ديوان الإفتاء [369]


الحلقة مفرغة

الحمد لله, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

السلام عليكم ورحمة الله.

أما بعد:

فأبدأ بالجواب على الأسئلة التي تتعلق بالصيام.

السؤال: علي قضاء من أكثر من عشرة رمضانات سابقة, فكيف أكفر؟

الجواب: إذا كنت تستطيعين الصيام؛ فالصيام واجب عليك, يعني: إذا كنت قد أفطرت لحمل أو إرضاع أو هما معاً أو لمرض أو سفر ونحو ذلك, وتراكمت عليك هذه الشهور فهذا لا يسقط القضاء, والإطعام لا ينتقل إليه إلا الشيخ الكبير والمريض الزمن, قال الله عز وجل: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].

السؤال: أسأل عن الاعتكاف, هل يمكن أن أخرج للطعام ثم أعود للمسجد؟

الجواب: نعم, إذا كان الطعام لا يمكن أن يؤتى به إليك في المسجد، فلا حرج عليك أن تخرج فتطعم ثم ترجع مباشرة, وبعض العلماء يشترط بأن تأتي بالطعام إلى المسجد, يعني: لا تجلس في السوق, وإنما تأتي بالطعام إلى المسجد فتأكله في المسجد, لكن لو فرض مثلاً بأن المسجد لا يسمح بإدخال الطعام إليه، ففي هذه الحال لا حرج عليك أن تأكل من حيث اشتريت.

السؤال: ما حكم الشرع في قتل الثعبان والعقرب في رمضان؟

الجواب: الثعبان والعقرب نحن مأمورون بقتلهما في رمضان، وفي غير رمضان؛ بل حتى في الصلاة, حتى لو كان الإنسان يصلي فرأى أحد الأسودين عقرباً أو ثعباناً فإنه يقتله؛ وذلك لعظيم شرهما وبليغ ضررهما, قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب ), وحتى في الحرم, قال عليه الصلاة والسلام: ( خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم, وذكر من بينها الحية والعقرب ).

السؤال: زوجي يصلي التراويح ويذهب مع أصدقائه لشرب الشيشة؟

الجواب: زوجك خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً, فصيامه له أجره, وشربه الشيشة عليه وزره, قال الله عز وجل: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:102], وقال سبحانه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8], فزوجك هذا نسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياه والمسلمين, ومطلوب منا أن ننصحه وأن ندعو له.

السؤال: يعمل بمنزلنا عمال بناء لا يصومون، ويطلبون منا ماء بارداً فهل نسقيهم؟

الجواب: لا, لا يسقون؛ لأن الله عز وجل قال: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2], فعامل البناء هذا إن كان مسلماً فهو عاص مفرط, ويجب نصحه بأن الصوم عليه واجب, وأما إذا لم يكن مسلماً فهو كذلك سيحاسب على تركه الصيام، وتركه الصلاة، وتركه فروع الشريعة؛ كما قال ربنا سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر:38-47], فالقوم كانوا كفاراً بدليل قولهم: وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ [المدثر:46], أي: بيوم القيامة, لكن ذكر ربنا جل جلاله من الجرائم التي أوجبت دخولهم سقر -والعياذ بالله- أنهم ما كانوا من المصلين، وما كانوا يطعمون المسكين.

السؤال: ما حكم الشرع في الشيوخ الذين يأمرون أتباعهم بالصيام برؤية العين؟

الجواب: لا شك أنهم مخطئون, يعني: شيخ يأمر أتباعه: ألا يصوموا إذا أعلنت الجهات المسئولة بأن غداً صيام، إلا إذا رأوا رأي العين هلال رمضان. نقول: هؤلاء مخطئون؛ لأن نبينا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ), هو نفسه صلى الله عليه وسلم ما كان يوقف صيامه على أن يرى بعينه, وإنما كان يخبره بعض أصحابه بأنه قد رأى الهلال؛ كما أخبره عبد الله بن عمر , والحديث في الصحيح, قال: ( تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام ), عليه الصلاة والسلام. فليس المقصود رؤية الآحاد, وأن كل واحد لا بد أن يرى بنفسه, بل المقصود رؤية من تقوم الحجة برؤيتهم.

السؤال: هل يجب أن تكون صلاة التراويح في المسجد؟

الجواب: لا, ليس واجباً, لكنها السنة, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صلى بالناس ليلتين أو ثلاثاً, فلما كانت الليلة التي بعدها صلى العشاء ثم قام فدخل إلى بيته, فانتظره الصحابة بعد صلاة العشاء وبدءوا يحصبون بابه عليه الصلاة والسلام, يظنونه قد نام, فما خرج عليهم إلا بعد ما طلع الفجر, وقال: أما إنه ما خفي علي صنيعكم البارحة, والله ما بت غافلاً, ولكني خشيت أن تفرض عليكم ), وصار الناس يصلون آحاداً, فلما كان في زمن عمر رضي الله عنه, ورأى الرجل يصلي بالرجلين, والرجل يصلي بالثلاثة, والرجل يصلي وحده, قال: لو جمعتهم على إمام واحد, فجمعهم على أقرئهم؛ أبي بن كعب رضي الله عنه, فكان الناس يصلون بصلاة أبي , قال عمر : ونعمت البدعة الحسنة هي, والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون لها.

السؤال: إذا فاتتني صلاة العشاء, هل أدخل في صلاة التراويح بنية العشاء؟

الجواب: نعم, وبعد سلام الإمام تقوم فتتم صلاتك.

السؤال: كم عدد ركعات التراويح في جماعة؟

الجواب: أما فعل نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه ما كان يزيد على إحدى عشرة ركعة, لا في رمضان ولا في غير رمضان؛ كما قالت أمنا عائشة رضي الله عنها؛ لكن من بعد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر كانوا يصلون عشرين ويوترون بثلاث؛ كصنيع الناس في الحرمين اليوم, في المسجد النبوي وفي المسجد الحرام يصلون ثلاثاً وعشرين ركعة.

وفي عهد عمر بن عبد العزيز لما كان والياً على المدينة كانوا يصلون ستاً وأربعين ويوترون بثلاث, فهؤلاء العلماء الأجلاء من الصحابة فمن بعدهم فهموا من قوله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل مثنى مثنى ), أن الأمر على السعة, وكل يأخذ بحظه من قيام الليل؛ ولذلك نقول: صلاة التراويح لا تتقيد بعدد لا يتعدى.

السؤال: هل يجوز السواك بالمعجون في نهار رمضان؟

الجواب: نعم, يجوز السواك بالمعجون في نهار رمضان؛ لأن الأصل مشروعية السواك, قال عامر بن ربيعة : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم ), وحديثه هذا في البخاري , ولا فرق بين السواك بعود الأراك أو السواك بالفرشاة والمعجون, لكن الإنسان عليه أن يحتاط لئلا يسبق إلى الجوف شيء.