كلمة وموعظة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.. أما بعد:

الدعاء من الأمور التي قد لا يتفطن لها كثير من الناس، فالإنسان يدعو لنفسه وقد يستجاب له، وربما لا يستجاب له لموانع موجودة في هذا الشخص، وهي كثيرة منها: ما ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قال: ( إنَّ الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله قد أمر عباده الصالحين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً [المؤمنون:51] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟!) نسأل الله العفو والعافية.

موانع الدعاء وما يزيلها

فموانع الدعاء كثيرة منها:- أكل الحرام، ومنها ما يتعلق بطريقة الدعاء، كأن يدعو الإنسان دعاءً معتدياً، والله تبارك وتعالى نهى عن ذلك، فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] فالاعتداء في الدعاء كأن يدعو بما لا يليق بالله عز وجل أن يستجيب له، كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، وما أشبه ذلك من موانع إجابة الدعاء.

فلو دعا الإنسان لنفسه بأمر، وأخل بأدب من آداب الدعاء، فربما تخلف كله لوجود مانع يمنع هذه الدعوة من الإجابة، إلا أن هناك أمراً يزيل كل هذه الموانع، وتستجاب الدعوة -بإذن الله- وهذا الأمر هو الدعاء بظهر الغيب كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يقول الملك: آمين! ولك مثل ذلك!) فيستجاب له في أخيه، وينادي الملك: ولك مثل ذلك.

والحكمة ظاهرة في هذا: لأنك بدعائك لأخيك تنتفي شبهة حظ النفس التي قد تفسد الإخلاص أحياناً، أما في دعائك لأخيك في ظهر الغيب، فالإخلاص فيه واضح؛ لأنه لا يعلم ولا يدري عنك أحد، وإنما أنت تنادي وتناشد وتتضرع إلى علام الغيوب -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيما بينك وبينه أن يفرّج عن أخيك هذه الكربة، وأن يرزقه، ويحفظه، ويعافيه، بما يفتح الله لك به من الدعاء لأخيك.. فالإخلاص متحقق، فمن هنا كانت هذه الدعوة جديرة بالإجابة.

أمر الله لنا بالدعاء

يقول الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] فيجب علينا أن نستجيب لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأن ندعو الله ونتضرع إليه، كما قال الشاعر:

الله يغضب إن تركت سؤاله     وبُني آدم حين يُسأل يغضب

فهكذا حال الناس، فأكرم الناس في الأرض حتى لو كان أباك ولو كان أصلح الناس؛ لأنه لو طلبت منه شيء فقد يرفض ذلك، وهذا طبيعي، حتى الأم، ومعلوم أنه ليس هناك أحد أشفق على أحد مثل شفقة الأم على ولدها وعلى رضيعها، ولذلك ضرب بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المثل عندما رآها وهي تحتضن طفلها، فقال: {أرأيتم هذه المرأة أكانت واضعة طفلها في النار؟! قالوا: لا! فقال: لله أرحم بعباده من هذه الأم بوليدها!!} إذاً فالله أكرم كريم عز وجل، وهو الكريم الذي يده ممدودة بالعطاء: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64].

حتى أعداؤه شملهم عطاؤه، قال تعالى: كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء:20] ماذا لو كان عطاء الله خاصاً بالمؤمنين! فمن يرزق الكافرين؟! ومن يرزق المنافقين؟! لا أحد! فالرازق هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62].

إجابة الله لدعاء المضطر

المضطر إذا دعا الله سواء أكان براً أم فاجراً، فإن الله هو الذي يجيبه، وهذا من فضل الله تبارك وتعالى ومن سعة رحمته أنه يريد أن نسأله، ويحب أن نتضرع إليه، وبقدر الضراعة، والذل الذي يظهر منك، والخشوع والانكسار والافتقار بين يدي ربك؛ يكون رجاؤك بالإجابة، فليس قولك: (يا رب! اعطني) هو ضراعة، بل الضراعة هي التي تكون مثل دعاء نبي الله يونس عليه السلام حين دعا الله بضراعة وخشوع، لأنه لا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فعندما تُشعر نفسك بالافتقار إلى الله يستجيب لك، وإذا كان الأمر كذلك، فهل أنا فعلاً فقير إلى الله؟! أم أني لا أفتقر إلى الله إلا وقت الحاجة؟!

كثير من الناس لا يدعون الله إلا في وقت الحاجة! إما بسبب مرض أو مشكلة تقع أو غيره.

نحن مفتقرون إلى الله تبارك وتعالى في كل لحظة، وفي كل دقيقة، بل وحتى في النفس الواحد! وكم من الناس من يتنفس ثم فجأة لا يستطيع أن يتنفس! هذا القلب الذي ينبض لو ضعف نبضه؛ لمرض الإنسان وأسعف إلى المستشفى، وربما مات أو صار في حالة عصيبة، وهكذا في كل لحظة -أيها الأحباب- نحن مفتقرون إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15].

فموانع الدعاء كثيرة منها:- أكل الحرام، ومنها ما يتعلق بطريقة الدعاء، كأن يدعو الإنسان دعاءً معتدياً، والله تبارك وتعالى نهى عن ذلك، فقال: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] فالاعتداء في الدعاء كأن يدعو بما لا يليق بالله عز وجل أن يستجيب له، كأن يدعو بإثم أو قطيعة رحم، وما أشبه ذلك من موانع إجابة الدعاء.

فلو دعا الإنسان لنفسه بأمر، وأخل بأدب من آداب الدعاء، فربما تخلف كله لوجود مانع يمنع هذه الدعوة من الإجابة، إلا أن هناك أمراً يزيل كل هذه الموانع، وتستجاب الدعوة -بإذن الله- وهذا الأمر هو الدعاء بظهر الغيب كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يقول الملك: آمين! ولك مثل ذلك!) فيستجاب له في أخيه، وينادي الملك: ولك مثل ذلك.

والحكمة ظاهرة في هذا: لأنك بدعائك لأخيك تنتفي شبهة حظ النفس التي قد تفسد الإخلاص أحياناً، أما في دعائك لأخيك في ظهر الغيب، فالإخلاص فيه واضح؛ لأنه لا يعلم ولا يدري عنك أحد، وإنما أنت تنادي وتناشد وتتضرع إلى علام الغيوب -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيما بينك وبينه أن يفرّج عن أخيك هذه الكربة، وأن يرزقه، ويحفظه، ويعافيه، بما يفتح الله لك به من الدعاء لأخيك.. فالإخلاص متحقق، فمن هنا كانت هذه الدعوة جديرة بالإجابة.

يقول الله عز وجل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] فيجب علينا أن نستجيب لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأن ندعو الله ونتضرع إليه، كما قال الشاعر:

الله يغضب إن تركت سؤاله     وبُني آدم حين يُسأل يغضب

فهكذا حال الناس، فأكرم الناس في الأرض حتى لو كان أباك ولو كان أصلح الناس؛ لأنه لو طلبت منه شيء فقد يرفض ذلك، وهذا طبيعي، حتى الأم، ومعلوم أنه ليس هناك أحد أشفق على أحد مثل شفقة الأم على ولدها وعلى رضيعها، ولذلك ضرب بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المثل عندما رآها وهي تحتضن طفلها، فقال: {أرأيتم هذه المرأة أكانت واضعة طفلها في النار؟! قالوا: لا! فقال: لله أرحم بعباده من هذه الأم بوليدها!!} إذاً فالله أكرم كريم عز وجل، وهو الكريم الذي يده ممدودة بالعطاء: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64].

حتى أعداؤه شملهم عطاؤه، قال تعالى: كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء:20] ماذا لو كان عطاء الله خاصاً بالمؤمنين! فمن يرزق الكافرين؟! ومن يرزق المنافقين؟! لا أحد! فالرازق هو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62].


استمع المزيد من الشيخ الدكتور سفر الحوالي - عنوان الحلقة اسٌتمع
المناهج 2599 استماع
(قاعدة أهل السنة في معاملة الأمة) لابن تيمية 2575 استماع
العبر من الحروب الصليبية 2509 استماع
محبة الرسول صلى الله عليه وسلم 2462 استماع
إبلاغ الأمة بكيفية محبة الرسول 2349 استماع
من أعمال القلوب: (الإخلاص) 2265 استماع
العبر من الحروب الصليبية [1، 2] 2261 استماع
الممتاز في شرح بيان ابن باز 2251 استماع
خصائص أهل السنة والجماعة 2198 استماع
الشباب مسئولية من؟ 2167 استماع