل فيها أنها قربة يتقرب بها إلى الله.

والراجح من أقوال أهل العلم: أنه يجوز أخذ الأجر على هذه الأعمال باعتبار الاحتباس، يعني: ليس الأجر على ذات القربة: الأذان أو الإمامة؛ وإنما الأجر لأن المؤذن والإمام محتبسان في هذا المكان على هذا العمل ولا يستطيعان الضرب في الأرض لابتغاء الرزق والإنفاق على النفس والعيال.

السؤال: ماذا لو تهاون الناس في رفع الأذان في بعض الأوقات؟

الجواب: الصلاة صحيحة لكن لا ينبغي أن يتواطأ الناس على ذلك؛ لأنه كما ذكرت آنفاً بأن الأذان من شعائر الإسلام التي ينبغي أن تظهر وتعلن.

السؤال: هل على الحاج أضحية خاصة إذا كان عليه هدي؟

الجواب: هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم، والذي عليه الجمهور: بأنه ليس على الحاج أضحية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضحى حين حج، وإنما أهدى عن نفسه وعن نسائه رضوان الله عليهن، وقال بعض أهل العلم: بأنه لا تلازم بين الأمرين فهذه عبادة وهذه عبادة وكلاهما مطلوب.

السؤال: هل المرأة الكسول التي تقصر في شئون بيتها بسبب ذلك الكسل تعتبر ناشزاً؟

الجواب: يجب على المرأة أن تخدم زوجها في طبخ طعامه وغسل ثيابه، وترتيب فراشه وتهيئة منامه.. وما إلى ذلك؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه، فيقول لـعائشة رضي الله عنها: ( اشحذي المدية )، ويقول لها: ( ناوليني الخمرة )، وتقول أم سلمة : ( أعددت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله )، أي: الماء الذي يغتسل به، وكذلك بريرة لما شهدت لـعائشة قالت: ( إنها جارية حديثة السن كانت تعجن العجين، ثم تنام عنه فتأتي الداجن فتأكله )، وكذلك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وهي سيدة نساء العالمين: ( جاءت تشكو إلى أبيها بأن يديها قد مجلت من كثرة ما تطحن بالرحى تطلب منه خادماً، فأبى صلوات الله وسلامه عليه أن يعطيها خادماً، وأرشدها أن تسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمده ثلاثاً وثلاثين، وتكبره أربعاً وثلاثين إذا أوت إلى فراشها، وقال: هذا خير لكما من خادم ).

فالمقصود: بأن المرأة المسلمة يجب عليها أن تخدم زوجها، وأن تجتهد في ذلك بما في وسعها، ولا يكلف الله نفسا ًإلا وسعها، وإذا ترفعت عن ذلك فهي ناشز، فهذا هو النشور.

أما إذا كانت كسولاً، يعني: ما تعمدت التقصير ولكن فيها شيء من كسل، فالواجب عليها أن تسعى في علاج هذا الأمر.

السؤال: أسأل عن كريم فرد الشعر؟

الجواب: والله! إذا لم يكن فيه ضرر فلا حرج إن شاء الله؛ لأن الأصل في الأشياء الإباحة.

السؤال: قلت لصديقاتي: ربنا يهديكن! فقلن لي: لا تقولي لنا هذا؟

الجواب: ليس في ذلك شيء إن شاء الله، فهذا دعاء طيب، فمن دعا لأخيه أو من دعت لأختها بأن يهديها الله فهي ما أتت قولاً إداً، ولا قالت منكراً ولا زوراً، لكن الأفضل في الداعي أن يبدأ بالدعاء لنفسه فيقول: ربنا يهدينا ويهديكم، أو يهدينا وإياكم، أو الله يغفر لنا ولكم.. ونحو ذلك، خاصة أن بعض الناس لو قلت له: هداك الله ربما ظنها إساءة أو شتيمة، أو أنك تتهمه بأنه على ضلال أو خبال، فحبذا لو أن الداعي يبدأ بنفسه فيقول: ربنا يهدينا ويهديكم.

السؤال: إذا قرأ المسلم خبراً مثل: شركة إسرائيلية تنتج المناديل الورقية وورق الحمام تطبع البسملة بالخط الكوفي على منتجاتها، فكيف يتصرف؟ وكيف يعبر عن غضبه لله سبحانه وتعالى؟

الجواب: أولاً: المطلوب من المسلم الاستيثاق من صحة الخبر فكثير من الأخبار التي تطير هنا وهناك، خاصة مع سهولة نشرها وكثرة الوسائط، كثير منها لا يكون ذا مكان من الصدق، وإنما هو كذب محض أو خبر حرف عن حقيقته، فالمطلوب الاستيثاق؛ لأن الله عز وجل أمرنا بالتثبت.

ثانياً: مطلوب من المسلم إذا صح هذا الخبر أن يبين للناس حقيقة اليهود، وأن هذا ليس بالأمر الغريب عليهم فإنهم هم الذين سبوا الله فقالوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ [المائدة:64]، وقالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181]، وهم الذين سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا: وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ [المجادلة:8]، وهم الذين آذوا رسول الله موسى عليه السلام: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [الأحزاب:69]، وهم قتلة الأنبياء، سفاكو الدماء، السماعون للكذب، الأكالون للسحت، الساعون بالفساد في الأرض إلى غير ذلك من الجرائم العظيمة، والموبقات الجسيمة التي سجلها القرآن عليهم، فهذه فرصة من أجل أن نذكر الناس بحقيقة اليهود.

ثالثاً: يخاطب من كان في الجمارك، من كان في المنافذ الحدودية، من كان في هيئة المواصفات والمقاييس بأن من أولى مهامهم أن يراقبوا مثل هذه الأشياء؛ لئلا تدخل وفيها ما فيها من انتهاك حدود الله عز وجل وتحقير شعائره جل جلاله.

السؤال: هل توجد صلاة تسمى صلاة بر الوالدين يوم الأربعاء بعد المغرب؟

الجواب: اللهم لا.. اللهم لا، فهذه ما أنزل الله بها من سلطان، ولا دل عليها سنة ولا قرآن، والواجب على الإنسان أن يبر والديه في الحياة وبعد الممات، أما في الحياة فبطاعتهما والإحسان إليهما، والعطف عليهما، وتعظيم حقوقهما، والسعي في إرضائهما بما لا يغضب الله عز وجل.

وأما بعد الممات فبإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، والدعاء والاستغفار لهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما كما أرشد نبينا عليه الصلاة والسلام.

السؤال: هل صحيح أنه في مكة تحسب السيئة بعشر أمثالها؟

الجواب: اللهم لا، فالقرآن الكريم ناطق بأن: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الأنعام:160]، ونبينا صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة، فإن عملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله حسنة كاملة، فإن عملها كتبها الله سيئة واحدة ).

لكن لمكة خصوصية في أن الإنسان يؤاخذ فيها بالنية؛ لأن الله تعالى قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، (ومن يرد فيه) أي: في الحرم، (بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم) والإرادة من أفعال القلوب، ومن هنا قال علماؤنا: لو نوى الإنسان في مكة سيئة فإنه يؤاخذ بها ولو لم يفعلها، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لو أن رجلاً بمكة نوى أن يقتل رجلاً بعدن أبين لآخذه الله بهذه النية).


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2824 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2650 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2535 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2508 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2477 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2466 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2444 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2407 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2407 استماع