أرشيف المقالات

نظرات في كتاب «الرسالة المحمدية»: المقال الثاني - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
 
نظرات في كتاب "الرسالة المحمدية" لسليمان الندوي رحمه الله.
بنداود رضواني
المحاضرة الثالثة: الجانب التاريخي للسيرة النبوية.

تنقلنا هذه المحاضرة إلى ساحة السيرة المحمدية، أو قل هي بداية الحديث المباشر عن "الرسالة المحمدية"، والتي ينقل فيها المحاضر إجماع العالم على أن الإسلام هو أحفظ الأديان لأقوال وأفعال وتقارير نبيه على الإطلاق، بل ويشهد على ذلك حتى أغرض أهل الإستشراق وأعتاهم، من أمثال الألماني "شبر نغر".
فعلم الرجال، وفن الجرح والتعديل، علمان خالصان للإسلام دون سواه، وعلى الرغم من الشبهات التي أثارها التبشير والإستشراق، حول صحة الأحاديث، والشكوك المزعومة التي نسجت حول تدوين السنة العطرة، بزعامة "جولد تسيهر"، إلا أن جميعها تحطمت -أولا- على صخرة علوم الحديث النبوي، ثم تلاشت على إثرها-ثانيا-، نتيجة التجاهل المقصود بالخصائص المتفردة لطريقة جمع السنة وتدوينها.
ولإبطال هذه المزاعم والشبهات نجد الشيخ الندوي بين الفينة والأخرى، يستدعي لهذا الغرض الشواهد القرانية والتاريخية، والحديثية، مصحوبة بالأدلة المنطقية والعقلية، وليختم في الأخير -المحاضرة- بسؤال إنكاري قائلا: " دلوني على أي مؤسس دين أو زعيم مذهب لقي هذا الإهتمام، ونال هذا التحري والحيطة، وفاز بهذه العناية البالغة في تدوين سيرته وأحواله، وترتيب أقواله وسننه وهديه من قبل أتباعه" ؟؟.

المحاضرة الرابعة: الكمال والإحاطة والشمول في السيرة النبوية .

لا تجدي التاريخية شيئا لصاحبها، إذا سلب شرط الكمال، والحكم على كمال الشخص، وجب أن تكون حياته مبرأة من النقائص والمعايب، في جميع نواحيها ظاهرة جلية.
وحياة الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام، كتاب مفتوح منذ الولادة، إلى لحظة التحاقه بالرفيق الأعلى، بل إن الصحابة رضي الله عنهم لم يألوا جهدا في نقل دقيق الأحوال النبوية، حتى ذكروا باب ماجاء في نعل، وخف، واتكاء رسول الله، فما البال بعظيم أمور الرسالة المحمدية وجليلها؟.
لقد كان كاملا عليه الصلاة والسلام خارج بيته وداخله، بين أصحابه ومع أعدائه، كاملا في صبحه ومساءه، في حضره وسفره، وفي سلمه غزواته، في بشاشته وغضبه، ومع زوجاته وأهل بيته،.....
لقد اتضح لنا- يقول صاحب "الرسالة المحمدية": " أن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت تحمل في طياتها الكمال في أنظار من عرفها".

المحاضرة الخامسة: الجامعية والشمول في السيرة النبوية.

هناك مظهران للجامعية والشمول في السيرة النبوية حسب سليمان الندوي: 
-أولها، يظهر في ما تعج به الدنيا من الأعمال المتنوعة، والمهن المتباينة، والأصناف المختلفة من الناس، فمن الناس السلطان والرئيس والحاكم، ومنهم المحكوم والمرعي، ومنهم القاضي، ومنهم الغني والفقير.
وكل صنف من هؤلاء بحاجة إلى أسوة عملية، وقدوة مثالية، يجعلونها منهجا لحياتهم.
والرسالة المحمدية تدعو كل الأصناف، من الناس إلى اتباع السنة النبوية، " ومن ثم ثبت لنا من وجهة نظر الإسلام هذه أن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إنما تتصف بالشمول والإحاطة."، يقول المحاضر.
-المظهر الثاني: ويبرز في تقلب هذا الإنسان نفسه، بين أعمال وأفعال، وأحوال وأوقات مختلفة، فهو يمشي ويقعد، يأكل ويشرب، ينام ويستيقظ، يعلم ويتعلم،....فهذا حاله في عالم الجوارح، أما في عالم العواطف والأحاسيس، فكل حال له عمل قلبي جديد.
ومشاعره الخاصة، فمرة يغضب وأخرى يرضى، مرة يفرح وأخرى يحزن، أحيانا يعاني من المصائب والمشكلات، وأحيانا يحظى بالنعم والخيرات.
وبالجملة فالإنسان في حاجة إلى قدوة وأسوة، لكل ما له علاقة بأعمال الجوارح، وكذلك إلى سيرة عملية تسيطر على القوى الطاغية، والمشاعر الجامحة، والنفوس المتمردة.
وإثراء للبيان، ينقل المحاضر المتلقي إلى عالم التدريس والتعليم، فيقارن بين الجامعات والمدارس التي تدرس علما خاصا أو فنا واحدا، وبين الكليات ذات التخصصات العديدة، ثم يخلص قائلا: "أصحاب كلية خاصة واحدة، أو متخصص فى فن واحد...، لايستطيعون وحدهم إن يغطوا حوائج المجتمع"، بخلاف الكليات التي تضم تنوعا وتعددا في الفنون والعلوم.
والحال أن الجامعة المحمدية تضم كل الأقسام العملية والكليات الفنية، والتي التقى فيها أصناف البشر، فنبغ فيها أصحاب الفراسة الإيمانية والذكاء المتوقد، كالصديق والفاروق وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وغيرهم من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يقول رحمه الله عن المدرسة المحمدية: " إن بركاتها وفيوض أنوارها عامة شاملة للجميع، والدعوة عامة لكل الأقوام والملل،وسائر البلاد والعباد على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وطبقاتهم.".

شارك الخبر

المرئيات-١