العزلة الفكرية لدى الشباب المسلم


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد الأمين , وعلى آله وصحبه الطيـبين الطاهرين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين..... وبعد:

إن العزلة لدى الشباب المسلم هي من أخطر الأمراض التي يعانون منها، ولا سيما في هذا العصر، وسوف نوضح -أولاً- حقيقة هذه العزلة، ثم ننظر إلى خطرها وضررها على الشباب المسلم من خلال ذلك.

حقيقة العزلة الكاملة

أولاً: هناك عزلة كاملة يعاني منها الشباب المسلم اليوم، عزلة كاملة عن دينه وعن تأريخه، وعن كل ما يهمه ويجب عليه أن يعرفه، وهذا ما يعاني منه شباب الإسلام في معظم بقاع الدنيا؛ فهم أبناء الجيل الأول وأحفاد الصحابة الكرام، وحملة الأمانة، الأمانة التي حملتها هذه الأمة المباركة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

ولكنهم مع ذلك لا يعلمون من هذه الأمانة ومن هذا الحمل شيئاً، بل يعيشون كما يعيش أبناء اليهود والنصارى والمجوس وعباد البقر والأصنام، لا يعملون شيئاً إلا لشهواتهم ولدنياهم، قد حببت إليهم هذه الحياة الدنيا وغفلوا غفلة تامة عن الحياة الأخرى, وحبب إليهم كل كتاب إلا كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وكل عظيم من العظماء أو العباقرة أو الأبطال إلا أن يكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو صحابته الكرام, وعظُم لديهم كل عالم في الدنيا إلا أن يكون عالماً من علماء الأمة الصابرين المجاهدين.

وهذه عزلة عظيمة وقع فيها وكان ضحيتها الشباب المسلم في أكثر أرجاء الأرض.

صانعو العزلة الكاملة

إن سبب هذه العزلة هو سيطرة العلمانيين والماديين والملحدين وغيرهم من الأحزاب الخبيثة أو من الطواغيت المجرمين الموالين لأعداء الله تعالى في الشرق والغرب، ففرضوا على هذه الأمة المباركة الطيـبة المصطفاة هذه العزلة، وأصبحوا يربون الأشبال وأبناء الأسود كما تربى فراخ الدجاج، ولذلك نجد أن هذه الأمة فصلت عن تاريخها، وعزلت عن ماضيها وعن مصدر حياتها وعن مقومات وجودها، وأصبح هذا الشباب يعيش على هامش الحياة وعلى هامش العالم، ونتيجة لذلك ظهرت هذه العزلة في هذا الشباب.

نتائج العزلة الكاملة

ومن نتائج هذه العزلة الانتماءات الكثيرة المتشعبة المتفرقة, فهذا يتجه إلى الشرق، وذاك يتجه إلى الغرب.. وإذا ظهرت في الغرب اتجاهات فإنهم يتسارعون ويتسابقون إلى أيها يذهبون، وبأيها يأخذون، وكذلك في الغرب.. وهكذا.. فلا تكاد تجد اثنين من الشباب على قلب واحد، ومن لم تتخطفه الانتماءات المختلفة ذات اليمين وذات الشمال إلى غير دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فإن الشهوات تفتك به, وإن الإباحية والمادية تحيطان به من كل جهة. وهذا النوع من الشباب نستطيع أن نقول: إنه يعاني من العزلة الكاملة عن الإسلام، وهذا هو الذي يسعى إليه -دائماً- أعداء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويخططون له.

وسائل العزلة الكاملة

ومن وسائل هذه العزلة وسائل الإعلام؛ لأنها تصرف الشباب عن الجد، والدين، والحق، وعن معرفة الله، والتفكير بالدار الآخرة, إلى الشهوات والأفكار الخبيثة.. فإذا لم يسمع الشاب أو لم يرَ أو لم يقرأ إلا ما كان بعيداً عن دينه، فإن هذه العزلة تزداد وتستحكم، فمن أين للحق والخير أن ينفذ إلى قلبه؟! ولا سيما إن كان الدعاة في قلة أو في ذلة, وكانت المساجد لا تؤدي الواجب الذي شرع فيها، وكان أئمتها مقصرين, وكانت حلقات العلم فيها معدومة أو ضعيفة... إلى غير ذلك، فهنا تستحكم هذه العزلة على هذا الشباب المسكين.

ومن أعظم وسائل العزلة:

المناهج التعليمية: فإنك تجد الشباب يتخصص في مجالات كثيرة في أكثر أنحاء العالم الإسلامي، فهو يعيش في مجالات متنوعة: منها ما تسمى علمية، أو ما تسمى أدبية، ولكن أقل القليل هو من يتفقه أو يقرر عليه شيئاً من دينه؟! وأكثر الجامعات الإسلامية لا تقرر أية مادة إسلامية شرعية، معتمدة على أن الطالب كان لديه في المرحلة الثانوية كتيب صغير جمعوا فيه الفقه والتوحيد والحديث إلى آخره.

ثم يأتي الطالب في الجامعة خاوياً وخالي الذهن، فإن لم يجد المنهج ولم يجد المدرس بطبيعة الحال، فمن أين له أن يعرف دينه وأن يطلع على حقائقه؟! وحينئذ يكون هذا محسوباً رقمياً على الأمة الإسلامية، ولكنه حقيقياً عضواً من الأعضاء الذين إن لم يكونوا ضد الإسلام فهم على الأقل لا يحسبون له حقيقة؛ لأنهم لا يعيشون قضية الإسلام، ولا يدرون لماذا جاءوا، وإلى أين يذهبون، ولا تهمهم قضايا أنفسهم وعبادتهم التي خلقوا من أجلها، ولا قضايا أمتهم التي يجب أن يضحوا ويعملوا في سبيلها.

هذا هو النوع الأول، وأرى أن أمره واضح، وأحسب -والحمد لله- أن مجتمعنا هذا إلى حد ما ليس عنده هذا النوع من العزلة، وليس مستحكماً فيه؛ نظراً لوجود هذه الصحوة الطيبة المباركة، والدعوة التي آتت ثمراتها والحمد لله، وما وجود مثل هذه المخيمات، ومثل هؤلاء الإخوة في كل جامعة -وأمثالهم كثير- إلا دليل على ذلك.

أولاً: هناك عزلة كاملة يعاني منها الشباب المسلم اليوم، عزلة كاملة عن دينه وعن تأريخه، وعن كل ما يهمه ويجب عليه أن يعرفه، وهذا ما يعاني منه شباب الإسلام في معظم بقاع الدنيا؛ فهم أبناء الجيل الأول وأحفاد الصحابة الكرام، وحملة الأمانة، الأمانة التي حملتها هذه الأمة المباركة: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

ولكنهم مع ذلك لا يعلمون من هذه الأمانة ومن هذا الحمل شيئاً، بل يعيشون كما يعيش أبناء اليهود والنصارى والمجوس وعباد البقر والأصنام، لا يعملون شيئاً إلا لشهواتهم ولدنياهم، قد حببت إليهم هذه الحياة الدنيا وغفلوا غفلة تامة عن الحياة الأخرى, وحبب إليهم كل كتاب إلا كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, وكل عظيم من العظماء أو العباقرة أو الأبطال إلا أن يكون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو صحابته الكرام, وعظُم لديهم كل عالم في الدنيا إلا أن يكون عالماً من علماء الأمة الصابرين المجاهدين.

وهذه عزلة عظيمة وقع فيها وكان ضحيتها الشباب المسلم في أكثر أرجاء الأرض.

إن سبب هذه العزلة هو سيطرة العلمانيين والماديين والملحدين وغيرهم من الأحزاب الخبيثة أو من الطواغيت المجرمين الموالين لأعداء الله تعالى في الشرق والغرب، ففرضوا على هذه الأمة المباركة الطيـبة المصطفاة هذه العزلة، وأصبحوا يربون الأشبال وأبناء الأسود كما تربى فراخ الدجاج، ولذلك نجد أن هذه الأمة فصلت عن تاريخها، وعزلت عن ماضيها وعن مصدر حياتها وعن مقومات وجودها، وأصبح هذا الشباب يعيش على هامش الحياة وعلى هامش العالم، ونتيجة لذلك ظهرت هذه العزلة في هذا الشباب.