وسطية اليهود - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
يظن البعض أنه بالتنازل عن بعض ثوابت الإسلام سيصل إلى الوسطية المطلوبة، وهو لا يدري أنه يتفلت من دينه رويدًا رويدًا ويهدم صرح العقيدة ، ويا ويله لو كان داعية واتبعه الناس على ذلك، ومن الأمثلة الواقعية لهذا الزعم (دعاة تقارب الأديان) وإن كانت التجربة أثبتت فشلها، لأن المسلم حتى لو تنازل عن دينه فلن يرضى عنه الآخر حتى يدخل في دينه هو بعدما ترك الإسلام.الوسط ليس بين حق وباطل فالوسط بين حق باطل إما نفاق أو نقص في الإيمان ..
وإنما الوسطية فهي بين أهل الحق أنفسهم تفرق بين الغلو والتفريط فيه، فانتبه فأقل ما يريده منك اليهود والنصارى هو التنازل عن أصولك وساعتئذ سيعطونك من أموالهم، وسيلمعونك ويظهرونك في إعلامهم، لا من أجلك! وإنما من أجل إضلال أكبر عدد ممكن من المسلمين.
وحتى في هذه الحالة فهم غير راضين عنك كما تظن، وإنما أنت أداة تحقق بعض أهدافهم، فلن يرضوا عنك تمام الرضا حتى تتبع ملتهم.
قال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة:120].
قال العلامة السعدي رحمه الله:
"يخبر تعالى رسوله، أنه لا يرضى منه اليهود ولا النصارى، إلا باتباعه دينهم، لأنهم دعاة إلى الدين الذي هم عليه، ويزعمون أنه الهدى، فقل لهم: {إِنَّ هُدَى اللَّهِ} الذي أرسلت به {هُوَ الْهُدَى}، وأما ما أنتم عليه، فهو الهوى بدليل قوله: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}.
فهذا فيه النهي العظيم، عن اتباع أهواء اليهود والنصارى، والتشبه بهم فيما يختص به دينهم، والخطاب وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أمته داخلة في ذلك، لأن الاعتبار بعموم المعنى لا بخصوص المخاطب، كما أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب".