أرشيف المقالات

الصلاة، محطات الروح، وعلاقتها بالاستخلاف! - أحمد كمال قاسم

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
الصلاة هي محطات في رحلة الزمن موزعة بانتظام على الطريق لتتزود منها بوقود كرامتك وصلاحيتك للخلافة في الكون! ، تُزَوَّد فيها من تلك النفخة الإلهية التي زود بها الله بها آدم أول مرة، فهي الوقود الذي تستهلكه في السير في طريق الزمن وأنت واعٍ منتبهٌ لست غافلا كأي دابة.
الصلاة هي ما تزودك بوقود الوعي والنباهة بدورك ومكانتك، فإن هجرت الصلاة سرت في الزمن بدون روح بشرية منفوخة من لدن الله تعالى، فردك الله أسفل سافلين، حيث كنت، قبل أن ينفخ فيك من روحه! :
{وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ۝وَالجانَّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السَّمومِ۝وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي خالِقٌ بَشَرًا مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنونٍ۝فَإِذا سَوَّيتُهُ وَنَفَختُ فيهِ مِن روحي فَقَعوا لَهُ ساجِدينَ} [الحجر: ٢٦-٢٩]
فصرت مجرد "كائن" غير واع بدوره الاستخلافي العابد لله، ويصدق فيك حينها قول الملائكة في أنك تعيش لتفسد وتسفك الدماء لأجل أن تعيش:
 {وَإِذ قالَ رَبُّكَ لِلمَلائِكَةِ إِنّي جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً قالوا أَتَجعَلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها وَيَسفِكُ الدِّماءَ وَنَحنُ نُسَبِّحُ بِحَمدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنّي أَعلَمُ ما لا تَعلَمونَ} [البقرة: ٣٠]
فعندما قال الله "إني أعلم ما لا تعلمون" تحدث عن هؤلاء المصلين العاملين بصلاتهم - عملا متمثلا في ذكر الله ، وأوامره وطاعته - فيما بينها، القائمين بمهمة الخلافة في الكون، ذاكرين لله بذهنهم وقلوبهم وجوارحهم، ليعمروا الأرض بالتعلم، والتعليم، والتعرف على الله، وتعريف الناس به.
فالمصلون الذين هم على صلاتهم دائمون ومحافظون هم من يستحقون لقب "خليفة" لأنهم يقوُّون النفخة الإلهية التي قد تخفت عند غير المصلي في طريق الزمن لإهماله التوقف عند محطات الصلاة.
 {إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا۝إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا۝وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا۝إِلَّا المُصَلّينَ۝الَّذينَ هُم عَلى صَلاتِهِم دائِمونَ} [المعارج: ١٩-٢٣ ...
]

واستعادة ما ينبني على صلاته من نشر للخير في الكون :
 {إِلَّا المُصَلّينَ۝الَّذينَ هُم عَلى صَلاتِهِم دائِمونَ۝وَالَّذينَ في أَموالِهِم حَقٌّ مَعلومٌ۝لِلسّائِلِ وَالمَحرومِ۝وَالَّذينَ يُصَدِّقونَ بِيَومِ الدّينِ۝وَالَّذينَ هُم مِن عَذابِ رَبِّهِم مُشفِقونَ۝إِنَّ عَذابَ رَبِّهِم غَيرُ مَأمونٍ۝وَالَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حافِظونَ۝إِلّا عَلى أَزواجِهِم أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلومينَ۝فَمَنِ ابتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادونَ۝وَالَّذينَ هُم لِأَماناتِهِم وَعَهدِهِم راعونَ(*) ۝وَالَّذينَ هُم بِشَهاداتِهِم قائِمونَ۝وَالَّذينَ هُم عَلى صَلاتِهِم يُحافِظونَ} [المعارج: ٢٢-٣٤]
الخلاصة:
الصلاة الصلاة - بحقها، وما يترتب عليها - عبادَ الله كي لا تنفد منكم أكرم ما فيكم وهي نفخة الله فيكم، نفخة السماء فيكم، فترتكسوا كائناتٍ أرضية محضة من الطين وحده، في أسفل سافلين، لتكونوا كالأنعام بل أضل، تفسدون في الأرض وتسفكون الدماء بلا حق.
( *) أكبر أمانة هي أمانة الخلافة، التي هي ذاتها تعمير الأرض، والذي هو ذاته عبادة الله
 {إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولًا} [الأحزاب: ٧٢]
وحملها الإنسان ظنا منه أنه يستطيع أن يكون خليفة في الأرض، لكن أكثر الإنسان نكث بعهده!

شارك الخبر

المرئيات-١