خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/912"> الشيخ أسامة سليمان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/912?sub=63500"> خطب ومحاضرات عامة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
من أحكام الحج
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين، ثم سواه ونفخ فيه من روحه، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون.
خلق الإنسان من سلالة من طين، ثم جعله نطفة في قرار مكين، ثم خلق النطفة علقة سوداء للناظرين، ثم خلق العلقة مضغة بقدر أكلة الماضغين، ثم خلق المضغة عظاماً كأساس لهذا البناء المتين، ثم كسا العظام لحماً هي له كالثوب للابسين، ثم أنشأه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين، ثم إنكم بعد ذلك لميتون، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، يغني فقيراً ويفقر غنياً، ويعز ذليلاً ويذل عزيزاً، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، مستو على عرشه، بائن من خلقه، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف شاء وحسبما أراد، فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
وأشهد أن نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك خيراً يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
أما بعد:
فحديثنا -بحول الله وفضله وتوفيقه- يدور حول حجة النبي صلى الله عليه وسلم المسماة بـ(حجة الوداع)، لما فيها من الدروس والعبر.
ففي العام التاسع من هجرته عليه الصلاة والسلام فرض عليه الحج، وهذا تحقيق العلامة ابن القيم ؛ لأن من قال: إن الحج على التراخي ظن أن الحج فرض في العام السادس، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: والراجح أن الحج فرض في العام التاسع، ولم يحج النبي عليه الصلاة والسلام في ذات العام؛ لأنه أرسل الصديق رضي الله عنه ليحج بالناس وأرسل معه علياً ينادي في الناس: (ألاَّ يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)؛ لأن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عراة، ويقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك، وكانت صلاتهم عند البيت كما قال ربنا سبحانه: مُكَاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال:35]، أي: صفيراً وتصفيقاً.
ولذا يريد أتباع بعض الطرق المنحرفة في زمننا أن يحيوا ما كان عليه المشركون، فإذا أرادوا أن يذكروا الله ذكروه بالطبل والتصفيق، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.
وفي العام العاشر شعر النبي عليه الصلاة والسلام باقتراب أجله، فخرج عليه الصلاة والسلام لخمس ليال بقين من ذي القعدة -وهذا ما قرره صاحب الرحيق المختوم، ورجحه ابن حجر في فتح الباري- وأذن في الناس عليه الصلاة والسلام وأعلن أنه قاصد مكة لأداء الحج، فجاء الناس إليه من كل فج عميق، ليأتموا بسيد البشر صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة، إذ إن النبي عليه الصلاة والسلام قد شعر باقتراب أجله كما ذكرنا، والأدلة على ذلك كثيرة، ومنها: أنه قال للناس في خطبة جامعة هي أعظم خطبة في تاريخ البشرية المسماة بـ(خطبة الوداع): (اسمعوا عني فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وكذلك أيضاً وهو يرمي الجمرات في أيام التشريق قال لهم: (خذوا عني مناسككم فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا).
وبعد أن أتم خطبة الوداع مباشرة على عرفة أنزل الله عليه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3]، فبكى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فتعجب الصحابة من بكائه، فقال: يا قوم! وهل بعد الكمال إلا النقصان، وكان النقصان الذي توقعه عمر هو موت الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي أيام التشريق أيضاً أنزل الله على نبيه عليه الصلاة والسلام: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]، قال ابن عباس : أرى أن الله ينعى محمداً لأمته، كيف ذلك؟ قال: ألم تقرءوا قول الله: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ، والاستغفار دائماً يكون في ختام الشيء، فأرى أن هذه السورة هي ختام حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ولما أرسل عليه الصلاة والسلام معاذاً إلى اليمن في العام العاشر من الهجرة قال له: (يا
وقد اختلفت كتب السيرة في عدد الذين اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، والراجح أنهم يزيدون عن مائة ألف، ومن يرى هذه الأعداد الكبيرة من الحجاج مع النبي يدرك أنه صلى الله عليه وسلم استطاع أن يؤسس دولة بتأييد ربه سبحانه في مدة وجيزة جداً، لا تزيد عن ثلاث وعشرين سنة، ومعلوم أن أعمار الأمم تقاس بمئات السنين.
وفي ذي الحليفة اغتسل نبينا صلى الله عليه وسلم، وذو الحليفة ميقات أهل المدينة، ولكل بلد ميقات مكاني للحج والعمرة، لا يجوز لمن قصد البيت أن يمر على الميقات دون إحرام، وإلا لزمه فدية إلا أن يعود إليه، فوقِّت لأهل اليمن: يلملم، ولأهل نجد: قرن المنازل، ولأهل الشام: الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، وهكذا لكل بلد ميقات، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)، أي: أن هذه المواقيت المكانية لأهل هذه البلاد أو من يمر عليها، ولذلك لا يجوز لأي حاج مصري أن يمر على (رابغ) الموازية للجحفة دون إحرام، ولا يجوز أن يقول: أنا قاصد جدة فينزل بها ثم يحرم منها، فجدة ليست ميقاتاً إلا لأهلها.
وبعد أن اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة طيبته أمنا عائشة رضي الله عنها، حتى إنها قالت بعد أن طيبته: إني لأرى وبيص المسك من مفارق ولحية النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أحرم عليه الصلاة والسلام بحج وعمرة، أي: أنه حج قارناً؛ لأنه ساق الهدي، لكن إن جاءت نصوص تقول: إنه حج متمتعاً أو مفرداً؛ نقول: هناك سوء فهم للنص، وسوء الفهم للنصوص الشرعية يسبب لنا مشاكل كثيرة.
ولنتأمل هذا النموذج: كاتب علماني يكتب كفراً تحت عنوان: الرجم ليس من دين الإسلام في شيء! يعني: أن رجم الزاني ليس من دين الإسلام، وفي صلب المقالة يكتب فيقول: لأن القرآن بين أن حد الزاني الجلد، ونبينا صلى الله عليه وسلم قد قال: إن حد الزاني هو الرجم، إذاً: تعارض القرآن مع قول رسول الله -هذا فهمه- فلا شأن لقول رسول الله أمام القرآن! ثم تجرأ إلى الكفر فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك أن يشرع للأمة! هكذا قال ذلك الرجل، إذاً: فمن الذي يشرع، أهو أنت؟! وماذا تقول في قول الله: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]؟ وماذا تقول في قول الله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] إن النبي صلى الله عليه وسلم حينما يشرع للأمة لا يشرع من عنده وإنما يشرع بوحي من الله.
إن هذا الكلام معناه: أن السنة لا يمكن أن تستقل بالتشريع، بمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك أن يحرم أو أن يحلل، لذا أقول له: هل يجوز لك أن تتزوج على المرأة عمتها أو خالتها فتجمع بين المرأة والعمة أو تجمع بين المرأة والخالة؟ لا شك أنه لا يجوز بنص السنة لا بنص القرآن، أيضاً: هل يجوز للرجل أن يلبس الذهب في يده والقرآن يقول: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ [الأعراف:32]؟ إن الذهب حرام على الرجال بالسنة المطهرة، ولذا فإن السنة يمكن أن تقيم حكماً شرعياً مستقلاً كما يقول علماء الفقه والأصول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أوتيت القرآن ومثله معه، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض)، فالرجم من الإسلام، وقد رجم النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة؛ واقرأ في البخاري الأحاديث المتواترة في رجم الزاني، لكن الأعجب أن يقول: لا شأن لنا بـالبخاري ولا بالسنة، فيكفينا القرآن! هكذا كتب ذلك الرجل، ولا أدري أين علماء الأمة ليقولوا له ولأمثاله: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم، أما يكفي طعناً في القرآن والسنة في زمننا هذا، والطامة أن هذا الرجل يحمل لقب: (المفكر الإسلامي)، نسأل الله العافية.
إن سوء الفهم للنصوص الشرعية سبب انشقاق وخروج بعض الفرق الضالة والمنحرفة، كالخوارج والمعتزلة وغيرهم.
وعلى كل فنبينا عليه الصلاة والسلام قد حج قارناً، لكن إن جاء نص يقول: إنه قد حج متمتعاً؛ فمعنى ذلك: أنه قد جمع بين العمرة والحج في سفر واحد، أي: أنه ما أنشأ للعمرة سفراً وللحج سفراً، وإنما قرن بين الحج والعمرة في سفر واحد، وأما رواية: أنه حج مفرداً؛ فمعناها: أنه أتى بأعمال الحج المفرد، إذ لا فرق بين القارن والمفرد، فالقارن يسعى سعياً واحداً، والمفرد يسعى سعياً واحداً، وكلاهما يطوف طواف قدوم وطواف إفاضة وطواف وداع؛ وكأن المفرد والقارن عليهما سعي وثلاثة أنواع من الطواف، إذ لا فرق بينهما في المناسك إلا أن القارن عليه هدي، والمفرد ليس عليه هدي، فهذا هو الفرق الوحيد بينهما.
دخل عليه الصلاة والسلام مكة صباحاً (فجراً) وطاف بالبيت سبعة أشواط وسعى بين الصفا والمروة، ثم أمر أصحابه أن يتحللوا، أي: أن يتمتعوا، فترددوا فقال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة)، فعلم الصحابة أن أفضل النسك هو التمتع، فتحللوا وظل الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحجة المعروف بيوم التروية؛ لأنه ساق الهدي معه، ثم توجه إلى منى قبل الزوال في الثامن، وصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً دون جمع، ولما صلى الفجر وأشرقت الشمس في اليوم التاسع توجه إلى عرفة ونزل بنمرة عليه الصلاة والسلام، ثم بعد الزوال -أي: عند الظهر- ضربت له خيمة ببطن الوادي، وقام يخطب في الناس خطبة الوداع، هذه الخطبة التي أرسى فيها قواعد وأسساً عظيمة، والتي تعتبر ميثاقاً لحقوق الإنسان، ولذا أقول: إن كانت منظمات العالم تضع مواثيق لحقوق الإنسان فنحن نقول: إن نبي البشرية محمداً صلى الله عليه وسلم قد وضع وثيقة حرمات لا وثيقة حقوق، واسمعوا إلى ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام لأكثر من مائة ألف بعد الزوال في يوم عرفة الذي هو أفضل يوم طلعت فيه شمس العام: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا إن كل أمر من أمور الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين، ألا إن كل دم من دماء الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه دم
ثم بعد أن أدى عليه الصلاة والسلام خطبة الوداع التي بين وقرر فيها حرمة الدماء والأموال والأعراض، وحرمة الربا، والوصية بالنساء، هذه المرأة التي يجعلونها اليوم كسلعة رخيصة في يد أعدائها، وطالبوا بالمساواة بينها وبين الرجل، وفي سبيل ذلك أجازوا لها أن تخطب الجمعة! وعينوها قاضية! وهكذا أقحموها في كل ميادين الحياة العملية بحجة المساواة، والذي خلق الذكر والأنثى يقول: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى [آل عمران:36]، وقد ذكرت قبل أن هناك كثيراً من الأحكام الفقهية يختلف فيها الذكور عن الإناث، منها: أن بول الصبي -قبل أن يفطم- ينضح، وبول الجارية يغسل؛ لحديث أم قيس عند البخاري : (أنها جاءت بولدها للنبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير ليحنكه ويباركه، فوضعه النبي عليه الصلاة والسلام على حجره فبال عليه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بماء ونضحه)، وقال: (بول الصبي ينضح وبول الجارية يغسل)، وهذا من أول لحظة، وأيضاً: إن كان المولود ذكراً فيعق عنه بشاتين وعن الأنثى شاة واحدة، وليس معنى هذا: أننا نفرق بينهما في الحقوق والواجبات، بل لا نفعل ذلك إلا بنص، قال الله سبحانه وتعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34]، وعليه فإن أردت أن تتبع الأحكام الشرعية التي تختلف فيها الإناث عن الذكور فستجدها كثيرة.
والنبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع أمام هذا الحشد الكبير ما نسي أن يوصي بالمرأة، لعظم حقها ورفعة شأنها في الإسلام، ولنا مع هذه الوصية وقفة إن شاء الله تعالى، ولما أنهى خطبته أمر بلالاً أن يؤذن، فأذن وأقام فصلى الظهر ركعتين، ثم أمره فأقام وصلى العصر ركعتين، أي: أنه صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، ولم يفصل بينهما بصلاة، وهذه هي السنة؛ لأن البعض قد يتنفل بعد الظهر أو قبل العصر، وهذا خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد أن صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ظل في عرفة إلى أن غاب قرص الشمس، ولذلك يقول الفقهاء: إن ترك الحاج عرفة قبل غروب الشمس يلزمه دم؛ لأنه ترك واجباً، والوقوف بعرفة بجزء من الليل واجب، والوقوف بعرفة في الليل فقط لا شيء عليه؛ لأنه لابد أن يجمع مع النهار جزءاً من الليل.
ثم بعد أن غاب قرص الشمس تحرك النبي عليه الصلاة والسلام إلى مزدلفة؛ ليبيت فيها ويصلي المغرب والعشاء جمع تأخير، والمبيت في مزدلفة واجب من واجبات الحج، فإذا تركه الحاج يلزمه دم، وهكذا فالواجبات يجبرها الدم، أما الأركان فلا يجبرها شيء، وإنما لابد من أدائها، كطواف الإفاضة، والوقوف بعرفة، والإحرام، وسعي الحج، فإن ترك الحاج ركناً فسد حجه وعليه أن يحصِّل الركن وإن كانت المدة الزمنية طويلة، أما إن ترك واجباً فيلزمه دم، كأن يترك طواف الوداع، أو المبيت بمنى، أو المبيت بالمزدلفة، أو رمي الجمرات، أو أحرم بعد الميقات، فهذه كلها واجبات، يلزم من ترك أحدها دم.
ثم صلى النبي عليه الصلاة والسلام الفجر في مزدلفة، ومكث فيها حتى أسفر جداً -أي: حتى بدا الصبح- ثم توجه إلى منى في يوم النحر ورمى جمرة العقبة الكبرى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ولما أتم الرمي ذهب إلى المنحر وأتى بمائة بدنة، ونحر بيده الطاهرة ثلاثاً وستين بدنة، ثم أمر علياً أن ينحر الباقي، وفي هذا إشارة إلى أن موت النبي عليه الصلاة والسلام كان لثلاث وستين سنة، ولما أتم علي نحر المائة أخذ من هذه البدن جزءاً وصنعه وأكل منه عليه الصلاة والسلام، ثم توجه إلى البيت فطاف طواف الإفاضة ولم يسع صلى الله عليه وسلم، لأنه قد حج قارناً، ثم عاد إلى منى في أيام التشريق ليرمي الجمرات حتى اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، ثم بعد أن أتم أعمال الحج عاد إلى المدينة ليواصل رحلة الجهاد في سبيل الله.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
فإن حجة الوداع تنطوي على كثير من الدروس والعبر، ولعل هذا هو موضوع اللقاء القادم إن شاء الله تعالى، فنعيش مع بيان أحكامها من حيث حرمة الدماء التي حرمها الله سبحانه، حيث إن أول جريمة قتل وقعت على الأرض كانت في زمن آدم عليه السلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها؛ لأنه أول من سن القتل)، فكل نفس مظلومة تقتل على الأرض في ميزان ابن آدم الأول، فأي ميزان هذا الذي يسع لهذه الدماء التي تموت ظلماً بغير حق! وهكذا يشير الحديث إلى كل من ابتدع شيئاً في دين الله، فكل من قلده في بدعته في ميزان سيئاته، ولذلك فإن سيئات كل المتبرجات في ميزان قاسم أمين الذي نادى بتحرير المرأة من الحجاب إلى الخلاعة والعري، ومن فرط إعجابنا بشخصيته أننا أعددنا له مسلسلاً حتى يكون أسوة للمفكرين! وليتخلصوا من قيد الشرع، كما قال أحدهم بعد أن مضى رمضان:
رمضان ولى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاق
أي: هات الخمر.
بالأمس كنت سجين عبادة ويوم العيد تداؤب العشاق
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)، فانظروا إلى فضل من سن سنة حسنة في الإسلام، وانظروا إلى خطورة من سن سنة سيئة في الإسلام، ولذلك فإن أعمال الأمة في ميزان سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو الذي أرشدها إلى الحق ودلها على الخير.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبلغنا حج بيته.
اللهم اكتب لنا حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً صالحاً متقبلاً.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، وجلاء همنا وغمنا، ونور أبصارنا، اللهم علمنا من القرآن ما جهلنا، وذكرنا من القرآن ما نسينا.
اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك.
اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك.
اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء، ونسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ارزقنا -يا رب- قبل الموت توبة، وعند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً.
اللهم بيض وجوهنا عند سواد وجوه، اللهم ثبت أقدامنا على الصراط، اللهم أمنا عند الفزع الأكبر.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم مكن لدينك في الأرض يا رب العالمين.
اللهم إن ليل المسلمين قد طال فاجعل له فجراً يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اللهم انصر المستضعفين في كل مكان، وانصر عبادك المستضعفين في فلسطين، اللهم اربط على قلوبهم، وسدد رميهم، واجعل الدائرة على عدوهم، اللهم أرنا في اليهود آية، فإنهم لا يعجزونك يا جبار السماوات والأرض، نسألك أن ترينا في اليهود آية، اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، اللهم اجعل عيشهم كداً، وصب عليهم العذاب صباً فإنك على كل شيء قدير، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بشر فاجعل كيده في نحره، واجعل تدميره في تدبيره، وأهلكه كما أهلكت عاداً وثمود وفرعون.
رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء.
آمين آمين آمين.
وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فإن أحكام الحج مهمة جداً؛ لأن الذي يذهب إلى موسم الحج يجد الجهل واضحاً بيناً بين المسلمين، فقد يترك المسلم ركناً أو واجباً، ولا يعلم أنه يلزمه الذبح أو الفدية، ويجهل الفرق بين الهدي والفدية، فهذه كلها أمور لابد أن توضح، وهي مسئولية الدعاة، ومن أبسط هذه الأمور التي قد يجهلها المسلم في الحج: أن يجهل أن النوم العميق ناقض للوضوء، فقد ينام رجل بجوارك في الحرم ساعات، فإذا أذن المؤذن وأقيمت الصلاة قام وكبر تكبيرة الإحرام! وآخر قد يطوف شوطاً أو شوطين فيتعب فيترك ويقول: يكفى هذا، والله يتقبل، والمهم النية! إنه قلب للمقاييس في الحج، وظهور للبدع هناك؛ ولذلك أقول: المسئولية جسيمة على طلاب العلم وعلى الدعاة، فعليهم أن يتقوا الله سبحانه في تعليم الناس مناسك الحج، وأن يجيبوا عن أسئلة الناس في ذلك، وقد سألني سائل وقال: أنت قلت: إن الواجب يجبر بدم، فأين يذبح هذا الدم وأين يوزع؟ فقلت: إن ترك الحاج واجباً من واجبات الحج يلزمه فدية دم، فيذبحه ويوزعه داخل حدود الحرم، وليس له وقت معين، بينما الهدي آخر وقته الزماني هو آخر أيام التشريق، وعليه فالهدي له وقت زماني، أما الفدية فمتى ما استطعت، يعني: إن لم تستطع الآن فربما تستطيع بعد يوم أو يومين أو ثلاثة.
وإن لم يتبين له أنه ترك واجباً إلا بعد سنة أو سنتين فيرسل المبلغ المالي إلى السعودية، وهناك يقوم من يشتري له فيذبحه ويوزعه داخل حدود الحرم، وهذا إذا كان مستطيعاً، وإلا: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة:196]، لكن إن لم يستطع أن يصوم في مكة فيصوم العشرة أيام كاملة في بلده.
ولا يجوز للحاج أن يأكل من الفدية، لأنها كالنذر تماماً، بينما يجوز له أن يأكل من الهدي، قال تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36]، والقانع هو: الذي لا يسأل الناس، فهو قانع بحاله، والمعتر هو: الذي يسأل، وعليه فمعنى الآية: فكلوا منها وأطعموا الذي يسأل والذي لا يسأل، الفقير السائل وغير السائل.
وأخرى: حاضت ورحلت مع الركب ولم تطف طواف الوداع بعد، فالعلماء على أنها ترحل مع الركب ولا شيء عليها؛ لأن الذي منعها من طواف الوداع هو الحيض، بينما لو أن رجلاً لم يطف طواف الإفاضة وطاف طواف الوداع، ثم رحل مع الركب، فإن ذلك يجزئه؛ لأنه يجوز له أن يجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع بطواف واحد.
أيضاً: لو أن رجلاً غابت عليه الشمس يوم الثاني عشر من ذي الحجة في منى، ثم ترك منى بعد أن رمى الجمرات بعد الزوال؛ فلا يجوز له ذلك؛ لأنه لابد له أن يبيت بمنى، لكن إن رمى وتعجل فعليه أن يرحل من منى قبل غروب الشمس.
كذلك: لو أن رجلاً جاء من عرفة إلى المزدلفة، لكن لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الفجر، يعني: أنه لم يبت في مزدلفة، فليس عليه شيء؛ لأن الذي عاقه عن الوصول إلى مزدلفة مبكراً هو الزحام، والله يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج:78]، وقال: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
وآخر: طاف للإفاضة من داخل حجر إسماعيل، ثم عاد إلى بلده، ثم سأل فقال: طفت من داخل الحجر شوطاً أو شوطين، فما حكم ذلك؟ نقول له: إن طفت طواف الوداع من دخل حجر إسماعيل يلزمك دم، وإن كان الطواف للقدوم فكذلك يلزمك دم، وإن كان الطواف تطوعاً فليس عليك شيء، وإن كان الطواف للإفاضة فيلزمك أن تعود لتطوف ثم تذبح فدية؛ لأنك ربما قد جامعت زوجتك؛ ولأن طواف الإفاضة ركن لا يجبره دم.
كذلك لابد أن يعرف الحاج أنه بعد الإحرام يلزمه أن يجتنب محظورات الإحرام، فلا يتطيب، ولا يأخذ من أظفاره، ولا يغطي رأسه، فإذا أراد أن ينام بالبطانية فلا يضعها فوق رأسه، أو كما يفعل بعض الجهلة فيضع منديلاً فوق رأسه، فإن ارتكب أحد محظورات الإحرام لزمه الفدية، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فإن لم يستطع فليطعم ستة مساكين.
وأما النظارة الشمسية فليس فيها شيء؛ لأنه ثبت أن من السلف من كان يضع فوق رأسه شيئاً يحتمي به من حرارة الشمس.
وتعجب عندما تسمع فتوى لبعض العلماء يقول فيها بجواز ذبح الهدي قبل يوم النحر! ومعلوم أن الذبح يكون يوم عشرة، وهو من أعمال يوم النحر (اليوم العاشر)، بالإضافة إلى رمي جمرة العقبة والحلق والطواف، وعليه فهي أربعة أعمال في يوم النحر: رمي فحلق فذبح فطواف، فإن قدم واحدة على الأخرى فلا حرج، أما أن يقدم أحدها إلى اليوم الذي قبل فلا، ويحصل بالطواف -طواف الإفاضة- التحلل الأكبر، ويحصل بالرمي والذبح التحلل الأصغر.
وهنا: لو أن رجلاً رمى جمرة العقبة ثم ذبح ثم حلق، ولم يطف للإفاضة، أي: أنه أخر الطواف إلى آخر ذي الحجة، وهذا لا مشكلة فيه، ولكنه جامع زوجته، فيلزمه دم (فدية شاة)، لكن إن جامع زوجته قبل التحلل الأصغر فيلزمه بدنة مع فساد الحج؛ لأن هناك فرقاً بين أنه قد تحلل تحللاً أصغر، وبين أنه لم يتحلل بعد.
وآخر: يريد أن ينيب في رمي الجمرات، فيلزم فيمن أنابه بعض الشروط: أن يكون قد رمى عن نفسه، وأن لا يستعمل أو يأخذ حجارة من الحوض ويرمي بها مرة أخرى، وإنما لابد أن يأتي بحصيات جديدة، فحصيات جمرة العقبة يجمعها من مزدلفة، وحصيات جمرات أيام التشريق يجمعها من منى.
وقد يحدث هناك عند رمي الجمرات بعض البدع، منها: رمي الجمرات بالأحذية أو الخشب! والذكر الجماعي وترديد التلبية بصوت جماعي، وكل ذلك ما أثر عن رسول الله ولا عن السلف، وإخواننا في أفريقيا قد يمسكون بكتاب أدعية الأشواط السبعة، فيرددون بصوت جماعي دعاء كل شوط، وكل مكان له كتاب ودعاء معين! وقد تعجب من بعض النساء عندما يستأجرن شاباً ليدعو لهن مقابل مبلغ من المال! لأنَّه كما قال عمر رضي الله عنه: الركب كثير والحج قليل، لأنك تجد العجب العجاب في فعل المناسك وفي ترك الواجبات أو الأركان، لذا لابد أن نجتهد معاً في محو هذا الجهل عند المسلمين.
حكم الزواج من فتاة رضعت أمها من أم الخاطب
الجواب: لا يجوز؛ لأنه خالها من الرضاعة، والله تعالى أعلم.
حكم من ترك أكثر من واجب في الحج
الجواب: يلزمه لكل واجب تركه فدية، فلو أنه ترك طواف الوداع والمبيت بمنى لزمه فديتان، والله تعالى أعلم.
حكم التكاسل عن أداء الواجب
الجواب: لا يجوز أن يتكاسل العبد عن أداء الواجب في العبادة، سواء في عبادة الحج أو غيرها، والحنابلة عندهم: أن من ترك واجباً متعمداً بطلت العبادة، فيقولون في كتاب العدة: من تعمد ألا يقول: رب اغفر لي بين السجدتين فصلاته باطلة؛ لأن قول: رب اغفر لي ثلاثاً واجب عندهم، ومن تعمد ترك التشهد الأوسط في الصلاة فصلاته باطلة، أما التحقيق العلمي: هل هو راجح أم مرجوح؛ فهذه مسألة أخرى، وإنما المقصود أن نبين خطورة الترك المتعمد للواجب في أي عبادة.
محل الاضطباع والرمل في الطواف
الجواب: لا يكون الاضطباع إلا في طواف القدوم أو طواف العمرة، وطواف القدوم للقارن والمفرد، وطواف العمرة للمتمتع، وكيفية الاضطباع: أن يكشف الحاج الكتف الأيمن عند بداية الطواف، ولا يكشفه قبل أن يشرع في الطواف، يعني: لا يكشفه من عند الإحرام؛ لأن من الخطأ أن يكشف عاتقه الأيمن من عند الإحرام، وعند السعي بين الصفا والمروة، وكذلك في عرفة ومنى! ويكون الاضطباع في السبعة الأشواط كلها، وأما الرمل فهو: إسراع المشي مع تقارب الخطى، ويكون في الثلاثة الأشواط الأولى من طواف القدوم أو طواف العمرة، أو عند السعي بين الصفا والمروة، لكن الآن يصعب على الحاج أو المعتمر أن يرمل لأنك لا تكاد تجد لقدمك موضعاً على الأرض لشدة الزحام، فأنت تمشي حسب استطاعتك، وأخيراً: ليس على المرأة اضطباع ولا رمل.
حكم الرمل لمن معه امرأة
الجواب: ليس عليك شيء؛ لأن الفتوى تقول: تابع الضعيف ضعيف، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد رخص للضعفاء بأن يتركوا مزدلفة بعد منتصف الليل، أي: بعد الساعة الثانية، فيذهبون إلى منى ولا ينتظرون إلى الفجر في مزدلفة، وعليه فمن كان معه ضعيف فليخرج معه، وذلك على اعتبار أن تابع الضعيف ضعيف، فيأخذ ذات الحكم.
حكم زيارة مسجد قباء ومقبرة البقيع.. وغيرها من المواطن، وحكم التكلف في أداء بعض المشاعر التي يحول دونها الزحام
الجواب: تجد بعض المسلمين في الحج يحرصون على الذهاب إلى المزارات! وهذه المزارات هي: مسجد قباء، ومقبرة البقيع، وشهداء أحد، ومسجد القبلتين وغيرهما، وكل هذا ما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا مسجد قباء ففيه حديث صحيح، والبقيع بجوار المسجد النبوي، وما سوى ذلك فلا، كصعود جبل الرحمة يوم عرفة، فتجد القتال عليه من المسلمين! مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صعد هذا الجبل وما أمر بصعوده، ولذا فليس من السنة أبداً أن نفعل هذا، كذلك يظن البعض أنه لابد أن تكون الركعتان بعد الطواف خلف مقام إبراهيم حتى في وقت الزحام، مع أن فتوى اللجنة الدائمة تقول: إن الحرم كله مقام في حال الزحام، لأنه لا يمكن أن يصلي كل الطائفين خلف المقام، وأيضاً: القتال الشديد على تقبيل الحجر الأسود، فهذه أمور ينبغي أن نوضحها للناس حتى يكون حجهم مقبولاً.
حكم من أتى بعمرة في أشهر الحج ثم عاد إلى عمله وحج مفرداً بعد ذلك
الجواب: عليه هدي؛ لأنه أوقع العمرة في أشهر الحج ولم يغادر السعودية، لكن لو أنه غادر السعودية إلى مصر مثلاً، ثم خرج من مصر حاجاً مفرداً فليس عليه دم.
وكذلك: لو أن رجلاً مدرساً من مصر -مثلاً- جاء له عقد عمل في جدة، فتوجه إلى جدة وما أراد عمرة ولا حجاً، ثم بعد أن وصل إلى جدة بدا له أن يعتمر، فهل عليه فدية لتركه الإحرام من الميقات؟ ليس عليه شيء؛ لأنه قصد جدة ولم يقصد مكة، ولم ينو عمرة ولا حجاً، بخلاف الذي خرج من بلده وهو قاصد، والله تعالى أعلم.
حكم من نسي ملابس الإحرام
الجواب: له أن يعمل الآتي: إما أن يأخذ ثوباً أبيض فيجعل منه إزاراً، وآخر يجعل منه رداء حتى يجد إحراماً، وهذا لا حرج فيه؛ لأن المقصود بالمخيط: هو ما يخيط على أعضاء الجسد، فإن أخذ قميصاً ووضعه إزاراً، والآخر رداءً فلا حرج كما قلنا، وهذا الأمر الأول، وإلا فله أن ينظر في أهل الباخرة لعله يجد مع أحدهم ملابس للإحرام فيحرم بها، لكن لو تعسر عليه تماماً فله أن يحرم من الميقات بملابسه، وإذا نزل إلى جدة خلع الملابس ولبس ملابس الإحرام وعليه دم؛ لأنه أحرم بعد الميقات.
حكم من اعتمر في رمضان ثم حج مفرداً في أشهر الحج
الجواب: ليس عليه هدي؛ لأنه أوقع العمرة في رمضان ولم يوقعها في أشهر الحج، إذا أوقعها في أشهر الحج لزمه هدي؛ لأنه في مكة لم يخرج منها.
شروط الهدي أو الفدية
الجواب: شروط الهدي أو الفدية هي شروط الأضحية، وشروط الأضحية هي: أولاً: بالنسبة للسن: في الضأن لا تقل عن ستة أشهر، وفي الماعز سنة، في البقر سنتين، وفي الإبل خمس سنوات.
ثانياً: العوراء البين عورها، ومن باب أولى العمياء.
ثالثاً: العرجاء البين عرجها.
رابعاً: التولاء، وهي: التي تدور في المرعى ولا ترعى، والهتماء والجرباء ثم العضباء، وهي التي كسر أحد قرنيها.
وتجزئ البدنة أو البقرة عن سبعة أشخاص.
حكم الحج من المال الذي يودع في البنك مقابل فوائد
الجواب: يحجون والإثم على صاحب المال، لأن أصل المال حلال، والفوائد حرام، لأنها ربا، فهم يبنون على الحل، لتعذر الفصل بين الحلال والحرام، وهذه فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية : إن تعذر الفصل يبنى على الحل، والله تعالى أعلم.
حكم الجمع بين النذر والأضحية
الجواب: لا يجوز الجمع بينهما، لأن النذر واجب والأضحية سنة، ولا يجوز الأكل من النذر، ويجوز الأكل من الأضحية، فهذه نسك وتلك نسك، والله تعالى أعلم.
حكم إخراج النذر من غير ما نذر به
الجواب: لا يجوز، لابد أن يفي بما نذر به؛ لأنه هو الذي ألزم نفسه بذلك، لكن إن ارتقى إلى الأفضل فلا بأس بذلك، والله تعالى أعلم.
حكم نذر العقيقة
الجواب: أصبحت العقيقة في حقه واجبة، فيلزمه أن يعق، ولا يجوز له أن يأكل منها هو ولا أهل بيته، والله تعالى أعلم.
حكم لبس الجزمة للمحرم
الجواب: إذا كان الحذاء تحت الكعبين فلا شيء عليه، للحديث عند البخاري ، والله تعالى أعلم.
بيان أن البدنة هي البعير
الجواب: نعم.
حكم طواف الوداع للمعتمر
الجواب: ليس على المعتمر طواف وداع، وهذا رأي جمهور العلماء، والله تعالى أعلم.
حكم من جمع بين عمرة عن نفسه وحجة عن غيره
الجواب: إذا خرج من بلده في أشهر الحج فله أن يلبي بعمرة عن نفسه: لبيك عمرة عن نفسي، ثم يظل في مكة إلى اليوم الثامن (يوم التروية)، ثم يحرم ملبياً بالحج عن أبيه: لبيك حجة عن أبي، وعليه هدي؛ لأنه أوقع العمرة في أشهر الحج، حتى وإن اختلفت النية، وهذه فتوى اللجنة الدائمة، والله تعالى أعلم.
حكم من عاد إلى بلده ولم يطف طواف الإفاضة بعد
الجواب: عليها أن ترحل إلى السعودية لتطوف طواف الإفاضة، ثم يلزمها فدية إن جامعها زوجها، لأن طواف الإفاضة ركن، والأركان لابد من الإتيان بها، ولا يجبرها دم كالواجبات، ولذا فالمرأة قد تحللت التحلل الأصغر، ولم تتحلل التحلل الأكبر، وهذه فتوى اللجنة الدائمة، والله تعالى أعلم.
الفرق بين الإحرام والاستعداد له
الجواب: نعم، فهناك فرق بين الإحرام والاستعداد له، فلو أن رجلاً لبس ملابس الإحرام من المطار أو من بيته فلا حرج، لكن النية وانعقادها تكون من الميقات، وهو غير محاسب قبل الميقات، فلو لبس طاقية على رأسه وهو محرم قبل الميقات فلا شيء عليه، فيحاسب على المحظورات بعد الميقات، أما قبل الميقات فلا شيء عليه، والله تعالى أعلم.
حكم الجلاّلة
الجواب: البهيمة التي تأكل النجاسات تحبس مدة زمنية حتى تتطهر.
حكم توكيل الحاج غيره في ذبح الهدي
الجواب: نعم، فللإنسان أن يوكل غيره في ذبح الهدي عنه، وتوزيعه داخل الحرم، ويذبحه في أيام التشريق، ولا يؤخره إلى بعد أيام التشريق، والله تعالى أعلم.
حكم لبس الثياب البيض للمرأة في الحج
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تلبس الثوب الأبيض في الحج، لأن الرجل يلبس الأبيض فالمرأة مأمورة بأن تخالف، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى المرأة أن تلبس ملابس الرجل، حتى وإن كانت في اللون، ولذا لابد أن يفرق بين الرجال والنساء، وأفضل ملابس المرأة هي: الأسود أو الكحلي أو البني، ألوان داكنة وفيها وقار وحشمة، وسواء هذا في الحج أو في غير الحج، أيضاً: لا يجوز للمرأة أن تلبس الملابس ذات الألوان المزركشة التي تلفت الأنظار، والله تعالى أعلم.
حكم تغطية المرأة لوجهها في الحج
الجواب: قال صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)، فالمرأة المحرمة منهية عن لبس النقاب، فإن لبست النقاب وغطى الوجه ولامسه فعليها فدية، لذا ينبغي عليها أن تسدل، وفرق بين الإسدال والنقاب، فالإسدال: أن ترخي الشيء على وجهها دون أن يمس البشرة، لقول أمنا عائشة : كنا إذا خالطنا الرجال أسدلنا، والله تعالى أعلم.
حكم من أعطى أباه مالاً ليحج قبل أن يحج هو عن نفسه
الجواب: يحج عن نفسه، وأبوه غير مكلف فتسقط عنه الفريضة، لكن لو أسقط عن نفسه الفريضة ومعه مال آخر فلا حرج أن يعطي أباه، وأما إن كان الأب قد مات فينبغي عليه أن يحج عنه إن لم يكن قد حج عن نفسه، ومثله: من كان عنده سعة من المال فله أن يحج عن زوجته، وذلك من باب حسن العشرة فقط، وليس من باب الوجوب عليه، والله تعالى أعلم.
حكم النقاب إذا لامس وجه المرأة دون تعمد منها
الجواب: لا شيء عليها، لأنها غير متعمدة.