العدة شرح العمدة [46]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين، ثم أما بعد.

فلا زلنا مع باب الفدية في كتاب الحج والعمرة من كتاب العدة شرح العمدة للإمام موفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى.

كنا قد تحدثنا عن محظورات الإحرام وعن الفدية، وذكرنا بأن محظورات الإحرام تسعة وهي:

1- حلق الرأس.

2- تقليم الأظافر.

3- الطيب في بدنه أو ثوبه.

4- لبس المخيط.

5- تغطية الرأس والأذنان منه.

6- قتل الصيد البري الوحشي المباح.

7- الوطء والمباشرة بدون جماع.

8- عقد النكاح لنفسه أو لغيره.

9- الوطء في الفرج.

هذه محظورات تسعة، وكل محظور له فديته، ونحن الآن نتحدث عن المسألة التي قال عنها المؤلف: (وفدية الجماع بدنة) فلو أن رجلاً جامع زوجته وهو محرم قبل التحلل الأصغر يلزمه أربعة أشياء:

1- أن يتم النسك.

2- أن يقضي من قادم.

3- عليه بدنة، وحجه فاسد.

4- إذا لم يستطع أن يذبح بدنة فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.

ثم قال المؤلف: [ وكذلك الحكم في دم الفوات ] الفوات هو: أن يفوته الحج ليس بسبب الإحصار، فكل إحصار فوات، وليس كل فوات إحصاراً، فما هو الإحصار وما هو الفوات؟

الإحصار شيء يمنعه من أداء النسك كعدو، أو يحول بينه وبين دخول مكة كشرطة ترحله فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، فالذي حال بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أداء العمرة المشركون في صلح الحديبية، وهذا إحصار؛ لأن الذي حال بينه وبين مكة عدو، أي: أن الإحصار هو أن أُمنع عن البيت رغم إرادتي.

أما الفوات: فهو أن يفوتني الحج لمرض، فهنا فوات وليس إحصاراً، لأنه لم يمنعني أحد، وربما يفوتني الحج لنوم في منى ولم أستيقظ إلا في يوم النحر، أي: أن عرفة فاتتني، وربما يفوتني ركن من أركان الحج ولا أستطيع أن أحصّله، فهذا يسمى فواتاً، فكل إحصار فوات، وليس كل فوات إحصاراً.

قال: [ وكذلك الحكم في دم الفوات ] بمعنى أن من فاته الحج فعليه دم، فإن لم يستطيع فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة:196]

قال: [ لأن عمر رضي الله عنه قال لـهبار بن الأسود لما فاته الحج: إذا كان عام قابل فحج، فإن وجدت سعة فاهد، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إن شاء الله ].

فلو أن رجلاً لبى بحج وأدى المناسك، ثم نام في منى في ليلة التاسع من ذي الحجة، وظل نائماً إلى يوم النحر، فهنا فاته الحج؛ لأنه فاته ركن، فنقول له: اهد -أي اذبح- وإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت، وعليك القضاء من قادم.

قال: [ وعنه ] أي رواية أخرى عن أحمد [ لا هدي عليه ] والصواب أن عليه الهدي [ والأول أصح لأنه قول عمر وجماعة من الصحابة، وعنه: لا قضاء عليه إن كانت نفلاً ] والراجح أن عليه القضاء؛ لأن الله قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] والمعنى: إذا بدأتم في نسكها فلا بد أن تتموها، فعليه القضاء من قابل. هذا الراجح من أقوال العلماء.

إذاً: الفوات هو من فاته الحج أو ركن من أركان الحج لا بسبب الإحصار، إنما بسبب النوم أو بسبب عذر، فنقول له: عليك الهدي، والهدي هو أن يذبح شاة، ثم تتم النسك وتقضي من قابل.

[ والمحصر يلزمه دم ] والمحصر هو الذي حبسه حابس عن دخول مكة، إلا إذا اشترط كما في حديث ضباعة بنت الزبير حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (حجي واشترطي: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) فإن لم أشترط عند الإحرام فإن أحصرت فيلزمني دم في المكان الذي أحصرت فيه سواء في الحرم أو الحل؛ فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حينما توجهوا إلى مكة ومنعهم المشركون من دخولها، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحللوا وأن يذبحوا، وقال عمر : علام نقبل الدنية في ديننا؟ فتحلل النبي صلى الله عليه وسلم وذبح، يقول تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، فإن لم يجد المحصر دماً فعليه صيام عشرة أيام، ولا تقل: صيام ثلاثة أيام في الحج؛ لأنه لم يدخل مكة، فهو أحصر، فعليه صيام عشرة أيام.

[ وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية أن ينحروا، ويحلقوا، ويحلوا؛ فإن لم يجد صام عشرة أيام. رواه البخاري ؛ لأنه دم واجب للإحرام، فكان له بدل ينتقل إليه كدم المتمتع والطيب واللباس ]. شأنه شأن أي دم.

فلو أن رجلاً أحرم من جدة لأداء مناسك الحج، وبينما هو في الطريق إلى مكة تم القبض عليه لعدم الحصول على تصريح الحج، وتم ترحيله ورد إلى جدة مرة ثانية، فما هو الواجب عليه؟

إن اشترط عند إحرامه فقال: لبيك حجاً؛ فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فحبس إذاً يتحلل ولا دم عليه، فإن لم يشترط فعليه دم يذبحه في محل إحصاره؛ فإن لم يستطع الهدي فصيام عشرة أيام.

قال: [ ومن كرر محظوراً من جنس غير قتل الصيد فكفارة واحدة ] المعنى: أن محظورات الإحرام إما أن تكون متجانسة وإما أن تكون مختلفة، كأن يكون تطيب ثم تطيب ثم تطيب، المحظورات هنا ثلاثة من جنس واحد، أو لبس المخيط ثم لبس المخيط ثم لبس المخيط، إما أن يرتكب محظوراً من جنس واحد، وإما أن يرتكب محظوراً من أجناس مختلفة كأن تطيب ولبس المخيط وحلق رأسه، فهنا ارتكب ثلاثة محظورات مختلفة، فإما أن تكون المحظورات متجانسة وإما أن تكون مختلفة.

قال: [ ومن كرر محظوراً من جنس غير قتل الصيد فكفارة واحدة ] اصطاد نعامة، ثم اصطاد نعامة، عليه فديتان؛ لأن الصيد يلزمه فيه الضمان؛ لأن هذه النعامة تختلف عن النعامة الأخرى.

قال: [ وذلك مثل من حلق ثم حلق ] حلق رأسه وهو محرم، ثم حلق وهو محرم، ارتكب محظوراً واحداً مرتين، لكن المحظور من جنس واحد.

[ أو لبس ثم لبس، أو تطيب ثم تطيب، فالحكم فيه كما لو فعل ذلك دفعة واحدة -أي: مرة واحدة- وتجزئه كفارة واحدة؛ لأنها تتداخل، فهي كالحدود والأيمان ].

أي: أن هذه الحالة تشبه من حلف يميناً على شيء، ثم حلف عليه مرة أخرى وكرر الأيمان ثلاث أو أربع مرات على شيء واحد، فإن حنث فكفارتها كفارة واحدة؛ لأن اليمين حتى وإن تكرر فهو يتعلق بشيء واحد.

قال: [ فإن كفّر عن الأول قبل فعل الثاني سقط حكم ما كفّر عنه فصار كأنه لم يفعله، وثبت لما بعده حكم المنفرد ].

أي أنه تطيب فكفّر عن هذا بذبح شاة.

فمن تطيب وهو محرم فالفدية في حقه إحدى ثلاث على التخيير: إما أن يذبح شاة، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، وإما أن يُطعم ستة مساكين.

فلو أنه تطيب وفعل الفدية، ثم تطيب بعد أن كفّر، فلا نقول هنا الكفارة الأولى تجزئ عن الثانية، فإن كفّر عن الأولى يلزمه أن يكفّر عن الثانية.

قال: [ فإن كفّر عن الأول قبل فعل الثاني سقط حكم ما كفّر عنه، فصار كأنه لم يفعله، وثبت لما بعده حكم المنفرد، وهكذا لو كرر شيئاً من محظورات الإحرام التي لا يزيد الواجب فيها بزيادتها ولا يتقدر بقدرها، فأما ما يتقدر الواجب بقدره -وهو إتلاف الصيد- فإن في كل واحد منها له جزاؤه سواء فعل مجتمعاً أو متفرقاً، ولا يتداخل بحال ما لم يكفر عن الأول قبل فعل الثاني لما سبق ].

وهذا هو الراجح من روايات الإمام أحمد .

إذاً: من فعل محظوراً من جنس واحد لزمه كفارة واحدة، طالما لم يكفر عن الأول، لكن إن كفّر عن الأول فيلزمه كفارة عن الثاني إن عاد إلا الصيد، فإنه إن اصطاد ولم يفد، ثم اصطاد ولم يفد، يلزمه للأول فدية وللآخر فدية؛ لأن الصيد ضمانه ضمان أعيان.

[ وإن فعل محظوراً من أجناس -أي: أجناس مختلفة- وذلك مثل إن حلق، وقلّم، ولبس، وتطيب، ووطئ فعليه لكل واحد كفارة، وعنه: إن مس طيباً، ولبس، وحلق فكفارة ].

عن أحمد روايتان، لكن الراجح إن فعل محظورات مختلفة فعليه لكل محظور كفارة، فإن تطيب، ولبس المخيط، وحلق الشعر فعليه ثلاث كفارات، فإذا حلق وتطيب ولبس المخيط ووطئ عليه أربع كفارات، وهكذا إن تعددت المحظورات طالما كانت من أجناس مختلفة يلزمه عن كل محظور فدية.

ثم قال: [ والحلق، والتقليم، والوطء، وقتل الصيد يستوي عمده وسهوه ].

وهذه مسألة مهمة في محظورات الإحرام، فمثلاً محرم نسي وجامع، أو لبس غطاء على رأسه، أو تطيب ما حكمه؟

انظر إلى المحظور، هل يستطيع رده أم لا يستطيع؟ الطاقية التي لبسها هل يستطيع أن يزيلها؟ شعر الرأس إن حلقه هل يستطيع أن يرده؟

أما العامد فلا فصال فيه وحكمه معروف، إنما الكلام في الناسي، فننظر إلى المحظور الذي ارتكبه؛ فإن استطاع أن يرده ويتخلص منه فلا شيء عليه، وإن لم يستطع فعليه الفدية، فهناك فرق بين المحظورين: إذا استطاع أن يرد، وإن لم يستطيع.

فالطيب يستطيع إزالته بمسحه أو بغسله بالماء؛ لأن المحرم الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر الطيب أمره أن يزيل الطيب ولا شيء عليه؛ لأنه أخطأ ولا يعرف الحكم.

إذاً: من قتل صيداً وهو ساه هل يستطيع أن يرد الصيد وقد قتله؟ طالما لا يستطيع يكون الساهي كالعامد، فإن استطاع فلا شيء عليه.

وهنا نقول: رجل قلّم أظافره وهو محرم ناس، ما حكمه؟

ليس عليه شيء، وإذا لبس المخيط وهو ساه فليس عليه شيء.

إذاً: الساهي حكمه يختلف، إن استطاع أن يزيله فلا شيء عليه، وإن لم يستطع فعليه فدية سواء كان عامداً أو ساهياً.

قال: [ والوطء وقتل الصيد يستوي عمده وسهوه -يعني: في وجوب الضمان- لأنه ضمان إتلاف، فاستوى عمده وخطؤه كمال الآدمي ].

كذلك قال: [ وسائر المحظورات لا شيء في سهوه ].

أي الطيب، لبس المخيط، تغطية الرأس، لا شيء في سهوه.

[ قال أحمد رحمه الله: قال سفيان : ثلاثة في الحج العمد والنسيان سواء: إذا أتى أهله، وإذا أصاب صيداً، وإذا حلق رأسه ].

ويقاس على حلق الرأس تقليم الأظافر؛ لأنه لا يستطيع أن يرد الشعر ولا الأظافر.

[ قال أحمد : إذا جامع أهله بطل حجه؛ لأنه شيء لا يقدر على رده]، والشعر إذا حلقه فقد ذهب لا يقدر على رده، والصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده.. فهذه الثلاث: العمد، والخطأ، والنسيان فيها سواء، وكل شيء من النسيان بعد هذه الثلاث فهو يقدر على رده.

مثلاً: إذا غطى المحرم رأسه، ثم ذكر فألقى الغطاء عن رأسه، فليس عليه شيء، أو لبس خفاً ثم نزعه، فليس عليه شيء.

[وعنه: أن الفدية تلزم الجميع ].

والراجح الأول؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].

ما الفرق بين من يقدر ومن لا يقدر؟

نقول: طالما يقدر على أن يرد الشيء نلزمه بفعله، تماماً كرجل صلى صلاة الظهر ثم تبيّن بعد الصلاة أنه صلى بثوب نجس، فنقول له: طالما لم يخرج الوقت أعد الصلاة، وإن خرج الوقت فلا إعادة عليه، وطالما يستطيع أن يحصل في الوقت فنأمره بالتحصيل.

ولذلك قال: [ يستوي عمده وسهوه في ثلاثة أشياء ].

قال: [ وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم ].

إذاً: فالهدي والفدية لمساكين الحرم، إلا المعسر الذي يذبح في مكانه سواء من حل أو حرم، إما لأنه أُحصر في عرفة، أو الحديبية، أو منى، فالمحصر يذبح في حله أو حرمه حيث أُحصر، أما الهدي فلا بد أن يذبحه في الحرم، وليس المقصود بالحرم هو المسجد الحرام وإنما حدود مكة، والفدية كذلك لا بد أن تذبح في الحرم، لكن هناك فرق بين الهدي والفدية، أولاً: الفدية لا يأكل منها، والهدي يأكل منه.

ثانياً: الهدي آخره آخر أيام التشريق بعد غروب شمس اليوم الرابع، والفدية تمتد إلى حيث استطاع، وربما ارتكبت محظوراً من محظورات الإحرام وأستطيع الذبح، وأريد أن أذبح ولكن ليس معي نقود في الحرم، فيمكنني أن أرسلها وأنا في مصر لتذبح بعد ذي الحجة ولا شيء علي.

ثالثاً: أن كلاهما يجزئ في الأضحية، وتنطبق عليها شروط الأضحية، فلا يكون الهدي ولا الفدية عوراء ولا عرجاء ولا غير ذلك؛ لأن هذا لا يجزئ في الأضاحي، ولا يجزئ من الضأن إلا ما له ستة أشهر، ومن الماعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنوات، إنما الفرق بينهما أن الهدي يأكل منه والفدية لا يأكل منها.

كذلك لو أن رجلاً عليه كفارة يمين فعليه إطعام عشرة مساكين، ولا يأكل منها، والهدي حكمه حكم الأضحية، وكذلك النذر لا يأكل منه؛ لأن النذر ينبغي أن يكون لله تعالى، وهذا ما سنتحدث عنه في الباب الأخير من النذر والأضحية.

قال: [ وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم؛ لقوله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:33] والطعام كالهدي في اختصاصه بمساكين الحرم؛ لقول ابن عباس : الهدي والطعام بمكة، والصوم حيث شاء، ولأنه طعام يتعلق بالإحرام فأشبه لحم الهدي ].

فالإطعام هو لستة مساكين من مساكين الحرم، والذبح يكون في الحرم، أما الصيام فحيث شاء.

أما الطيب فحكمه إن كان ناسياً أنه لا شيء عليه، ولكن عليه أن يزيل أثر الطيب؛ لأنه يقدر على رده، وإن كان عامداً فهو بالتخيير: إما أن يذبح شاة، وإما أن يصوم ثلاثة أيام، وإما أن يُطعم ستة مساكين.

فإن اختار ذبح الشاة فيذبحها في الحرم، وليس لها موعد فيذبحها متى شاء؛ لأنها فدية، وليس له أن يأكل منها، وإن اختار الإطعام فيطعم ستة من مساكين الحرم، وإن اختار الصيام فيصوم حيث شاء؛ لقول ابن عباس : (الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء).

قال: [ ومساكين الحرم من كان فيه سواء كان من أهله أو وارداً إليه كالحاج وغيره ].

ومساكين الحرم هم كل من كان في الحرم سواء كان من أهله أو وارداً عليه، وينطبق عليه ما ينطبق على مصارف الزكاة الثمانية في سورة التوبة.

قال: [ وهم الذين يجوز دفع الزكاة إليهم ].

أي: المساكين الذين يجوز دفع الزكاة إليهم.

[ إلا فدية الأذى فإنه يفرقها في الموضع الذي حلق فيه. نص عليه ] فدية الأذى وفدية الإحصار.

لماذا استثنينا أذى الرأس والإحصار؟

[ لحديث كعب بن عجرة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كعب بن عجرة بالفدية في الحديبية ولم يأمره ببعثه إلى الحرم ].

كعب بن عجرة كان يشكو من تساقط القمل من رأسه، والقمل مرض جلدي يصيب جلدة الرأس فيحتاج معه إلى إزالة الشعر، وكعب بن عجرة قال: (يا رسول الله! إني أشكو من وجع في رأسي، فأمره بإماطة الشعر وأن يفدي في مكانه) هل ذبح كعب بن عجرة في الحرم أم خارج الحرم؟ خارج الحرم.

وعلى هذا يقول أحمد والدليل معه: استثنينا فدية الأذى وفدية الإحصار، أما فدية الأذى فمستثناة بحديث كعب بن عجرة ، وأما فدية الإحصار فمستثناة بفعل النبي عليه الصلاة والسلام.

قال: [ وهدي المحصر ينحره في موضعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا هداياهم بالحديبية ] والحديبية خارج مكة من الحل وليست حرماً، وعلى هذا يستثنى من الذبح في الحرم الأذى والحصار.

قال: [ وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان ] لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18] وعمر بن الخطاب هو الذي أزال هذه الشجرة من جذورها؛ لأنه رأى أن البعض ربما تبركوا بها؛ لأن تحتها تمت البيعة، فاجتزها من جذورها سداً لذريعة الشرك، وعندنا في الشرقية شجرة يرحل الناس إليها، وهناك (مضخة للماء) والتي تريد أن تحمل تشرب من مائها وتغتسل منه أسأل الله أن يزيلها، وهذا كله شرك نسأل الله العافية.

ولو أن الأمر بيد أصحاب التوحيد لهدمت هذه الأماكن التي يشرك فيها مع الله عز وجل، واندثرت هذه القباب العالية التي يُذبح عندها، ويُطلب منها المدد.

ومن اللطائف: أن رجلاً قال: إني نذرت للبدوي شاة إن شفيت ابنتي، فجاءتها حمى فماتت -إنا لله وإنا إليه راجعون- فنزل هذا الرجل يخطب بين الناس ويقول: يا بدوي تعجّلت عليها لماذا؟ كنت سأحملها لك إلى طنطا! يعتقد أنه يحيي ويميت، وهذه مصيبة كبيرة في مجتمع الموحدين، نسأل الله العافية.

قال: [ وهدي المحصر ينحره في موضعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه نحروا هداياهم بالحديبية، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه عند الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان، وهي من الحل باتفاق أهل السير والنقل، وقد دل على ذلك قوله سبحانه: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25] ] الهدي معكوفاً: أي ملازماً للمكان ولم يبلغ محل الذبح ]، أي: هم معهم الهدي ولازموه وحبسوه عن الحرم، يعني: حُبس الهدي عن الحرم وذبح في الحل، ومحل الهدي هو الحرم.

قال: [ ولأنه موضع تحلله فكان موضع ذبحه كالحرم، وأما قوله سبحانه: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196] فمحمول على غير المحصر ].

فعدم معرفة تفسير الآيات يوقع الإنسان في الخطأ، ولو أن امرأة قالت: طلقني زوجي وأنا حامل فما عدتي؟ تقول لها: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] فهنا استدللت بدليل عام على خاص، وهو: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] فهذه مصيبة أن تستدل بدليل عام على مسألة فيها حكم خاص.

لا بد أن يدرس العام والخاص، المطلق والمقيد، الناسخ والمنسوخ، المحكم والمتشابه، أسباب النزول المكي والمدني.. كل هذه الموضوعات مهمة، ولا يجوز أن نتحدث في الدين إلا بها، ولذلك يقولون: من حُرم الأصول حُرم الوصول.

يقول: [ وقال ابن المنذر : إن ذلك ينصرف على وجهين: أحدهما أن بلوغ محله هو الذبح والنحر وإن كان في الحل، وذلك في حق المحصر.

وأما الصيام فيجزئه في كل مكان، لا نعلم في هذا خلافاً، إلا في الصيام عن هدي المتعة؛ فإن قوماً اشترطوا أن يرجع إلى أهله.

قال ابن عباس : الدم والطعام بمكة، والصوم حيث شاء. لأن الصيام لا يتعدى نفعه إلى أحد؛ فلا معنى لتخصيصه بمكان، بخلاف الهدي والإطعام فإنه يتعدى نفعه إلى من يعطاه ].

حكم شعر اللحية المتساقط

السؤال: محرم يهذّب اللحية فوقع شيء من شعره، هل عليه شيء؟

الجواب: ليس عليه شيء، إذا لم يتعمد فعل ذلك.

حكم تكرار العمرة من التنعيم

السؤال: ما حكم تكرار العمرة من التنعيم؟

الجواب: بالنسبة لتكرار العمرة من التنعيم فمختلف فيها، والراجح فيها عدم الجواز.

حكم العمل في المقاهي

السؤال: رجل يعمل في المقهى ما حكم عمله؟

الجواب: نقول: ما طبيعة المقهى؟ إن كانت القهوة تقدم شاياً وقهوة وغير ذلك فلا بأس، وإن كانت تقدم شيشة ولعب طاولة فعمله حرام، ينظر أولاً إلى طبيعة المقهى هل يعمل في الحلال أم في الحرام.

حكم التحلل بقص جزء صغير من الشعر

السؤال: هل يصح عند التحلل من الإحرام قص جزء صغير من شعر الرأس أم قص عموم الشعر؟

الجواب: الصواب أن تعم الشعر بالتقصير، حتى أن بعض العلماء قالوا: إن من قص بعض الشعر لم يتحلل، أي: أنه ارتكب محظوراً يحاسب عليه؛ لأن حلق بعض الرأس ليس من السنة أبداً.


استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة اسٌتمع
العدة شرح العمدة [13] 2696 استماع
العدة شرح العمدة [68] 2619 استماع
العدة شرح العمدة [26] 2594 استماع
العدة شرح العمدة [3] 2517 استماع
العدة شرح العمدة [1] 2474 استماع
العدة شرح العمدة [62] 2373 استماع
العدة شرح العمدة [19] 2336 استماع
العدة شرح العمدة [11] 2332 استماع
العدة شرح العمدة [56] 2301 استماع
العدة شرح العمدة [15] 2236 استماع