خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/912"> الشيخ أسامة سليمان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/912?sub=63504"> العدة شرح العمدة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
العدة شرح العمدة [34]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين.
شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
أيها الإخوة الكرام الأحباب! طبتم جميعاً وطاب ممشاكم إلى بيت الله عز وجل، وأسأل الله سبحانه أن يجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ].
أما قوله: (يجب) فمعنى ذلك: أن صيام رمضان واجب، أي: فرض.
وأنواع الصيام المفروضة على العبد ثلاثة: صيام رمضان، وصيام الكفارات، وصيام النذر، فمن نذر أن يصوم لله لا بد أن يصبح الصيام في حقه واجباً، وكفارة اليمين وكفارة الظهار وكفارة القتل الخطأ صيامها واجب، فالصيام الواجب: هو المفروض على العبد أن يصومه.
قلت: رمضان واجب بحق الشرع، والنذر واجب بحق الشرط، فالواجب ينقسم إلى واجب بالشرع وواجب بالشرط، فالذي أشترط على نفسي أن أصومه لا بد من صومه.
وشروط الصوم أربعة، ومعنى الشرط: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، والمعنى: أن هذه الشروط واجب توافرها ليصح الصيام، فبعضها شروط صحة وبعضها شروط وجوب، وهناك فرق بين شرط الصحة وشرط الوجوب، فالبلوغ شرط وجوب، يعني: يجب على الصبي أن يصوم إذا بلغ، فإن صام قبل البلوغ فإن صيامه صحيح.
والإسلام شرط صحة، فإن صام الكافر فلا يصح صيامه.
قال: [ فشروط الصيام أربعة: الإسلام، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد؛ لأنه عبادة لا تجب على الكافر كالصلاة ].
إذاً: الشرط الأول هو الإسلام، فإذا صام نتنياهو فحكم صيامه لا يصح؛ لأنه كافر، وشرط قبول الأعمال هو التوحيد، وأول واجب على العبيد هو معرفة الرحمن بالتوحيد، ولو صام المشرك فإن صيامه باطل وغير مقبول: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65].
فالإسلام شرط صحة، فلا يجب على كافر أصلي ولا مرتد؛ لذلك لو كان مسلماً وصام رمضان، ثم في ظهيرة رمضان ارتد فحكم صيامه أنه باطل؛ لأن الردة تبطل الصيام، وسب الدين في رمضان وفي غير رمضان كفر، فإن سمعتم بصائم يسب الدين فإن سب الدين كفر، إذاً: صيامه يبطل؛ لذلك قال: الإسلام.
قال: [ والثاني: العقل، فلا يجب على مجنون ]؛ لأن العقل مناط التكليف، يعني: إذا وجد العقل وجد التكليف، فلا تكليف، فالمجنون غير مكلف لا بصيام ولا بصلاة ولا بأحكام شرعية؛ لأنه رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، يعني: حتى يعقل.
قال: [ والثالث: البلوغ، فلا يجب على صبي؛ لقوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ الحلم) ]. والقلم المرفوع عن الصبي يختلف عن القلم المرفوع عن النائم؛ لأن قلم السيئات يرفع عن الصبي، وقلم الحسنات يجري في حقه، أما النائم فقلم السيئات والحسنات يرفعان عنه، إلا إذا ابتغى النائم بنومه وجه الله يؤجر على ذلك، فإن أتى بمعصية وهو نائم لا يؤاخذ عليها، أتى بطاعة وهو نائم، أو رأى في نومه أنه يصلي فلا أجر عليه؛ لأنه لا عبرة بالأعمال عند النوم، أما الصبي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حينما رفعت المرأة صبياً لها وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر)، إذاً: هو له حج وللولي أجر، ولا تسقط عنه حجة الإسلام إن بلغ، وحجه وهو صبي صحيح وله على ذلك أجر، فإن كان بيننا الآن صبي دون السابعة يصلي معنا، فإن قلم الحسنات يجري في حقه، وإذا لم يصل فقلم السيئات لا يجري.
ثم قال: [ ويؤمر به الصبي إذا أطاقه، ويضرب عليه ليعتاده، ولا يجب عليه للخبر ].
فالصبي يؤمر بالصيام حتى يتعود على الطاعة: (علموا أولادكم الصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)، فاصطحاب الولد إلى المسجد بعد السابعة يجوز؛ لأنه أصبح مميزاً؛ لذلك قال الفقهاء: وسن الختان للصبي ينبغي أن يكون قبل السابعة؛ لأن هناك علاقة بين الختان والطهارة، ومتى أمر بالصلاة أمر بالطهارة، ولا تتأتى الطهارة إلا بالختان للذكر والأنثى، وللأنثى حتى البلوغ؛ لأن هناك علاقة بين الطهارة وبين الصلاة، فمتى يجب عليهما الصلاة يجب عليهما الختان، والختان أصل الطهارة، فإن لم يختتن الذكر أو تختتن الأنثى لا تتحقق الطهارة؛ وذلك لأن الحشفة تمنع جزءاً من البول عن التطهر، كذلك عند الأنثى؛ ولذلك من لزوم الطهارة الختان.
إذاً: شروط الصيام أربعة:
الإسلام، العقل، البلوغ، القدرة. فمن عجز عن الصيام فلا صوم عليه، فإن الله لم يكلفنا إلا بما نستطيع، فإن كان مريضاً أو مسافراً أو عاجزاً عن الصيام فهو غير قادر، وذكر البخاري في كتاب الصيام: أن الصحابيات كن يعودن أبناءهن على الصيام: (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء، فصمنا وصومنا أبناءنا الصغار، حتى إذا بلغ من الولد الصبي الجهد -يعني: يريد أن يأكل ويشرب- صرف لهم العرائس من الصوف)؛ لينشغل الصبي حتى يؤذن المؤذن، فانظر إلى تعويد الصبي على الطاعة، لكن أنت ستأخذه لمباراة القمة والسوبر والمسرح وتصطحبه إلى المصيف حيث العري والإباحية والاختلاط، وتعلمه البذاءة من صغره.
قال الشاعر:
أرضعوا الأطفال في المهد الحرام علموهم فحشهم قبل الكلام
فلا بد أن يتعود الصبي على الطاعة منذ صغره، الصدق.. الأمانة.. عدم الكذب.. الإخلاص.. التوحيد والقدوة الحسنة، هذا هو الذي ينبغي لنا أن نعود عليه الأبناء، لا كما يصنع الناس في الأرياف، أول ما يخلع الصغير ضرسه يقول له أبوه: ( يا ولد! خذ ضرسك إلى الشمس وقل: يا شمس! يا شموسة! خذي سن الحمار وهاتي سن العروسة) فأنت الآن تعلمه الشرك، تعلمه أن الشمس تملك إعطاء الضروس من دون الله: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، فتعويد الأبناء الطاعة هذا هو الأصل.
قال: [ ويجب بأحد ثلاثة أشياء: كمال شعبان ثلاثين يوماً إجماعاً ] إذا كمل شعبان ثلاثين يوماً وجب الصيام، والشهر الهجري يختلف عن الشهر الميلادي، فالهجري يمكن أن يكون تسعة وعشرين أو ثلاثين، ولا يمكن أن يأتي واحداً وثلاثين؛ لذلك لا يجوز شرعاً أن نتعبد الله بالشهور الميلادية، فعدة النساء يكون بالشهور الهجرية، وصيام شهرين متتابعين بالشهور الهجرية، والكفارات بالهجرية: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189] أي: أن الهلال هو الذي يوقِّت لنا، ظهر الهلال نبدأ؛ ولذلك لما أقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالله ألا يقترب من زوجاته شهراً، واعتزل النساء شهراً كاملاً، ثم دخل عليهن في اليوم التاسع والعشرين، والحديث في البخاري : (فقالت
لذلك قال: [ كمال شعبان ثلاثين يوماً إجماعاً، ورؤية هلال رمضان؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) متفق عليه ].
اعتبار رؤية هلال رمضان وهلال شوال
شيخ الإسلام ابن تيمية له كلام جميل في هذه المسألة، فالهلال سمي هلالاً لأنه ظهر في السماء، ومن الممكن أن يبقى في السماء ولا يراه أهل الأرض، فنقول: استهل الغلام صارخاً، فيعلم من في المكان أن الغلام ولد باستهلاله؛ ولذلك فإن الهلال في السماء ولا يستهل عند أهل الأرض.
يقول شيخ الإسلام : فالعبرة في رؤيا الهلال هو أن يراه واحد منهم، ثم يقره ولي الأمر على رؤيته، فيستهل به بين الناس، وإن لم يأخذ ولي الأمر برؤيته لا يستهل به، ففرق بين ظهور الهلال في السماء، ويلزم الذي رآه الصيام، يعني: هب أنني رأيت الهلال وذهبت إلى ولي الأمر لأقول له: أنا رأيت الهلال، لكنه لم يأخذ برؤيتي، فإنه يلزمني أنا الصيام، أما الجميع فلا يلزمهم؛ لأن ابن عمر لما رأى الهلال أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فصام وأمر بصيامه.
وخلاصة أقوال العلماء المعتبرة: أنه لا يجوز لأحد أن يخالف قطره في الصيام، فلا يجوز لك أن تنفرد بصيام، بل صم مع بلدك وأفطر مع بلدك، وإن شئت أن تصوم لاتحاد المطالع مع بلد آخر فصم سراً، كما يفعل البعض سراً.
لكن من الجهة الشرعية إذا رأت بلدي أن يكون لها رؤية مستقلة فلا يجوز لي أن أشق عصا الطاعة وأن أخالف الجماعة وأن أنشئ صياماً بمفردي، هذا هو قول أهل العلم المعتبر، فلا يجوز أن تخالف أهل بلدك، لكن إن شئت فصم سراً ولا يعلم أحد بصيامك، فإن كنت تريد أن تحدث فتنة وتخرج عن الجماعة وتريد للجميع أن ينزل على رأيك فإن هذا لا يجوز، لكن الراجح من أقوال العلماء: أنه إذا ثبت الهلال في بلد يجب على ولي الأمر أن يأخذ برؤيا الهلال في البلد المشتركة معه في جزء.
وفي الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا). علق النبي صلى الله عليه وسلم الصيام بالرؤية لا بميلاد الهلال، فقد ذكر في الأفلاك في جريدة الأهرام: أنه سيولد الهلال بعد غد، فنقول لهم: لا عبرة برؤيتكم، ولا عبرة بقولكم، ولا عبرة بحساباتكم؛ لأننا أمرنا بالصيام للرؤية ولم نؤمر بالصيام للميلاد، فقد يولد ولا نراه، إذاً: لا نصوم؛ لأنه حال بيننا وبين رؤيته حائل.
والشيخ أحمد شاكر له رأي في هذه المسألة تفرد به. قال: والأجهزة العلمية الحديثة تبين الميلاد، كذلك نستطيع أن نرى الهلال بالأجهزة، يعني: هل الرؤية بالعين المجردة أصل، أم يمكن أن نرى الهلال بأي وسائل عصرية؟ فهو يرى هذا الرأي في أحد كتبه: أن الحسابات الفلكية يمكن أن يعتمد عليها في تحديد بدء الصوم.
قال المؤلف رحمه الله: [ يجب الصيام بكمال شعبان، أو برؤية هلال رمضان، أو وجود غيم أو قتر في مطلعه ليلة الثلاثين من شعبان يحول دونه؛ لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له) متفق عليه، يعني: ضيقوا له ].
هذا قول مرجوح؛ لأنه يقصد أنه إذا غم علينا الهلال ولم نره فالواجب علينا أن نضيق عدة شعبان إلى تسعة وعشرين يوماً، مثل ذلك قوله تعالى: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87]، لكنه عاد وقال: [ وإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين يوماً ].
إن يوم الشك في بعض كتب الفقه: هو اليوم الذي فيه غمام ولا نستطيع أن نرى الهلال، فإذا استطلعنا الهلال في جو صحو ولم نر الهلال ولم يحل بيننا وبينه حائل، فإن شعبان ثلاثون يوماً يقيناً، فلا نسميه شكاً؛ لأن الهلال لم يولد يقيناً، كذلك إذا استطلعنا ووجدنا غداً رمضان فإن غداً رمضان يقيناً، فالشك معناه: احتمال أن يكون رمضان، واحتمال أن يكون المتمم لشعبان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك.
قال: [ وإن رأى الهلال وحده صام؛ لقوله عليه السلام: (صوموا لرؤيته)، فإن كان عدلاً صام الناس بقوله؛ لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام) ].
إذاً: في دخول رمضان يمكن أن يراه واحداً، أما في دخول شوال فلا بد من اثنين.
مثال: رجل رأى الهلال ثم ذهب إلى ولي الأمر فأخبره، فنظر ولي الأمر في حاله فوجد أنه عدل، فعلى ذلك يلزمه أن يأخذ برؤيته، فإن لم يأخذ ولي الأمر برؤيته فهو آثم؛ لأن ابن عمر قال: (فأخبرت النبي بأنني رأيت الهلال فصام وأمر بصيامه).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله حتى واحد وثلاثين، قال: صمت ثلاثين يوماً -في مصدر سؤال في لجنة الفتوى في دار الإفتاء السعودي- ثم ذهبت إلى الكويت الشقيقة بعد أن أتممت الصيام هنا فوجدتهم على الصيام في اليوم فماذا أصنع في الكويت أفطر وأخالف أهل الكويت أم أصوم معهم ولا شيء علي؟
قال: صم؛ حتى لا تخالف أهل البلد الذي أنت فيها.
انظروا إلى حكمة الرجل، فالعبرة في فطرك هو أهل البلد.
قال: [ ولأنه مما طريقه المشاهدة، فدخل به في الفريضة فقبل من واحد كوقت الصلاة، والعبد كالحر؛ لأنه من أهل الرؤية أشبه الحر ولا يفطر إلا بشهادة عدلين ].
يعني: خروج رمضان ورؤية شوال لا بد فيه من عدلين، أما دخول رمضان فواحد.
قال: [ لما روى عبد الرحمن بن زيد عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا) رواه النسائي ؛ ولأنها شهادة يدخل بها في العبادة فلم يقبل فيه الواحد كسائر الشهود ].
والمعنى: أن الشهادة لا بد لها من اثنين، والأصل عندنا أنه صيام، فلا يجوز أن ننتقل للفطر إلا بخبر اثنين، ولأن نخطئ في الصيام أولى من أن نخطئ في الفطر؛ ولذلك اشترط العلماء أن يكون هناك شاهدان على رؤية شوال.
قال: [ ولا يفطر إذا رآه وحده ].
فرق بين رؤية هلال رمضان ورؤية هلال شوال، فإن رأى هلال شوال بمفرده لا يفطر؛ لأن الفطر لا بد فيه من اليقين بالإضافة إلى أنها عبادة جماعية.
قال: [ ولا يفطر إذا رآه وحده؛ لما روى: أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صياماً، فأتيا عمر فذكرا له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر، قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال، وقال الآخر: أنا صائم، قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام، فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا لأوجعت رأسك. ولأنه محكوم به من رمضان فأشبه الذي قبله ].
والمعنى: أن هذا رأى الهلال فأفطر والآخر صام، فأقر عمر الذي صام، قال الذي صام: لم أكن لأفطر والناس صيام، يعني: سبعون مليوناً صائم وأنت مفطر بينهم، فهذا الأمر لا ينبغي؛ لأنه نشاز وشذوذ وحب للمخالفة.
سئل الشيخ ابن عثيمين : لم تعتبرون اختلاف أوقات الصلاة ولا تعتبرون اختلاف أوقات الشهور؟!
قال: الأصل أن تكون مع بلدك، وهذا عين الاعتبار درءاً للمفسدة ودفعاً للفتنة.
قال: [ وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطروا؛ لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب .
وإن كان بغيم لم يفطروا إذا لم يروا الهلال؛ لأنهم صاموا في أوله احتياطاً للعبادة فيجب الصوم في آخره احتياطاً لها ].
والمعنى: أنهم في شوال لا بد أن يحتاطوا أيضاً للصيام، فإن غم عليهم شوال أكملوا رمضان؛ لأن الأصل هو إكمال الشهر، ولا يخرج من الصيام إلا بيقين.
ومما يهمنا ذكره أنه إذا استيقظ المرء في الفجر ونظر إلى السماء فوجدها مظلمة ونظر في ساعته فوجد أن الفجر لم يؤذن وفقاً لساعته، وسأل زوجته فأخبرته أنه لم يؤذن -أخذ بوسائل التبين- فأكل وشرب، فإن تبين له أن الفجر قد طلع فحكم صيامه صحيح ولا إعادة عليه؛ لأن الأصل هو الإفطار، لكن إذا أخطأ في تقدير الغروب، فظن أن المغرب قد أذن فأكل وأفطر، ثم تبين أن الشمس قد طلعت. قال بعض العلماء: عليه القضاء؛ لأن الأصل الصيام، فينبغي التحقق قبل الفطر.
وقال شيخ الإسلام : في الحالتين لا يؤمر بالقضاء؛ لأن الله قال: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا [البقرة:286]، والصحابة قد غابت الشمس في زمانهم وأفطروا خطأ ولم يؤمروا بالقضاء.
إذاً: العدالة شيء مفروغ منه، فلا تقبل شهادة إلا من عدل، أما الفاسق فلا نأخذ بشهادته، كمدخن السجائر مثلاً، أو تارك صلاة، أو الذي يتبول في الطريق العام أو حليق اللحية، فكل هؤلاء ساقطو العدالة.
قال: [ إلا أن يروه؛ لقوله عليه السلام: (وأفطروا لرؤيته)، أو يكملوا العدة فيفطروا؛ لقوله: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً)، وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه؛ لأنه فعل عبادة بعد وجوبها عليه باجتهاده، فإذا وافق الإصابة أجزأته، كالقبلة إذا اشتبهت عليه أو الوقت، وإن وافق ما قبله لم يجزئه؛ لأنه أتى بالعبادة قبل وقتها بالتحري فلم يجزئه، كالصلاة والحج إذا أخطأ فيه الواحد ].
فإن قيل: لو أنني في بلد كلها ظلام ليس فيها شمس ولا نهار. ماذا أصنع؟
الجواب: الرأي الراجح للعلماء: أن يصوم على حسب الساعة، أي: على أقرب قطر بجواره؛ لحديث المسيح الدجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يمكث في الأرض أربعين يوماً، يوماً كسنة، ويوماً كشهر، ويوماً كأسبوع، وسائر أيامه كسائر أيامكم، فقال الصحابة: يا رسول الله! كيف نصلي في اليوم الذي كسنة؟ قال: اقدروا له)، والمعنى: احسبوا له.
فإذا كنت في بلد ليس فيها نهار فقدر الصيام على الساعات طبقاً لأقرب بلد مسلم بجوارك.
إذا رأينا هلال رمضان وجب علينا الصوم، لكن هل يجب على كل بلد أهل أن يروا الهلال، أم أن رؤية البلد تعتبر رؤية للبلد الآخر؟ وهل اختلاف المطالع معتبر أم غير معتبر؟
شيخ الإسلام ابن تيمية له كلام جميل في هذه المسألة، فالهلال سمي هلالاً لأنه ظهر في السماء، ومن الممكن أن يبقى في السماء ولا يراه أهل الأرض، فنقول: استهل الغلام صارخاً، فيعلم من في المكان أن الغلام ولد باستهلاله؛ ولذلك فإن الهلال في السماء ولا يستهل عند أهل الأرض.
يقول شيخ الإسلام : فالعبرة في رؤيا الهلال هو أن يراه واحد منهم، ثم يقره ولي الأمر على رؤيته، فيستهل به بين الناس، وإن لم يأخذ ولي الأمر برؤيته لا يستهل به، ففرق بين ظهور الهلال في السماء، ويلزم الذي رآه الصيام، يعني: هب أنني رأيت الهلال وذهبت إلى ولي الأمر لأقول له: أنا رأيت الهلال، لكنه لم يأخذ برؤيتي، فإنه يلزمني أنا الصيام، أما الجميع فلا يلزمهم؛ لأن ابن عمر لما رأى الهلال أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فصام وأمر بصيامه.
وخلاصة أقوال العلماء المعتبرة: أنه لا يجوز لأحد أن يخالف قطره في الصيام، فلا يجوز لك أن تنفرد بصيام، بل صم مع بلدك وأفطر مع بلدك، وإن شئت أن تصوم لاتحاد المطالع مع بلد آخر فصم سراً، كما يفعل البعض سراً.
لكن من الجهة الشرعية إذا رأت بلدي أن يكون لها رؤية مستقلة فلا يجوز لي أن أشق عصا الطاعة وأن أخالف الجماعة وأن أنشئ صياماً بمفردي، هذا هو قول أهل العلم المعتبر، فلا يجوز أن تخالف أهل بلدك، لكن إن شئت فصم سراً ولا يعلم أحد بصيامك، فإن كنت تريد أن تحدث فتنة وتخرج عن الجماعة وتريد للجميع أن ينزل على رأيك فإن هذا لا يجوز، لكن الراجح من أقوال العلماء: أنه إذا ثبت الهلال في بلد يجب على ولي الأمر أن يأخذ برؤيا الهلال في البلد المشتركة معه في جزء.
وفي الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا). علق النبي صلى الله عليه وسلم الصيام بالرؤية لا بميلاد الهلال، فقد ذكر في الأفلاك في جريدة الأهرام: أنه سيولد الهلال بعد غد، فنقول لهم: لا عبرة برؤيتكم، ولا عبرة بقولكم، ولا عبرة بحساباتكم؛ لأننا أمرنا بالصيام للرؤية ولم نؤمر بالصيام للميلاد، فقد يولد ولا نراه، إذاً: لا نصوم؛ لأنه حال بيننا وبين رؤيته حائل.
والشيخ أحمد شاكر له رأي في هذه المسألة تفرد به. قال: والأجهزة العلمية الحديثة تبين الميلاد، كذلك نستطيع أن نرى الهلال بالأجهزة، يعني: هل الرؤية بالعين المجردة أصل، أم يمكن أن نرى الهلال بأي وسائل عصرية؟ فهو يرى هذا الرأي في أحد كتبه: أن الحسابات الفلكية يمكن أن يعتمد عليها في تحديد بدء الصوم.
قال المؤلف رحمه الله: [ يجب الصيام بكمال شعبان، أو برؤية هلال رمضان، أو وجود غيم أو قتر في مطلعه ليلة الثلاثين من شعبان يحول دونه؛ لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له) متفق عليه، يعني: ضيقوا له ].
هذا قول مرجوح؛ لأنه يقصد أنه إذا غم علينا الهلال ولم نره فالواجب علينا أن نضيق عدة شعبان إلى تسعة وعشرين يوماً، مثل ذلك قوله تعالى: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87]، لكنه عاد وقال: [ وإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين يوماً ].
إن يوم الشك في بعض كتب الفقه: هو اليوم الذي فيه غمام ولا نستطيع أن نرى الهلال، فإذا استطلعنا الهلال في جو صحو ولم نر الهلال ولم يحل بيننا وبينه حائل، فإن شعبان ثلاثون يوماً يقيناً، فلا نسميه شكاً؛ لأن الهلال لم يولد يقيناً، كذلك إذا استطلعنا ووجدنا غداً رمضان فإن غداً رمضان يقيناً، فالشك معناه: احتمال أن يكون رمضان، واحتمال أن يكون المتمم لشعبان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الشك.
قال: [ وإن رأى الهلال وحده صام؛ لقوله عليه السلام: (صوموا لرؤيته)، فإن كان عدلاً صام الناس بقوله؛ لما روي أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام) ].
إذاً: في دخول رمضان يمكن أن يراه واحداً، أما في دخول شوال فلا بد من اثنين.
مثال: رجل رأى الهلال ثم ذهب إلى ولي الأمر فأخبره، فنظر ولي الأمر في حاله فوجد أنه عدل، فعلى ذلك يلزمه أن يأخذ برؤيته، فإن لم يأخذ ولي الأمر برؤيته فهو آثم؛ لأن ابن عمر قال: (فأخبرت النبي بأنني رأيت الهلال فصام وأمر بصيامه).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله حتى واحد وثلاثين، قال: صمت ثلاثين يوماً -في مصدر سؤال في لجنة الفتوى في دار الإفتاء السعودي- ثم ذهبت إلى الكويت الشقيقة بعد أن أتممت الصيام هنا فوجدتهم على الصيام في اليوم فماذا أصنع في الكويت أفطر وأخالف أهل الكويت أم أصوم معهم ولا شيء علي؟
قال: صم؛ حتى لا تخالف أهل البلد الذي أنت فيها.
انظروا إلى حكمة الرجل، فالعبرة في فطرك هو أهل البلد.
قال: [ ولأنه مما طريقه المشاهدة، فدخل به في الفريضة فقبل من واحد كوقت الصلاة، والعبد كالحر؛ لأنه من أهل الرؤية أشبه الحر ولا يفطر إلا بشهادة عدلين ].
يعني: خروج رمضان ورؤية شوال لا بد فيه من عدلين، أما دخول رمضان فواحد.
قال: [ لما روى عبد الرحمن بن زيد عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا) رواه النسائي ؛ ولأنها شهادة يدخل بها في العبادة فلم يقبل فيه الواحد كسائر الشهود ].
والمعنى: أن الشهادة لا بد لها من اثنين، والأصل عندنا أنه صيام، فلا يجوز أن ننتقل للفطر إلا بخبر اثنين، ولأن نخطئ في الصيام أولى من أن نخطئ في الفطر؛ ولذلك اشترط العلماء أن يكون هناك شاهدان على رؤية شوال.
قال: [ ولا يفطر إذا رآه وحده ].
فرق بين رؤية هلال رمضان ورؤية هلال شوال، فإن رأى هلال شوال بمفرده لا يفطر؛ لأن الفطر لا بد فيه من اليقين بالإضافة إلى أنها عبادة جماعية.
قال: [ ولا يفطر إذا رآه وحده؛ لما روى: أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صياماً، فأتيا عمر فذكرا له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر، قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال، وقال الآخر: أنا صائم، قال: فما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر والناس صيام، فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا لأوجعت رأسك. ولأنه محكوم به من رمضان فأشبه الذي قبله ].
والمعنى: أن هذا رأى الهلال فأفطر والآخر صام، فأقر عمر الذي صام، قال الذي صام: لم أكن لأفطر والناس صيام، يعني: سبعون مليوناً صائم وأنت مفطر بينهم، فهذا الأمر لا ينبغي؛ لأنه نشاز وشذوذ وحب للمخالفة.
سئل الشيخ ابن عثيمين : لم تعتبرون اختلاف أوقات الصلاة ولا تعتبرون اختلاف أوقات الشهور؟!
قال: الأصل أن تكون مع بلدك، وهذا عين الاعتبار درءاً للمفسدة ودفعاً للفتنة.
قال: [ وإن صاموا بشهادة اثنين ثلاثين يوماً أفطروا؛ لحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب .
وإن كان بغيم لم يفطروا إذا لم يروا الهلال؛ لأنهم صاموا في أوله احتياطاً للعبادة فيجب الصوم في آخره احتياطاً لها ].
والمعنى: أنهم في شوال لا بد أن يحتاطوا أيضاً للصيام، فإن غم عليهم شوال أكملوا رمضان؛ لأن الأصل هو إكمال الشهر، ولا يخرج من الصيام إلا بيقين.
ومما يهمنا ذكره أنه إذا استيقظ المرء في الفجر ونظر إلى السماء فوجدها مظلمة ونظر في ساعته فوجد أن الفجر لم يؤذن وفقاً لساعته، وسأل زوجته فأخبرته أنه لم يؤذن -أخذ بوسائل التبين- فأكل وشرب، فإن تبين له أن الفجر قد طلع فحكم صيامه صحيح ولا إعادة عليه؛ لأن الأصل هو الإفطار، لكن إذا أخطأ في تقدير الغروب، فظن أن المغرب قد أذن فأكل وأفطر، ثم تبين أن الشمس قد طلعت. قال بعض العلماء: عليه القضاء؛ لأن الأصل الصيام، فينبغي التحقق قبل الفطر.
وقال شيخ الإسلام : في الحالتين لا يؤمر بالقضاء؛ لأن الله قال: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا [البقرة:286]، والصحابة قد غابت الشمس في زمانهم وأفطروا خطأ ولم يؤمروا بالقضاء.
إذاً: العدالة شيء مفروغ منه، فلا تقبل شهادة إلا من عدل، أما الفاسق فلا نأخذ بشهادته، كمدخن السجائر مثلاً، أو تارك صلاة، أو الذي يتبول في الطريق العام أو حليق اللحية، فكل هؤلاء ساقطو العدالة.
قال: [ إلا أن يروه؛ لقوله عليه السلام: (وأفطروا لرؤيته)، أو يكملوا العدة فيفطروا؛ لقوله: (فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً)، وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده أجزأه؛ لأنه فعل عبادة بعد وجوبها عليه باجتهاده، فإذا وافق الإصابة أجزأته، كالقبلة إذا اشتبهت عليه أو الوقت، وإن وافق ما قبله لم يجزئه؛ لأنه أتى بالعبادة قبل وقتها بالتحري فلم يجزئه، كالصلاة والحج إذا أخطأ فيه الواحد ].
فإن قيل: لو أنني في بلد كلها ظلام ليس فيها شمس ولا نهار. ماذا أصنع؟
الجواب: الرأي الراجح للعلماء: أن يصوم على حسب الساعة، أي: على أقرب قطر بجواره؛ لحديث المسيح الدجال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يمكث في الأرض أربعين يوماً، يوماً كسنة، ويوماً كشهر، ويوماً كأسبوع، وسائر أيامه كسائر أيامكم، فقال الصحابة: يا رسول الله! كيف نصلي في اليوم الذي كسنة؟ قال: اقدروا له)، والمعنى: احسبوا له.
فإذا كنت في بلد ليس فيها نهار فقدر الصيام على الساعات طبقاً لأقرب بلد مسلم بجوارك.