خطب ومحاضرات
الخوف من الإسلام القادم
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، نحمده سبحانه وتعالى على آلائه ونعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى؛ فهو جل وعلا أهل الحمد والثناء، فله الحمد في الأولى والآخرة.
ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن العنوان لهذا اللقاء الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا فيه التوفيق والسداد، وأن يكتب لنا منه الأجر والثواب، وأن يخرجنا منه بالنفع والفائدة هو: (التخوف من الإسلام القادم).
وبادئ ذي بدء نحب أن ندخل إلى الموضوع من خلال أهميته والحاجة إلى تسليط الضوء عليه، وذلك من مبدأ ظاهر وواضح وبين، وهو أن الخوف: رد فعل طبعي بالنسبة للإنسان، وهو في نفس الوقت يشكل أول مرحلة من مراحل المواجهة؛ ولذلك من كلام العرب أنهم يقولون: من خاف سلم، ومن خاف نجا؛ لأن هذا الخوف هو أول خط من خطوط الإنذار التي تبدأ تشحذ القوى الموجودة عند الإنسان، فيبدأ عند الشعور بالخطر بالدارسة والتحليل، ثم أيضاً يبدأ بشحذ القوى نحو التوقع والدراسات المستقبلية، ثم بعد ذلك يبدأ في وضع الخطوات العملية المكافئة والمناسبة.
فإن الإنسان إذا لم يكن يدرك الخطر، ولم يستشعر الضرر فإنه لا يكون عنده أي حافز ولا أي توجه للقيام بأية صورة عملية في أي ميدان من الميادين، ومن هنا تكمن أهمية التتبع أو الرصد لظاهرة التخوف من الإسلام؛ لأن هذا الرصد سيوقفنا على طبيعة النقاط والموضوعات المحددة والمعينة لهذا التخوف؛ لأننا في آخر الأمر سنرى أن هناك تخوفاً، لكنه إذا لم يُدرك فلن تُعرف القنوات والخطوط الأساسية الباعثة له، وإذا عرفنا هذا سنعلم أن هذه القنوات التي شكلت هذا التخوف هي المزايا التي ينبغي أن نحرص عليها.
وسيظهر لنا أيضاً من الدراسة لهذه الظاهرة الأمور الثانوية التي لا تشكل خطراً على الأعداء، فنعرف أنها لا تحتاج منا إلى جهد كبير، وسنرى أن بعضها ربما يحتاج إلى أن نلغيه من صفوفنا؛ لأننا نجده بعد دراسة هذه الظاهرة موضعاً لرغبة العدو المواجه لنا في أن يكرس هذه الجوانب التي لا يخشى منها.
ومن هنا أحب أن أقول في البداية: إن التخوف هو في حد ذاته أول خطوة نشأت عنها كثير من الخطوات، ومن هنا نحتاج أن نعرف الطريق من أوله، والسلسلة من بدايتها.
ظاهرة تخوف الكفار من الإسلام سنقف معها وقفات موجزة، ونذكر بالقليل الذي يذكر بالكثير الذي يمكن أن يرجع إليه وأن يحال عليه؛ ذلك أن هناك صيحات لهذا التخوف ليست وليدة اليوم، بل هي قديمة، ثم هي صيحات من هذا الإسلام القادم من دياره، وكذلك صيحات تخوف من هذا الإسلام في خارج دياره.
وينتقل الأمر من بعد الصيحات إلى صور عملية تدل على هذا التخوف. ونشير إلى المحاور المركزية لهذا التخوف، والأسباب العملية له:
نحن نعرف تماماً أن هذا التخوف منشأه ومحوره الأساسي هو: الصراع العقائدي الذي هو جوهر الصراع بين الحق والباطل منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى هذه الخليقة، وبعث فيها الرسل والأنبياء.
ومن هنا فإننا نجد أن هذه الصيحات من التخوف من الإسلام قديمة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومروراً بالتاريخ كله نجد أنها ظاهرة ملازمة في كل موضع يتقارب أو يتعاظم فيه دور الإسلام، وقيام مؤسسات أو حكومات بتطبيقات متكاملة له.
منذ أن بزغ فجر الرسالة المحمدية بدأ التخوف، وأضرب لذلك مثالاً ذكره ابن كثير في تاريخه: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وصل إلى قباء، وقبل أن يدخل المدينة ذهب حيي بن أخطب زعيم اليهود وأخ له يقال له: أبو ياسر لاستكشاف الخبر، فذهبا ثم عادا إلى مكانهما كالين تعبين، على ظهورهما كأمثال الجبال من الهموم، فقال أبو ياسر لأخيه: أهو هو؟ -يعني: أهو محمد المذكور خبره؟- قال: نعم، قال: فمالك عنده؟ قال: عداوته ما بقيت!
وهذا يدلنا على أن الإنذار المبكر كان بمجرد معرفة الإسلام الصادق الصحيح الذي هو تصور كامل لهذا الوجود، والذي هو تشريع كامل يتناول ميادين الحياة، والذي هو تطبيق عملي يتجاوز مجرد الشعارات والنداءات، فبمجرد وجود هذه الظاهرة يبدأ التخوف، وهذا هو السر في الذي يحصل منذ بدايات هذا القرن، حتى في أوج التفوق الاستعماري الغربي الصهيوني، فإن الذين كانوا من زعمائه كانوا من البداية يرون أن التفوق لهذه الأنظمة أو لهذه العقائد ينبغي ألا يجعلها غافلة عن حقيقة الخطر الذي يتهددها، والكامن في طبيعة وحقيقة هذا الدين حينما تتضح لحملته ولأبنائه، ثم يحصل التفاعل بين هذه الحقيقة وبين حامليها وأبنائها مهما كانوا قلة، ومهما كانت إمكاناتهم محدودة، ومنذ بدايات هذا القرن وحينما دخل النصارى واليهود إلى ديار الإسلام بقواهم العسكرية وغزواتهم الفكرية وهم ينبهون على هذا الخطر.
الوقفة التي نقف عندها الآن: الصيحات القريبة العهد لهذا التخوف حتى نبدأ بنوع من التتبع أو الحصر اليسير لها.
هناك صيحات كثيرة تنبئ عن التخوف من هذا الإسلام في دياره وبين أبنائه، وجعله ليس فقط خطراً يتهدد الأوضاع القائمة في تلك الديار، ولا حتى الأعداء التقليديين أو الظاهرين لهذا الإسلام، بل تتوسع الدائرة أكثر من ذلك، ومن هذه النماذج:
مقال لصحفية يهودية اسمها روس كرس تقول فيه: إن قادة الحركة الإسلامية يحاولون إقناع العرب بأنهم أسمى الشعوب على وجه البسيطة، وأن الإسلام هو خير الأديان جميعاً، وأفضل قانون تحيا عليه شعوب الأرض كلها.
ثم تتابع قائلة: والآن وقد أصبح قادة الحركة الإسلامية ينادون بالاستعداد للمعركة الفاصلة التي توجه ضد التدخل المادي للولايات المتحدة في شئون الشرق الأوسط، أصبحوا يطلبون من كل مسلم ألا يتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فقد حان الوقت لكي يعرف الشعب الأمريكي أي حركة خطرة هي هذه الحركة الإسلامية!
وهذه وقفة مع تعليق لراديو إسرائيل في إحدى نشراته في أواخر السبعينات:
يقول المعلق: إن عودة الروح الدينية للظهور من جديد في المنطقة يشكل تهديداً مباشراً لمستقبل إسرائيل، ومستقبل الحضارة الغربية بأسرها!
وحينما يقف الإنسان وقفة بسيطة يرى كم هو التضخيم في نظرنا على أقل تقدير بين الظاهرة الموجودة وحجم ما هو مطروح لها، فبضعة أفراد من المسلمين يشكلون أقلية في مجتمعاتهم، ومحدودة إمكاناتهم، ومع هذا نجد أعداءنا يقولون: إنهم لا يشكلون خطراً فقط على دولة، ولا على قوى عظمى، بل إنهم يشكلون الخطر على العالم أجمع على اختلاف ملله ودياناته ومذاهبه ومبادئه.
أيضاً: نقلت إذاعة إسرائيل في (5/ 11/ 1980م) عن رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز قوله: إن سياسة الولايات المتحدة في عهد ريغن تتسم باتخاذ إجراءات عنيفة ضد الجماعات المتطرفة في المنطقة.
فتصور كيف القوى العظمى في العالم تواجه هذه الجماعات أو التجمعات بإجراءات عنيفة، وهي مهما أوتيت من بعض الملكات أو الإمكانات لا تعدو شيئاً من الناحية المادية أمام القوى المواجهة سياسياً وإعلامياً وعسكرياً ودولياً.
ونجد أن القضية ذات بعد تأصيلي، وليست ذات صورة هلامية، كما يظهر ذلك أيضاً في كلام لخبيرة سياسية أمريكية اسمها روبن رايت حيث تقول: إن على الغرب أن يدرك أن الإسلام أعجز الغرب كله على اختلاف حكوماته وقواته، وتقول: إن على الغرب أن يدرك أنه أعجز من أن يواجه هذه الصحوة مواجهة عسكرية، وأن من الأفضل أن يسالم الغرب الإسلام.
ويقول جميس بل أستاذ العلوم السياسية: إنه يتنبأ أنه خلال الأربعين سنة القادمة سوف يكون الإسلام الجماهيري قوة أديولوجية في العالم.
وهذا أيضاً يبين لنا أن القضية عندهم واسعة المدى بشكل كبير.
ويقول ألبير شبمور في كتابه حمراء غرناطة -والكلام ليس ببعيد، ولكنه ليس بقريب كثيراً-: هذا العربي الشجاع استطاع أن يغزو نصف العالم، وترك لنا في حمراء غرناطة آثار فخاره، إن هذا العربي الذي نام نوماً عميقاً مئات السنين قد استيقظ، وأخذ ينادي العالم هأنا لم أمت، ومن يدري قد يعود اليوم الذي تصبح فيه بلاد الفرنج مهددة بالعرب المسلمين مرة ثانية في الوقت المناسب والزمن المناسب، سيحطمون الغرب عدوهم الأبدي.
وهؤلاء القوم نعرف أنهم إلى حد ما لا يتكلمون من فراغ.
ثم يقول: لست أدعي النبوة، ولكن الأبحاث تدل على ذلك، والأمارات الدالة على هذه الاحتمالات كثيرة جداً.
إذاً: القضية مبنية على دراسة، ثم يؤكد على خطورة الأمر بالنسبة له ويقول: أبيدوا هذه الأشباح التي تنتظر البعث، أسكتوها إلى الأبد!
فهو يرى أنه ليست هناك طريقة إلا الوأد الخفي قبل أن يولد المولود ويستهل صارخاً، ثم يغدو فتىً يافعاً، ومن بعد ذلك يمارس دوره في هذه الحياة.
فهذه صيحات تحذر من الإسلام بشكل عام ضد الحضارة الغربية كلها على اختلاف حكوماتها وقواتها.
قضية التحذير من الإسلام ليست فقط في دائرة الغرب، وإنما التحذير من الخطر الإسلامي قوي جداً حتى في شرق العالم، وبالذات في الاتحاد السوفيتي الذي انتهى أمره إلى ماهو معلوم، وليست القضية جديدة مع الأحداث الأخيرة، وإن كانت ظهرت بشكل أوضح.
ففي مجلة جوش كروكنل - وهي من الصحف اليهودية الواسعة الانتشار- في مقال لها ذكرت الخطر، وأنه يعم كل العالم حتى المعسكر الشرقي الروسي في ذلك الوقت، إنه لا العالم الغربي ولا الاتحاد السوفيتي يستطيعان أن يرقبا بهدوء هذه اليقظة الإسلامية التي لو أسيئ استعمالها من قبل الجماعات المتعصبة لنتج عن ذلك ليس هلاك إسرائيل وإنما زعزعة استقرار جزء كبير من العالم، ولن تسلم من ذلك لا الحضارة الغربية ولا الحضارة الشيوعية.
ويقول السفير اليهودي في الأمم المتحدة: إننا نشهد اليوم ظاهرةً غريبة ومثيرة للاهتمام، وتحمل في ثناياها الشر للمجتمع الغربي بأسره، وهذه الظاهرة هي عودة الحركات الإسلامية التي تعتبر نفسها عدوةً طبيعية لكل ما هو غربي، وتعتبر التعصب ضد اليهود بشكل خاص وضد الأفكار الأخرى بشكل عام فريضة مقدسة.
وجاء في مجلة (نيوز ويك) نقلاً عن راديو إسرائيل: إن منطقة آسيا الوسطى أصبحت منطقة قد يحولها الملتزمون المسلمون إلى برميل بارود قابل للانفجار، وإن نزاعات القوة التي تجري في أفغانستان في الوقت الراهن تساعد في صب الزيت على الانبعاث الإسلامي في صفوف مسلمي الجمهوريات الإسلامية السوفيتية البالغ عددهم خمسين مليون نسمة. وقد أشارت المجلة إلى الزيادة التي طرأت مؤخراً إلى عدد المنتمين إلى حزب النهضة الإسلامية في هذه الجمهوريات، وقالت: يبدو أن المجاهدين الأفغان قد اقتربوا من أي وقت مضى إلى النجاح في إنشاء دولة إسلامية متطرفة في أفغانستان، ويمثل ما تصبو إليه الزعامة الإسلامية المتطرفة التي يقودها المجاهدون لسيطرة الحركات الإسلامية على الوضع بصورة ظاهرة.
وطبعاً هذه الصورة تظهر مؤخراً بعد الأحداث الأخيرة في الجمهوريات الإسلامية، فإنها -بحسب الدراسات التي ظهرت والإحصائيات- تمثل جانباً كبيراً من قوة الاتحاد السوفيتي من حيث القوة العسكرية والنووية كذلك، وكذلك من حيث الطاقات الخام الموجودة في أراضيها.
ومن هنا أيضاً سمعنا صيحات الحذر والخوف من الخطر النووي ومحاولة احتوائه، ويحاولون ألا يكون هناك أي قوة مهما كانت بصورة مباشرة أو غير مباشرة ذات صلة بالمسلمين في الاتحاد السوفيتي.
وأيضاً نلمح أن القضية عند القوم واسعة المدى من حيث التخوف من الإسلام في عقر ديار الغرب والكفر.
ومن هنا نجد أن الظاهرة الإسلامية المنتشرة، والتي تخطو خطوات مباركة، واشتد أزرها في أمريكا وأوروبا نجد أنها ليست بعيدة عن تخوف الأعداء، ولا عن رصدهم، ولا كذلك -وهو أمر ينبغي ألا يستبعد- عن إيجاد ما يعرقل هذه المسيرة سواءً بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
ومن هنا تقول إحدى الصحف السويدية تبين هذه الظاهرة وتخوف منها: إن الإسلام بدأ ينتشر في الولايات المتحدة الأمريكية بسرعة مذهلة.
وتقول الصحيفة: إن الأمريكيين وبالأخص السود منهم يدخلون في الإسلام أفواجاً، كما يلتحق بهم المهاجرون من بلدان آسيا والشرق الأقصى.
وذكرت إحصائيات رسمية قدمها مركز إعلام الاتحاد المسيحي في بريطانيا: إن معدل بناء المساجد في أمريكا هو مسجد واحد في كل أسبوع! وهذه دراسة مبنية على مركز إعلامي للاتحاد المسيحي في بريطانيا، والمساجد في أمريكا ربما أحياناً تكون عبارة عن غرف، أو عبارة عن صالات، لكن هذا المعدل الإحصائي لا شك أنه يعطي خطراً غير محدود المدى بالنسبة لأعداء الإسلام، ففي الأسبوع يُبنى مسجد واحد، وفي السنة خمسون، وبالتالي يمكن -كما سيأتي في بعض التصريحات- أن يجد الأوروبيون والأمريكيون أنفسهم محاطين بالظاهرة الإسلامية التي يخططون لحربها في ديارها، وإذا بها قد التفت حولهم -بإذن الله سبحانه وتعالى- بصورة أو بأخرى.
وهذه صحفية إيطالية كتبت من القدس المحتلة عن أنباء ندوة عقدت في معهد (فانير) الصهيوني تحت عنوان: الاتحاد السوفيتي وغرباتشوف وإسرائيل واليهود: نسبت فيه إلى مدير وزارة الخارجية السابق القول: إن الإسلام عدو مشترك لإسرائيل والاتحاد السوفيتي.
وقال أيضاً: لأول مرة في تاريخ الاتحاد السوفيتي وإسرائيل يجدان عدواً مشتركاً.
وأيضاً أصدر وزير الداخلية الفرنسي السابق أوامره إلى كبار موظفي الوزارة بإعداد تقرير عن فرنسا ذات الألف مئذنة والألف مسجد؛ على أن يحوي كافة التفاصيل عن تأثير الأصوليين الإسلاميين، فالظاهرة بدأت تأخذ حجمها من الخوف في داخل ديار القوم.
وأحد الكتاب اسمه: دييل كيبل له كتاب اسمه: (فرنسا ضاحية الإسلام)، وعنوان الكتاب ينبئ عن التخوف الكبير، والربط التحليلي الذي يعتمد على الإحصائيات والتنبؤات المستقبلية، فيقول: فرنسا ضاحية الإسلام، أي: كأنها أصبحت إحدى عواصم الإسلام ليس في العصر الحديث، وإنما حتى في العصر الإسلامي الزاهر.
ويقول: إن هذه الانفجارة الكبرى في تأكيد الهوية الإسلامية خلال ما يقل عن العقدين الأخيرين تمثل مشكلة تواجه المجتمع الفرنسي لم يسبق له مواجهة مثيل لها من قبل.
وأعتقد أن في بعض الأخبار التي تتداول سواءً في بعض الحوادث البسيطة من حوادث الحجاب أو غيرها ما يبين كثيراً من هذه الظواهر؛ ولذلك تقول روبن رايت مرة أخرى في حديث لها حول الأصولية الإسلامية: إن على أمريكا والغرب إدراك أن الأصولية الإسلامية لا يمكن أن تحتوى أو يكون لها هزيمة عسكرية أو مقاطعة اقتصادية؛ لأنها ليست ذات حدود، ولكنها موجات تتحرك على مساحات شاسعة؛ إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يتبناها الغرب هي التعايش والوفاق مع هذه الأصولية -وهذا طبعاً من وجهة نظرها- ويجب أن نعترف أن الإسلام قوة أيدلوجية، وقوة ترشحه للبقاء فتياً معافاً قادراً على العطاء، وإثبات الحضور حتى قرننا المقبل.
الصيحات والتخوف من الإسلام في داخل دياره ظاهرة واضحة جداً، ولا شك أن أحد أبرز صيحات التخوف وأكثرها وضوحاً وجلاءً تخوف اليهود من الإسلام القادم؛ لأنهم يعلمون أن قضية وبؤرة الصراع هي بين الإسلام وبين اليهودية سيما في وجود التفوق اليهودي الحالي، وعلمهم أنهم تفوقوا في أحد الجولات، وأن الجولة القادمة بشكل أو بآخر طال الزمان أو قصر للإسلام، فلذلك أصبحت الدراسات والحديث يتعلق كثيراً بالربط المباشر والكبير والضخم جداً بين العمل الإسلامي بشكل عام، وظهور الروح الإسلامية في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أكثر من أي وقت مضى.
القضية ليست عبارة عن مقالات، أو عبارة عن تصريحات عابرة، وإنما هناك صور أخرى لها، وهي صورة الدراسة والتركيز والتحليل، وهذا استعراض يسير نرى فيه أن التخوف هو الخط الأول أو الإنذار المبكر الذي يبدأ يحفز النفوس إلى أن تنتقل إلى خطوات عملية، أولها وأهمها: خطوات الدراسة والتحليل، وهذه معلومات مركزة ومختصرة عن الدراسات حول الظاهرة الإسلامية من منطلق التخوف، منها:
أولاً: عقد مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون بواشنطن ندوة استمرت يومين عن النشاط الإسلامي.
ثانياً: عقدت جمعية دراسات الشرق الأوسط مؤتمرها السنوي العشرين والحادي والعشرين في مدينتي بوسطن وبلتيمور في نوفمبر سنة 1986م و1987م حول الظاهرة الإسلامية.
ثالثاً: تقاضى أحد الباحثين مبلغ خمسين ألف دولار من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مقابل تنظيم مؤتمر عالمي عن الإسلام الأصولي.
رابعاً: عقدت وزارة الخارجية الأمريكية عام 1987م مؤتمراً حول الأصولية الإسلامية، ووجهات نظر على السياسة الأمريكية.
خامساً: عقد مؤتمر أوربي غربي لمناقشة قضية المد الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط في نهاية شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، مما يدل على أن القضية ذات طابع عملي ودراسة في هذا الباب.
ومن هنا يتنادى هؤلاء المذعورون أو المتخوفون إلى ضرورة استثمار الجانب العملي في هذا الباب، وفي خلاصة بعض هذه الدراسات: لابد من الاعتراف أن الحاجة ملحة لمزيد من المعلومات عن تكوين هذه الحركات وأعضائها، وتجدر الإشارة إلى أن التغيير مستمر في معظم الحركات، وكثير من هذه الدول تفرغ أجهزة متخصصة للرصد والتحليل والدراسة، فمثلاً: نشرت دراسة مطولة تعرض لها بالترجمة والتعليق اليسير الدكتور أحمد خلف الله في دراسته على الإسلام والكونغرس الأمريكي في مجلة المجتمع، وكذلك كتاب الأصولية في العالم الإسلامي أو في العالم العربي وهو أيضاً كتاب ناشئ فيه دراسة استقصائية تدلنا على أن موضوع البحث والجمع والتحليل هو أحد الظواهر التي تنبئ عن ظاهرة التخوف.
ونجد هناك كثيراً من الصور لهذا الجانب خاصةً في مسائل تبادل المعلومات، وبعد الاطلاع اليسير على ما ينشر من دراسات باللغة العربية، وهي باللغة الإنجليزية أكثر، وهكذا الدراسات المتعلقة بالمخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية أو غير ذلك؛ نجد أن التخصص في هذا الجانب، والتركيز على تبادل المعلومات؛ أصبح قوياً ووطيداً، حتى إن بعض الدول الغربية عندما تعطي التأشيرات للدخول إذا جاءت طلبات من مسلمين أو عرب فإنها قبل إعطاء التأشيرات ترسل مباشرةً إلى إسرائيل لتأخذ بعض المعلومات إن كان هناك تحفظات، على اعتبار أن إسرائيل في نظر بعض الدول الغربية -وبالذات الدول الغربية التي ليس لها صلات أو دراسات في هذا الجانب- هي ملف المعلومات الأقوى والأوثق؛ بحيث توفر عليهم، أو تعطيهم التحذير المطلوب والمناسب بشكل يؤدي الحاجة التي يحتاجون إليها.
وأعتقد أن بعض الجهود البسيطة في هذا الشأن تعطينا مثالاً، ومن ذلك أحد مطبوعات الرابطة عن الصحوة الإسلامية في الصحافة الغربية، وإن كان بحثاً يسيراً أو قصيراً، لكنه يعطي ضوءاً، فضلاً عن أن تكون هناك البحوث التي تبين أو تحصر المؤتمرات والدراسات التي تصدر من أعدائنا لدراسة الظاهرة الإسلامية.
من وسائل أعداء الإسلام جمع وتبادل المعلومات عن العمل الإسلامي فيما بينهم رغم اختلافهم؛ ولذلك من أول الاستثمارات اليهودية لتفكك الاتحاد السيوفيتي الحرص على هذه المعلومات التي لم تكن متوافرةً لديهم بشكل أو بآخر،
ومن الوسائل العملية في هذا الشأن، وهي قضية مهمة جداً: التحذير والتخويف للحكومات في المناطق الإسلامية وغير الإسلامية التي قد يُرى أنها غافلة عن هذا الخطر، أو على أقل تقدير لا تعطيه الاهتمام الأكبر أو المكافئ والمناسب.
ومن الصور أيضاً: التضييق والتعطيل لمشروعات العمل الإسلامي المتعلقة بمجالات الحياة الحيوية، وهذه نقطة سنرجئها إلى مقام آخر فيه تفصيل.
سؤال مهم أعتقد أنه أحد النقاط الجوهرية في هذا الموضوع وهو: ما هو بالضبط موضع التخوف؟
قضية التخوف من الإسلام قضية عامة، فهل التخوف هو مثلاً من بعض الصور كالشعائر التعبدية؟ أو من بعض الأفكار؟ أو من أي شيء على وجه التحديد؟
فلابد ونحن نتعامل مع هذا الموضوع أن نستخلص منه ما هي أهم وأركز الأشياء التي هي مبعث التخوف؟
نستخلص هذا لنعرف أن هذه الجوانب التي هي أكثر الجوانب إرهاباً أو تخويفاً لأعدائنا قطعاً ستكون هي الجوانب التي ينبغي أن تكون بالنسبة لنا أهم الجوانب التي نعطيها الأولوية والدعم في العمل؛ لأنه ما دامت هي موضع التخوف فلا شك أنها ستكون هي الموضع الذي فيه الفاعلية والقوة المؤثرة.
ويمكن أن نلمح إلى ثلاثة محاور أساسية ربما فيها تقارب أو تتدرج، لكنها تنبؤنا أن الجوهر يتعلق بهذه النواحي:
أولها: النظام السياسي في الإسلام، والتخوف من قضية الإسلام السياسي، أو السياسة الإسلامية، أو ربط الإسلام بالسياسة.
ثم في مرحلة أخرى هل يرقى هذا النظام -لو فرض التسليم بوجوده عند الأعداء- إلى أن يصل إلى مرحلة قيام الدولة وتطبيق الحكم الإسلامي؟
ولذلك تأتي النقطة الثانية من التخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية أو قيام الدولة الدينية.
ثم النقطة الثالثة وهي: هذه الدولة الدينية أو السياسية الإسلامية إن وجدت هل ستتبنى الجهاد الذي يعتبر أكثر الأمور إرهاباً وتخويفاً لأعداء الإسلام؟ وهل ستتبنى نهج الجهاد الإسلامي الذي يدعو إلى تحرير كل الأرض من كل سلطان إلا سلطان الإسلام؟
فإذاً: هناك ثلاثة نقاط أساسية وجوهرية، وهي في حقيقة العلم أيضاً تدرجية: التخوف من سياسة الإسلام، وهل ترقى الحركات الإسلامية إلى أن تكون دولة تحكم وتطبق؟ وهل سيكون من منهاجها أن ترفع راية الجهاد وتتحرك؟ ولو سلمنا بأحد هذه المراحل فلنسلم بالأخريات، فإن العدو دائماً يتنازل عند الضغط، فالإسلام العادي -وإن كانت لا تصح هذه التسميات أو التقسيمات- في صورة الشعائر من صلاة وصيام وزكاة وحج ربما لا تعطى له أهمية أو أولوية في التخوف عند أعدائنا.
فالخط الأول: هو: جانب الإسلام السياسي أو السياسة في الإسلام، فإذا وجد الأعداء أنه ولابد من هذا الأمر فسيجدون أنفسهم يريدون أن يسلموا بهذا الجانب، لكن سيدرسون هل هذا الجانب سيكون من أساسياته أن ينتقل من طور المشاركة السياسة في برلمان أو حزب أو كذا إلى أن يوجد في أصوله أنه يجب أن ينتقل إلى الحكم التام الكامل لتطبيق الشريعة؟!
وإذا وجدت هذه الدولة وسلم بوجودها وانفرط العقد عليهم -والله سبحانه وتعالى غالب على أمره- وأقيمت دولة إسلامية تطبق شرع الله، فهل سيكون من منهجها في تصورهم الذي يخافونه ويخشونه أن تبقى في حدودها، وتقيم شرع الله في أرضها؟
الجواب: قطعاً سيكون هذا مبدأ يختلف تماماً تصوره أو التعامل معه عن قضية أو دولة ترى أنها بذرة ينبغي أن تنتشر، وصيحة ينبغي أن تصم كل الآذان، وتكون عندها مبدأية هذا الانتقال.
ومن هنا يمكن أن نقول: إن هذه الجوانب الثلاثة هي التي حظيت كثيراً بالدراسة والتحليل والتخوف.
وهذا الهجوم على هذه الجوانب الثلاثة لا يستغرب أن يوجد من الأعداء غير المسلمين أو غير العرب، ولكن للأسف أنه تولى كبره بحكم القرب وبحكم السهولة كثير من أبناء الإسلام العرب الذين تأثروا بالغرب وأوروبا، وكانوا بشكل أو بآخر يمثلون هذه الوجهة ويدافعون عنها؛ ولذلك ما ننقله من نصوص مما يتعلق بهذه الجوانب أكثره عن بعض المسلمين أنفسهم الذين جنحوا عن نهج الإسلام، وإن كانوا في أصلهم مسلمين!
وهذه القضايا تتمثل في ثلاثة جوانب نوجزها -إن شاء الله- إيجازاً يغني عما نحتاج إليه من تفصيل:
خوف أعداء الإسلام من الإسلام السياسي
نجد التركيز من الكفار منصباً كثيراً جداً وبصورة واضحة على ألا يكون للإسلام دور في السياسة، وفي أي مجال يمكن أن يحتمل، إلا أن يكون له نظام أو مجال أو صلة في الناحية السياسية، ومن هنا نجد كثرة التذكير بهذه الظاهرة، ونحن لا نحلل ولا ننتقل إلى خطوة أخرى، فموضوعنا فقط هو في التخوف، ونريد أن نرى صورة هذا التخوف ظاهرة في هذه الجوانب الثلاثة؛ ولذلك يقول الدكتور كمال أبو المجد في حوار (لا مواجهة): الإسلام لم يفرض نظاماً سياسياً مفصلاً، والخلافة ليست نظاماً محدد المعالم، وكل النصوص التي سنوردها إنما تهدف إلى قضية واحدة، وهي: أن يُعرى الإسلام من ثوبه السياسي ونظامه المستمد من نصوص كثيرة، وتطبيقات عملية امتدت واستمرت زمناً ودهراً طويلاً.
وهناك أيضاً رأي آخر نرفضه كذلك، يرى أن للإسلام نظاماً في الحكم، مفصل المعالم، متميز القسمات أقامه النبي عليه الصلاة والسلام، وألزم المسلمين من بعده بإقامته، وأنهم أقاموه أيام الخلافة الراشدة قبل أن تتحول إلى ملك عضوض، وأن على المسلمين أن يرفضوا كل ما حولهم من أنظمة الحكم والسياسة، وأن ينحوها عن مقاعد السلطة والرئاسة؛ ليضعوا نظامهم الإسلامي على رأس دولتهم الجديدة.
وهذا المبدأ المرفوض يكرس في دراسات الغرب أو في دراسات أتباع الغرب ممن تأثروا بهم، أو نهجوا نهجهم؛ ولذلك نجد هذه القضية في كتابات كثيرة.
ومن ذلك أيضاً كلام للدكتور محمد خلف الله في كتاب (النص والحكم والاجتهاد في الإسلام) يقول: إن التاريخ الإسلامي يكشف لنا عن حقيقة أن نظام الخلافة ليس مصدره النص، وإنما مصدره الاجتهاد!
ثم يقول: ونحن حين نقول: الاجتهاد في هذه القضية، إنما نعني: أن العقل البشري هو الواضع لنظام الخلافة، وهنا حقيقة لابد من لفت النظر إليها، وهي: أن ما كان من اجتهاد العقل البشري لا يكون ديناً، وإنما يكون تشريعاً مدنياً!
وهذا نص لا يخفى ما فيه من تفريغ الإسلام من هذا المضمون المهم الذي هو أحد أول أخطر التفاعلات الحديثة بين المسلمين والصحوة الإسلامية في هذا العصر.
وأيضاً يؤكد هذا الكلام في نص آخر يقول فيه: نظام الحكم في الإسلام مصدره الاجتهاد وليس النص، وما جاء عن اجتهاد يمكن أن يستبدل به اجتهاد جديد يحقق المصلحة، والجماعات الدينية يجب أن تترك هذه القضية؛ لتكون محل اجتهاد جديد، إن الفكر السياسي في نظام الحكم فكر بشري خالص تستطيع المؤسسات العلمية من أمثال كليات العلوم السياسية أن تجتهد فيه، وليس من أمثال كليات الشرعية، ولا العلماء أن يخوضوا في مثل هذا المجال.
وأيضاً نجد أن الدكتور محمد عمارة في كتابه (المعتزلة وأصول الحكم) يقول عن الإسلام: له مفاهيم عليا، ومثل عليا، ثم للناس أن يحددوا ويشرعوا ويطوروا حياتهم وفق المصلحة بعد ذلك، فليس الحكم -ولاحظ هذه العبارة- والقضاء، وليست الإمامة والسياسة ديناً وشرعاً وبلاغاً يجب فيهما التأسي والاحتذاء بما في السنة من وقائع وتطبيقات!
والتنبيه على هذا الجانب هنا إنما هو بشكل إجمالي.
خوف أعداء الإسلام من قيام دولة إسلامية تطبق الشريعة
ونجد أن قضية إقامة الدولة الإسلامية موضع نقد شديد، وموضع تخوف كبير، كما صرح بعضهم بقوله: إذا طبقنا الإسلام وطبقنا الشريعة سنجد نصف المجتمع مقطوعي الأيدي وذوي عاهات!
وهذا على اعتبار أن هذا الحكم ينفذ على السارق وعلى الزاني وعلى من أتى حداً، والأمر كما يقولون: كاد المريب أن يقول: خذوني، وإذا كان نصف المجتمع أو أكثر سيطبق عليه الحدود فلأنه كان سارقاً زانياً فاسداً بشكل أو بآخر.
والحقيقة أن التصوير المرعب والمخيف للناس -وأقصد بالناس: عموم المجتمعات- والشعوب المسلمة من تطبيق الحكم الشرعي الإسلامي يتناول هذا الجانب خاصة، وهو جانب تطبيق الحدود.
وكذلك جانب تصوير أن إقامة الحكم الإسلامي سيجعل المجتمع المسلم الذي يُقام فيه هذا الحكم مجتمعاً ضيقاً في علاقته، عدائياً في معاملاته، بدائياً في تصوراته، وهذا التأكيد دائماً نجده في كثير من المقولات التي تعالج أو تنتبه إلى هذا الموضوع، والنصوص في ذلك كثيرة، ونختار بعضاً من النصوص التي تؤكد التخوف من هذا الجانب، أو العداء له على وجه الخصوص:
من ذلك قول الدكتور محمد عمارة : إن أحداً لن يستطيع الزعم بأن الشريعة يمكن أن تثبت عندما قرره نبي العصر.
يعني: أن تبقى كما كانت في عهد النبي، ثم نستطيع أن نطبقها اليوم في هذا الجانب.
وهناك أيضاً تصوير الشريعة على أنها نوع من السيطرة والقهر؛ ولذلك يقول محمد خلف الله -ونأسف أن كثير من هؤلاء دخلوا ليكونوا في كلامهم مفسرين وفقهاء مجتهدين وأصحاب علم بأصول الفقه وغير ذلك-: إن القرآن الكريم كان يلفت ذهن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس على الناس بوكيل، أو مسيطر أو جبار أو ما إلى ذلك من كل ما هو من شئون الحكم والرئاسة! وهذا هو التفسير عنده، أي: أنه يقول في قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية:22] أي: فيما يتعلق بشئون الحكم والسياسة، وعلى أساس من هذا كان القرآن يطلب إليه أن يترك أمر عقاب الناس على مخالفتهم تعاليم الله إلى الله نفسه، فالله سبحانه وتعالى يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام بأن يترك عقاب الناس لله سبحانه وتعالى، وهذا يعني عنده: أنه ليس هناك من حاجة إلى تطبيق الحكم والسياسة أو التشريع الإسلامي.
وأيضاً النقد لهذه الظاهرة يتركز في نقد منهجي حتى في الصور التي يتشبث بها المسلم الواعي، ومن أقرب الأمثلة: كلام الإسلاميين عن الخلافة العثمانية وما كان لها من دور، وأنها كانت نموذجاً -على أقل التقدير- لوحدة الأمة الإسلامية، ونجد أن الطعن في هذا الجانب في الدراسات التاريخية والمنهجية كثير جداً، مما يؤكد قضية التخوف من أن تكون هناك حكومة أو تطبيق للشرع الإسلامي بتكامله المنهجي؛ ولذلك يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري منزعجاً بشدة لتلك المحاولات العجيبة التي تحاول إعادة الاعتبار للتاريخ العثماني ولتاريخ السلاطين الأتراك في العالم العربي والإسلامي باعتبارهم رموزاً للجامعة الإسلامية ولكيان الإسلام الواحد: وهذا المنحنى التاريخي الجديد للثقافة العربية الإسلامية المعاصرة مرده إلى إخفاق الحركات القومية والتقدمية التي ثارت على الدولة العثمانية، وانفصلت عنها لإقامة منحى تاريخي جديد، وهو منحنىً يرتبط بمفكري الاتجاه الإسلامي الجديد وفصائله.
وهذه نقطة أعتقد أن الأمر واضح فيها، ويكفي أيضاً أن ننقل نصاً عن الدكتور فرج فودة يقول فيه: إن القائلين بالدولة الدينية يضيفون أفعال الخلفاء الراشدين ضمن رصيدهم، والدكتور فرج فودة في كتابه (قبل السقوط) وغيره من كتاباته يركز على أنه لم يكن في يوم من الأيام ما يسمى بتطبيق الشريعة، بعد اعترافه أو غيره شكلياً أو جزئياً بشيئين:
عهد النبي عليه الصلاة والسلام ثم عهد أبي بكر وعمر ، أما ما وراء ذلك فهو خارج عن هذا التطبيق؛ ولذلك نجد الكتابات مركزة في هذا الجانب، حتى كتب الدكتور عبد العظيم رمضان مقالاً فيه: وجلدوا الأئمة الأربعة بالسياط! واستعرض فتنة الأئمة الأربعة أيام مالك وأبي حنيفة وقال: هذه الحكومات والتطبيقات للشريعة الإسلامية! انظروا كيف كانت في العصور التي تستشهدون بها، وكيف جلد الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة! قال هذا كنوع من الاستقراء لبعض الحوادث التاريخية الجزئية في غير تكامل منهجي، وهذه نقطة مهمة؛ لأن الدراسة التاريخية المبتدأة يمكن أن تغير نظرة الإنسان في قضية معينة، فإذا أخذنا هذا الجانب مثلاً كحادثة معينة تشوه التطبيق، بينما هي نموذج لقضايا معينة محدودة معروفة الأسباب، ولا يمكن فهمها في غير هذا الإطار المبتدأ.
فيقول: لست أعتقد أن هناك من المسلمين من يرتضي سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه كحاكم!
ويقول: رفض حكمه كبار الصحابة من معاصريه لدرجة قتله ورفض دفنه في مقابر المسلمين، ثم دفن دون الصلاة عليه.. إلى آخر هذه الوقائع المحزنة!
وطبعاً ليست وقائع حتى تكون محزنة؛ لأنها ليست صحيحة، وهذا الخط والاتجاه ظاهر كثيراً في كتابات لثلاثة أو أربعة من هؤلاء المفكرين: فرج فودة وفؤاد زكريا والعشماوي ، وغيرهم أيضاً، لكن هذه صورة في هذا المجال.
خوف أعداء الإسلام من الجهاد الإسلامي
وقضية الجهاد لا شك أنها أحد أهم مواطن الإرهاب الذي يخشى منه غير المسلمين؛ ولذلك وللأسف أيضاً نجد من مقالات الباحثين المذكورين وغيرهم هذه الصورة واضحة:
يقول محمد عمارة : لا الحرب التي سميت بحروب الردة كانت دينية، ولا حرب علي مع خصومه كانت دينية؛ لأنها كانت حرباً في سبيل الأمر -أي: في سبيل الرئاسة والخلافة والإمامة- وهذه سلطة ذات طبيعة سياسية ومدنية، ومن ثم كانت الحرب لأجلها سياسية ومدنية.
إذاً: ليس هناك شيء اسمه أصلاً حرب دينية أو جهاد إسلامي عند هؤلاء.
ويقول أيضاً في كتاب (الإسلام والوحدة الوطنية): إنه طويت صفحة التاريخ الذي كان يقسم الناس إلى مؤمنين وكفار؛ طويت هذه الصفحة ليبسط مكانها صفحة الحضارة الحديثة التي تميز بين الأمم والشعوب على أساس من التحضر والخشونة والبداوة!
والعشماوي ألف كتاباً كاملاً عن الإسلام السياسي جعل نصفه عن الجهاد في الإسلام، واستقرأ بعض الآيات، وخرج بقرارات أو بتصورات يريد أن يكرسها، فمن ذلك قوله: المعنى السليم للجهاد فسر خطأً من جانب بعض الفقهاء، وحرف عمداً من جانب بعض السلطات السياسية في التاريخ الإسلامي.
ونحن نعلم أنه ما من كتاب فقهي على أي مذهب من المذاهب إلا فيه باب من أبواب الجهاد وأحكامه، والفيء ووالغنيمة؛ لأنها نصوص قرآنية ثابتة.
ويقول: فسر خطأً من جانب بعض الفقهاء، وحرف عمداً من جانب بعض السلطات، فبعض الفقهاء الذين أثروا على العقل الإسلامي يقولون: إن الصلة بين الإسلام وغيره من الدول أو المجتمعات هي الحرب دائماً.
وطبعاً التقسيم الإسلامي للديار إلى: دار حرب ودار إسلام تقسيم فقهي مؤصل، له تفصيلاته وأحكام المتعاملين مع دار الإسلام، وديار الإسلام أيضاً لها أحكام تفصيلية في هذا الجانب.
ولذلك يقول: هؤلاء الفقهاء بينوا أن الصلة بين الإسلام وغيره هي الحرب دائماً، وأن السلم ليس إلا هدنةً مؤقتة ريثما يتهيأ المسلمون للحرب، وزاد البعض ثراها أنه من غير الجائز لإمام المسلمين أن يتعاقد على سلم دائم مع بلد من بلاد الحرب؛ لأن في مثل هذا السلم إلغاء لفريضة الجهاد، وهو كذلك.
وخلص إلى أن الجهاد هو وغيره إنما هو عبارة عن الصورة الدفاعية في بعض الأوقات، وإنما هو جهاد النفس! وبعد ذلك صور صورة تعبيرية جميلة يقول فيها: وبهذا يكون الجهاد أسلوباً كريماً، وباعثاً قوياً، ودافعاً سامياً للارتقاء بالذات والسمو بالنفس، والعلو بالروح حتى تعطي دون توقع للرد، وتبذل دون نظر إلى المقابل، كما أنه يكون تربية للمؤمن على أسلوب الدفاع عن النفس الذي يبدأ عندما يبدأ العدوان، وينتهي بنهايته، فلا يجنح إلى الابتداء بالعدوان، ولا ينحرف إلى الاستمرار كما تهوى النفوس عادةً ما لم تضبط بالمجاهدة الحقة، والمكابدة السليمة.
إذاً: هذه صور تبين لنا أن هذه المحاور الثلاثة هي موضع الدرس والتركيز؛ لأنها أحد أهم المعالم لهذا التخوف.
أول جانب هو جانب الإسلام السياسي:
نجد التركيز من الكفار منصباً كثيراً جداً وبصورة واضحة على ألا يكون للإسلام دور في السياسة، وفي أي مجال يمكن أن يحتمل، إلا أن يكون له نظام أو مجال أو صلة في الناحية السياسية، ومن هنا نجد كثرة التذكير بهذه الظاهرة، ونحن لا نحلل ولا ننتقل إلى خطوة أخرى، فموضوعنا فقط هو في التخوف، ونريد أن نرى صورة هذا التخوف ظاهرة في هذه الجوانب الثلاثة؛ ولذلك يقول الدكتور كمال أبو المجد في حوار (لا مواجهة): الإسلام لم يفرض نظاماً سياسياً مفصلاً، والخلافة ليست نظاماً محدد المعالم، وكل النصوص التي سنوردها إنما تهدف إلى قضية واحدة، وهي: أن يُعرى الإسلام من ثوبه السياسي ونظامه المستمد من نصوص كثيرة، وتطبيقات عملية امتدت واستمرت زمناً ودهراً طويلاً.
وهناك أيضاً رأي آخر نرفضه كذلك، يرى أن للإسلام نظاماً في الحكم، مفصل المعالم، متميز القسمات أقامه النبي عليه الصلاة والسلام، وألزم المسلمين من بعده بإقامته، وأنهم أقاموه أيام الخلافة الراشدة قبل أن تتحول إلى ملك عضوض، وأن على المسلمين أن يرفضوا كل ما حولهم من أنظمة الحكم والسياسة، وأن ينحوها عن مقاعد السلطة والرئاسة؛ ليضعوا نظامهم الإسلامي على رأس دولتهم الجديدة.
وهذا المبدأ المرفوض يكرس في دراسات الغرب أو في دراسات أتباع الغرب ممن تأثروا بهم، أو نهجوا نهجهم؛ ولذلك نجد هذه القضية في كتابات كثيرة.
ومن ذلك أيضاً كلام للدكتور محمد خلف الله في كتاب (النص والحكم والاجتهاد في الإسلام) يقول: إن التاريخ الإسلامي يكشف لنا عن حقيقة أن نظام الخلافة ليس مصدره النص، وإنما مصدره الاجتهاد!
ثم يقول: ونحن حين نقول: الاجتهاد في هذه القضية، إنما نعني: أن العقل البشري هو الواضع لنظام الخلافة، وهنا حقيقة لابد من لفت النظر إليها، وهي: أن ما كان من اجتهاد العقل البشري لا يكون ديناً، وإنما يكون تشريعاً مدنياً!
وهذا نص لا يخفى ما فيه من تفريغ الإسلام من هذا المضمون المهم الذي هو أحد أول أخطر التفاعلات الحديثة بين المسلمين والصحوة الإسلامية في هذا العصر.
وأيضاً يؤكد هذا الكلام في نص آخر يقول فيه: نظام الحكم في الإسلام مصدره الاجتهاد وليس النص، وما جاء عن اجتهاد يمكن أن يستبدل به اجتهاد جديد يحقق المصلحة، والجماعات الدينية يجب أن تترك هذه القضية؛ لتكون محل اجتهاد جديد، إن الفكر السياسي في نظام الحكم فكر بشري خالص تستطيع المؤسسات العلمية من أمثال كليات العلوم السياسية أن تجتهد فيه، وليس من أمثال كليات الشرعية، ولا العلماء أن يخوضوا في مثل هذا المجال.
وأيضاً نجد أن الدكتور محمد عمارة في كتابه (المعتزلة وأصول الحكم) يقول عن الإسلام: له مفاهيم عليا، ومثل عليا، ثم للناس أن يحددوا ويشرعوا ويطوروا حياتهم وفق المصلحة بعد ذلك، فليس الحكم -ولاحظ هذه العبارة- والقضاء، وليست الإمامة والسياسة ديناً وشرعاً وبلاغاً يجب فيهما التأسي والاحتذاء بما في السنة من وقائع وتطبيقات!
والتنبيه على هذا الجانب هنا إنما هو بشكل إجمالي.
الجانب الآخر: وهو جانب انتقال الجانب السياسي إلى تطبيق عملي في إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية، ونحن نعلم كم هي الصيحات والصراعات في مسألة هذه النقطة، كما سيرد أيضاً لها بعض الحديث إن شاء الله، حتى إن مجلس الشعب المصري أصدر قراراً رسمياً واعتمد بشكل أو بآخر ألا يفتح في موضوعات المجلس بصورة أو بأخرى في أي جلسة موضوع تطبيق الشريعة، وأغلق فيه الباب إلى غير رجعة فيما هو مقرر حتى الآن!
ونجد أن قضية إقامة الدولة الإسلامية موضع نقد شديد، وموضع تخوف كبير، كما صرح بعضهم بقوله: إذا طبقنا الإسلام وطبقنا الشريعة سنجد نصف المجتمع مقطوعي الأيدي وذوي عاهات!
وهذا على اعتبار أن هذا الحكم ينفذ على السارق وعلى الزاني وعلى من أتى حداً، والأمر كما يقولون: كاد المريب أن يقول: خذوني، وإذا كان نصف المجتمع أو أكثر سيطبق عليه الحدود فلأنه كان سارقاً زانياً فاسداً بشكل أو بآخر.
والحقيقة أن التصوير المرعب والمخيف للناس -وأقصد بالناس: عموم المجتمعات- والشعوب المسلمة من تطبيق الحكم الشرعي الإسلامي يتناول هذا الجانب خاصة، وهو جانب تطبيق الحدود.
وكذلك جانب تصوير أن إقامة الحكم الإسلامي سيجعل المجتمع المسلم الذي يُقام فيه هذا الحكم مجتمعاً ضيقاً في علاقته، عدائياً في معاملاته، بدائياً في تصوراته، وهذا التأكيد دائماً نجده في كثير من المقولات التي تعالج أو تنتبه إلى هذا الموضوع، والنصوص في ذلك كثيرة، ونختار بعضاً من النصوص التي تؤكد التخوف من هذا الجانب، أو العداء له على وجه الخصوص:
من ذلك قول الدكتور محمد عمارة : إن أحداً لن يستطيع الزعم بأن الشريعة يمكن أن تثبت عندما قرره نبي العصر.
يعني: أن تبقى كما كانت في عهد النبي، ثم نستطيع أن نطبقها اليوم في هذا الجانب.
وهناك أيضاً تصوير الشريعة على أنها نوع من السيطرة والقهر؛ ولذلك يقول محمد خلف الله -ونأسف أن كثير من هؤلاء دخلوا ليكونوا في كلامهم مفسرين وفقهاء مجتهدين وأصحاب علم بأصول الفقه وغير ذلك-: إن القرآن الكريم كان يلفت ذهن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ليس على الناس بوكيل، أو مسيطر أو جبار أو ما إلى ذلك من كل ما هو من شئون الحكم والرئاسة! وهذا هو التفسير عنده، أي: أنه يقول في قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية:22] أي: فيما يتعلق بشئون الحكم والسياسة، وعلى أساس من هذا كان القرآن يطلب إليه أن يترك أمر عقاب الناس على مخالفتهم تعاليم الله إلى الله نفسه، فالله سبحانه وتعالى يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام بأن يترك عقاب الناس لله سبحانه وتعالى، وهذا يعني عنده: أنه ليس هناك من حاجة إلى تطبيق الحكم والسياسة أو التشريع الإسلامي.
وأيضاً النقد لهذه الظاهرة يتركز في نقد منهجي حتى في الصور التي يتشبث بها المسلم الواعي، ومن أقرب الأمثلة: كلام الإسلاميين عن الخلافة العثمانية وما كان لها من دور، وأنها كانت نموذجاً -على أقل التقدير- لوحدة الأمة الإسلامية، ونجد أن الطعن في هذا الجانب في الدراسات التاريخية والمنهجية كثير جداً، مما يؤكد قضية التخوف من أن تكون هناك حكومة أو تطبيق للشرع الإسلامي بتكامله المنهجي؛ ولذلك يقول الدكتور محمد جابر الأنصاري منزعجاً بشدة لتلك المحاولات العجيبة التي تحاول إعادة الاعتبار للتاريخ العثماني ولتاريخ السلاطين الأتراك في العالم العربي والإسلامي باعتبارهم رموزاً للجامعة الإسلامية ولكيان الإسلام الواحد: وهذا المنحنى التاريخي الجديد للثقافة العربية الإسلامية المعاصرة مرده إلى إخفاق الحركات القومية والتقدمية التي ثارت على الدولة العثمانية، وانفصلت عنها لإقامة منحى تاريخي جديد، وهو منحنىً يرتبط بمفكري الاتجاه الإسلامي الجديد وفصائله.
وهذه نقطة أعتقد أن الأمر واضح فيها، ويكفي أيضاً أن ننقل نصاً عن الدكتور فرج فودة يقول فيه: إن القائلين بالدولة الدينية يضيفون أفعال الخلفاء الراشدين ضمن رصيدهم، والدكتور فرج فودة في كتابه (قبل السقوط) وغيره من كتاباته يركز على أنه لم يكن في يوم من الأيام ما يسمى بتطبيق الشريعة، بعد اعترافه أو غيره شكلياً أو جزئياً بشيئين:
عهد النبي عليه الصلاة والسلام ثم عهد أبي بكر وعمر ، أما ما وراء ذلك فهو خارج عن هذا التطبيق؛ ولذلك نجد الكتابات مركزة في هذا الجانب، حتى كتب الدكتور عبد العظيم رمضان مقالاً فيه: وجلدوا الأئمة الأربعة بالسياط! واستعرض فتنة الأئمة الأربعة أيام مالك وأبي حنيفة وقال: هذه الحكومات والتطبيقات للشريعة الإسلامية! انظروا كيف كانت في العصور التي تستشهدون بها، وكيف جلد الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة! قال هذا كنوع من الاستقراء لبعض الحوادث التاريخية الجزئية في غير تكامل منهجي، وهذه نقطة مهمة؛ لأن الدراسة التاريخية المبتدأة يمكن أن تغير نظرة الإنسان في قضية معينة، فإذا أخذنا هذا الجانب مثلاً كحادثة معينة تشوه التطبيق، بينما هي نموذج لقضايا معينة محدودة معروفة الأسباب، ولا يمكن فهمها في غير هذا الإطار المبتدأ.
فيقول: لست أعتقد أن هناك من المسلمين من يرتضي سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه كحاكم!
ويقول: رفض حكمه كبار الصحابة من معاصريه لدرجة قتله ورفض دفنه في مقابر المسلمين، ثم دفن دون الصلاة عليه.. إلى آخر هذه الوقائع المحزنة!
وطبعاً ليست وقائع حتى تكون محزنة؛ لأنها ليست صحيحة، وهذا الخط والاتجاه ظاهر كثيراً في كتابات لثلاثة أو أربعة من هؤلاء المفكرين: فرج فودة وفؤاد زكريا والعشماوي ، وغيرهم أيضاً، لكن هذه صورة في هذا المجال.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
رمضان ضيفنا المنتظر | 2907 استماع |
المرأة بين الحرية والعبودية | 2729 استماع |
فاطمة الزهراء | 2694 استماع |
الكلمة مسئوليتها وفاعليتها | 2627 استماع |
المرأة والدعوة [1] | 2541 استماع |
عظمة قدر النبي صلى الله عليه وسلم | 2533 استماع |
غزوة أحد مواقف وصور | 2533 استماع |
قراءة في دفاتر المذعورين | 2485 استماع |
خطبة عيد الفطر | 2467 استماع |
التوبة آثار وآفاق | 2449 استماع |