خطب ومحاضرات
علو الهمة [14]
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد:
فقد انتهينا في مدارسة بحث علو الهمة إلى الكلام على علو الهمة في البحث عن الحق وعن دين الإسلام، وذكرنا أنموذجاً مثالياً للباحث عن الحقيقة في قصة إسلام سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، والقصص في عصر الصحابة أو من بعدهم كثيرة جداً، ونحن ما نقصد الاستقصاء، وإنما نريد ذكر نماذج من كل عصر من العصور، فنقصد إلى أواخر القرن الثامن الهجري وأوائل القرن التاسع، ونذكر علو همة الشيخ: أبي محمد الترجمان وهو قد توفي سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة من الهجرة، وهذا الرجل كان يدعى القسيس إنسلم ترميدا وكان من أكبر علماء النصارى في القرن الثامن الهجري.
في الوقت الذي كان الصليبيون يكرسون جهودهم -بعد طرد المسلمين من ربوع الأندلس- في نشر النصرانية المحرفة في ربوع بلاد الأندلس، بعدما نفي المسلمون من هذا الفردوس المفقود، وفي نفس هذا الوقت شرح الله سبحانه وتعالى صدر رجل من أكبر علماء النصرانية في ذلك الزمان إلى الإسلام، فأسلم وجهه لله، واستقام على طاعة الله عز وجل، وجاهد بيده ولسانه وقلمه في سبيل الله عز وجل، ذلكم هو الشيخ: أبو محمد عبد الله بن عبد الله الترجمان كان قسيساً كما ذكرنا يدعى إنسلم ترميدا اشتهر بـ: الترجمان ؛ لأنه لما مضى خمسة أشهر على إسلامه قدمه السلطان في الديوان لقيادة البحر، وكان يقصد من ذلك أن يتعلم اللغة العربية بالتكرر على علم الترجمة هناك، يعني: في البحر والمناوشات العسكرية الحربية أو التجارية، حتى العلاقات التجارية بين الأسبان وبين العرب كانت تحتاج إلى الترجمة من إحدى اللغتين إلى الأخرى، وكانت تكثر الاحتكاكات بين النصارى والمسلمين.
أبو محمد الترجمان في بداية طلبه لعلم النصرانية
قال رحمه الله تعالى: اعلموا رحمكم الله أن أصلي من مدينة ميورقا، وهي جزيرة في البحر الأبيض المتوسط جنوب شرق أسبانيا اليوم، فتحها المسلمون سنة تسعين ومائتين هجرية إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني، وخربها سنة (508).
يقول: اعلموا رحمكم الله أن أصلي من مدينة ميورقا أعادها الله للإسلام، وهي مدينة كبيرة تقع على البحر بين جبلين يشقها واد صغير وهي مدينة لها مرساتان عجيبتان ترسو بهما السفن الكبيرة، للمتاجر الجليلة، والمدينة في جزيرة تسمى باسم المدينة ميورقا، وأكثر غاباتها زيتون وتين، وكان والدي محسوباً من أهل حاضرة (ميورقا)، ولم يكن له ولد غيري، ولما بلغت ست سنين من عمري أسلمني إلى معلم من القسيسين قرأت عليه الإنجيل حتى حفظت أكثر من شطره في مدة سنتين، ثم أخذت في تعلم لغة الإنجيل وعلم المنطق في ست سنين، ثم ارتحلت من بلدي (ميورقا) إلى مدينة لاردا من أرض القصطلان.
حتى الآن هذه المدينة تسمى كستلون، وقصطلة مدينة بالأندلس، فهذه المدينة مدينة القصطلان مدينة العلم عند النصارى في ذلك القطر، وفي هذه المدينة يجتمع طلبة العلم من النصارى، وينتهون إلى ألف وخمسمائة ولا يحكم فيهم إلا القسيس الذي يقرءون عليه، فقرأت فيها علم الطبيعيات والفلك مدة تسع سنين، ثم تصدرت فيها أقرأ الإنجيل ولغته ملازماً لذلك مدة أربع سنين، ثم ارتحلت إلى مدينة جلونيا من أرض الأندلس وهي مدينة كبيرة جداً وهي مدينة علم عند جميع أهل ذلك القطر، ويجتمع بها كل عام من الآفاق أزيد من ألفي رجل يطلبون العلوم ولا يلبسون إلا الملف، وهو لحاف يلتحف به، ويسمي هذا الملف كما يقول: الذي هو صباغ الله يعني: لعلهم يقصدون بذلك أنهم يلبسون لباساً معيناً يصبغ بصبغة في زعمهم مقدسة كما يفعلون في التعميد ولو كان طالب العلم منهم سلطاناً أو ابن سلطان فلا يلبس إلا ذلك؛ ليمتاز الطلبة عن غيرهم، ولا يحكم فيهم إلا القسيس الذي يقرءون عليه.
أبو محمد الترجمان في بداية بحثه عن الدين الحق
قال: فسكنت في كنيسة لقسيس كبير السن عندهم، وكبير القدر اسمه نقلاو مرتيل، وكانت منزلته فيهم بالعلم والدين والزهد رفيعة جداً.
انفرد بها في زمنه عن جميع أهل دين النصرانية، فكانت الأسئلة في دينهم ترد عليه من الآفاق من جهة الملوك وغيرهم، ويصحب الأسئلة من الهدايا الضخمة ما هو الغاية -يعني النهاية- في دارة، ويرغبون في التبرك به وفي قبوله لهداياهم، ويتشرفون بذلك، فقرأت على هذا القسيس علم أصول النصرانية وأحكامه.
ولم أزل أتقرب إليه بخدمته والقيام بكثير من وظائفه، حتى صيرني من أخص خواصه، وانتهيت في خدمتي له وتقربي إليه إلى أن دفع إلي مفاتيح مسكنه وخزائن ملكه ومأكله ومشربه، وصير جميع ذلك كله على يدي، ولم يستثني من ذلك سوى مفتاح بيت صغير بداخل مسكنه كان يخلو فيه بنفسه، الظاهر أنه بيت خزانة أمواله التي كانت تهدى إليه والله أعلم.
فلازمته على ما ذكرت من القراءة عليه، والخدمة له عشر سنين، ثم أصابه مرض يوماً من الدهر، فتخلف عن حضور مجلس طلابه، وانتظره أهل المجلس وهم يتذاكرون مسائل من العلوم إلى أن أفضى بهم الكلام إلى قول الله عز وجل على لسان نبيه عيسى عليه السلام في الإنجيل: إنه يأتي من بعده نبي اسمه (الفارقليط)، وهو هنا ليس مخطئاً عندما قال: قول الله عز وجل على لسان نبيه عيسى في الإنجيل؛ لأن هذا قد علمنا قطعاً ما يؤيد صحته، وأنه مما لم تتناوله أيدي التحريف يعني: كلمة (الفارقليط) بالضبط الترجمة الحرفية لها (أحمد) صيغة أفعل التفضيل من (حمد) ونحن نعلم أن المسيح عليه السلام بشر بالرسول عليه الصلاة والسلام قال تعالى: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6]، فلذلك هو ما جاوز الصواب في قوله: قول الله عز وجل على لسان نبيه عيسى عليه السلام في الإنجيل: إنه يأتي من بعده نبي اسمه: الفارقليط وفي الحقيقة هذه الكلمة تستحق بحثاً مفرداً، لكن باختصار شديد لأنه ليس موضوعنا الآن نقول: إن هذه الكلمة أزعجت النصارى جداً حتى إنهم انتهى الأمر بهم في التراجم المتأخرة في العصور الأخيرة أن يحرفوها تماماً إلى معاني أخرى مثل المعزي أو المخلص أو غير ذلك من هذه العبارات المعروفة عندهم الآن؛ لأنهم يعرفون تماماً أن كلمة الفارقليط يستدل بها المسلمون على أنها تساوي في اللغة اليونانية القديمة معنى كلمة (أحمد) بنفس الحرف الذي في اسمه؛ فأرهقتهم الكلمة كثيراً، وكما هي عادتهم في التحريف في الطبعات الجديدة أن نزعوا كلمة (الفارقليط) ووضعوا مكانها لفظاً آخر يزعمون أن معناه المعزي أو المخلص إلى غير ذلك، ومعروف بأن كلمة (الفارقليط) قالها المسيح عليه السلام في اللحظات الأخيرة قبل أن يرفع إلى السماء؛ لأنه قال: (لابد أن أمضي؛ لأني إذا لم أمض لم يأتكم الفارقليط). ووصف الرسول عليه الصلاة والسلام بصفات دقيقة لا تنطبق إلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فحرفت هذه الكلمة إلى لفظ (فيركليتوس) وقد حصل نقاش بين الأستاذ عبد الوهاب النجار والدكتور: كلرون بينو حول هذه الكلمة يحكي الدكتور: عبد الوهاب النجار في كتابه قصص الأنبياء يقول: ثم قلت له وأنا أعلم أنه حاصل على شهادة الدكتوراة في آداب اللغة اليونانية القديمة ما معنى (فير كليتوس)؟ فأجابني بقوله: إن القسس يقولون: إن هذه الكلمة معناها المعزى.
فقلت: إني أسأل الدكتور: كلرون بينو الحاصل على الدكتوراة في الآداب اليونانية القديمة ولست أسأل قسيساً يعني: أنا أسألك بصفتك خبيراً في اللغة اليونانية القديمة، ولست أسأل عن رأي القساوسة في ترجمة هذه الكلمة فقال: إن معناها: الذي له حمد كثير فقلت: هل ذلك يوافق أفعل التفضيل من حمد فقال: نعم، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسمائه أحمد فقال: يا أخي! أنت تحفظ كثيراً، يعني: هو اكتسب هذا التعليم.
أبو محمد الترجمان يسأل سيده عن معنى الفارقليط فكانت هدايته للحق
المهم: أنه لما تخلف القسيس بسبب مرضه في ذلك اليوم عن حضور مجلس أقرانه وانتظره الناس، فلما لم يحضر أقرانه من القساوسة اضطرو إلى أن يتناقشوا في مسائل من العلوم .. إلى أن أفضى بهم الكلام في مناقشة قول الله عز وجل على لسان المسيح عليه السلام: إنه يأتي من بعدي نبي اسمه الفارقليط هما ترجموا هذه الكلمة والمعلوم أن الأعلام لا تترجم، فلو أن شخصاً اسمه سعيد في أي لغة المفروض أنه يبقى سعيد كما هو بالعربي بالإنجليزي بالفرنسي، فهم ترجموا كلمة الفارقليط إلى معنى آخر غير ما دلت عليه، وفي بداية الأمر ترجموا معناها إلى اللغة اليونانية وجعلوها كلمة (فارقليط) التي تساوي بالضبط أحمد، فهي أفعل تفضيل من صيغة حمد، فناقشوا هذه المسألة فيما ناقشوه لما تخلف كبيرهم القسيس، فبحثوا في تعيين هذا النبي من هو من الأنبياء؟ وقال كل واحد منهم بحسب علمه وفهمه، فعظم بينهم في ذلك مقالهم، وكثر جدالهم، ثم انصرفوا من غير تحصيل يعني: من غير الاتفاق على معنى معين لهذه الكلمة، ثم لما رجع إلى القسيس الكبير الذي كان مريضاً قال له: ما الذي كان عندكم اليوم من البحث في غيبتي عنكم، فأخبرته باختلاف القوم في اسم الفارقليط وأن فلاناً قد أجاب بكذا .. وأجاب فلان بكذا .. وسردت له أجوبتهم فقال لي: وبماذا أجبت أنت؟! فقلت: بجواب القاضي فلان في تفسيره للإنجيل فقال: لما قصرت وقربت! لما قصرت وقربت! وفلان أخطأ، وكاد فلان أن يقارب، ولكن الحق خلاف هذا كله؛ لأن تفسير هذا الاسم الشريف لا يعلمه إلا العلماء الراسخون في العلم، وأنتم لم يحصل لكم من العلم إلا القليل، فبادرت إلى قدميه أقبلهما وقلت له: يا سيدي! قد علمت أني ارتحلت إليك من بلد بعيد، ولي في خدمتك عشر سنين، حصلت عنك فيها من العلوم جملة لا أحصيها، فلعل من جميل إحسانكم أن تمنو علي بمعرفة هذا الاسم، فبكى الشيخ وقال لي: يا ولدي! والله لأنت تعز علي كثيراً من أجل خدمتك لي وانقطاعك إلي، وفي معرفة هذا الاسم الشريف فائدة عظيمة، لكني أخاف أن يظهر ذلك عليك، فتقتلك عامة النصارى في الحين -فوراً سوف يقتلونك- فقلت له: يا سيدي! والله العظيم وحق الإنجيل ومن جاء به لا أتكلم بشيء مما تسره إلي إلا عن أمرك، فقال لي: يا ولدي! إني سألتك في أول قدومك علي عن بلدك، وهل هو قريب من المسلمين، وهل يغزونكم أو تغزونهم، لأختبر ما عندك من المنافرة للإسلام، يعني: حتى أكتشف حساسيتك وعداءك ونفورك من دين الإسلام.
فاعلم يا ولدي أن (الفارقليط) هو اسم من أسماء نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وعليه نزل الكتاب الرابع المذكور على لسان دانيال عليه السلام، وأخبر أنه سينزل هذا الكتاب عليه، وأن دينه هو دين الحق، وملته هي الملة البيضاء المذكورة في الإنجيل، فطبعاً واضح جداً من هذا الكلام أن هذا القسيس يؤمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعرف أوصافه الموجودة في التوراة والإنجيل.
وهذه من الحقائق المعروفة أن علماء أهل الكتاب يعرفون جيداً الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، ولذلك قال تبارك وتعالى: فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ [يونس:94]، وأشار الإمام الجويني رحمه الله تعالى حينما تكلم على هذه الآية الكريمة إلى قول صاحب الكشاف الذي قال: والمعنى أن الله تعالى قدم ذكر بني إسرائيل وهم قراء الكتاب، ووصفهم بأن العلم قد جاءهم؛ لأن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم .. إلى آخر القول.
فالغرض: وصف الأحباب بالرسوخ في العلم بصحة ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المهم قال هذا الرجل: اعلم يا ولدي أن (الفار قليط) هو اسم من أسماء نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وعليه نزل الكتاب الرابع، المذكور على لسان دانيال عليه السلام.
ورؤية دانيال هذه من الرؤى المشهورة جداً، ولها شأن عظيم، الكلام فيها يطول لكن باختصار شديد فيها أوصاف تنطبق في منتهى الدقة على شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخبر أنه سينزل هذا الكتاب عليه، وأن دينه هو دين الحق، وملته هي الملة البيضاء المذكورة في الإنجيل، قلت له: يا سيدي! وما تقول في دين هؤلاء النصارى؟! فقال لي: يا ولدي! لو أن النصارى أقاموا على دين عيسى الأول لكانوا على دين الله؛ لأن عيسى وجميع الأنبياء دينهم دين الله عز وجل، ولكنهم بدلوا وكفروا، فقلت له: يا سيدي! وكيف الخلاص من هذا الأمر؟! فقال: يا ولدي! بالدخول في دين الإسلام، فقلت له: وهل ينجو الداخل فيه؟ قال لي: نعم ينجو في الدنيا والآخرة، فقلت: يا سيدي! إن العاقل لا يختار لنفسه إلا أفضل ما يعلم، فإذا علمت فضل دين الإسلام فما يمنعك منه؟! فقال لي: يا ولدي! إن الله تعالى لم يطلعني على حقيقة ما أخبرتك به من فضل الإسلام وشرف نبي أهل الإسلام إلا بعد كبر سني، ووهن جسمي، ولا عذر لنا فيه بل هو حجة الله علينا قائمة، ولو هداني الله لذلك وأنا في سنك لتركت كل شيء ودخلت في دين الحق، وحب الدنيا رأس كل خطيئة، وأنت ترى ما أنا فيه عند النصارى من رفعة الجاه والعز، والترف، وكثرة عرض الدنيا، ولو أني ظهر علي شيء من الميل إلى دين الإسلام لقتلتني العامة في أسرع وقت، وهب أني نجوت منهم وخلصت إلى المسلمين فأقول لهم: إني جئتكم مسلماً فيقولون: قد نفعت نفسك بنفسك بالدخول في دين الحق فلا تمن علينا بدخولك في دين خلصت به نفسك من عذاب الله، فأبقى بينهم شيخاً كبيراً فقيراً ابن تسعين سنة لا أفقه لسانهم، ولا يعرفون حقي، فأموت بينهم جوعاً، انظر كيف ثقلت همته بسبب هذا التلبيس من الشيطان الرجيم؟!
لاشك أن ما قاله وما فكر فيه هو خيال فاسد وسوء ظن بخير أمة أخرجت للناس، وجهل أيضاً بسماحة الإسلام ونظامه الاجتماعي الرائع المبني على التكافل والرحمة والإحسان إلى الخلق.
ولو كان كان هؤلاء الخلق باقون على دينهم فيكونون أهل ذمة فلهم من الحقوق ما هو معلوم، فكيف إذا تحول الكافر عن دينه إلى دين الإسلام، هل يظن أن المسلمين يظلمونه أو يحقرونه أو لا يوفونه حقه؟! تأمل ما حكاه أبو عبيد عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى حينما كتب إلى عدي بن أرطأة بالبصرة قال له: وانظر من عندك من أهل الذمة من قد كبر سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب -يعني: لا يستطيع التكسب- فأجر عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلاً من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه، وضعفت قوته، وولت عنه المكاسب كان من الحق عليه أن يقوده حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس يتسول فقال: ما أنصفناك إن كنا أخذنا منك الجزية في شيبتك ثم ضيعناك يعني: وهو شاب ثم ضيعناك في كبرك، ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه.
وأقوى رد على هذا الظن الفاسد الذين ظنه هذا القسيس هو ما لقيه الترجمان نفسه حينما أسلم من حفاوة ومن تقدير، ومن تكريم من المسلمين، فهذا من تلبيس إبليس على هذا الرجل حينما قال: إذا خلصت من النصارى من محاولتهم قتلي واستطعت أن أصل إلى المسلمين سيقول لي المسلمون: قد نفعت نفسك بنفسك بالدخول في دين الحق، فلا تمن علينا بدخولك في دين خلصت به نفسك من عذاب الله، فأبقى بينهم شيخاً كبيراً فقيراً ابن تسعين سنة، لا أفقه لسانهم، ولا يعرفون حقي فأموت بينهم جوعاً، وأنا والحمد لله على دين عيسى، وعلى ما جاء به يعلم الله ذلك مني. يعني: أن عيسى رسول وليس هو الله.
فقلت له: يا سيدي! أفتدلني على أن أمشي إلى بلاد المسلمين وأدخل في دينهم؟ فقال لي: إن كنت عاقلاً طالباً للنجاة فبادر إلى ذلك تحصل لك الدنيا والآخرة، ولكن يا ولدي هذا أمر لم يحضره أحد معنا الآن، فاكتمه بغاية جهدك، وإن ظهر عليك شيء منه قتلتك العامة لحينك، ولا أقدر على نفعك إذا قتلوك أو حاولوا أن يؤذوك، أنا لا أستطيع أن أدفع عنك، ولا ينفعك أن تنقل ذلك عني.
يعني: إذا قلت لهم حينئذ إن الذي دلني على هذا هو القسيس فلان فإنك لن ينفعك أن تنقل ذلك عني، فإني أجحده إذا ذكرت ذلك عني وقولي مصدق عليك، وقولك غير مصدق علي، طبعاً سيقبل الناس قولي أنا ويرفضون قولك، وأنا بريء من ذلك إن فهت بشيء من هذا.
بداية رحلة محمد الترجمان إلى بلاد المسلمين
فقلت: يا سيدي! أعوذ بالله من سريان الوهم لهذا، وعاهدته بما يرضيه.
ثم أخذت في أسباب الرحلة وودعته، فدعا لي عند الوداع بخير وزودني خمسين ديناراً ذهباً، وركبت البحر منصرفاً إلى بلدي مدينة ميورقا، فأقمت بها مع والدي ستة أشهر، ثم سافرت منها إلى جزيرة صقلية وأقمت بها خمسة أشهر وأنا أنتظر مركباً يتوجه لأرض المسلمين، فحضر مركب يسافر إلى تونس فسافرت فيه من صقلية، وأقلعنا عنها قرب مغيب الشفق، فوردنا مرسى تونس قرب الزوال، فلما نزلت بجوار تونس وسمع بي الذين بها من أحبار النصارى في تونس -يعني: سمعوا بمقدمه- وأنه حاضر عندهم، وطبعاً كان هو أكبر علماء النصارى في ذلك الوقت.
قال: فأتوا بمركب وحملوني عليه معهم إلى ديارهم، وصحبت بعض التجار الساكنين أيضاً بتونس فأقمت عندهم في ضيافتهم على أرغد عيش مدة أربعة أشهر.
إعلان أبي محمد الترجمان إسلامه أمام سلطان تونس
ثم بعد ذلك سألتهم هل بدار السلطان أحد يحفظ لسان النصارى؟ وكان السلطان آنذاك مولانا أبو العباس أحمد رحمه الله، فذكر لي النصارى أن بدار السلطان المذكور رجلاً فاضلاً من أكبر خدامه اسمه يوسف ، وكان طبيبه ومن خواصه، ففرحت بذلك فرحاً شديداً وسألت عن مسكن هذا الرجل الطبيب فدخلت عليه واجتمعت به، وذكرت له شرح حالي وسبب قدومي للدخول في الإسلام، فسر الرجل بذلك سروراً عظيماً، بأن يكون تمام هذا الخير على يديه.
ثم ركب فرسه وحملني معه إلى دار السلطان ودخل عليه فأخبره بحديثي واستأذنه لي، فأذن له، فمثلت بين يديه فأول ما سألني السلطان عن عمري فقلت له: خمسة وثلاثون عاماً، ثم سألني عما قرأت من العلوم فأخبرته، فقال لي: قدمت قدوم خير فأسلم على بركة الله، فقلت للترجمان وهو الطبيب المذكور: قل لمولانا السلطان: إنه لا يخرج أحد من دينه إلا ويكثر أهله القول فيه، يعني: أهل الدين الذي كان عليه سيطعنون به ويشنعون عليه.
قل لمولانا السلطان: إنه لا يخرج أحد من دين إلا ويكثر أهله القول فيه والطعن فيه، فأرغب من إحسانكم أن تبعثوا إلى الذين بحضرتكم من تجار النصارى وأحبارهم وتسألوهم عني، وتسمعوا ما يقولون في جنابي، وحينئذ أسلم إن شاء الله تعالى.
فقال لي بواسطة الترجمان: أنت طلبت ما طلب عبد الله بن سلام رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم حين أسلم، كما تعرفون تتشابه قصة إسلام الترجمان مع إسلام الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، كون أنه يهودي يسلم شيء نادر يعني: قليل من اليهود الذين أسلموا في عصور كثيرة، فاليهود من أقسى خلق الله قلباً والعياذ بالله! فكون يهودي يسلم تكون هذه علامة اصطفاء من الله سبحانه وتعالى .. فـعبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه من بني إسرائيل ومن ولد يوسف بن يعقوب نبي الله عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولما جاء قالوا: جاء نبي الله، فاستشرفوا ينظرون إذ سمع به عبد الله بن سلام وهو في نخل لأهله يختلس منها بعض البلح، فعجل أن يضع التي يختلس لهم فيها، يعني: لمجرد ما سمع أن الرسول عليه السلام أقبل إلى المدينة وهو يجمع البلح لأهله في طبق حتى يأكلوا منه ما شعر بنفسه، انصرف إلى الرسول عليه السلام فوراً وهو يحمل هذا الطبق من شدة اهتمامه برؤية الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يجد هو وقتاً أن يوصل الطبق إلى أهله أو يضعه في مكان معين، لكن انصرف بسرعة وهو يحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى أهله قال: فلما خلا نبي الله جاء عبد الله بن سلام فقال: أشهد أنك رسول الله حقاً، وأنك جئت بحق، ولقد علمت اليهود أني سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فأسألهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت، فإنهم إن يعلموا أني قد أسلمت قالوا في ما ليس في، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم فدخلوا عليه، فقال لهم نبي الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر اليهود! ويلكم اتقوا الله، فوالله الذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله حقاً، وأني جئتكم بحق أسلموا، قالوا: ما نعلمه).. هذا الكلام الذي تقوله ما نعلمه (فأعادها عليهم ثلاثاً وهم يجيبونه كذلك قال: فأي رجل فيكم
الشاهد من القصة: أنه لأجل هذا قال له السلطان: أنت طلبت ما طلب عبد الله بن سلام من النبي صلى الله عليه وسلم حين أسلم، ثم أرسل إلى أحبار النصارى وبعض تجارهم، وأدخلني في بيت قريب من مجلسه، فلما دخل النصارى عليه، قال لهم: ما تقولون في هذا القسيس الجديد الذي قدم في هذا المركب؟ قالوا له: يا مولانا! هذا عالم كبير في ديننا، وقالت شيوخنا: إنهم ما رأوا أعلى من درجته في العلم والدين في ديننا، فقال لهم: وما تقولون فيه إذا أسلم؟! قالوا: نعوذ بالله من ذلك! هو ما يفعل ذلك أبداً، فلما سمع ما عند النصارى بعث إلي فحضرت بين يديه وشهدت شهادة الحق بمحضر النصارى فصلبوا على وجوههم! وهذا معروف والعياذ بالله عند النصارى إذا أرادوا التعوذ من شيء رفعوا أصابعهم مضمومة على جبهتهم ثم أشاروا بعلامة في الصليب مروراً بالكتف الأيمن فالأيسر فالوسط.
وقد تتعدى هذه الإشارة من التعوذ إلى التبرك؛ حيث إن ما يسمى (البابا) يطلب ويطنون أنه بذلك يلقي عليهم البركات بإشارة التصليب والعياذ بالله!
المهم أنهم لما سمعوا ذلك صلبوا على وجوههم وقالوا: ما حمله على هذا إلا حب التزويج، فإن القسيس عندنا لا يتزوج، وخرجوا مكروبين محزونين!
وتحريم الزواج هو في الكنيسة الكاثوليكية؛ لأن الكاثوليكية حرمت على القسس والرهبان والراهبات الزواج، وهذا أدى إلى الفساد الشديد في أوساط هؤلاء القوم، حتى إنهم كانوا يأتون الفواحش ويقولون: هذا نوع من المساكنة الروحية وكان هذا أحد أسباب قيام مرتن لوثر بثورته على الكنيسة في القرن السادس عشر، وكان ضمن آرائه فيما يسمى بالإصلاح الكنسي أن جزءاً من فساد الدين يرجع إلى عدم الزواج، ورأى أن المنع منه لم يكن في النصرانية في عصورها الأولى، فقرر حقهم في الزواج، وتزوج هو فعلاً من راهبة مع أنه من رجال الدين.
المهم أنهم قالوا: ما حمله على أن يدخل في الإسلام إلا أنه يريد أن يتزوج، والقسس عندنا لا يتزوجون، وخرجوا مكروبين محزونين؛ فرتب لي السلطان رحمه الله ربع دينار في كل يوم في دار مختص، وزوجني ابنة الحاج محمد الصفار ، فلما عزمت على البناء بها أعطاني مائة دينار ذهباً، وكسوة جيدة كاملة، فبنيت بها وولد لي منها ولد سميته محمداً على وجه التبرك باسم نبينا صلى الله عليه وسلم.
خدمة أبي محمد الترجمان للإسلام في بيان بطلان دين النصرانية
ثم شرع الشيخ الترجمان في ذكر طرف من أخبار الدولة الحفصية التي خدم في ديوانها، ثم أردفها بأبواب تسعة في الكتاب تكلم فيها عن كتب الأناجيل الأربعة متى ، ومرقس ، ولوقا ، ويوحنا ، وأكد فيها أنهم ليسوا من حواري المسيح عليه السلام بأدلة علمية دقيقة، ثم ناقش قضايا التعميد الذي هو التغطيس، والأقانيم، والخطيئة الأولى، والعشاء الرباني، وصك الغفران، وقانون الإيمان، وفندها كلها بنصوص الأناجيل وبأدلة العقل والمنطق.
ثم أثبت بشرية المسيح عليه السلام، ونفى ألوهيته المزعومة، ثم عرض التناقضات في نصوص الأناجيل المحرفة، ثم تعرض لما يعيبه النصارى على المسلمين كزواج العلماء والصالحين والختان، والنعيم الحسي في الجنة، ثم ختم كتابه بإثبات نبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان فضله ومنزلته بنصوص من التوراة والإنجيل.
فهذا باختصار مرور عابر على سيرة هذا الشيخ، وجهاده بقلمه ولسانه في سبيل الله عز وجل، أما جهاده بيده فقد اشترك رحمه الله تعالى في جهاد بني جلدته من الكافرين في حملة الصور الحفصي على جزيرة صقلية سنة ست وتسعين وسبعمائة هجرية، كان يتولى منصب القائد البحري، حتى إنه روي أنه استشهد أثناء الغارة الصليبية على تونس، فإن صحت هذه الرواية فهذا شرف عظيم يضاف إلى سجله الناصع في خدمة دين الحق والجهاد في سبيله، ولا شك أن سيرة الشيخ الترجمان منار ينير الدرب للتائهين في لجج الظلام ودياجير الجهل، ويحرر عقولهم من أسر التقليد الأعمى لمن لا يملكون لهم رزقاً ولا أجلاً.
فرحم الله الشيخ الترجمان وأعلى درجته في المهديين.
قصة تلقيب أبي محمد الترجمان بسيدي تحفة
فأرسله السلطان ليكون مسئولاً في قيادة البحر لأجل أن يتعلم اللغة العربية هناك من خلال هذه الترجمة، فأتقن اللغة العربية في سنة واحدة، وعينه الأمير رئيساً لشئون الترجمة، وكان من ألقابه عند عوام الناس في بلاد المغرب: سيدي تحفة ، وذلك نسبة إلى كتابه الشهير الذي ألفه بعد إسلامه وهو الآن مطبوع وموجود، ويسمى: تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب فالعوام اختصروا هذا الموضوع ونسبوه إلى هذا الكتاب، فقالوا: سيدي تحفة نسبة إلى كتابه تحفة الأريب، وأعتقد أن هذه التسمية عند العوام فيها إصابة يعني: أصابوا فيها الحق، بخلاف ما يحصل أحياناً من العوام من انفعالات غريبة جداً، أو أنها تعكس أكثر الألقاب التي يلقونها، يعني: أنا أذكر كما سمعت في أثناء الحرب العالمية لما كان هتلر هنا يعد أهل مصر خيراً لو تعاونوا معه ضد الإنجليز، فبمجرد أن بدأ هتلر يغازل الشعب المصري ببعض العبارات اللطيفة صار له لقب عند العوام هنا في مصر يسمونه: الحج محمد هتلر ؛ تعبيراً عن أنهم تفاعلوا مع هذه العاطفة التي أبداها تجاههم، ففوراً سموه الحج محمد هتلر ، يعني: سبحان الله الناس تتحول بين يوم وليلة، السفاح الذي كان بالأمس يقتل ويده ملوثة بالدماء، وتاريخه أسود، وإلى آخر لحظات من عمره وهو في محاربة لله ورسوله وللمؤمنين، ومع ذلك نجد بعض من انحطت هممهم وسفلت نفسيتهم ينقادون ويقادون إلى مثل هذه المهازل التاريخية في الحقيقة، والله المستعان!
فالشاهد أن العوام في بلاد المغرب الإسلامي قد أصابوا فعلاً حينما سموه سيدي تحفة ؛ لأنه كان أعظم ما أنجزه هذا الرجل الجليل هو هذا الكتاب الرائع: تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب، وكان ذلك الكتاب يمثل ضربة قوية على بنيان النصرانية، كتبه عالم من أكبر علماء النصرانية في عصره باعتراف أهلها وشهادتهم، افتتح هذا الكتاب بذكر قصة إسلامه، وسوف نتلو عليكم هذه القصة كما حكاها هو بنفسه رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه.
قال رحمه الله تعالى: اعلموا رحمكم الله أن أصلي من مدينة ميورقا، وهي جزيرة في البحر الأبيض المتوسط جنوب شرق أسبانيا اليوم، فتحها المسلمون سنة تسعين ومائتين هجرية إلى أن تغلب عليها العدو البرشلوني، وخربها سنة (508).
يقول: اعلموا رحمكم الله أن أصلي من مدينة ميورقا أعادها الله للإسلام، وهي مدينة كبيرة تقع على البحر بين جبلين يشقها واد صغير وهي مدينة لها مرساتان عجيبتان ترسو بهما السفن الكبيرة، للمتاجر الجليلة، والمدينة في جزيرة تسمى باسم المدينة ميورقا، وأكثر غاباتها زيتون وتين، وكان والدي محسوباً من أهل حاضرة (ميورقا)، ولم يكن له ولد غيري، ولما بلغت ست سنين من عمري أسلمني إلى معلم من القسيسين قرأت عليه الإنجيل حتى حفظت أكثر من شطره في مدة سنتين، ثم أخذت في تعلم لغة الإنجيل وعلم المنطق في ست سنين، ثم ارتحلت من بلدي (ميورقا) إلى مدينة لاردا من أرض القصطلان.
حتى الآن هذه المدينة تسمى كستلون، وقصطلة مدينة بالأندلس، فهذه المدينة مدينة القصطلان مدينة العلم عند النصارى في ذلك القطر، وفي هذه المدينة يجتمع طلبة العلم من النصارى، وينتهون إلى ألف وخمسمائة ولا يحكم فيهم إلا القسيس الذي يقرءون عليه، فقرأت فيها علم الطبيعيات والفلك مدة تسع سنين، ثم تصدرت فيها أقرأ الإنجيل ولغته ملازماً لذلك مدة أربع سنين، ثم ارتحلت إلى مدينة جلونيا من أرض الأندلس وهي مدينة كبيرة جداً وهي مدينة علم عند جميع أهل ذلك القطر، ويجتمع بها كل عام من الآفاق أزيد من ألفي رجل يطلبون العلوم ولا يلبسون إلا الملف، وهو لحاف يلتحف به، ويسمي هذا الملف كما يقول: الذي هو صباغ الله يعني: لعلهم يقصدون بذلك أنهم يلبسون لباساً معيناً يصبغ بصبغة في زعمهم مقدسة كما يفعلون في التعميد ولو كان طالب العلم منهم سلطاناً أو ابن سلطان فلا يلبس إلا ذلك؛ ليمتاز الطلبة عن غيرهم، ولا يحكم فيهم إلا القسيس الذي يقرءون عليه.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
علو الهمة [13] | 2482 استماع |
علو الهمة [8] | 2443 استماع |
علو الهمة [6] | 2262 استماع |
علو الهمة [7] | 2164 استماع |
علو الهمة [9] | 2046 استماع |
علو الهمة [5] | 1909 استماع |
علو الهمة [16] | 1825 استماع |
علو الهمة [15] | 1793 استماع |
علو الهمة [3] | 1656 استماع |
علو الهمة [17] | 1637 استماع |