أحد وحمراء الأسد [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى, وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار, وعدد ما اختلف الليل والنهار, وعلى المهاجرين والأنصار.

سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا علماً نافعاً, وارزقنا عملاً صالحاً, ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

سبب غزوة أحد

ففي السنة الثالثة من الهجرة في يوم السبت الخامس عشر من شهر شوال وقعت غزوة أحد, وهي من الغزوات الكبار التي أنزل الله فيها آيات من القرآن.

وسبب تلك الغزوة: أن المشركين لما هزموا في بدر حلفوا ألا يستفيدوا من تلك العير, وأن يدخروا أموال تلك القافلة لغزو المسلمين.

وبعضهم -والعياذ بالله- حلف ألا يمس رأسه ماء حتى يثأر من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين, فجيشوا جيشاً كبيراً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل, وبلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق العباس عليه من الله الرضوان.

مشاورة رسول الله أصحابه في اختيار مكان المعركة

فجمع النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة واستشارهم, وكان من رأي الكبار والشيوخ وفيهم عبد الله ابن سلول بأن يبقوا داخل المدينة, وكان من كلام عبد الله ابن سلول : يا رسول الله! إنا ما لقينا عدواً داخلها إلا هزمناه, ولا خرجنا لعدو إلا ظهر علينا. يعني: لو أننا خرجنا نلقاه في الخارج نهزم, ولو أننا قاتلناه من الداخل فإننا نهزمه, وكان من رأي هؤلاء الشيوخ أن الرجال يقاتلونهم على الأرض, والنساء والأطفال يقذفونهم من فوق المنازل.

أما الشباب الذين فاتهم شهود بدر فقالوا: يا رسول الله! نرى أن نخرج للقاء أعداء الله لئلا يروا أنا قد جبنا, وأيد هذا الرأي أسد الله وأسد رسوله السيد الجليل, والبطل الضرغام حمزة بن عبد المطلب عليه من الله الرضوان، إذ قال: لا بد أن نخرج.

أما النبي عليه الصلاة والسلام فكان رأيه مع رأي الشيوخ الكبار؛ لكنه لما رأى أن أغلب القوم يرجحون الخروج قال: ( فلنخرج إذاً, ودخل عليه الصلاة والسلام فلبس لأمته -يعني لبس عدة الحرب- فكأن المسلمين ندموا، فقالوا: يا رسول الله! لعلنا قد استكرهناك -يعني لعلنا أجبرناك- إن شئت بقينا, فقال عليه الصلاة والسلام كلمة عظيمة: ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ). يعني: انتهى وقت الشورى, وما بقي إلا التوكل على الله عز وجل, كما قال سبحانه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ[آل عمران:159].

خروج رسول الله إلى أحد وإرجاع من كان صغير السن

ولذلك خرج النبي صلى الله عليه وسلم وجعل أحداً إلى ظهره, وجعل خمسين رامياً بقيادة عبد الله بن جبير على جبل في تلك السلسلة, واستعرض صلى الله عليه وسلم الجيش فأخرج من كان صغير السن.

وممن أخرج: عبد الله بن عمر و أسامة بن زيد و البراء بن عازب و رافع بن خديج رضوان الله عليهم, فهؤلاء جميعاً كانوا صغاراً كما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ( عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني, وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني )؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم رد هؤلاء الصغار.

انخذال عبد الله بن أبي بثلث الجيش

ولما بلغوا ثنية الوداع انخذل عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الجيش, وقد كان جيش المسلمين يبلغ ألفاً, لكن عبد الله ابن سلول رجع بثلث الجيش وقال: علام يقتل أحدنا نفسه؟ أيعصيني محمد ويطيع الأحداث؟ يعني: لا يسمع كلامي أنا الشيخ الكبير ويطيع هؤلاء الشباب؟ فقال بعض المسلمين له ولأصحابه: اتقوا الله ولا تخذلوا نبيكم! قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ[آل عمران:167], فقال الله عز وجل: هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ[آل عمران:167].

وكان هناك طائفتان طيبتان من المسلمين وهم من الأنصار بنو حارثة وبنو سلمة, أرادوا أن يتابعوا ابن سلول ولكن الله عصمهم, قال سبحانه: إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ[آل عمران:122].

تعيين رسول الله الرماة على جبل أحد وتأويل رؤياه

ثم جعل الرسول صلى الله عليه وسلم على الجبل خمسين رامياً بقيادة عبد الله بن جبير رضي الله عنه, وقال لهم: ( لا تبرحوا أماكنكم, إن كانت الدولة لنا أو علينا, وإن رأيتمونا قد تخطفتنا الطير ), كلمات صارمة من الرسول عليه الصلاة والسلام, كأنه كان يرى ما سيحصل؛ لأنه عليه الصلاة والسلام رأى في منامه رؤيا, فقال لأصحابه: (قد رأيت خيراً. قالوا: وما ذاك؟ قال: رأيت بقراً تذبح, ورأيت كأن في سيفي ثلمة, وكأني أدخلت يدي في درع حصينة قالوا: فما تأولتها يا رسول الله؟ قال: أما البقر فنفر من أصحابي يقتلون, وأما الثلمة التي في السيف فرجل من أهل بيتي يقتل, وأما الدرع الحصينة فهي المدينة ), فحصل ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فقتل من أهل بيته حمزة ، وكذلك عبد الله بن جحش ابن عمته أميمة .

وأما النفر الذين قتلوا من الصحابة فهم سبعون فيهم مصعب بن عمير و عبد الله بن عمرو بن حرام و عمرو بن الجموح و حنظلة بن أبي عامر وغيرهم رضوان الله عليهم، كلهم قتلوا في ذلك اليوم العظيم.

ففي السنة الثالثة من الهجرة في يوم السبت الخامس عشر من شهر شوال وقعت غزوة أحد, وهي من الغزوات الكبار التي أنزل الله فيها آيات من القرآن.

وسبب تلك الغزوة: أن المشركين لما هزموا في بدر حلفوا ألا يستفيدوا من تلك العير, وأن يدخروا أموال تلك القافلة لغزو المسلمين.

وبعضهم -والعياذ بالله- حلف ألا يمس رأسه ماء حتى يثأر من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين, فجيشوا جيشاً كبيراً تعداده ثلاثة آلاف مقاتل, وبلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق العباس عليه من الله الرضوان.

فجمع النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة واستشارهم, وكان من رأي الكبار والشيوخ وفيهم عبد الله ابن سلول بأن يبقوا داخل المدينة, وكان من كلام عبد الله ابن سلول : يا رسول الله! إنا ما لقينا عدواً داخلها إلا هزمناه, ولا خرجنا لعدو إلا ظهر علينا. يعني: لو أننا خرجنا نلقاه في الخارج نهزم, ولو أننا قاتلناه من الداخل فإننا نهزمه, وكان من رأي هؤلاء الشيوخ أن الرجال يقاتلونهم على الأرض, والنساء والأطفال يقذفونهم من فوق المنازل.

أما الشباب الذين فاتهم شهود بدر فقالوا: يا رسول الله! نرى أن نخرج للقاء أعداء الله لئلا يروا أنا قد جبنا, وأيد هذا الرأي أسد الله وأسد رسوله السيد الجليل, والبطل الضرغام حمزة بن عبد المطلب عليه من الله الرضوان، إذ قال: لا بد أن نخرج.

أما النبي عليه الصلاة والسلام فكان رأيه مع رأي الشيوخ الكبار؛ لكنه لما رأى أن أغلب القوم يرجحون الخروج قال: ( فلنخرج إذاً, ودخل عليه الصلاة والسلام فلبس لأمته -يعني لبس عدة الحرب- فكأن المسلمين ندموا، فقالوا: يا رسول الله! لعلنا قد استكرهناك -يعني لعلنا أجبرناك- إن شئت بقينا, فقال عليه الصلاة والسلام كلمة عظيمة: ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ). يعني: انتهى وقت الشورى, وما بقي إلا التوكل على الله عز وجل, كما قال سبحانه: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ[آل عمران:159].

ولذلك خرج النبي صلى الله عليه وسلم وجعل أحداً إلى ظهره, وجعل خمسين رامياً بقيادة عبد الله بن جبير على جبل في تلك السلسلة, واستعرض صلى الله عليه وسلم الجيش فأخرج من كان صغير السن.

وممن أخرج: عبد الله بن عمر و أسامة بن زيد و البراء بن عازب و رافع بن خديج رضوان الله عليهم, فهؤلاء جميعاً كانوا صغاراً كما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: ( عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني, وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني )؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم رد هؤلاء الصغار.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
تعريف الجهاد وأقسامه [1] 2435 استماع
بني قريظة وبني لحيان ومريسيع 2387 استماع
الحديبية وذي قرد وخيبر 2299 استماع
تعريف الجهاد وأقسامه [2] 2269 استماع
مقدمة في السيرة النبوية 2155 استماع
بني سليم وبني قينقاع 2133 استماع
بدر الكبرى [2] 2024 استماع
الأبواء وبواط والعشيرة 1982 استماع
بدر الكبرى [1] 1888 استماع
السويق وذي أمر وبحران 1736 استماع