الالتجاء إلى الله


الحلقة مفرغة

الحمد لله لا مانع لعطائه ولا راد لقضائه، ولا كاشف لبلائه، هو في كل خير يرتجى، وإليه من كل شر المشتكى، وإليه الملتجأ، أحمده سبحانه وتعالى هو أهل الحمد والثناء، لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسه، فله الحمد على كل حال وفي كل آنٍ، نحمده على آلائه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحي ويميت، وهو على كل شيء قدير، دعانا إلى الطاعة والإيمان، وكره لنا الكفر والفسوق والعصيان، ووعدنا عند الاستجابة بالجنان، وتوعد عند المخالفة بعذاب النيران.

وأشهد أن محمداً عبده رسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أرسله كافة للناس أجمعين، وبعثه رحمة للعالمين, وختم به الأنبياء والمرسلين، وأشهد أنه عليه الصلاة والسلام قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ما من خير إلا وأرشدنا إليه، وما من شر إلا وحذرنا منه، فجزاه الله خير ما جازى نبياً عن أمته، ورزقنا جميعاً اتباع سنته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته، وصلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد:

فإن الالتجاء إلى الله وسيلة عظمى من وسائل مواجهة المصاعب، وعدة كبرى في مقابلة المصائب، وإن المؤمن الموصول بخالقه ومولاه يعلم أنه إذا أراد إنجاح أمر أو دفع ضر فلابد له من الرجوع إلى خالقه ومولاه، وإن هذه الحياة مليئة بالمصاعب والمصائب، وإن سنة الابتلاء في هذه الحياة الدنيا لأهل الإيمان ولأهل الصلاح والخير من بني الإسلام هي سنة ينبغي أن تقترن عند المؤمنين بصدق الالتجاء، وإخلاص الدعاء، والثقة برب الأرض والسماء، فإن الإنسان المسلم في هذه الحياة يواجه كثيراً من البلايا والرزايا بوصفه فرداً، ربما كان ذلك في نفسه وفي همه وغمه، وربما كان ذلك في رزقه وأثاثه وماله، وربما كان ذلك في بدنه وصحته وعافيته، وكذلك تواجه الأمة الإسلامية ألواناً شديدة من البلاء، وصروفاً عديدة من العناء، وهي كذلك تبتلى ليمحص الله سبحانه وتعالى الذين آمنوا ويمحق الكافرين، وليميز الخبيث من الطيب، ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه في جهنم جميعاً، فهذه سنة من الله سبحانه وتعالى ماضية.

ونرى اليوم ألواناً من المواجهات التي يواجه بها المسلمون ما يقدر الله عليهم من البلاء، وينسون كثيراً صدق الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، ويغفلون عن مفتاح الفرج وعن أسباب السعادة والهناء، وعن أسباب السلامة من الشقاء، ذلك أن الصلة بالله قد ضعفت، وأن الإيمان في القلوب قد تضعضع، وأن البعد عن الله قد مضى فيه كثير من الناس شوطاً بعيداً، فلم تعد عندهم حاسية المؤمن الذي لا تصيبه شوكة ولا يعترضه عارض من أمر يسير أو كبير إلا توجه إلى الله، وعلم أن في ذلك ابتلاءً من الله، وأن الفرج والنصر والعافية والصحة والرزق من الله، ونحن اليوم نرى في حياتنا الفردية وفي حياة أفراد المسلمين صوراً كثيرة من هذه الابتلاءات.

إنك -أخي المسلم- قد يركبك الهم، ويتضاعف عليك الغم، وتضيق نفسك، ويتحشرج صدرك بسبب بعض المشكلات والمعضلات، فاعلم -أخي المؤمن- أنه ليس لها من دون الله كاشفة، وكثير من الناس يمرون بظروف مادية صعبة، فأبواب الرزق في وجوههم موصدة، وأحوالهم المادية صعبة، وربما كانوا في شظف من العيش مع كثرة الاحتياج وقلة ذات اليد، فاعلم -أيضاً- أخي المؤمن يقيناً وواقعاً وسلوكاً ومنهجاً أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق، وأنه سبحانه وتعالى بيده إجراء النعم، وبيده لحكمة وابتلاء إمساكها، قال عز وجل: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا [فاطر:2]، فينبغي أن ندرك هذه الحقيقة، وأن نتعامل معها التعامل الإيماني؛ لأننا نرى الأمر أعظم في أحوال الأمة، فعندما نرى أحوال إخوان لنا في البوسنة والهرسك، أو في كشمير، أو في فلسطين، أو في الصومال أو هنا أو هناك نرى صوراً عجيبة من البلاء، ونرى صوراً شديدة من العناء، فينبغي أن تكون درساً عظيماً يسوق الأمة إلى خالقها، ويدفعها إلى الالتجاء إلى ربها؛ لأنه سبحانه وتعالى قد علمنا هذه الحقائق في القرآن الكريم، وتجسدت لنا حية ناطقة شاهدة بصدق هذا المنهج في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ [الأنعام:17]، وقال: وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107]، فلو استقرت هذه الحقيقة في قلب كل مؤمن ورسخت رسوخاً قوياً لما وجدنا ذلك التذمر الذي نسمعه من كثير من الألسنة، وذلك التبرم بالقضاء والقدر، وذلك الالتماس لتفريج الكربات بارتكاب المعاصي والمحرمات، فإذا ضاقت أسباب الرزق لجأ الناس إلى الرشوة، وإلى السرقة، وإلى استخدام الحرام وسيلة لكسب الأرزاق، فإن عورضوا في ذلك قالوا: سدت أمامنا الأبواب، وانقطعت الأرزاق. ونسوا أن الله سبحانه وتعالى هو الرازق وهو الوهاب، ونسوا أنهم بذلك يرتكبون ما يستوجبون به سخط الله سبحانه وتعالى، وكم تجد مضطراً قد وقعت به أو حلت به نازلة أو مصيبة يذهب شرقاً وغرباً، ويمر بهذا وذاك، ولا يلتفت قلبه، ولا يتأمل فكره في أن يرفع يديه إلى السماء، وأن يذرف دمعة تذلل وخضوع وتضرع لله سبحانه وتعالى القائل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62].

هكذا يعلمنا الله عز وجل أن هذا البلاء وأن هذه الأقدار تعظم صلتنا بالله، وتؤكد ثباتنا على طاعة الله وحرصنا على رضوان الله سبحانه وتعالى.

خلل كبير في مجتمعات المسلمين اليوم؛ لأنهم يلتمسون تفريج كرباتهم ومواجهة المصاعب التي تحل بهم أو تواجههم بأساليب وطرق ووسائل بعيدة عن الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى يقول: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام:40-41]، حتى الكافر والمشرك عندما يجد أن كل الأسباب انقطعت، وأن كل الأبواب انسدت تستيقظ فطرته، ويتحرك قلبه، ويعلم أنه ليس لها من دون الله كاشفة، فالكافر المشرك في اضطراره يرفع بصره إلى السماء، ويخفق قلبه بالتذلل والخضوع لله سبحانه وتعالى؛ لأن هذه فطرة إنسانية بشرية تنجلي عند هذه المصائب والمصاعب، فما بال المسلم وما بال فئام من أمة الإسلام تمر بهم المصائب والنكبات فما تسوقهم إلى الله، بل تزيدهم بعداً عن الله، وتزيدهم إعراضاً عن الله، وتزيدهم محاربة لله، فإذا ضاقت أبواب الرزق أخذوا الربا، وإذا ضاقت أبواب الرزق ارتكبوا الزنا، وفعلوا كل ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى؟! أفيكون حال الكافرين المضطرين خيراً من حال المسلمين فيما يقدر الله عليهم من البلاء؟!

يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن كل وسيلة وسبب بتقدير الله عز وجل، فإذا تعلق العبد بالأسباب على أنها مؤثرة بنفسها ونسي رب الأرباب ومسبب الأسباب لم يقع له قصده، ولم يحقق مراده؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد قال -كما في الحديث القدسي الشريف-: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) وقال سبحانه وتعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا [الإسراء:56]، فاذهبوا إلى شرق الأرض وغربها، والتمسوا النصرة من أعداء الله عز وجل كافرين مشَرِّقين أو مغَرِّبين فإنهم لا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً، فلن يتغير حالكم ما لم تغيروا حالكم مع الله، ولن يتغير وضعكم ما لم تعودوا وتئوبوا إلى الله، قال عز وجل: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلًا [الإسراء:56].

وقد قص الله عز وجل أنباء الأمم من قبلنا وبين لنا أحوالهم في مثل هذه الأمور التي تتكرر عبر الأيام والدهور، كما قال عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:42-43]، ألم نر في أحوال الأمة ما يصدق هذا الحال؟ فقد نزل بهم البلاء ليلتجئوا إلى الله عز وجل فزادوا إعراضاً، وغرهم الشيطان فارتموا في أحضانه، وتفرقوا في سبله، وركبوا مناهجه، وساروا في طرائقه إعراضاً عن الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ * ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الأعراف:94-95].

إن أحوال الأمة اليوم في أفرادها وفي بعض بيئاتها ومجتمعاتها تعتبر أي نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى منطوية في ثنايا تلك المحن وفي صور تلك النقم؛ لأن الأمة قد شردت بعيداً عن منهج الله، وغفلت كثيراً عن تذكر الله، فساق الله عز وجل لها هذه الأقدار، وقدر عليها هذه البلايا؛ حتى تئوب إلى رشدها، وترجع إلى ربها، وترتبط بخالقها، وذلك في أحوال الفرد وأحوال الأمة.

تذكر -أخي المسلم- حالك كم مرت بك من مشكلة، وكم واجهتك من معضلة، وانظر إلى ما فعلت فيها، هل اتقيت الله عز وجل في حلها؟ وهل تورعت عن أن يكون في سبيلك إلى دفع الضر عنك أذى لغيرك أو ارتكاب لحرام؟ وهل صدقت في التجائك إلى الله سبحانه وتعالى وأخلصت له وتذللت بين يديه، وعرفت ما سلف من تقصيرك، وما سبق من ارتكابك للمحرمات، فجعلت هذا البلاء تجديداً للولاء مع الله سبحانه وتعالى؟

إن الأحوال التي تمر بنا في هذه الأيام وفي هذه الأوقات تذكرنا دائماً بقضية المشكلات وقضية المعضلات التي تواجهنا، وكيف نتخلص منها أو نلتمس لها سبيل النجاة.

فانظر إلى هذه الأمثلة القرآنية التي تتنوع في شتى نواحي الحياة، فإن سدت عنك أبواب الرزق أو ضاقت عليك ذات اليد، أو انعدمت حيل التماس الأسباب فيما بين يديك فاستمع إلى قول الله جل وعلا: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ [النحل:53] أي: تتضرعون وتلتجئون وتدعون وتبكون حتى تعود لكم نعمه، وحتى تنصرف عنكم نقمه.

فكيف تلتمس بنعم الله وباستخدام نعم الله طريقاً إلى معصيته، أو ارتكاباً لما حرم سبحانه وتعالى؟! فإذا نزل بك المرض فارجع إلى الله عز وجل، وكم يعاني الناس اليوم من أمراض ما سمعنا بها في الأولين، وأهل التقدم العلمي التكنولوجي الذين يفاخرون ويطاولون ما وصلوا إلى معرفة سببها وكنهها، فضلاً عن أن يعرفوا علاجها ودواءها، وهي بلاء من الله لهذه البشرية لما أعرضت وجحدت وتنكرت وكفرت وأسرفت، وبلغت غاية لم تبلغها الجاهلية الأولى، فإذا مرضت وأخذت بالأسباب فلتكن الأسباب أسباباً، ولا تكن غايات؛ فإن بعض الناس إذا مرض اليوم ذهب إلى الطبيب وهو غير شاكٍ مطلقاً أن الشفاء بيد هذا الطبيب، وربما إذا لم يجد حلاً في ذلك أشار عليه بعض الناس إشارة تتضمن خطراً في مضمونها، ويقولون له: اذهب إلى فلان الطبيب؛ فإنه مجرب، وما من مريض إلا ويشفى على يديه. سبحان الله! فأين الله سبحانه وتعالى؟! وأين تعلقنا بالله؟! وأين صدق التجائنا إلى الله سبحانه وتعالى؟! أفما نرى في هذه الأمراض والأدواء عبراً؟! أفما نرى في فشل الطب في كثير من الأسباب صوراً من هذا العجز البشري الذي ينبغي أن يفتقر به الناس إلى رب الأرباب سبحانه وتعالى؟!

قال عز وجل: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ [الأنبياء:83-84]، إنها معادلة سهلة واضحة، وقع به الضر، ونزل به المرض وأقعده سنوات، فكان العلاج هو ذلك الالتجاء الصادق والدعاء الضارع والإخلاص الذي أظهره لربه ومولاه، والأدب الذي تكلم به: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83]، فاستنزل الرحمة من السماء، ورُفِعَ -بإذن الله عز وجل- البلاء، فهذا هو طريق الشفاء.

وفي أمر النفس وما يعتريها من الضيق والكرب لمخالفة الناس أو لاستهزائهم، أو لبعض ما يواجهون به الإنسان من المشاكل والعراقيل يقص الله عز وجل علينا قصة يونس عليه السلام: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:87-88]، هذا هو الطريق فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، إنه اعتراف وتذلل وخضوع، ودعاء وابتهال والتجاء، فكانت العاقبة: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88].

وما أكثر الظلم في هذه الأعصر! وما أكثر المظلومين المقهورين الذين لا يجدون من ينتصف لهم، ولا من يرد عنهم الظلم، ولا من يأخذ لهم حقهم! فينبغي أن لا ينسوا الحكم العدل سبحانه وتعالى، وينبغي أن لا ينسوا قاصر القياصرة، وكاسر الكياسرة، ومغرق فرعون، ألا وهو الله سبحانه وتعالى جبار السماوات والأرض، فليستنصروا بالله على من ظلمهم، وليستنصروا بالله على من قهرهم، فقد قص الله علينا قصة نوح عليه السلام فقال عنه: فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ * تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [القمر:10-14]، هكذا جاءت الاستجابة لما كان العبد على منهج الله، وصدق في التجائه إلى الله سبحانه وتعالى.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ لما بعثه إلى اليمن: (واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) ففي أيدينا سهام نافذة وأسلحة فتاكة نغفل عنها، ونلتمس الذلة والدنية في ديننا، فربما ظلمنا ظالم فتنازلنا لأجل مفاداة ظلمه عن ديننا، أو عن أخلاقنا، أو عن بعض شرفنا وكراماتنا، فأين استعلاؤنا بالإيمان؟! وأين شموخنا بالإسلام؟! وأين ثباتنا على الحق؟! وأين التجاؤنا إلى الله سبحانه وتعالى؟!

وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليملي للظالم -أي: يمهله- حتى إذا أخذه لم يفلته. ثم تلا قوله عز وجل: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]).

أفنحن في شك من آيات ربنا ومن أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم؟! ولذلك تنوعت هذه الأسباب، وإذا جاء القهر فهذا هو الطريق، وإذا أرادت الأمة النصر فهذا هو الطريق: حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ [يوسف:110].

كذلك يرسم الله عز وجل لنا الفرج والنجاة في كل الأحوال التي تمر بنا من ضيق في الصدر، أو قلة في الرزق، أو بلاء في البدن، أو قهر في المعاملة، أو ظلم في المواجهة، أو هزيمة في المعركة، كل ذلك يدفع -بإذن الله- بصدق الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.

فاللهم! إنا نسألك أن ترزقنا كمال الإخلاص لك، وصدق الالتجاء إليك، وعظمة التوكل عليك، وكبر الثقة بك يا رب العالمين.

أخي الكريم! أوصيك ونفسي الخاطئة بتقوى الله؛ فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، وإن من أعظم التقوى ملازمتها والثبات عليها في حال السراء والضراء، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لـمعاذ :(اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، فينبغي أن نبقى على الصلة بالله، وعلى الطاعة لله، وعلى ابتغاء رضوان الله، حتى إذا جاءتنا المحن ومرت بنا الفتن ينبغي أن تزداد صلتنا بالله، لا أن تخرجنا هذه الفتن أو تلك المحن عن منهج الله سبحانه وتعالى، فنلتمس النجاة بعيداً عن طاعة الله، فإن ذلك أمر لا يمكن أن يأتي بالنجاة، كما قال الشاعر:

تبغي النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس

فمن أخذ طريقاً غير طريق الله فإن مغبته ونهايته في الدنيا قبل الآخرة سيئة، وإن آخرته -والعياذ بالله- شر من دنياه؛ لأنه نسي خالقه وربه ومولاه الذي قدر عليه البلاء ليدفعه إلى صدق الالتجاء ويوجهه إلى إخلاص الدعاء حتى يفرج عنه كربه ويزيل غمه ويوسع رزقه ويرفع عنه مرضه، فإنه سبحانه وتعالى بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع، فينبغي أن نوقن بذلك حقيقة، وأن تتعلق به القلوب صدقاً، وأن يمارس في واقع الحياة سلوكاً.

نقول ذلك لأن كثيراً من الأسباب المادية قد قضت حكمة الله عز وجل أن تعطل أو تكون ضعيفة هزيلة حتى تعود الأمة عودة صادقة إلى الله سبحانه وتعالى.

فلنتذكر في أحوالنا الفردية ماذا نصنع إذا مرت بنا ضائقة مالية، أو حلت بنا مشكلة مرضية، أو وقعت لنا مشكلة نفسية، فهل نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى أو لا؟ وهل نؤخذ بالأسباب؟ وهل نحن نوقن أننا نبتغي بهذه الأسباب فعل ما يرضي الله سبحانه وتعالى، ونرجو منه جل وعلا أن يجعل للأسباب تأثيرها؟ فهل نحن عن ذلك غافلون أم له متذكرون وبه عاملون؟

إن كثيراً من أحوالنا التي تمر بنا تشهد أننا غافلون، فكم يمر بنا كثير من ذلك، ونسمع كثيراً من الأقاويل، ونرى كثيراً من الأفعال، ويروج ذلك ربما في بعض الصور الإعلامية ونحن في غفلة، وإذا سئل أحدنا قال: إنه لم يكن إمامي طريق إلا هذا، ولم أجد سبيلاً إلا فعل هذا، فكيف يمكن أن أحل هذه المشكلة؟ وكيف يمكن أن أبعد هذه الضائقة؟! ونحن قد أشرنا من قبل إلى إن ارتكاب الحرام إن فرج هماً أو وسع ضائقة فذلك ظاهر، ولكن يبقى بعد ذلك في القلب سواد وظلمة، ويبقى في الصدر ضيق وحشرجة، ويبقى في النفس قلق واضطراب، ويبقى في الفكر تشويش وتضليل، ويبقى من بعد ذلك خاتمة سيئة، نسأل الله عز وجل السلامة.

فالالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى هو قدر هذه الأمة يسوقها الله سبحانه وتعالى إليه، نقول هذا لإخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وفي الشيشان، وفي فلسطين، وفي كشمير، وفي غيرها من البقاع؛ فإنهم قد انقطعت بهم السبل، وتخلى عنهم العالم شرقه وغربه، وتنكرت لهم مواثيق العدل الزائفة، وتخلت عنهم أنظمة العالم الجائرة، ومع ذلك كان ذلك فيه خير لهم، فليلتجئوا إلى ربهم، وليعلموا أنه إن سدت أبواب الأرض فقد فتحت أبواب السماء، وإن تخلى أهل الأرض فإن الله سبحانه وتعالى قد وعد بالنصر لمن نصره، كما قال عز وجل: إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

إن إخواننا في فلسطين وهم يواجهون ظلم اليهود وإجرامهم وتعديهم على أراضيهم وانتهاكهم لأعراضهم، وما يعانيه إخواننا في البوسنة والهرسك من معتقلات واعتقالات وقتل وتشريد، وانتهاك أعراض وغير ذلك من الفظائع والمصاعب الكبرى إنما ذلك سوق للمسلمين ليلتجئوا إلى الله سبحانه وتعالى، ويتضرعوا إليه، ويخبتوا إليه، ويعودوا إلى حسن الصلة به، وإلى تمام الاستقامة على منهجه، ولعل ما يحصل في العالم اليوم على مستوى الأمة الإسلامية هو نوع من المخاض والابتلاء الشديد الذي تدرك فيه الحقائق واضحة، وتتجلى أمامها الموازين على حقيقتها من غير زيف ولا بهرج حتى توقن بالحق الذي علمها الله إياه، والآيات التي جعلها الله عز وجل قرآناً يتلى إلى قيام الساعة، فغفلنا عنها، وضيعتها الأمة في واقع حياتها، لعل هذه الأحداث تكون سائقة لجميع الأمة الإسلامية أفراداً ومجتمعات ودولاً وأمماً إلى الله سبحانه وتعالى.

أدعوك يا رب مضطراً على ثقة بما وعدت كما المضطر يدعوك

أدرك بعفوك عبداً لم يزل أبداً في كل حال من الأحوال يرجوك

فإخواننا في تلك البلاد عجزنا نحن وعجز غيرنا عن نصرتهم، وتخاذل عنهم الأعداء الحقيقيون المدعون للعدالة المزيفون للحقائق، فهنا لجئوا إلى الله سبحانه وتعالى فأنزل عليهم فرجاً من عنده، وربما كان هذا الفرج غير ظاهر، لكنه في حقيقته حاصل، ولو تأملت في واقعهم وفي حالهم وفيما انتهت إليه أحوالهم لرأيت في ذلك خيراً كثيراً، فقد ملئوا المساجد، وتحجبت النساء، وكثر الدعاء، وصدقوا الإخلاص لله عز وجل، ولكن لكل أمر ثمن، ولكل قدر حكمة، فينبغي أن نؤمن بقضاء الله وقدره، وأن نثق بقوة الله ونصره، وأن نكون على يقين أن العاقبة للمتقين، ينبغي أن نوقن بذلك، وأن يكون ذلك ظاهراً في تصرفاتنا؛ لأننا نرى كثيراً من الناس كلما مرت بهم مشكلات عادية من مشكلات الحياة اليومية تصرفوا تصرفات لا يمكن أن تكون هي التصرفات الإسلامية المطلوبة، والمطلوب من المسلمين جميعاً -خاصة عند الأزمات- أن يجعلوا أملهم في الله تعالى، وأن يصدقوا ربهم لأن يلتجئوا إليه، وأن يتقربوا إليه بأنواع القربات، كقيام الليل، والصدقة، والدعاء، وصلة الرحم، والإكثار من نوافل الصوم خاصة الأيام الفاضلة كيوم عرفة الذي يكفر الله تعالى بصيامه سنة ماضية وسنة لاحقة، وكذلك صيام شهر الله المحرم، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم :- (أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)، فهذا الشهر فيه من الفضائل والأعمال الفاضلة الخير الكثير، ففيه الصيام، وفيه صيام تاسوعاء وعاشوراء أو ما بعده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه لما قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فلما سأل عن ذلك قالوا: يوم نجا فيه الله عز وجل موسى عليه السلام. فقال النبي صلى الله عليه وسلم (نحن أحق بموسى منهم، خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله ويوماً بعده) وفي رواية: (صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)، فالكمال صيام التاسع والعاشر والحادي عشر، والوسط صيام العاشر وقبله يوم أو بعده يوم، ولو أفرد العاشر لعذر أو لحاجة فإنه لا حرج في ذلك، لكنه يكون قد خالف السنة، فإن كان ذلك لاضطرار فلا حرج إن شاء الله تعالى.

نسأل الله عز وجل أن يوفقنا للصالحات، وأن يجعلنا من المسارعين إلى الخيرات والمسابقين إلى جنة عرضها الأرض والسموات.

اللهم! إنا نسألك أن تردنا إلى دينك رداً جميلاً.

اللهم! خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب، ووفقنا لما تحب وترضى.

اللهم! اهدنا، واهد بنا، واجعلنا هداة مهديين.

اللهم! أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم! تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا.

اللهم! اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راضٍ عنا.

اللهم! ثبت لنا على طريق الحق الأقدام، وأحسن بالصالحات الختام برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم! أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم! من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء، ومن أرادنا وأراد المسلمين بخير فوفقه لكل خير يا رب العالمين.

اللهم! عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك.

اللهم! رد كيدهم في نحورهم، واجعل بأسهم بينهم، ودمر قوتهم وخالف كلمتهم، واستأصل شأفتهم.

اللهم! لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفهم آية، يا قوي يا عزيز يا منتقم يا جبار.

اللهم! أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، يا قوي يا عزيز يا متين.

اللهم! إنا نسألك رحمتك ولطفك بعبادك المؤمنين المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، والثكالى واليتامى في كل مكان يا رب العالمين.

اللهم! إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جائعون فأطعمهم، خائفون فأمنهم، مشردون فأسكنهم.

اللهم! امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم، اللهم! عجل لهم فرجهم، وفرج همهم، ونفس كربهم، وقرب نصرهم، وادحر عدوهم يا رب العالمين.

اللهم! اجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم! اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم! أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم! اجعل عمل ولاتنا في هداك، ووفقهم لرضاك، وارزقهم بطانة صالحة تحضهم على الخير وتحثهم عليه، وتمنعهم عن المنكر وتردعهم عنه يا رب العالمين.

اللهم! إنا نسألك أن توفقنا لما تحب وترضى يا رب العالمين.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح - عنوان الحلقة اسٌتمع
رمضان ضيفنا المنتظر 2907 استماع
المرأة بين الحرية والعبودية 2729 استماع
فاطمة الزهراء 2694 استماع
الكلمة مسئوليتها وفاعليتها 2627 استماع
المرأة والدعوة [1] 2541 استماع
عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم 2533 استماع
غزوة أحد مواقف وصور 2533 استماع
قراءة في دفاتر المذعورين 2485 استماع
خطبة عيد الفطر 2467 استماع
التوبة آثار وآفاق 2448 استماع