سورة المجادلة - الآية [11]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:

فأسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين.

ومع النداء السادس والسبعين في الآية الحادية عشرة من سورة المجادلة؛ قول ربنا تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11].

سبب نزول الآية

سبب نزول هذه الآية كما قال المفسرون: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الصفة، وكان في المكان ضيق يوم الجمعة، فجاء ناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس بن شماس قد سُبقوا إلى المجلس، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يُفسح لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر، فقال لمن حوله: ( قم يا فلان! قم يا فلان! بعدد الواقفين من أهل بدر، فشق ذلك على الذين أقيموا )، يعني: الصحابة الذين أقيموا من مجالسهم شق ذلك عليهم ووجدوا في نفوسهم، وغمز المنافقون فقالوا: ما أنصف هؤلاء وقد أحبوا القرب من نبيهم فسبقوا إلى مجلسه، فأنزل الله هذه الآية تطييباً لخاطر الذين أقيموا، وتعليماً للأمة بواجب رعي فضيلة أصحاب الفضيلة منها، ووجوب الاعتراف بمزية أهل المزايا، كما قال الله عز وجل: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، وقال سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10]، وقال سبحانه: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9].

القراءات الواردة في الآية

يقول الله عز وجل: إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ [المجادلة:11]. هذه قراءة عاصم وحده، وقرأ الباقون : (إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا) .

وقول الله عز وجل: وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا[المجادلة:11]. هذه هي قراءة نافع و ابن عامر و عاصم و أبي جعفر يزيد بن القعقاع ، وقرأ الباقون: (وإذا قيل انشِزوا فانشِزوا)، وهما لغتان كما قيل في: (يعرُشون ويعرِشون، يعكُفون ويعكِفون) فهنا أيضاً: (إِذَا قِيلَ انشُزوا)، (إِذَا قِيلَ انشِزوا).

معاني مفردات الآية

قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المجادلة:11]. هذا خطاب لجميع المؤمنين سواء كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من سيأتي من بعدهم.

وقوله: إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا [المجادلة:11]. التفسح هو: التوسع، وهو نوع من تكلف التوسعة في المجلس.

وقوله: فِي الْمَجَالِسِ [المجادلة:11]. على العموم هكذا؛ لأن (أل) هنا للجنس، (في المجالس) أي مجلس من المجالس.

وقوله: فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ [المجادلة:11]. هذا تقرير لقاعدة شرعية: أن الجزاء من جنس العمل، وهذا نجده كثيراً في أدلة الشرع، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه )، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( كما تدين تدان )، ( بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم ).

وقوله: وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا [المجادلة:11]. من قولهم: نشز من المكان إذا ارتفع منه، وقيل للمرأة ناشزاً؛ لأنها تترفع على زوجها، فالنشوز هو الارتفاع، يقال: نشز ينشز، أو نشز ينشز من باب: ضرب يضرب، إذا ارتفع.

وقوله: يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]. تنكير الدرجات هنا للتعميم، وإشارة إلى أنها أنواع من الدرجات في الدنيا والآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن في الجنة مائة درجة، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض ).

وختم ربنا جل جلاله هذه الآية بقوله: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11] أي: والله بأعمالكم أيها الناس! ذو خبرة، لا يخفى عليه المطيع منكم والعاصي، وهو مجاز جميعكم كلاً بعمله، المحسن بإحسانه والمسيء بالذي هو أهله أو يعفو جل جلاله عنه.

سبب نزول هذه الآية كما قال المفسرون: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الصفة، وكان في المكان ضيق يوم الجمعة، فجاء ناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس بن شماس قد سُبقوا إلى المجلس، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يُفسح لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر، فقال لمن حوله: ( قم يا فلان! قم يا فلان! بعدد الواقفين من أهل بدر، فشق ذلك على الذين أقيموا )، يعني: الصحابة الذين أقيموا من مجالسهم شق ذلك عليهم ووجدوا في نفوسهم، وغمز المنافقون فقالوا: ما أنصف هؤلاء وقد أحبوا القرب من نبيهم فسبقوا إلى مجلسه، فأنزل الله هذه الآية تطييباً لخاطر الذين أقيموا، وتعليماً للأمة بواجب رعي فضيلة أصحاب الفضيلة منها، ووجوب الاعتراف بمزية أهل المزايا، كما قال الله عز وجل: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:32]، وقال سبحانه: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا [الحديد:10]، وقال سبحانه: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9].

يقول الله عز وجل: إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ [المجادلة:11]. هذه قراءة عاصم وحده، وقرأ الباقون : (إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس فافسحوا) .

وقول الله عز وجل: وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا[المجادلة:11]. هذه هي قراءة نافع و ابن عامر و عاصم و أبي جعفر يزيد بن القعقاع ، وقرأ الباقون: (وإذا قيل انشِزوا فانشِزوا)، وهما لغتان كما قيل في: (يعرُشون ويعرِشون، يعكُفون ويعكِفون) فهنا أيضاً: (إِذَا قِيلَ انشُزوا)، (إِذَا قِيلَ انشِزوا).




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
سورة التحريم - الآية [8] 2636 استماع
سورة آل عمران - الآية [102] 2535 استماع
سورة المائدة - الآية [105] 2522 استماع
سورة النساء - الآية [19] 2343 استماع
سورة البقرة - الآية [104] 2309 استماع
سورة الأحزاب - الآيات [70-71] 2303 استماع
سورة التوبة - الآية [119] 2292 استماع
سورة البقرة - الآية [182] 2228 استماع
سورة التغابن - الآية [14] 2186 استماع
سورة المائدة - الآية [1] 2098 استماع