خطب ومحاضرات
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [8]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف ابن أبي زيد القيرواني عليه رحمة الله تعالى: [ باب: ما تنطق به الألسنة وتعتقده الأفئدة من واجب أمور الديانات، من ذلك: الإيمان بالقلب، والنطق باللسان أن الله إله واحد، لا إله غيره، ولا شبيه له، ولا نظير له، ولا ولد له، ولا والد له، ولا صاحبة له، ولا شريك له ].
المراد بكلمة (باب)
قوله: (باب)، الباب: ما يستعمل للدخول والخروج، لكن أهل العلم إذا قال الواحد منهم: (باب)، فمعنى ذلك: أنه يجمع جملة من المسائل التي تندرج تحت موضوع واحد، فيقال: باب: الطهارة، باب: الصلاة، باب: البيوع، باب: القضاء والشهادات.. ونحو ذلك.
فالباب يراد به: مجموعة المسائل التي تندرج تحت موضوع واحد، وهو هاهنا سيتناول الأمور التي تتعلق بالمعتقد الذي ينبغي أن يترسخ في قلب كل مسلم.
معنى كلمة (النطق)
قوله رحمه الله: (ما تنطق به الألسنة)، النطق هو: اللفظ، واللفظ أعم من الكلام، فإن الكلام هو: اللفظ المفيد، كما قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم
فاللفظ المفيد يسمى كلاماً، وقد يكون اللفظ غير مفيد، فمثلاً لو أن إنساناً قال: زيد، فزيد هذا كلام، لكن لو أنه قلب الحروف، فقال: ديز -مثلاً- فلا يسمى هذا كلاماً، فالكلام هو اللفظ المفيد؛ ولذلك قال رحمه الله: (باب: ما تنطق به الألسنة)، والألسنة جمع لسان، واللسان معروف، وهو هذه الجارحة التي أنعم الله بها علينا وامتن بها حين قال: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:8-9].
تعريف العقيدة
قوله: (وتعتقده الأفئدة). تقدم معنا الكلام بأن كلمة (العقيدة) مشتقة من العقد بمعنى: الشد والربط.
قوله: (الأفئدة)، الأفئدة جمع فؤاد، وهذه الكلمة تكررت في القرآن، كما في قول ربنا جل جلاله: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً [الإسراء:36]، وكما في قوله تعالى: وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ[هود:120]، وقوله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ[الفرقان:32]، وقوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]، وجاءت هذه الكلمة (الأفئدة) في كثير من آي القرآن.
قال كثير من أهل العلم: الفؤاد هو: القلب؛ قال تعالى: وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً[القصص:10]، أي: فارغاً من كل شيء إلا من موسى عليه السلام، وقال بعض أهل العلم: بل الفؤاد هو داخل القلب.
وهنا الشيخ رحمه الله يجمع بين عقيدة القلب ونطق اللسان.
قوله: (من واجب أمور الديانات)، الأمور هي: الشئون، والديانات مقصود بها: مجموع العقائد التي جاءت في كتاب ربنا أو ثبتت عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا واجب أمور الديانات.. أي: ماذا تعتقد في الله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر؟ ماذا تعتقد في الصحابة؟ ماذا تعتقد في البعث والنشور؟ هذا هو واجب أمور الديانات.
قوله: (باب)، الباب: ما يستعمل للدخول والخروج، لكن أهل العلم إذا قال الواحد منهم: (باب)، فمعنى ذلك: أنه يجمع جملة من المسائل التي تندرج تحت موضوع واحد، فيقال: باب: الطهارة، باب: الصلاة، باب: البيوع، باب: القضاء والشهادات.. ونحو ذلك.
فالباب يراد به: مجموعة المسائل التي تندرج تحت موضوع واحد، وهو هاهنا سيتناول الأمور التي تتعلق بالمعتقد الذي ينبغي أن يترسخ في قلب كل مسلم.
قوله رحمه الله: (ما تنطق به الألسنة)، النطق هو: اللفظ، واللفظ أعم من الكلام، فإن الكلام هو: اللفظ المفيد، كما قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم
فاللفظ المفيد يسمى كلاماً، وقد يكون اللفظ غير مفيد، فمثلاً لو أن إنساناً قال: زيد، فزيد هذا كلام، لكن لو أنه قلب الحروف، فقال: ديز -مثلاً- فلا يسمى هذا كلاماً، فالكلام هو اللفظ المفيد؛ ولذلك قال رحمه الله: (باب: ما تنطق به الألسنة)، والألسنة جمع لسان، واللسان معروف، وهو هذه الجارحة التي أنعم الله بها علينا وامتن بها حين قال: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:8-9].
قوله: (وتعتقده الأفئدة). تقدم معنا الكلام بأن كلمة (العقيدة) مشتقة من العقد بمعنى: الشد والربط.
قوله: (الأفئدة)، الأفئدة جمع فؤاد، وهذه الكلمة تكررت في القرآن، كما في قول ربنا جل جلاله: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً [الإسراء:36]، وكما في قوله تعالى: وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ[هود:120]، وقوله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ[الفرقان:32]، وقوله تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]، وجاءت هذه الكلمة (الأفئدة) في كثير من آي القرآن.
قال كثير من أهل العلم: الفؤاد هو: القلب؛ قال تعالى: وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً[القصص:10]، أي: فارغاً من كل شيء إلا من موسى عليه السلام، وقال بعض أهل العلم: بل الفؤاد هو داخل القلب.
وهنا الشيخ رحمه الله يجمع بين عقيدة القلب ونطق اللسان.
قوله: (من واجب أمور الديانات)، الأمور هي: الشئون، والديانات مقصود بها: مجموع العقائد التي جاءت في كتاب ربنا أو ثبتت عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذا واجب أمور الديانات.. أي: ماذا تعتقد في الله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر؟ ماذا تعتقد في الصحابة؟ ماذا تعتقد في البعث والنشور؟ هذا هو واجب أمور الديانات.
قوله رحمه الله: (من ذلك) (من) هاهنا للبيان، أي: وبيان ذلك، وقد تكون للتبعيض، أي: بعض ذلك.
قوله: (الإيمان بالقلب والنطق باللسان) (الإيمان) تقدم معنا بأنه في اللغة: مطلق التصديق، كما في قول الله عز وجل على لسان إخوة يوسف: وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ [يوسف:17].
أما في الشرع فهو: الإقرار المستلزم للانقياد والمحبة والطاعة، ويتمثل ذلك في اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح.
ومثال ذلك: إبليس -لعنه الله- كان يعلم ويعتقد بأن الله واحد جل جلاله، وليس عنده شك في وجود الله سبحانه وتعالى ولا في وجود الملائكة، وليس عنده شك في اليوم الآخر، ولا في الرسل، ولكنه ما انقاد حينما قال الله للملائكة: اسْجُدُوا لآدَمَ [البقرة:34]، فلم يكن مؤمناً، فحكم الله عليه بأنه من الكافرين؛ فقال تعالى: فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ [البقرة:34]؛ ولذلك طرده الله من رحمته وأحل عليه لعنته وصيره شيطاناً رجيماً.
فالإيمان: إقرار مستلزم للانقياد والمحبة والطاعة، ومثال آخر هو أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان يعتقد يقيناً بأن محمداً هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل نطق بلسانه حين قال:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
تالله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا
لكنه ما انقاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أطاعه، حتى في سكرات الموت، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول له: ( يا عم! قل: لا إله إلا الله )، فأبى أن يقولها؛ ولذلك ما عد من المؤمنين، بل أخبر ربنا جل جلاله بأنه من أصحاب الجحيم؛ فقال تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113]، وثبت في صحيح البخاري من حديث العباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن أبي طالب : ( هو في ضحضاح من النار، توضع أسفل قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه، وإنه ليرى أنه أشد أهل النار عذاباً وهو أهونهم ).
ولذلك قال: (الإيمان بالقلب) -أي: الإقرار- المستلزم للانقياد والمحبة والطاعة.
(والنطق باللسان)، ولا يكفي إقرار بالقلب؛ بل لا بد أن يصحبه نطق باللسان.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [21] | 2670 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [19] | 2498 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [10] | 2359 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [12] | 2278 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [23] | 2246 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [1] | 2210 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [2] | 2116 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [16] | 2022 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [3] | 2021 استماع |
شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني [20] | 1797 استماع |