ديوان الإفتاء [446]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه،

أما بعد:

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديون الإفتاء، وأسأل الله عز وجل أن يبارك لنا فيما علمنا، وفيما علّمنا، وأن يتقبل منا أجمعين، وأن يجعلنا ممن يستمع القول فيتبعون أحسنه.

وأبدأ بالأسئلة الواردة عبر الشريط الأخضر، وأبدأ بأطيبها:

السؤال: هل حضور المحاضرات في قناة طيبة يعتبر من مجالس الذكر؟

الجواب: نعم، حضور المجالس الطيبة واستماع النافع المفيد، سواء كان في قناة طيبة أو في غيرها من القنوات التي تقدم للناس ما ينفعهم، هذا من مجالس الذكر التي يؤجر العبد عليها وتحصل له السكينة، وتتنزل عليه الرحمة، ويجده في ميزان حسناته يوم القيامة.

وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نحرص على هذه المجالس، وأن نسعى إليها، فقد جاء في الحديث: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة ).

السؤال: عاهدت زميلي على كتاب الله ألا أتزوج غيره، وجاء آخر لأهلي فوافقوا فما الحكم؟

الجواب: أولاً: لا ينبغي لك أن تعاهدي زميلك على ألا تتزوجي غيره؛ لأن هذا الأمر لا يصح لك الاستبداد به دون وليك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا نكاح إلا بولي )، وقال: ( أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ).

فأنت لا تملكين هذا الأمر وحدك، لكن صحيح بأن الاختيار لك، وأن العقد لا يتم إلا برضاك، لكن أيضاً لا يتم إلا برضا الولي، فإن له حقاً، وقضية الزواج تتعلق بالأهل، وتتعلق بالعشيرة، وتتعلق بالعائلة، فلا ينبغي لفتاة أن تستبد بهذا الأمر دونهم.

وكذلك بالنسبة للشاب لا ينبغي أن يتفق معها على الزواج، بل الواجب عليه أن يأتي البيوت من أبوابها، وأن يطلبها من وليها.

لكن على كل حال ليس عليك سوى كفارة يمين؛ لأن هذا الأمر أنتِ ما تعمدتِ ذلك، فهي يمين منعقدة، وما حصل الشيء المحلوف عليه، إنما حصل الحنث، فإذا تم زواجك من الآخر فلا يلزمك إلا كفارة يمين: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن عجزت عن الخصلتين جميعاً فصومي ثلاثة أيام.

السؤال: امرأة توفي عنها زوجها في ظهر يوم ما، هل تحسب العدة في نفس اليوم أم من اليوم التالي؟

الجواب: طالما أنه توفي قبل غروب الشمس فما بقي من اليوم فإنه يحسب من عدتها.

السؤال: صبغ الشعر للمرأة ما حكمه؟

الجواب: إذا كان بغير السواد فلا حرج، أما الصبغ بالسواد فقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، والرجل والمرأة سواء، والشابة والشيخة سواء، قال: ( غيروا هذا الشيب، وجنبوه السواد )، ولذلك لو أن المرأة صبغت بغير السواد حصل المقصود، ولا يكون هناك حرج إن شاء الله.

السؤال: هل تجوز مصافحة المرأة غير الأجنبية؟

الجواب: لا أدري من هي المرأة غير الأجنبية، فإذا كنت تقصد الزوجة والمحارم فهذا لا يحتاج إلى سؤال، يعني: إذا كنت تقصد أن تصافح الأم والبنت والخالة والعمة وبنت الأخ وبنت الأخت والأخت وما أشبه ذلك، فهذا واضح بأنه يجوز لنا جميعاً أن نصافح أمهاتنا، وبناتنا، وأخواتنا، وعماتنا، وخالاتنا، وبنات الأخ، وبنات الأخت، ومن كان مثلهن من الرضاعة.

ويجوز لنا كذلك أن نصافح زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة، وبنت الزوجة؛ لأن هؤلاء جميعاً حرمتهم مؤبدة، فهؤلاء لا يسمين أجنبيات، وإنما هن من المحارم.

أما بالنسبة للمرأة الأجنبية، فهي المرأة التي تحل لك، يعني: يجوز لك أن تتزوجها، فهذه لا ينبغي لك مصافحتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: ( لما قال له النساء في البيعة: ألا تصافحنا؟ قال: إني لا أصافح النساء )، والله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[الأحزاب:21]، وتقول عائشة : ( ما مست يده يد امرأة قط إلا امرأة يملكها )، ويقول عليه الصلاة والسلام : ( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).

وقبل ذلك كله قول ربنا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ[النور:30]، ومعلوم بأن اللمس أشد من النظر، فهو منهي عنه من باب أولى.

السؤال: ما رأي الدين في رجل هجر فراش زوجته عامين، وهو معها في نفس المنزل بسبب مناقشات عادية، وهو الآن يطلبها، وهي قالت: حرمته على نفسي؟

الجواب: هذه أخطاء متتابعة من الزوجين معاً، أولاً: بالنسبة للمناقشات لا ينبغي أن تتحول إلى مراء بحيث يوقع العداوة والبغضاء، بل ينبغي أن يكون للنقاش حد محدود، وإذا تحول إلى مراء وجدال ومحاولة للانتصار للنفس فإنه يجر شراً عظيماً، هذا أولاً.

ثانياً: لا ينبغي للرجل أن يهجر امرأته عامين؛ هذا لا يجوز لأنه علقها، والله عز وجل قال: فَلا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ[النساء:129].

والمقصد الأساس من الحياة الزوجية لم يتحقق بحصول هذا الهجر؛ لأن المقصد من الحياة الزوجية في الأساس حصول الإحصان والإعفاف للزوجين معاً.

فلو أن الرجل هجر فراش امرأته عامين كاملين، فيكون قد اعتدى على حقها، وهضمها ما أوجب الله لها، ومثل هذا لا يجوز، فيجب عليه أن يتوب إلى الله ويستغفره مما كان ويتحلل من تلك المرأة.

كما أن المرأة لا يجوز لها أن تحرم الزوج على نفسها، وكلامها هذا لغو، ولا يترتب عليه شيء؛ لأنها لا تملكه أصلاً، فينبغي لها أن ترجع إلى زوجها، وأن يحصل بينهما الصلح، فإن الله تعالى يقول: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].

السؤال: كنت أقود عربة فانقلبت، ومات أحد الركاب فهل علي شيء؟

الجواب: نعم تلزمك الدية، ويلزمك أيضاً صيام شهرين متتابعين كما قال تعالى: فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا[النساء:92].

فإذا عفا أولياء الدم، وتنازلوا عن الدية، بقيت عليك الكفارة التي هي صيام شهرين متتابعين، وأقصد من هذا الكلام أنه لا تلازم بين الحقين: بين حق الله وحق أولياء الدم، فكلاهما مستقل، وهناك انفكاك بين الجهتين، بمعنى: أنه لا يؤثر على الكفارة أن يأخذ أولياء الدم الدية أو يعفوا عنها، فالكفارة باقية في ذمتك يجب عليك الإتيان بها متى ما أقدرك الله، والآن بين أيدينا إن شاء الله موسم الشتاء، والصوم فيه ميسور، وقد قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( الصوم في الشتاء غنيمة باردة ).

السؤال: أنا امرأة متزوجة ولي بنت في سن الزواج وابن شاب، وزوجي يهاتف ويقابل بنات ومتزوجات، وهو يخاطبهن بلغة الحب، نصحته بطريقة غير مباشرة فلم يتعظ، أخاف على أولادي وأنا صابرة؟

الجواب: لا حول ولا قوة إلا بالله، إلى الله المشتكى:

وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده وإن الفتى بعد الجهالة يحلم

نقول: إن الإنسان إذا كان عنده زوجة، فالمطلوب منه أن يكتفي بالحلال عن الحرام، وأن يتقي الله عز وجل، فإذا لم تكن الواحد تكفيه فقد أذن الله له أن يتزوج بأخرى، أما أن يتصابى ويأتي بأفعال لا تليق إلا بالسفهاء، ومن كان فيهم خفة وطيش، فهذه هي المصيبة كل المصيبة.

وينبغي لهذا الرجل أن يتوب إلى الله عز وجل ويرجع، وأن يفكر في مستقبل أولاده، وأنه لو عهدت عنه مثل هذه الأعمال الطائشة، وثبتت عليه فتصير له سمعة سيئة تؤثر على مستقبل أولاده، ولا أحد منا يحب ذلك، نسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة، وأن يديم علينا نعمته وعافيته وستره في الدنيا والآخرة.

يا أختاه! أنتِ مأجورة على صبرك، وأنتِ مأجورة على سترك على هذا الرجل، ومأجورة على أنك ما وجهته بشيء يكرهه، لكن يمكنك أن تعطيه بعض الأحاديث التي تتكلم عن العفة، وتتناول ما أعد الله عز وجل لأهلها من النعيم المقيم، وبالمقابل يكون في هذه الأشرطة تخويف بالله عز وجل وبالعقوبة القدرية، التي تصيب الإنسان الذي يبحث عن الحرام من تلك الأمراض الفتاكة، إلى غير ذلك من الأمور التي قد يحصل بها إن شاء الله نوع من التخويف والترهيب لهذا الرجل.

السؤال: ما حكم العقد على الفتاة الحبلى بالحرام قبل الوضع، سواء أكان من نفس الشخص أو غيره؟

الجواب: جمهور العلماء على أن العقد على الحامل باطل باطل، فأما إذا كان العقد من غير الفاعل -عياذاً بالله- فإنه باطل قولاً وحداً، وأما إذا كان الذي يعقد عليها هو من فعل معها تلك الفعلة، ويريد أن يستر عليها وعلى نفسه، فالعقد صحيح عند الحنفية والشافعية رحمة الله على الجميع، والولد ينسب له على قول بعض أهل العلم منهم أبو العباس بن تيمية؛ لأنه ولده في الواقع، فيكون ولده في الشرع، يعني: هو ولده حقيقة، فهو من مائه ومن نطفته، والشرع متشوف إلى إثبات النسب، والستر على الأعراض، ومداراة الفضيحة، فلذلك نقول: إذا كان العاقد هو الفاعل نفسه فالعقد صحيح، والولد ينسب له.

أسأل الله أن يتوب على الجميع وأن يستر أعراضنا.

السؤال: اشترطت على زوجي لو قال لي: الحقي بأهلك أن أكون مطلقة، وهو وافق وحصلت فما الحكم؟

الجواب: ينبغي لك ولزوجك أن تلجأا إلى مجمع الفقه الإسلامي من أجل أن يفتوا في هذا الأمر.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2822 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2532 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2506 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2464 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2406 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2405 استماع