ديوان الإفتاء [284]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء.

لقد تقدم معنا الكلام في الحلقة الماضية عن الفقه وأقسامه، ومتى يكون تعلمه فرضاً متعيناً، ومتى يكون فرضاً على الكفاية. وتقدم معنا الكلام كذلك في النصوص الحاثة على طلب الفقه والحرص على تعلمه.

وبقي أن أقول: إن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا في مسائل كثيرة، وأعني بذلك: الفقهاء الأولين المتقدمين، وكذلك المتأخرين والمعاصرين، فتجدهم يختلفون في المسألة الواحدة أقوالهم بين قائل بالحرمة أو قائل بالكراهة، وبين قائل بالوجوب وقائل بالسنية ونحو ذلك.

وبعض الناس يدور بخلده سؤال يقول: ما بالهم يختلفون ودين الله واحد؟

والجواب: على هذا أن نقول:

الاختلاف طبيعة بشرية، وقد جبل الله الناس على الاختلاف، فتختلف أفهامهم، وتختلف أذواقهم، وتختلف مداركهم، وقد قال ربنا جل جلاله: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:118-119].

الاختلاف بين الأنبياء

وقد قص علينا ربنا جل جلاله نماذج من اختلاف النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهذا نبي الله موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه، فوجدهم قد اتخذوا عجلاً جسداً له خوار، غضب وكان غضبه لله، وأخذ برأس أخيه يجره إليه -مع أن أخاه نبي- وقال: قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأعراف:150].

وكذلك نبي الله داود عليه السلام حين اختصم إليه رجلان: أحدهما يملك حرثاً، يعني: عنده مزرعة، والثاني: يملك ماشية، فدخلت ماشية هذا الرجل في مزرعة الآخر فأفسدت فيها، فنبي الله داود عليه السلام حكم بأن تدفع الغنم لصاحب الزرع على أنها تعويض وضمان لما أتلف، فقال له ولده سليمان: أوغير ذلك يا نبي الله؟ قال: وما ذاك؟ قال: ندفع الغنم إلى صاحب الزرع ينتفع بلبنه وصوفه، وندفع الزرع إلى صاحب الغنم يصلحه، حتى إذا عاد كليلة نفشت فيه الغنم رددنا الغنم إلى صاحب الغنم، والبستان إلى صاحب البستان، فقال له داود: القضاء ما قضيت يا بني، قال الله عز وجل: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:79].

الاختلاف بين الصحابة

وكذلك من دون الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يختلفون، فخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم هم الصحابة الكرام، وقد حفظت لنا كتب السنة والسيرة أنهم كانوا يختلفون مع وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: والنبي عليه الصلاة والسلام بين ظهرانيهم، ومن ذلك: ( لما جاء وفد بني تميم، قال أبو بكر : يا رسول الله! أمر القعقاع بن معبد ، وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي، وقال عمر : والله ما أردت خلافك، وارتفعت أصواتهما، فأنزل الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1] ).

ومثله أيضاً: اختلافهم في شأن أسارى بدر، فإنه لما أسر من المشركين سبعون، استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال: يا رسول الله! هم بنو العم والعشيرة فامنن عليهم لعل الله أن يهديهم، وقال عمر : يا رسول الله! أرى أن تمكن علياً من عقيل -أخيه- فيحتز عنقه، وأن تمكن فلاناً من فلان؛ حتى يعلم ربنا أن ليس في قلوبنا محبة لأحد سواه، فقال عليه الصلاة والسلام -مبيناً أن الاختلاف ليس اختلاف دين، وإنما اختلاف طبائع-: ( إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن -يعني: أبا بكر- وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة -يعني: عمر- وإنما مثلك يا أبا بكر! كمثل إبراهيم قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [إبراهيم:36]، وكمثل عيسى قال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]، وإن مثلك يا عمر! كمثل نوح قال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [نوح:26]، وكمثل موسى قال: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ [يونس:88] )، وأخذ صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر ، فنزل القرآن مؤيداً لرأي عمر : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الأنفال:67-68].

ومثله أيضاً: اختلافهم رضوان الله عليهم في غزوة بني قريظة، فإنه لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته بعد غزوة الخندق خُلع لامته، ووضع سلاحه، نزل عليه جبريل فقال له: أوقد وضعت السلاح يا محمد؟! قال: نعم، قال: فإن الملائكة لم تضع أسلحتها، وإني ذاهب إلى قريظة فمزلزل بهم الأرض فاتبعني، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابة: ( من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة )، فالصحابة رضي الله عنهم خرجوا، وأدركتهم صلاة العصر في الطريق، فبعضهم قال: نصلي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما أراد منا إلا أن نسرع، وقال آخرون: بل الصلاة فرض الله ما علمناها إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فرضها علينا اليوم في بني قريظة، فلا نصليها إلا هنالك ولو وصلنا بعد العشاء، فبعض الناس صلى في الطريق، وبعض الناس أخر الصلاة إلى أن وصل، وما عنف النبي صلى الله عليه وسلم طائفة ولا خطأ فريقاً.

ومثله أيضاً: اختلافهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد اختلفوا هل مات أو لم يمت، حتى إن عمر رضي الله عنه حمل سيفه يهدد، ويقول: ( إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، والله ما ذهب إلا كما ذهب موسى لميقات ربه، وليرجعن فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات، حتى جاء الصديق رضي الله عنه، ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وكشف عن وجهه، وقبله بين عينيه، وقال: طبت حياً وميتاً يا رسول الله! أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها، والله لا يجمع الله عليك موتتين، ثم خرج على الناس فقال: أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]، فقال عمر: والله لكأن هذه الآية ما نزلت إلا حين تلاها أبو بكر وما حملتني قدماي ). وأيضاً اختلفوا عندما دخل أربعة يغسلونه عليه الصلاة والسلام: هل نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم نغسله من فوق الثياب؟

فألقى الله عليهم النوم، وما منهم من أحد إلا وذقنه في صدره، ثم سمعوا مكلماً يكلمهم من ناحية البيت أن غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من فوق الثياب، فكان العباس يصب الماء، وعلي يدلك من فوق القميص، ثم بعد ذلك لما فرغوا من تغسيله وتكفينه صلوات ربي وسلامه عليه اختلفوا أين يدفنونه؟ فمن قائل: ندفنه في البقيع، ومن قائل: نذهب به إلى مكة، ومن قائل: نذهب به إلى الشام، حتى جاء أبو بكر بالفصل فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما قبض الله نبياً إلا ودفن حيث قبض )، فرفعوا الفراش الذي مات عليه صلى الله عليه وسلم، ودفنوه في حجرة عائشة رضي الله عنه.

ثم اختلفوا بعد ذلك من يلي الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟

فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة حتى قال القائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، وحتى قال قائل: منا أمير، ومن المهاجرين أمير، فجاء أبو بكر و عمر و أبو عبيدة رضوان الله على الجميع، وتكلم أبو بكر فقال: يا معشر الأنصار! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا بكم خيراً، وأوصانا أن نقبل من محسنكم، وأن نتجاوز عن مسيئكم، وإن الله تعالى مدحكم في كتابه فسماكم المفلحين وسمانا الصادقين، وأمركم أن تكونوا معنا حيث كنا، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين -يعني: عمر أو أبا عبيدة - بايعوا أيهما شئتم، يقول عمر : فما قال أبو بكر كلمة أبغض إلي منها، ولقد كان أهون علي أن أقدم فتضرب عنقي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ، قال عمر : أبا بكر ! رضيك رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا، ابسط يدك فبايعه عمر و أبو عبيدة والأنصار، ثم انتقلوا إلى المسجد، وكانت البيعة العامة، فبدأ أبو بكر رضي الله عنه يصرف أمور الدولة. ثم اختلفوا هل يقاتلون مانعي الزكاة أو لا يقاتلونهم؟ فكان عمر يقول لـأبي بكر : ( يا أبا بكر! كيف تقاتل قوماً يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ يا أبا بكر! الزم بيتك ومسجدك، فإنه لا طاقة لك بقتال العرب، فكان أبو بكر يقولها مدوية: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، أينقص الدين وأنا حي، والله لو منعوني عناقاً -أي: عنزاً صغيرة- أو عقالاً -ما يربط به البعير- كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، يقول عمر: فشرح الله صدري لما شرح له صدر أبي بكر ).

ثم اختلافهم أيضاً في جمع القرآن، واختلافهم في قسمة الأراضي المفتوحة، واختلافهم رضوان الله عليهم في قضية ميراث الجدة، واختلافهم في كثير من مسائل الفقه، حتى إن بعضها -مما يسميه العلماء بمسائل الفروع- لما سأل سائل: الرجل يأتي أهله ثم يكسل، هل عليه غسل أم لا؟ فبدأ القوم يتناقشون ثم قالوا: وما لنا نختلف وعندنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فذهب ذاهب منهم إلى عائشة فسألها، فروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: ( إذا قعد بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ).

فهذه كلها نماذج لاختلافات وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم، بعضها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضها بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

الاختلاف بين الأئمة

ثم جاء من بعدهم الأئمة المتبوعون رضوان الله عليهم، كالإمام الحسن بن يسار البصري ، والإمام عبد الرحمن بن خلف الأوزاعي ، والإمام سفيان بن سعيد الثوري ، وجاء الإمام أبو حنيفة النعمان ، والإمام مالك بن أنس ، و الليث بن سعد ، و داود بن علي ، و محمد بن إدريس الشافعي ، و أحمد بن محمد بن حنبل رضوان الله على الجميع.

فهؤلاء الأمة الأعلام لا أقول: إنهم اختلفوا فيما بينهم فحسب بل الإمام الواحد منهم قد يكون له في المسألة الواحدة عدة أقوال، وعدة روايات، ونحن نعرف أن الإمام الشافعي رحمه الله كان له مذهبان، يقال: قول الشافعي في القديم، وقول الشافعي في الجديد، فلما كان في العراق كان له أقوال، ولما ذهب إلى مصر تغيرت كثير من أقواله.

وفي المذهب الواحد نجد أن الصاحبين: محمد بن الحسن الشيباني ، و أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم رحمة الله على الجميع يخالفان شيخهما وإمامهما أبا حنيفة النعمان عليه من الله الرضوان في كثير من المسائل والقضايا.

وخلاصة القول: أنه لا ينبغي أن تضيق صدورنا، ولا أن تتأزم أمورنا إذا حصل اختلاف في الأقوال، والحمد لله رب العالمين ما دامت كلها خلافات في مسائل الفروع، وما اختلف المسلمون في أن الله واحد، وما اختلفوا في أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين فلا نبي بعده، وما اختلفوا في أن القرآن كلام الله مبدوء بسورة الفاتحة مختوم بسورة الناس، وما اختلفوا في أعيان الصلوات، ولا في أعداد الركعات، ولا اختلفوا في أيها السرية وأيها الجهرية، وما اختلفوا في أصول المحرمات، فكل المسلمين يعتقدون بأن الخمر حرام، وأن الربا حرام، وأن الزنا حرام، وكذلك ما اختلفوا في الأخلاق، فكلهم متفقون على مدح الصدق، والأمانة، والوفاء بالعهد، والشجاعة، والجود والكرم، والحلم والصفح، والزهد وما إلى ذلك، وكلهم متفقون على ذم أضدادها من الكذب والخيانة والغدر والإفك وما إلى ذلك، ولذلك نقول: هذا الذي يحصل من خلاف في مسائل الفروع ينبغي أن تتسع له صدورنا وأن نتحمله.

وسيأتي معنا الكلام -إن شاء الله- فيما هو السبب الذي أدى بهؤلاء الأئمة المتقدمين والمعاصرين إلى الاختلاف، ثم بعد ذلك ما موقف المسلم من هذا الخلاف الذي يكون بين أهل العلم.

وقد قص علينا ربنا جل جلاله نماذج من اختلاف النبيين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهذا نبي الله موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه، فوجدهم قد اتخذوا عجلاً جسداً له خوار، غضب وكان غضبه لله، وأخذ برأس أخيه يجره إليه -مع أن أخاه نبي- وقال: قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأعراف:150].

وكذلك نبي الله داود عليه السلام حين اختصم إليه رجلان: أحدهما يملك حرثاً، يعني: عنده مزرعة، والثاني: يملك ماشية، فدخلت ماشية هذا الرجل في مزرعة الآخر فأفسدت فيها، فنبي الله داود عليه السلام حكم بأن تدفع الغنم لصاحب الزرع على أنها تعويض وضمان لما أتلف، فقال له ولده سليمان: أوغير ذلك يا نبي الله؟ قال: وما ذاك؟ قال: ندفع الغنم إلى صاحب الزرع ينتفع بلبنه وصوفه، وندفع الزرع إلى صاحب الغنم يصلحه، حتى إذا عاد كليلة نفشت فيه الغنم رددنا الغنم إلى صاحب الغنم، والبستان إلى صاحب البستان، فقال له داود: القضاء ما قضيت يا بني، قال الله عز وجل: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:79].