سورة المائدة - الآية [35]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

ومع النداء الثالث والثلاثين في الآية الخامسة والثلاثين من سورة المائدة، وهو قول ربنا تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:35].

هذه الآية جاءت عقب الآيات التي تناول فيها ربنا جل جلاله تعظيم شأن الدماء، بداية من قصة ابني آدم حين قتل أحدهما أخاه، والتي ختمت بقول ربنا: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً [المائدة:32].

ثم حدثنا ربنا جل جلاله عن حكم المحاربين الساعين بالفساد في الأرض فقال: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ [المائدة:33].

ثم جاءت هذه الآية آمرة بتقوى الله عز وجل في كل ما يأتيه العبد وما يذره، وأن أولى مراحل هذه التقوى أن يتقي العبد المعاصي كالقتل، والفساد في الأرض، وسفك الدماء بغير حق، ثم تأتي المرحلة الثانية بفعل الطاعات التي من جملتها: السعي في إحياء النفوس، ودفع الفساد، والمسارعة إلى التوبة والاستغفار.

معاني مفردات الآية

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ [المائدة:35]، أي: بفعل المأمور واجتناب المحذور.

قوله تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ [المائدة:35]، أي: اطلبوا إليه الوسيلة، والوسيلة باتفاق المفسرين هي: القربة أو الحاجة، أي: ابتغوا التقرب إلى الله عز وجل، وقد فسر الوسيلة بالقربة والحاجة عبد الله بن عباس حين ناظر نافع بن الأزرق زعيم الخوارج لما سأله عن هذه الآية، فقال له: الوسيلة هي الحاجة. قال نافع بن الأزرق : وهل تعرف ذلك العرب من كلامها؟ قال: نعم. ومنه قول عنترة :

إن الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي

وهذا القول -بأن الوسيلة هي: الحاجة- هو أيضاً قول عطاء بن أبي رباح و قتادة بن دعامة السدوسي و مجاهد بن جبر و السدي و أبي وائل و الحسن البصري و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم و عبد الله بن كثير .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف فيه بين المفسرين، وبمثله قال الإمام الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير).

وللوسيلة تفسير خاص، فهي منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك بعد كل أذان نقول: آت محمداً الوسيلة والفضيلة، فالوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله وهي أقرب أمكنة الجنة إلى عرش الرحمن، ففي صحيح البخاري من حديث محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة )، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي؛ فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو ).

قوله: وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ [المائدة:35]، أي: بفعل المأمورات واجتناب المحذورات ومجالدة أعداء الله الصادين عن سبيل الله والمقاومين لدعوة الله.

فوائد من قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ...)

المعنى الإجمالي للآية أيها الإخوة الكرام:

ربنا جل جلاله يخاطبنا بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ[المائدة:35] بترك المحذورات ومجانبة المعاصي، وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ[المائدة:35]، بفعل المأمورات، كل ما يقربكم إلى الله تعالى، ويدخل في ذلك العبادات القلبية، كالخشية من الله، والتوكل على الله، والإنابة إلى الله، والرجاء في الله، والخوف من الله.. هذه كلها عبادات قلبية.

ثم العبادات المالية كالزكاة المفروضة، وصدقة التطوع، وإنفاق المال في وجوه البر: إطعام الطعام، وبناء المساجد، وكفالة الأيتام، وإيواء من لا مأوى له.

ثم العبادات البدنية كالصلاة والصيام، ويدخل في ذلك ذكر الله، وتلاوة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الخلق، هذه كلها داخلة في الوسائل التي تقرب إلى الله، وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ).

فاتقوا الله، وتقربوا إلى الله تعالى بأنواع القربات.

قوله تعالى: وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ[المائدة:35]، أي: قاتلوا الكفار والمشركين الخارجين عن الطريق المستقيم والتاركين للدين القويم، وقد أعد الله عز وجل للمجاهدين في سبيله من السعادة والفلاح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، في نعيم لا يحول ولا يزول، في دار طيب هواؤها، وثير فراشها، واسع سكنها أعده الله عز وجل للمجاهدين في سبيله، ومن دخلها لا يبلى ثيابه ولا يفنى شبابه.

أيها الإخوة الكرام! من أعظم الوسائل في التقرب إلى الله الالتزام بقول ربنا: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقول الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ [المائدة:35]، أي: بفعل المأمور واجتناب المحذور.

قوله تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ [المائدة:35]، أي: اطلبوا إليه الوسيلة، والوسيلة باتفاق المفسرين هي: القربة أو الحاجة، أي: ابتغوا التقرب إلى الله عز وجل، وقد فسر الوسيلة بالقربة والحاجة عبد الله بن عباس حين ناظر نافع بن الأزرق زعيم الخوارج لما سأله عن هذه الآية، فقال له: الوسيلة هي الحاجة. قال نافع بن الأزرق : وهل تعرف ذلك العرب من كلامها؟ قال: نعم. ومنه قول عنترة :

إن الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي

وهذا القول -بأن الوسيلة هي: الحاجة- هو أيضاً قول عطاء بن أبي رباح و قتادة بن دعامة السدوسي و مجاهد بن جبر و السدي و أبي وائل و الحسن البصري و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم و عبد الله بن كثير .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف فيه بين المفسرين، وبمثله قال الإمام الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير).

وللوسيلة تفسير خاص، فهي منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك بعد كل أذان نقول: آت محمداً الوسيلة والفضيلة، فالوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله وهي أقرب أمكنة الجنة إلى عرش الرحمن، ففي صحيح البخاري من حديث محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة )، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي؛ فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو ).

قوله: وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ [المائدة:35]، أي: بفعل المأمورات واجتناب المحذورات ومجالدة أعداء الله الصادين عن سبيل الله والمقاومين لدعوة الله.

المعنى الإجمالي للآية أيها الإخوة الكرام:

ربنا جل جلاله يخاطبنا بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ[المائدة:35] بترك المحذورات ومجانبة المعاصي، وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ[المائدة:35]، بفعل المأمورات، كل ما يقربكم إلى الله تعالى، ويدخل في ذلك العبادات القلبية، كالخشية من الله، والتوكل على الله، والإنابة إلى الله، والرجاء في الله، والخوف من الله.. هذه كلها عبادات قلبية.

ثم العبادات المالية كالزكاة المفروضة، وصدقة التطوع، وإنفاق المال في وجوه البر: إطعام الطعام، وبناء المساجد، وكفالة الأيتام، وإيواء من لا مأوى له.

ثم العبادات البدنية كالصلاة والصيام، ويدخل في ذلك ذكر الله، وتلاوة القرآن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الخلق، هذه كلها داخلة في الوسائل التي تقرب إلى الله، وفي الحديث القدسي قال الله عز وجل: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ).

فاتقوا الله، وتقربوا إلى الله تعالى بأنواع القربات.

قوله تعالى: وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ[المائدة:35]، أي: قاتلوا الكفار والمشركين الخارجين عن الطريق المستقيم والتاركين للدين القويم، وقد أعد الله عز وجل للمجاهدين في سبيله من السعادة والفلاح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، في نعيم لا يحول ولا يزول، في دار طيب هواؤها، وثير فراشها، واسع سكنها أعده الله عز وجل للمجاهدين في سبيله، ومن دخلها لا يبلى ثيابه ولا يفنى شبابه.

أيها الإخوة الكرام! من أعظم الوسائل في التقرب إلى الله الالتزام بقول ربنا: وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقول الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].