على مقاعد الدراسة


الحلقة مفرغة

بعد إسلام أبي بكر الصديق قام رضي الله عنه من أول يوم بدعوة من يتوسم فيهم قبول الدعوة من رجالات قريش، فقام سراً بدعوة عثمان رضي الله عنه، فما لبث أن أسلم، ثم توالى دخول طليعة الصحابة في الإسلام كالزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فكانوا هؤلاء هم اللبنة الأولى التي قامت عليها دعوة الإسلام، ثم توالى دخول الناس في الإسلام أفراداً أفراداً على تخوف من قريش وبطشها.

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.

أما بعد:

ففي بداية هذا اللقاء أرحب بالإخوة الحضور، وأشكر لهم حضورهم، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لقاءنا لقاء خير وبركة.

وهذا اللقاء بمشيئة الله سيكون بداية سلسلة دروس شهرية، وستكون هذه الدروس بمشيئة الله في هذا المسجد أول أحد من كل شهر، سواء كان يوافق أول يوم من الشهر، أو سابع يوم من الشهر، المهم أن أول يوم أحد من هذا الشهر سيكون بمشيئة الله مثل هذا الدرس في هذا المسجد

وكان المفترض أن يكون هذا الدرس في الأسبوع الماضي، لكن نظراً لأنه حديث عهد ببداية الدراسة أحببنا أن نؤخره إلى هذا الأسبوع على أمل أن نستمر إن شاء الله، وسنحاول قدر الإمكان أن يكون موضوع هذه الدروس وما يطرح فيها حول قضايا الشباب، وما يحتاجون إليه بصفة أو بأخرى.

ومن هنا أدعو الإخوة الحضور وغيرهم إلى أن يشاركوا في إفادتنا في مثل هذا اللقاء، فيجب أن نشعر جميعاً بالإيجابية، فأنا أطلب أن يشاركوا جميعاً في اقتراح بعض الموضوعات التي يرونها مناسبة لأن تطرح في هذا اللقاء، مع مراعاة الإطار العام في طرح بعض الأفكار، وبعض العناصر، وبعض المقترحات، والإمداد ببعض المعلومات؛ لأنه مهما بلغ المتحدث علماً وقدرة وإحاطة، فلن يستغني عن إعانة إخوانه، فكيف إذا كان دون ذلك بكثير.

لذا فأنا أؤكد على الإخوة أن يحرصوا على أن يعينونا على استمرار هذا اللقاء، سواء بالإمداد ببعض المقترحات، وبعض الموضوعات، أو بعض الأفكار وبعض العناصر.

ثم لا يتردد الأخ عندما يقترح علينا موضوعاً فلا يراه طرق، فهذا لا يعني إهمال هذا الموضوع، فقد يكون قبله موضوعات عدة، ونختلف معه في ترتيب الأولويات، المهم على كل حال أن ما تطرحه سيستفاد منه بشكل أو بآخر.

هذا الموضوع هو (على مقاعد الدراسة)، ونحن نعني بهذا الموضوع فئة خاصة، فالموضوع يتعلق بالدراسة، فنحن نخاطب الدارسين، سواء كانوا في مستويات متوسطة أو ثانوية أو مراحل جامعية، المهم أننا نخاطب الدارسين من الشباب، ولا نخاطب كل الدارسين، إنما نخاطب الشباب الأخيار الذين يحضرون أمثال هذه اللقاءات والمحاضرات.

لذا فقد لا أتحدث مثلاً عن بعض الجوانب السلبية التي تقع من بعض الشباب؛ لأنني أخص بحديثي فئة خاصة من الشباب، وفئة خاصة من الدارسين والطلاب، الذين نأمل أن يؤدوا أدواراً محمودة.

وكذلك هذا اللقاء أيضاً قد يعني الأساتذة، فإثارة مثل هذه الأفكار وسيلة لنقلها وطرحها أمام أبنائهم الطلاب، وحتى يساهموا معنا في تقييم مثل هذه المقترحات والتجارب.

وسأتحدث في خمس نقاط رئيسة:

الأمر الأول: أهمية الدراسة بالنسبة للشاب.

الأمر الثاني: الطالب وأستاذه.

الأمر الثالث: الطالب والدراسة.

الأمر الرابع: الطالب والدعوة.

الأمر الخامس: أمور لابد منها.

أما بالنسبة للدراسة وأهميتها بالنسبة للشاب، فهي تأخذ على الشاب حيزاً كبيراً من وقته، فهو يأخذ في اليوم قريباً من ست ساعات كلها داخل المدرسة، وهي تمثل ربع اليوم، وإذا حذفت منه مثلاً ثمان ساعات للنوم، وبعض ساعات الراحة والطعام لا تجد بعد ذلك إلا وقتاً يسيراً.

المهم أن وقت الدراسة يأخذ على الشاب جزءاً أساسياً من يومه، وجزءاً كبيراً جداً من وقته، وهذا يعني أنه لابد من أن يعتني بهذا الوقت، ولابد أن يستفيد من هذه الدراسة، ويعتني بحاله في المدرسة.

أيضاً: الدراسة تأخذ على الشاب وقتاً طويلاً من عمره، فإذا أنهى المرحلة الجامعية دون تخلف فالغالب أنه سيحتاج إلى ست عشرة سنة حتى ينهي هذه الدراسة.

ثم أيضاً هذه الدراسة تأتي في وقت مهم جداً بالنسبة للشاب، وهو وقت زهرة وحيوية الشاب، وكذلك وقت بناء شخصيته.

إذاً: هذه الدراسة تأخذ عليك وقتاً كبيراً، سواء من يومك أو من سني عمرك، وتأخذ عليك وقتاً غالياً نفيساً هو حيوية الشباب، فلابد أن تعتني بها، وتستفيد منها.

بعد ذلك ننتقل إلى نقطة ثانية وهي: تتعلق بعلاقة الطالب بأستاذه:

ولن أطيل في هذه النقاط؛ حتى آتي إلى النقطة الأساسية، وهي ما يتعلق بدور الطالب في الدعوة داخل مدرسته.

مراعاة هدي السلف في التعامل مع الأستاذ

هناك قضايا مهمة لابد من أن يعتني بها الطالب في التعامل مع أستاذه، فالأستاذ يشكل عنصراً أساسياً يتعامل معه الطالب في المدرسة، ومن هنا كان لابد أن يكون هناك ضوابط معينة تحكم علاقة الطالب بأستاذه، والسلف قد عنوا بذلك كثيراً في كتبهم، سواء من كتب في فضل العلم، أو من صنف كتاباً عاماً، بل بعضهم أفرد هذا الباب بتصنيف خاص، ألا وهو ما يعرف عندهم بآداب العالم والمتعلم، وعندما يتحدثون عن آداب المتعلم، فإنهم يفردون جزءاً خاصاً لآداب المتعلم مع شيخه وأستاذه.

والمفترض أن الشباب والطلاب يعتنون بهذا الأمر، فيقرءون ما سطره السلف حول ما ينبغي أن يتأدب به الطالب مع شيخه، ويحرص قدر الإمكان على أن يتخلق ويتأدب بتلك الآداب، وفي الواقع أننا عندما نقرأ ما سطره السلف حول آداب الطالب مع شيخه وأستاذه، ثم ننظر إلى واقع طلاب العلم نجد أن هناك مسافة شاسعة جداً بين الحالة التي يرى السلف أن الطالب ينبغي أن يصل إليها من الأدب مع أستاذه، وبين الواقع المعاصر الآن لهؤلاء الشباب.

وقد يقول بعض الشباب: إن السلف كانوا يدرسون على علماء، ولا يمكن أن تقارن أساتذة السلف ومشايخ هم بأساتذتنا ومشايخنا، وهذا حق ولا شك، لكن المقارنة تعقد بين الطلاب أيضاً، فقد كان الطلاب في عهد السلف فئة تختلف عن الطلاب في هذا العصر.

قد يقول بعض الشباب: إن هذه الآداب إنما ذكرت لعلماء السلف ومشايخ السلف، وقد كانوا يختلفون كلية عن أساتذتنا، وهذه قضية لا نجادل فيها، لكن أيضاً أعقد نفس المقارنة بين الطلاب وواقع الطلاب وحالهم في عصر السلف وحالهم الآن، تجد أن القضية تكاد تكون بعد ذلك متقاربة.

ونحن أيضاً لا نطالب الشباب بأن يطبقوا كل ما يقرءونه هناك؛ لأنه قد يجد أشياء يفاجأ بها نظراً لبعده عنها، فيتصور أنها من المبالغات، لكن على الأقل أنت عندما تقرأ ما سطره السلف في ذلك، وتقارن حالك بالصفات التي كانوا يرون أن الطالب لابد أن يتحلى بها، أظن أن هذا يدعوك إلى أن تنتقل نقلة أخرى بعيده في حسن التعامل والتوقير لأستاذك.

والسلف ما عنوا ببيان آداب المتعلم مع أستاذه إلا أن له أهمية، وللأسف نجد أن هذا مهمل، فنجد أحياناً أشياء عامة لابد للطالب أن يتأدب بها مع أستاذه وشيخه، ولابد أن يتأدب بها مع العلماء إذا كان يحضر معهم حلق العلم في المساجد وغيرها، وهي أشياء عامة وأمور عامة.

لكن أن تؤصل وتعرض النماذج والأمثلة التي ذكرها السلف، فهذا لا شك يساعد أكثر، ولا أريد أن أطيل في هذه النقطة، لكن بإمكانكم الرجوع إلى ما سطر في ذلك، ولعل أفضل ما سطر في ذلك كتاب الحافظ ابن جماعة ، وهو بعنوان: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، ذكر في هذا الكتاب أدب العالم وأدب الأستاذ، وما ينبغي للأستاذ أن يعامل به طلابه، فعليك أنت بالشق الثاني وهو أدب المتعلم، فإنه ذكر أدب المتعلم مع نفسه، ثم أدب المتعلم مع أقرانه، وأخيراً الذي يعنينا، وهو أدب المتعلم مع شيخه وأستاذه.

إذاً: الجانب الأول الذي ينبغي أن يحرص عليه الشاب هو أن يراعي في هذا الأمر هدي السلف في التعامل مع أساتذتهم ومشايخهم.

وقد يكون عند بعض الأساتذة نوع من القصور في العلم بطبيعة المادة التي يدرسها، وهذه حالات خاصة، وأحياناً يكون عند الأستاذ مخالفات شرعية مما ابتلي به عامة المسلمين وانتشر بينهم، وأصبح أمراً لا يكاد ينكر، فنحن لا نشك ولا نجادل أن الأستاذ أولى الناس بأن يكون قدوة صالحة للطلاب، سواء في التزامه بالأحكام الشرعية في الأمور الظاهرة أمام طلابه، أو في تعامله مع طلابه، فهو يدعوهم إلى حسن الخلق ولابد أن يكون حسن الخلق، ويدعوهم إلى الصبر ولابد أن يكون صبوراً، وإلى الحلم ولابد أن يكون حليماً.

لكن أقول: عندما تجد بعض هذه السلبيات والأخطاء التي يقع فيها بعض الأساتذة، فهذا لا يسقط حق الأستاذ في الأدب، والتعامل معه بالتوقير، وحسن المعاملة.

فإن هذا الأستاذ الذي قد يكون عنده بعض المخالفات لا ينظر إليك على أنك شاب ملتزم ومستقيم، وهو منحرف عاصٍ ضال، وأنت أولى منه وأفضل، إنما ينظر إليك على أنك لا زلت طالباً، ولا زلت صغير السن، ومهما كان عندك من الاستقامة والعلم والخير فأنت لا زلت دونه، وهذا في الجملة واقع، ثم هو ينظر إلى نفسه على أنه إنسان لا ينقصه الخير والصلاح، لكن عنده بعض المخالفات التي يرى أنه يقع فيها لسبب أو لآخر، فهو يعاملك بهذا المنطق.

ومن هنا يفترض أن تكون حسن الخلق، وأن تكون حسن المعاملة، وأن يرى منك الأدب الحسن، لذا أقول: حتى ولو كان عند الأستاذ ما عنده من التقصير، أو المخالفات التي أصبحت ظاهرة عامة في المجتمع، فهذا لا يسقط حقه في التعامل معه بتوقير واحترام وتقدير، على أساس أنه أستاذ لك، وهو على كل حال أقدر منك علماً وتجربة، ولابد أن تستفيد منه.

ونحن لم نقل لك: اتبعه في كل شيء، أو اقتد به في كل شيء، بل عندما يكون عنده مخالفات لا نطالبك بأن تقتدي بها، وليس أحد معصوماً تصدر الأمة عن رأيه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أعلم الناس، فخذ العصور كلها من أول عصر إلى آخر عصر، فأعلم الناس يمكن أن يقول كلمة ويجتهد اجتهاداً خاطئاً، فلا يعني هذا أن نتابعه على كل شيء.

أبو بكر رضي الله عنه أعلم الأمة في وقته كان يقول: إن أصبت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني. مع أنه ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر ، فـأبو بكر يمكن أن يخطئ وأن يقع في الخطأ، وإذا وقع في الخطأ فلا تتابعه الأمة على خطئه، فإذا كان هذا يمكن أن يقع من أبي بكر ، فإذاً بقية الناس ممن هم دونه يمكن أن يقعوا في الخطأ.

على كل حال أقول: لو وقع الأستاذ في الخطأ فأنت غير مطالب بمتابعته على خطئه وسلوكه، ولكن هذا أيضاً لا يسقط حقه في التأدب وحسن المعاملة، بل نحن نريدك أن تكون قدوة للآخرين، وحين يرى الأستاذ الطالب الذي عليه أثر الصلاح جاداً مؤدباً، ويرى فيه القدوة، يرى أن هذه هي نتيجة الصلاح والاستقامة، فيستبشر عندما يرى الشاب الصالح المستقيم.

أما أن يرى العكس، فيرى أن الشاب الصالح المستقيم يعامله بنوع من الاحتقار والتعالي، فهذا أمر لا يليق أبداً.

حفظ العرض

الجانب الثاني الذي يتعلق بالأستاذ والحق عليه: حفظ العرض:

كثيراً ما يدور في مجالس الطلاب الحديث عن الأستاذ، إما سخرية بطريقته في الحديث، وفي إيصال المعلومات، وفي التعامل مع الطلاب، فأنت تجد الطلاب يحترفون في هذه الأمور، فأحدهم مثلاً يقلد صوت الأستاذ، والآخر يقلد حركات الأستاذ، ويقلد مواقف الأستاذ، وهكذا تجد الأستاذ يبقى مجالاً للسخرية، وهذه قضية أظن أنكم توافقونني على أنها تحمل قدراً من البشاعة، فأنا على كل حال لا أقول هذا الكلام باعتبار أني أستاذ، لكن أظن أنكم توافقوني جميعاً على هذا الأمر.

وهذه قضية فيها من سوء الأدب إلى آخر حد، فالمسلم منهي عن السخرية، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، والله سبحانه وتعالى يقول: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12].

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أربى الربا استطالة المسلم في عرض أخيه).

فهذه حقيقة السخرية، وهذه حقيقة الغيبة، وهي أن تقع في أي إنسان، فما بالك بالطالب الذي يسخر من أستاذه وشيخه الذي يتعلم منه العلم والأدب والخلق، أو يغتابه، فهذه قضية تزيد سوءاً، ولا شك أنه يوجد فرق بين أن تقع الغيبة لإنسان عادي، وأن تقع لإنسان صالح، وأن تقع لإنسان له حق عليك.

فأعطيك مثالاً يقرب لك الصورة: السخرية من الناس أمر مذموم، سواء من هو أكبر منك ومن هو أصغر منك، فعندما تسخر من إنسان فبحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، لكن عندما تسخر من إنسان أكبر منك تزيد القضية سوءاً، وعندما تسخر من إنسان قريب لك كعمك أو خالك تكون القضية أسوأ، وعندما تسخر من والدك فذلك أشد، فالذنب يختلف عظمه وقبحه عند الناس، والدين إنما جاء بما يوافق الفطرة السليمة والمستقيمة.

فأقول: من المستهجن أن يسخر الطالب من أستاذه، أو يقع في عرض أستاذه.

الشباب الأخيار عادة لا يتصور منهم هذا الشيء، وإن حصل فهي حالات شاذة ونادرة، لكن القضية التي أتصور أنها من حق الأستاذ عليك أن تحفظ عرضه، فعندما يسخر من الأستاذ أو يغتاب تدافع عن عرضه بأسلوب مناسب وحكمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من ذب عن عرض أخيه ذب الله عن وجهه النار يوم القيامة)، هذا إذا كان عرض أخيك، فعرض أستاذك وشيخك الذي له حق عليك أولى.

ثم أحذر من قضية يسلكها بعض الشباب بحسن نية، فهو يحب الأستاذ إلى آخر حد من المحبة والإعجاب والتقدير لسبب أو لآخر، وعندما يسمع طالباً يسخر منه أو يغتابه يأتي ويبلغ هذا الأستاذ من باب المحبة، وهذا لا يجوز إطلاقاً، لأنك الآن تقع في معصية أخرى وهي النميمة.

فلا تبلغ الأستاذ مهما كان، وافترض أنك نهيت أخاك وما انتهى، فلا يوجد داعي لنقل الكلام الذي لا مصلحة فيه، بل واجبك أن تنهى من يغتاب أو من يسخر، وإذا لم يستجب فأمره إلى الله.

التعامل مع الأستاذ حين يقع في الخطأ

الجانب الثالث: وهو التعامل مع الأستاذ حين يقع في الخطأ:

فالأستاذ بشر وليس بمعصوم، ويمكن أن يقع في الخطأ، فمثلاً: قد يتحدث الأستاذ فيستدل بحديث ضعيف، هذه حالة تحصل كثيراً، بل أحياناً يتحدث أحد العلماء ويستدل بحديث ضعيف، وأنت تعرف أن هذا الحديث ضعيف، فلا يعني ذلك أنك أعلم منه، ولا أكثر إحاطة منه، فإن الهدهد قال لسليمان: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22]، فهل يعني هذا أن الهدهد كان أعلم من سليمان؟!

أو مثلاً: قد يورد الأستاذ كلاماً وعندك فيه اطلاع أكثر، باعتبار أنك سمعته من شخص آخر أو قرأته، فيخطئ الأستاذ.

أحياناً بعض الطلبة يفرح بمثل هذه القضية، ويقفز مباشرة في وجه أستاذه ليقول له: إن هذا الحديث ضعيف، أو هذا الكلام فيه كذا وكذا، وسمعت كذا وكذا، ويبدأ يواجه بهذا الأسلوب، وهذا فيه شهوة خفية، وهي شهوة حب الظهور، لأنه عندما يواجه الأستاذ، وعندما يعلم شيئاً لا يعلمه أستاذه يعطيه نوعاً من الثقة بنفسه، ونوعاً من الظهور عند الآخرين، وأنت قد لا تشعر بهذا، لكن هذا من الشهوات الخفية.

فيجب أن تسلك الحكمة في تصحيح مثل هذا الخطأ بأسلوب مناسب، لأن الأستاذ يتكلم مع الطلاب، فيصعب جداً أن يعترف بالخطأ أمام الطلاب؛ لأن هذه منزلة لا يستطيع كل إنسان أن يجاهد نفسه عليها، ولذلك ينبغي أن تسلك الحكمة، فيمكن أن تسأل الأستاذ خارج الفصل فتقول: سمعت كذا وكذا، وقرأت كذا وكذا، أو تأتي بكتاب معك في الغد مثلاً، وتعطيه الأستاذ وتقول: أنا قرأت هذا الكلام في كتاب، وأنت قلت هذا الكلام، فكيف أوفق بين كلامك وكلامه.

وقد يفهم الطالب فهماً خاطئاً، فيسمع فتوى، أو يقرأ كلاماً، فيفهمه فهماً خاطئاً، ويكون كلام الأستاذ صحيحاً، ثم يأتي الطالب ليواجهه بناء على فهم خاطئ.

فعلى كل حال الأستاذ يمكن أن يقع في الخطأ، ويمكن أن تعلم أشياء لا يعلمها أستاذك، ولا يعني هذا أنك بلغت غاية من العلم، فعندما تحصل مثل هذه الأمور فعليك أن تسلك الحكمة في التعامل معها، وأظن أن من أبسط حقوق الأستاذ عليك التأدب في مثل هذه القضايا.

كذلك قد يقع الأستاذ في مخالفة شرعية، فالإنكار عليه ليس مثل الإنكار على عامة الناس، فيجب أن تسلك الأسلوب الذي ترى أنه يؤدي المصلحة التي تريد أن تصل إليها وتسعى إلى تحقيقها.

الاستفادة من الأستاذ قدر الإمكان

أخيراً: أمر رابع: الآن ولله الحمد قل أن تجد مدرسة إلا وفيها عدد من الأساتذة من طلبة العلم، لا نقول: إنهم بلغوا غاية من العلم، لكن على الأقل بالنسبة للطلاب ومستويات الطلاب فمستواهم عال لهؤلاء الطلبة، ويمكن أن يستفيدوا منهم كثيراً.

ومن هنا فأنا أوصي الشاب أن يحرص ويعرف أساتذته، ويرى أن فلاناً من الناس أو فلاناً عنده قدر من العلم، فيحرص على أن يستغل هذه الفرصة؛ لأن وجودك في المتوسطة ثلاث سنوات، وفي الثانوية ثلاث سنوات، وفي الجامعة أربع سنوات، مدة محددة، وأيضاً تدريسه لك مدة محددة، فتحرص عندما يوجد لديك مثل هذا الأستاذ أن تستفيد منه قدر الإمكان، ولو حتى خارج الفصل من خلال المناقشة، أو تقرأ كلاماً أشكل عليك تحرص قدر الإمكان أن يكون لك صلة خاصة بهذا الأستاذ خارج الفصل وخارج الدرس؛ حتى تستفيد منه، وتنتقل بعد ذلك إلى مدرسة أخرى، وترى أستاذاً آخر، وهكذا.

أقصد أن لا تفوت على نفسك هذه الفرصة، وأنا أتصور أنه ليس من العدل مع نفسك أن تكون علاقتك مع مثل هذا الأستاذ داخل الفصل فقط، فعندما تجد أستاذاً متميزاً في علمه، وعنده قدرات ليست عند الآخرين، أو على الأقل يمكن أن يفيدك، فأنا أتصور أن من الإهمال لحق نفسك أن تكون علاقتك مع مثل هذا الأستاذ المتميز داخل الفصل فقط، بل تحرص قدر الإمكان أن تستفيد منه، فمثلاً: قد ينتهي الدرس ويبقى وقت فراغ، فتطرح عليه بعض الأسئلة خارج الدرس، فتحاول قدر الإمكان أن تستفيد من هذا الأستاذ، وأن يكون لك معه علاقة خاصة تمكنك وتعينك على أن تستفيد منه أكثر، وتستطيع أن تستشيره في أي أمر، وتستطيع أن تستفيد منه في كل ما يشير عليك، أو يطرح لك، أو تستفسر عنه.

هناك قضايا مهمة لابد من أن يعتني بها الطالب في التعامل مع أستاذه، فالأستاذ يشكل عنصراً أساسياً يتعامل معه الطالب في المدرسة، ومن هنا كان لابد أن يكون هناك ضوابط معينة تحكم علاقة الطالب بأستاذه، والسلف قد عنوا بذلك كثيراً في كتبهم، سواء من كتب في فضل العلم، أو من صنف كتاباً عاماً، بل بعضهم أفرد هذا الباب بتصنيف خاص، ألا وهو ما يعرف عندهم بآداب العالم والمتعلم، وعندما يتحدثون عن آداب المتعلم، فإنهم يفردون جزءاً خاصاً لآداب المتعلم مع شيخه وأستاذه.

والمفترض أن الشباب والطلاب يعتنون بهذا الأمر، فيقرءون ما سطره السلف حول ما ينبغي أن يتأدب به الطالب مع شيخه، ويحرص قدر الإمكان على أن يتخلق ويتأدب بتلك الآداب، وفي الواقع أننا عندما نقرأ ما سطره السلف حول آداب الطالب مع شيخه وأستاذه، ثم ننظر إلى واقع طلاب العلم نجد أن هناك مسافة شاسعة جداً بين الحالة التي يرى السلف أن الطالب ينبغي أن يصل إليها من الأدب مع أستاذه، وبين الواقع المعاصر الآن لهؤلاء الشباب.

وقد يقول بعض الشباب: إن السلف كانوا يدرسون على علماء، ولا يمكن أن تقارن أساتذة السلف ومشايخ هم بأساتذتنا ومشايخنا، وهذا حق ولا شك، لكن المقارنة تعقد بين الطلاب أيضاً، فقد كان الطلاب في عهد السلف فئة تختلف عن الطلاب في هذا العصر.

قد يقول بعض الشباب: إن هذه الآداب إنما ذكرت لعلماء السلف ومشايخ السلف، وقد كانوا يختلفون كلية عن أساتذتنا، وهذه قضية لا نجادل فيها، لكن أيضاً أعقد نفس المقارنة بين الطلاب وواقع الطلاب وحالهم في عصر السلف وحالهم الآن، تجد أن القضية تكاد تكون بعد ذلك متقاربة.

ونحن أيضاً لا نطالب الشباب بأن يطبقوا كل ما يقرءونه هناك؛ لأنه قد يجد أشياء يفاجأ بها نظراً لبعده عنها، فيتصور أنها من المبالغات، لكن على الأقل أنت عندما تقرأ ما سطره السلف في ذلك، وتقارن حالك بالصفات التي كانوا يرون أن الطالب لابد أن يتحلى بها، أظن أن هذا يدعوك إلى أن تنتقل نقلة أخرى بعيده في حسن التعامل والتوقير لأستاذك.

والسلف ما عنوا ببيان آداب المتعلم مع أستاذه إلا أن له أهمية، وللأسف نجد أن هذا مهمل، فنجد أحياناً أشياء عامة لابد للطالب أن يتأدب بها مع أستاذه وشيخه، ولابد أن يتأدب بها مع العلماء إذا كان يحضر معهم حلق العلم في المساجد وغيرها، وهي أشياء عامة وأمور عامة.

لكن أن تؤصل وتعرض النماذج والأمثلة التي ذكرها السلف، فهذا لا شك يساعد أكثر، ولا أريد أن أطيل في هذه النقطة، لكن بإمكانكم الرجوع إلى ما سطر في ذلك، ولعل أفضل ما سطر في ذلك كتاب الحافظ ابن جماعة ، وهو بعنوان: تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، ذكر في هذا الكتاب أدب العالم وأدب الأستاذ، وما ينبغي للأستاذ أن يعامل به طلابه، فعليك أنت بالشق الثاني وهو أدب المتعلم، فإنه ذكر أدب المتعلم مع نفسه، ثم أدب المتعلم مع أقرانه، وأخيراً الذي يعنينا، وهو أدب المتعلم مع شيخه وأستاذه.

إذاً: الجانب الأول الذي ينبغي أن يحرص عليه الشاب هو أن يراعي في هذا الأمر هدي السلف في التعامل مع أساتذتهم ومشايخهم.

وقد يكون عند بعض الأساتذة نوع من القصور في العلم بطبيعة المادة التي يدرسها، وهذه حالات خاصة، وأحياناً يكون عند الأستاذ مخالفات شرعية مما ابتلي به عامة المسلمين وانتشر بينهم، وأصبح أمراً لا يكاد ينكر، فنحن لا نشك ولا نجادل أن الأستاذ أولى الناس بأن يكون قدوة صالحة للطلاب، سواء في التزامه بالأحكام الشرعية في الأمور الظاهرة أمام طلابه، أو في تعامله مع طلابه، فهو يدعوهم إلى حسن الخلق ولابد أن يكون حسن الخلق، ويدعوهم إلى الصبر ولابد أن يكون صبوراً، وإلى الحلم ولابد أن يكون حليماً.

لكن أقول: عندما تجد بعض هذه السلبيات والأخطاء التي يقع فيها بعض الأساتذة، فهذا لا يسقط حق الأستاذ في الأدب، والتعامل معه بالتوقير، وحسن المعاملة.

فإن هذا الأستاذ الذي قد يكون عنده بعض المخالفات لا ينظر إليك على أنك شاب ملتزم ومستقيم، وهو منحرف عاصٍ ضال، وأنت أولى منه وأفضل، إنما ينظر إليك على أنك لا زلت طالباً، ولا زلت صغير السن، ومهما كان عندك من الاستقامة والعلم والخير فأنت لا زلت دونه، وهذا في الجملة واقع، ثم هو ينظر إلى نفسه على أنه إنسان لا ينقصه الخير والصلاح، لكن عنده بعض المخالفات التي يرى أنه يقع فيها لسبب أو لآخر، فهو يعاملك بهذا المنطق.

ومن هنا يفترض أن تكون حسن الخلق، وأن تكون حسن المعاملة، وأن يرى منك الأدب الحسن، لذا أقول: حتى ولو كان عند الأستاذ ما عنده من التقصير، أو المخالفات التي أصبحت ظاهرة عامة في المجتمع، فهذا لا يسقط حقه في التعامل معه بتوقير واحترام وتقدير، على أساس أنه أستاذ لك، وهو على كل حال أقدر منك علماً وتجربة، ولابد أن تستفيد منه.

ونحن لم نقل لك: اتبعه في كل شيء، أو اقتد به في كل شيء، بل عندما يكون عنده مخالفات لا نطالبك بأن تقتدي بها، وليس أحد معصوماً تصدر الأمة عن رأيه إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أعلم الناس، فخذ العصور كلها من أول عصر إلى آخر عصر، فأعلم الناس يمكن أن يقول كلمة ويجتهد اجتهاداً خاطئاً، فلا يعني هذا أن نتابعه على كل شيء.

أبو بكر رضي الله عنه أعلم الأمة في وقته كان يقول: إن أصبت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني. مع أنه ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر ، فـأبو بكر يمكن أن يخطئ وأن يقع في الخطأ، وإذا وقع في الخطأ فلا تتابعه الأمة على خطئه، فإذا كان هذا يمكن أن يقع من أبي بكر ، فإذاً بقية الناس ممن هم دونه يمكن أن يقعوا في الخطأ.

على كل حال أقول: لو وقع الأستاذ في الخطأ فأنت غير مطالب بمتابعته على خطئه وسلوكه، ولكن هذا أيضاً لا يسقط حقه في التأدب وحسن المعاملة، بل نحن نريدك أن تكون قدوة للآخرين، وحين يرى الأستاذ الطالب الذي عليه أثر الصلاح جاداً مؤدباً، ويرى فيه القدوة، يرى أن هذه هي نتيجة الصلاح والاستقامة، فيستبشر عندما يرى الشاب الصالح المستقيم.

أما أن يرى العكس، فيرى أن الشاب الصالح المستقيم يعامله بنوع من الاحتقار والتعالي، فهذا أمر لا يليق أبداً.

الجانب الثاني الذي يتعلق بالأستاذ والحق عليه: حفظ العرض:

كثيراً ما يدور في مجالس الطلاب الحديث عن الأستاذ، إما سخرية بطريقته في الحديث، وفي إيصال المعلومات، وفي التعامل مع الطلاب، فأنت تجد الطلاب يحترفون في هذه الأمور، فأحدهم مثلاً يقلد صوت الأستاذ، والآخر يقلد حركات الأستاذ، ويقلد مواقف الأستاذ، وهكذا تجد الأستاذ يبقى مجالاً للسخرية، وهذه قضية أظن أنكم توافقونني على أنها تحمل قدراً من البشاعة، فأنا على كل حال لا أقول هذا الكلام باعتبار أني أستاذ، لكن أظن أنكم توافقوني جميعاً على هذا الأمر.

وهذه قضية فيها من سوء الأدب إلى آخر حد، فالمسلم منهي عن السخرية، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ [الحجرات:11]، والله سبحانه وتعالى يقول: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12].

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أربى الربا استطالة المسلم في عرض أخيه).

فهذه حقيقة السخرية، وهذه حقيقة الغيبة، وهي أن تقع في أي إنسان، فما بالك بالطالب الذي يسخر من أستاذه وشيخه الذي يتعلم منه العلم والأدب والخلق، أو يغتابه، فهذه قضية تزيد سوءاً، ولا شك أنه يوجد فرق بين أن تقع الغيبة لإنسان عادي، وأن تقع لإنسان صالح، وأن تقع لإنسان له حق عليك.

فأعطيك مثالاً يقرب لك الصورة: السخرية من الناس أمر مذموم، سواء من هو أكبر منك ومن هو أصغر منك، فعندما تسخر من إنسان فبحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، لكن عندما تسخر من إنسان أكبر منك تزيد القضية سوءاً، وعندما تسخر من إنسان قريب لك كعمك أو خالك تكون القضية أسوأ، وعندما تسخر من والدك فذلك أشد، فالذنب يختلف عظمه وقبحه عند الناس، والدين إنما جاء بما يوافق الفطرة السليمة والمستقيمة.

فأقول: من المستهجن أن يسخر الطالب من أستاذه، أو يقع في عرض أستاذه.

الشباب الأخيار عادة لا يتصور منهم هذا الشيء، وإن حصل فهي حالات شاذة ونادرة، لكن القضية التي أتصور أنها من حق الأستاذ عليك أن تحفظ عرضه، فعندما يسخر من الأستاذ أو يغتاب تدافع عن عرضه بأسلوب مناسب وحكمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من ذب عن عرض أخيه ذب الله عن وجهه النار يوم القيامة)، هذا إذا كان عرض أخيك، فعرض أستاذك وشيخك الذي له حق عليك أولى.

ثم أحذر من قضية يسلكها بعض الشباب بحسن نية، فهو يحب الأستاذ إلى آخر حد من المحبة والإعجاب والتقدير لسبب أو لآخر، وعندما يسمع طالباً يسخر منه أو يغتابه يأتي ويبلغ هذا الأستاذ من باب المحبة، وهذا لا يجوز إطلاقاً، لأنك الآن تقع في معصية أخرى وهي النميمة.

فلا تبلغ الأستاذ مهما كان، وافترض أنك نهيت أخاك وما انتهى، فلا يوجد داعي لنقل الكلام الذي لا مصلحة فيه، بل واجبك أن تنهى من يغتاب أو من يسخر، وإذا لم يستجب فأمره إلى الله.

الجانب الثالث: وهو التعامل مع الأستاذ حين يقع في الخطأ:

فالأستاذ بشر وليس بمعصوم، ويمكن أن يقع في الخطأ، فمثلاً: قد يتحدث الأستاذ فيستدل بحديث ضعيف، هذه حالة تحصل كثيراً، بل أحياناً يتحدث أحد العلماء ويستدل بحديث ضعيف، وأنت تعرف أن هذا الحديث ضعيف، فلا يعني ذلك أنك أعلم منه، ولا أكثر إحاطة منه، فإن الهدهد قال لسليمان: أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ [النمل:22]، فهل يعني هذا أن الهدهد كان أعلم من سليمان؟!

أو مثلاً: قد يورد الأستاذ كلاماً وعندك فيه اطلاع أكثر، باعتبار أنك سمعته من شخص آخر أو قرأته، فيخطئ الأستاذ.

أحياناً بعض الطلبة يفرح بمثل هذه القضية، ويقفز مباشرة في وجه أستاذه ليقول له: إن هذا الحديث ضعيف، أو هذا الكلام فيه كذا وكذا، وسمعت كذا وكذا، ويبدأ يواجه بهذا الأسلوب، وهذا فيه شهوة خفية، وهي شهوة حب الظهور، لأنه عندما يواجه الأستاذ، وعندما يعلم شيئاً لا يعلمه أستاذه يعطيه نوعاً من الثقة بنفسه، ونوعاً من الظهور عند الآخرين، وأنت قد لا تشعر بهذا، لكن هذا من الشهوات الخفية.

فيجب أن تسلك الحكمة في تصحيح مثل هذا الخطأ بأسلوب مناسب، لأن الأستاذ يتكلم مع الطلاب، فيصعب جداً أن يعترف بالخطأ أمام الطلاب؛ لأن هذه منزلة لا يستطيع كل إنسان أن يجاهد نفسه عليها، ولذلك ينبغي أن تسلك الحكمة، فيمكن أن تسأل الأستاذ خارج الفصل فتقول: سمعت كذا وكذا، وقرأت كذا وكذا، أو تأتي بكتاب معك في الغد مثلاً، وتعطيه الأستاذ وتقول: أنا قرأت هذا الكلام في كتاب، وأنت قلت هذا الكلام، فكيف أوفق بين كلامك وكلامه.

وقد يفهم الطالب فهماً خاطئاً، فيسمع فتوى، أو يقرأ كلاماً، فيفهمه فهماً خاطئاً، ويكون كلام الأستاذ صحيحاً، ثم يأتي الطالب ليواجهه بناء على فهم خاطئ.

فعلى كل حال الأستاذ يمكن أن يقع في الخطأ، ويمكن أن تعلم أشياء لا يعلمها أستاذك، ولا يعني هذا أنك بلغت غاية من العلم، فعندما تحصل مثل هذه الأمور فعليك أن تسلك الحكمة في التعامل معها، وأظن أن من أبسط حقوق الأستاذ عليك التأدب في مثل هذه القضايا.

كذلك قد يقع الأستاذ في مخالفة شرعية، فالإنكار عليه ليس مثل الإنكار على عامة الناس، فيجب أن تسلك الأسلوب الذي ترى أنه يؤدي المصلحة التي تريد أن تصل إليها وتسعى إلى تحقيقها.

أخيراً: أمر رابع: الآن ولله الحمد قل أن تجد مدرسة إلا وفيها عدد من الأساتذة من طلبة العلم، لا نقول: إنهم بلغوا غاية من العلم، لكن على الأقل بالنسبة للطلاب ومستويات الطلاب فمستواهم عال لهؤلاء الطلبة، ويمكن أن يستفيدوا منهم كثيراً.

ومن هنا فأنا أوصي الشاب أن يحرص ويعرف أساتذته، ويرى أن فلاناً من الناس أو فلاناً عنده قدر من العلم، فيحرص على أن يستغل هذه الفرصة؛ لأن وجودك في المتوسطة ثلاث سنوات، وفي الثانوية ثلاث سنوات، وفي الجامعة أربع سنوات، مدة محددة، وأيضاً تدريسه لك مدة محددة، فتحرص عندما يوجد لديك مثل هذا الأستاذ أن تستفيد منه قدر الإمكان، ولو حتى خارج الفصل من خلال المناقشة، أو تقرأ كلاماً أشكل عليك تحرص قدر الإمكان أن يكون لك صلة خاصة بهذا الأستاذ خارج الفصل وخارج الدرس؛ حتى تستفيد منه، وتنتقل بعد ذلك إلى مدرسة أخرى، وترى أستاذاً آخر، وهكذا.

أقصد أن لا تفوت على نفسك هذه الفرصة، وأنا أتصور أنه ليس من العدل مع نفسك أن تكون علاقتك مع مثل هذا الأستاذ داخل الفصل فقط، فعندما تجد أستاذاً متميزاً في علمه، وعنده قدرات ليست عند الآخرين، أو على الأقل يمكن أن يفيدك، فأنا أتصور أن من الإهمال لحق نفسك أن تكون علاقتك مع مثل هذا الأستاذ المتميز داخل الفصل فقط، بل تحرص قدر الإمكان أن تستفيد منه، فمثلاً: قد ينتهي الدرس ويبقى وقت فراغ، فتطرح عليه بعض الأسئلة خارج الدرس، فتحاول قدر الإمكان أن تستفيد من هذا الأستاذ، وأن يكون لك معه علاقة خاصة تمكنك وتعينك على أن تستفيد منه أكثر، وتستطيع أن تستشيره في أي أمر، وتستطيع أن تستفيد منه في كل ما يشير عليك، أو يطرح لك، أو تستفسر عنه.

بعد ذلك ننتقل إلى نقطة ثالثة وهي: ما يتعلق بالطالب والدراسة:

الإخلاص لله سبحانه وتعالى

وأول قضية لها أهميتها: الإخلاص لله سبحانه وتعالى:

أنت إما أن تدرس دراسة شرعية أو علوماً أخرى غير شرعية، فإذا كنت تدرس دراسة شرعية فأنت تتعلم علماً شرعياً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

فلابد أن تجتهد في تصحيح نيتك، وافترض أنك دخلت ابتداءً لأجل تحصيل الشهادة، فإن هذا لا يحول بينك وبين تصحيح نيتك، حتى تكون نيتك هي طلب العلم الشرعي الذي ينفعك الله سبحانه وتعالى به في دينك ودنياك، فتتعلم العلم الشرعي الذي تستطيع أن تعبد الله به كما أمرك، ويمكن أن تنفع به الأمة.

قد يقول شخص آخر: أنا لا أدرس دراسة شرعية، فما معنى الإخلاص في ذلك؟ فنقول: حتى الطالب الذي لا يدرس دراسة شرعية، فإن الأمة تحتاج إلى طاقات في كافة التخصصات، ونحتاج إلى الناس الأخيار في كل مكان، فهذا الطالب نريد منه أن يجعل نيته أن يخدم الأمة، لا أن يلقى قيمة اجتماعية ومعاملة خاصة.

فأنت عندما تدرس أي تخصص من دراسات عسكرية، أو علم طب، أو هندسة، أو حاسب آلي، أو علوم إنسانية، أو أدب، أو لغة، فأي تخصص نحتاج إليه، والأمة بحاجة إلى جهود أبنائها، فاحرص على أن تكون نيتك أن تنفع الأمة وتخدمها.

ثم إن الإخلاص لا يؤثر نقصاً، فإذا كان عندي طالبان يدرسان، هذا مخلص لله وهذا غير مخلص، فالنتيجة واحدة، كل منهما سيحصل على شهادة، وعلى مزايا مالية، ولن يكتب في شهادتك مثلاً: طالب مخلص، وطالب غير مخلص، فهذه أمور بينك وبين الله عز وجل.

ولا تتصور أنك عندما تخلص لله ستفقد هذه المزايا المادية التي يتطلع إليها الناس، بل أنت عندما تخلص لله في أي عمل ستحصل على نفس المزايا التي يحصل عليها الآخرون، لكن تزيد أن عملك هذا يكون عبادة لله، فتدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)، (ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

وكلما يصيبك من تعب، وتبذل من جهد في الاستذكار والامتحانات، تثاب عليه نظراً لأنك تبتغي وجه الله، سواء كنت تدرس علماً شرعياً، أو علماً آخر.

وحذار -يا إخوان- من التطلع إلى الشهرة، ومما يؤسف أن النظرة الاجتماعية الخاطئة لا تزال موجودة إلى الآن، فعندما يأتي الطالب متفوقاً يظنون أنه من الخطأ أن يتجه إلى دراسات شرعية، ويرون أن مكانه في كلية الطب، أو كلية الهندسة، أو غيرها من التخصصات الأخرى، فلا تزال النظرة للعلم الشرعي دون ما ينبغي.

بل أنا أقول: المفروض أن المستويات العالية من النبوغ تتوجه إلى الدراسات الشرعية، لأن الأمة أحوج ما تكون إلى هؤلاء العلماء، وليس صحيحاً أن العلم الشرعي يصلح لأي إنسان، فنحن نحتاج إلى عالم يحمل قدرة على الاجتهاد، وقدرة على تنزيل النصوص على الوقائع، وقدرة على الربط بين الأحكام الشرعية وواقع الأمة.

احترام التخصص

ننتقل إلى الجاني الثاني أيضاً الذي يتعلق بالدراسة وهو: احترام التخصص:

عندي مثلاً تخصصان: تخصص شرعي وتخصص غير شرعي، بعض الشباب يتجه إلى التخصص غير الشرعي، فالبعض يدرس في كلية الحاسب الآلي ثم يتخرج من الكلية وهو لا يعرف كيف يستخدم الحاسب الآلي، ولا يعرف أي شيء يتعلق بالحاسب الآلي، وخارج الكلية تجده يقرأ في كتب الفقه والحديث والعقيدة، وليس له أي علاقة بتخصصه.

نعم، لا شك أن العناية بالعلم مطلوبة، لكن ما قيمة هذا التخصص الذي توجهت إليه، فعندما تختار تخصصاً وتريد أن تخدم الأمة من خلاله يجب أن تبدع في تخصصك، ولو كان ذلك على حساب فقد بعض الجوانب من العلم الشرعي، فحصل القدر الذي لابد منه، واستزد من ذلك، لكن يجب أن تحترم التخصص، وإلا فإذا كان ميلك إلى العلم الشرعي فاتجه إلى العلم الشرعي.

وتجد آخر متخصصاً في الهندسة، أو في الطب، أو في علوم إنسانية، أو أي تخصص آخر، ولا يعتني بالتخصص، فإذا توجهت إلى تخصص يجب أن تحترم هذا التخصص وتعتني به، سواء في قراءتك العامة، أو في متابعة ما يصدر من دوريات، أو من مؤتمرات، أو أبحاث، أو كتب، حتى تؤدي الدور الذي نريده منك، وبعد ذلك يمكن أن تطلع وتتوسع في قراءتك الخارجية.

التخصص الشرعي

ننتقل نقلة أخرى: التخصص الشرعي:

فالدراسات الشرعية ليست تخصصاً واحداً، فأنت تأتي مثلاً إلى اثنين من الشباب في المستوى الرابع، أحدهما واحد في كلية الشريعة، تخصصه فقه وأصول، والثاني في قسم السنة أو قسم العقيدة، وتعال إلى هذين الشخصين وقارن بينهما لا تجد فرقاً أحياناً، لا في المعلومات، ولا في الاهتمامات، ولا في المكتبة، فتجد هذا في قسم الفقه والأصول ولكن قراءته واطلاعاته واهتماماته متعلقة بالعقيدة أو السنة أو علوم القرآن أو غيره، ولا يعترف بالتخصص، والعكس أيضاً.

فأنت -يا أخي- ما دمت تخصصت في شيء، فيجب أن تحترم تخصصك وتعتني به، وأنت تستطيع أن تعرف الإنسان من خلال مكتبته، هذا طالب يدرس في كلية الشرعية، فيجب أن تكون مكتبته متميزة بالعناية بكتب الفقه والأصول، وطالب يدرس العقيدة يجب أن يعتني بهذا العلم، فهو يقتني الكتب المتعلقة بهذا العلم، ومن خلال قراءته الخارجية يركز على هذا العلم، وعند حضوره في وسط العامة يعتني بهذا العلم، ويعتني بالتخصص ويحترمه.

وهذا لا يعني إهمال الجوانب الشرعية الأخرى، لكن من خلال توسعه وتركيزه يجب أن يركز على تخصصه حتى يفيد فيه فعلاً، أما أن يكون إنساناً مبعثراً، تخصصه في وادٍ ودراسته في وادٍ آخر، فهذا تعطيل لهذه الطاقات.

الفهم المغلوط

الجانب الثالث هو: الفهم المغلوط:

بعض الشباب يتصور أن العلم الشرعي ليس من خلال الدراسة، إنما هو من خلال حلق المساجد، أو القراءة، أو غيرها، فتجده مثلاً يدرس في معهد علمي، أو يدرس في كلية شرعية، ولا يعتني بالدراسة، فيتخرج أحياناً بتقدير مقبول، أو تقدير جيد، أو ينجح في الدور الثاني، فتجده ضعيفاً ولا يعتني بالدراسة إطلاقاً، لكنه خارج الدراسة يعتني بالقراءة الخارجية، ويعتني بحضور مجالس العلم، ويتصور أن هذا هو العلم.

صحيح لابد أن يكون لنا قراءة خارجية، ولابد أن نحضر دروس أهل العلم، لكن يجب أن نعتني بالدراسة خاصة عندما نكون أصحاب تخصص شرعي؛ لأنك عندما كنت تحضر درساً في المسجد، فقد تكون مواظباً على درس فقه، ودرس يتوسع فيه المتحدث ثلاث سنوات أو أربع سنوات ولم تصلوا إلى كتاب الصلاة، وقراءتك كذلك.

لكنك عندما تدرس دراسة منهجية متكاملة، فتدرس النحو دراسة متكاملة، وتدرس البلاغة، وتدرس الفقه، وأصول الفقه، ومصطلح الحديث، والفرائض، وهكذا، فتدرس كافة العلوم دراسة قد تكون مختصرة، لكنها دراسة متكاملة تبني شخصية، بعد ذلك يشرحها الأستاذ، وتقرؤها في الكتاب، ومرة أخرى تذاكر وتمتحن، بحيث تكون معلوماتك ثابتة.

فمهما كان مستوى أساتذتك ومستوى تعليمك، فيجب أن تعتني بالدراسة، خاصة عندما يكون تخصصك شرعياً، واعتبر أن هذا جزء أساسي من طلب العلم، واعتبر أن هذه من أولويات العلم، ثم بعد ذلك أسعى فيما وراء ذلك.

وأول قضية لها أهميتها: الإخلاص لله سبحانه وتعالى:

أنت إما أن تدرس دراسة شرعية أو علوماً أخرى غير شرعية، فإذا كنت تدرس دراسة شرعية فأنت تتعلم علماً شرعياً، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

فلابد أن تجتهد في تصحيح نيتك، وافترض أنك دخلت ابتداءً لأجل تحصيل الشهادة، فإن هذا لا يحول بينك وبين تصحيح نيتك، حتى تكون نيتك هي طلب العلم الشرعي الذي ينفعك الله سبحانه وتعالى به في دينك ودنياك، فتتعلم العلم الشرعي الذي تستطيع أن تعبد الله به كما أمرك، ويمكن أن تنفع به الأمة.

قد يقول شخص آخر: أنا لا أدرس دراسة شرعية، فما معنى الإخلاص في ذلك؟ فنقول: حتى الطالب الذي لا يدرس دراسة شرعية، فإن الأمة تحتاج إلى طاقات في كافة التخصصات، ونحتاج إلى الناس الأخيار في كل مكان، فهذا الطالب نريد منه أن يجعل نيته أن يخدم الأمة، لا أن يلقى قيمة اجتماعية ومعاملة خاصة.

فأنت عندما تدرس أي تخصص من دراسات عسكرية، أو علم طب، أو هندسة، أو حاسب آلي، أو علوم إنسانية، أو أدب، أو لغة، فأي تخصص نحتاج إليه، والأمة بحاجة إلى جهود أبنائها، فاحرص على أن تكون نيتك أن تنفع الأمة وتخدمها.

ثم إن الإخلاص لا يؤثر نقصاً، فإذا كان عندي طالبان يدرسان، هذا مخلص لله وهذا غير مخلص، فالنتيجة واحدة، كل منهما سيحصل على شهادة، وعلى مزايا مالية، ولن يكتب في شهادتك مثلاً: طالب مخلص، وطالب غير مخلص، فهذه أمور بينك وبين الله عز وجل.

ولا تتصور أنك عندما تخلص لله ستفقد هذه المزايا المادية التي يتطلع إليها الناس، بل أنت عندما تخلص لله في أي عمل ستحصل على نفس المزايا التي يحصل عليها الآخرون، لكن تزيد أن عملك هذا يكون عبادة لله، فتدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع)، (ومن سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

وكلما يصيبك من تعب، وتبذل من جهد في الاستذكار والامتحانات، تثاب عليه نظراً لأنك تبتغي وجه الله، سواء كنت تدرس علماً شرعياً، أو علماً آخر.

وحذار -يا إخوان- من التطلع إلى الشهرة، ومما يؤسف أن النظرة الاجتماعية الخاطئة لا تزال موجودة إلى الآن، فعندما يأتي الطالب متفوقاً يظنون أنه من الخطأ أن يتجه إلى دراسات شرعية، ويرون أن مكانه في كلية الطب، أو كلية الهندسة، أو غيرها من التخصصات الأخرى، فلا تزال النظرة للعلم الشرعي دون ما ينبغي.

بل أنا أقول: المفروض أن المستويات العالية من النبوغ تتوجه إلى الدراسات الشرعية، لأن الأمة أحوج ما تكون إلى هؤلاء العلماء، وليس صحيحاً أن العلم الشرعي يصلح لأي إنسان، فنحن نحتاج إلى عالم يحمل قدرة على الاجتهاد، وقدرة على تنزيل النصوص على الوقائع، وقدرة على الربط بين الأحكام الشرعية وواقع الأمة.