ديوان الإفتاء [391]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، البشير النذير، والسراج المنير، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وكل عام وأنتم بخير، أعاد الله علينا رمضان ونحن في عز وأمن، وسلام وإسلام، وأمن وإيمان، وجمعنا الله على الخير في رمضان وبعد رمضان.

ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أبدؤها بأن أذكر نفسي وإخواني وأخواتي بالاستقامة على طاعة الله بعد رمضان، فإن عبادة الله عز وجل لا تنقضي إلا بالموت، كما قال ربنا سبحانه مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ[الحجر:99]، ومطلوب منا إخوتي وأخواتي! أن نستقيم على أمر الله عز وجل كما قال ربنا سبحانه: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[هود:112]، وكما قال: وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ[الشورى:15].

تعريف الاستقامة

والاستقامة: هي لزوم صراط الله المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، وذلك بفعل ما ينبغي فعله، وترك ما ينبغي تركه.

وهذه هي الاستقامة التي ندعو الله عز وجل في كل صلاة بأن يرزقنا إياها، وأن يرشدنا إليها، فنقول في كل ركعة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ[الفاتحة:6]، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في صلاة الليل أنه يقول: ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ).

جزاء المستقيم على طاعة الله

المواظبة على الفرائض والنوافل والأذكار بعد رمضان

ومطلوب منا بعد رمضان أن نستقيم على أمر الله، فنواظب على الصلوات المكتوبات في أوقاتها، ومطلوب منا معشر الرجال! أن نسعى إلى بيوت الله عز وجل، وأن نحث الخطا إلى المساجد، وأن نشتاق إلى الصلاة بعد الصلاة.

ومطلوب منا كذلك بعد رمضان أن نكثر من النوافل، فنصوم ستاً من شوال ابتغاء ما عند الله من أجر وثواب، قال صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر )، ومطلوب منا أن نكثر من نوافل الصلاة قال صلى الله عليه وسلم: ( من صلى لله في كل يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة ).

ومطلوب منا أن نواظب على قراءة القرآن وألا نهجره بعد رمضان ففي الحديث: ( فمن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف, وميم حرف ).

ومطلوب منا أن نجتهد في قيام الليل، فإنه وصية ربنا جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم, قال سبحانه: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا[الإسراء:79]، وقال: يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا[المزمل:1-2]، وهي سمة عباد الله الصالحين، قال تعالى: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ[الذاريات:17-18]، وقال: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ[السجدة:16]. ومطلوب منا بعد رمضان أن نكثر من ذكر الله عز وجل قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا[الأحزاب:41-42].

الإحسان إلى الناس والمواظبة على بر الوالدين بعد رمضان

ومطلوب منا أن نحسن إلى عباد الله عز وجل، فمن أنفق على الناس أنفق الله عليه، ومن أحسن إلى الناس أحسن الله إليه: ( ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه، ومن ستر مسلماً في الدنيا ستره الله يوم القيامة )، وهكذا فالجزاء من جنس العمل.

إخوتي وأخواتي! قد انقضى رمضان، نسأل الله أن يتقبل منا ما كان، ورمضان الآتي إن مد الله في أعمارنا ونسأ في آثارنا قريب إن شاء الله، ومطلوب منا ما بين رمضان ورمضان أن نجتنب كبائر الذنوب، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم وعدنا بأن: ( الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما لم تغشَ الكبائر )، فعلينا أن نجتنب هذه الكبائر حتى يكفر الله عنا الصغائر واللمم.

ومطلوب منا بعد رمضان كذلك: أن نواظب على بر والدينا أحياءً وأمواتاً، وأن نصل أرحامنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، وأن نحسن إلى جيراننا بإفشاء السلام وطلاقة الوجه وطيب اللقاء وإغاثة الملهوف وإعانة المحتاج وعيادة المريض واتباع الجنائز.

العناية بصلاح القلوب

ومطلوب منا بعد رمضان: أن نُعنى بصلاح قلوبنا؛ وذلك بزيارة المقابر حيناً بعد حين، والمسح على رأس اليتيم، وتغسيل الموتى واتباع الجنائز، والقراءة في سير الصالحين، وأخبار الطيبين، وصحبة الأخيار المتقين، وهذه كلها أسباب نستعين بها على طاعة ربنا جل جلاله بعد انقضاء هذا الشهر المبارك الذي تتابعت بركاته وعظمت فضائله وخيراته.

نسأل الله العلي العظيم الجليل الكبير أن يتقبل منا ما كان في رمضان، وأن يعيننا على الطاعات بعد رمضان، وأن يرزقنا الاستقامة والسداد، اللهم إنا نسألك شكر نعمتك، ونسألك حسن عبادتك، ونسألك ألسنة صادقة، ونسألك قلوباً مستقيمة، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.

والاستقامة: هي لزوم صراط الله المستقيم، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة، وذلك بفعل ما ينبغي فعله، وترك ما ينبغي تركه.

وهذه هي الاستقامة التي ندعو الله عز وجل في كل صلاة بأن يرزقنا إياها، وأن يرشدنا إليها، فنقول في كل ركعة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ[الفاتحة:6]، وكان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في صلاة الليل أنه يقول: ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ).


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2822 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2532 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2506 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2464 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2406 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2405 استماع