مقدمة في أصول التفسير [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. وبعد:

أخذنا في الدرس الماضي بقية ما يتعلق بالتأويل وكان الحديث عن المصطلح الحادث في التأويل، هل له حد يقف عنده, ومن خلال المثال الذي ذكرته نجد أن التأويل بالمصطلح الحادث قد تعدى إلى إنكار المعاد, وهذا مما يدل على إشكالية كبيرة جداً في هذا المصطلح.

وكما قلت: إن مرجع هذا المصطلح هو العقل، والعقول تختلف, فمن تربى على الفلسفة وأراد أن يجعل الشريعة مطابقة لما قرأه في الفلسفة مثل ابن رشد ، فقطعاً سنجد عنده مثل هذه الأقوال المتهالكة التي ذكرنا منها مثالاً.

علاقة التأويل بالمحكم والمتشابه

ثم بعد ذلك انتقلنا إلى علاقة التأويل بالمحكم والمتشابه من خلال آية آل عمران , وبان لنا أن التأويل له وجهان صحيحان في تفسير الآية وهما واردان عن السلف: الوجه الأول بمعنى التفسير, ويكون المحكم بناءً على هذا التفسير الذي ليس فيه إشكال, بمعنى: المعلوم علماً تاماً عند المفسر.

والمتشابه: هو ما يقع فيه إشكال عند المفسر أو عند القارئ وهو المتشابه النسبي, فإذا كان التأويل بمعنى التفسير تكون الآيات المحكمات، أي: التي لم يقع فيها إشكال, والآيات المتشابهات: هي التي يقع فيها الإشكال، بغض النظر عن أي سبب من أسباب الإشكال، ما دام ورد إشكال فنعتبره متشابهاً نسبياً، وذكرنا أيضاً كيف يقع اتباع الزيغ واتباع التأويل في هذا النوع، وضربنا مثلاً بالخوارج, وكذلك بالسبئية.

فالخوارج أخذوا بعض الآيات وفسروها، وجهلوا بعضاً، فهذا نوع من المتشابه النسبي, وكذلك من يأخذ بعض الآيات التي يكون فيها إجمال ويفسرها على هواه دون أن ينظر إلى أقوال الراسخين، فقطعاً يقع عنده الخلل في هذا, سواءً كان قاصداً زيغاً، أو أراد تأويلاً فانحرف بتأويله.

فالمقصود أن هذا النوع يقع فيه بهذا السبب, وهو معلوم للراسخين في العلم, ولعلي ذكرت سابقاً الأثر الذي رواه البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس , لما سأله السائل عن جمع من الأسئلة, فأجابه ابن عباس ؛ لأنه قال: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، ثم ذكر مجموعة من الإشكالات الواردة, فهذا يدخل في التشابه النسبي, فلما رجع به هذا إلى الراسخين في العلم بين له هذه الإشكالات الواردة عنده، فحل له هذا الإشكال الوارد.

ثم ذكرت النوع الثاني أو الوجه الثاني في التأويل: وهو أن يكون التأويل بمعنى: ما تؤول إليه حقيقة الشيء, فيكون المحكم بمعنى: المعلوم للناس, ويدخل فيه المتشابه النسبي؛ لأن المتشابه النسبي هنا لا ينظر فيه إلى الفرد إنما ينظر فيه إلى المجموع, ولا يوجد في القرآن ما لا يعلم معناه, فإذاً الآيات المحكمات هي الآيات المعلومات, بالنظر للعموم يعني: للجميع, والآيات المتشابهات هي الآيات التي لا يعلمها أحد أبداً، وهي التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه, فتكون هنا هي المتشابهات أي: المتشابه الكلي, والمتشابه الكلي هو الذي لا يعلم تأويله إلا الله.

وذكرت أن المتشابه الكلي يقع في وقت وقوع المغيبات، أو يقع في كيفيات المغيبات, وضربت مثالاً في ذلك الدابة التي تخرج في آخر الزمان, فوقتها لا يعلمه إلا الله, وأيضاً كيفيتها إلا ما ورد في الآثار الصحيحة.

كذلك ذكرت: الصفات الإلهية، والأصل فيها أن الكيفية غير معلومة فهي داخلة في المتشابه الكلي، أما المعنى فإنه معلوم.

ثم بعد ذلك انتقلنا إلى علاقة التأويل بالمحكم والمتشابه من خلال آية آل عمران , وبان لنا أن التأويل له وجهان صحيحان في تفسير الآية وهما واردان عن السلف: الوجه الأول بمعنى التفسير, ويكون المحكم بناءً على هذا التفسير الذي ليس فيه إشكال, بمعنى: المعلوم علماً تاماً عند المفسر.

والمتشابه: هو ما يقع فيه إشكال عند المفسر أو عند القارئ وهو المتشابه النسبي, فإذا كان التأويل بمعنى التفسير تكون الآيات المحكمات، أي: التي لم يقع فيها إشكال, والآيات المتشابهات: هي التي يقع فيها الإشكال، بغض النظر عن أي سبب من أسباب الإشكال، ما دام ورد إشكال فنعتبره متشابهاً نسبياً، وذكرنا أيضاً كيف يقع اتباع الزيغ واتباع التأويل في هذا النوع، وضربنا مثلاً بالخوارج, وكذلك بالسبئية.

فالخوارج أخذوا بعض الآيات وفسروها، وجهلوا بعضاً، فهذا نوع من المتشابه النسبي, وكذلك من يأخذ بعض الآيات التي يكون فيها إجمال ويفسرها على هواه دون أن ينظر إلى أقوال الراسخين، فقطعاً يقع عنده الخلل في هذا, سواءً كان قاصداً زيغاً، أو أراد تأويلاً فانحرف بتأويله.

فالمقصود أن هذا النوع يقع فيه بهذا السبب, وهو معلوم للراسخين في العلم, ولعلي ذكرت سابقاً الأثر الذي رواه البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس , لما سأله السائل عن جمع من الأسئلة, فأجابه ابن عباس ؛ لأنه قال: إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، ثم ذكر مجموعة من الإشكالات الواردة, فهذا يدخل في التشابه النسبي, فلما رجع به هذا إلى الراسخين في العلم بين له هذه الإشكالات الواردة عنده، فحل له هذا الإشكال الوارد.

ثم ذكرت النوع الثاني أو الوجه الثاني في التأويل: وهو أن يكون التأويل بمعنى: ما تؤول إليه حقيقة الشيء, فيكون المحكم بمعنى: المعلوم للناس, ويدخل فيه المتشابه النسبي؛ لأن المتشابه النسبي هنا لا ينظر فيه إلى الفرد إنما ينظر فيه إلى المجموع, ولا يوجد في القرآن ما لا يعلم معناه, فإذاً الآيات المحكمات هي الآيات المعلومات, بالنظر للعموم يعني: للجميع, والآيات المتشابهات هي الآيات التي لا يعلمها أحد أبداً، وهي التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمه, فتكون هنا هي المتشابهات أي: المتشابه الكلي, والمتشابه الكلي هو الذي لا يعلم تأويله إلا الله.

وذكرت أن المتشابه الكلي يقع في وقت وقوع المغيبات، أو يقع في كيفيات المغيبات, وضربت مثالاً في ذلك الدابة التي تخرج في آخر الزمان, فوقتها لا يعلمه إلا الله, وأيضاً كيفيتها إلا ما ورد في الآثار الصحيحة.

كذلك ذكرت: الصفات الإلهية، والأصل فيها أن الكيفية غير معلومة فهي داخلة في المتشابه الكلي، أما المعنى فإنه معلوم.

ثم بعد ذلك انتقلت إلى الاستنباط, وذكرت الدلالة اللغوية والاصطلاحية للاستنباط, ثم ذكرت أن الاستنباط قد يكون من ظاهرٍ لا يخفى، أو من نصٍ يحتاج إلى تفسير.

وذكرت أيضاً: أن عملية الاستنباط هي في حقيقتها عملية ربط بين قولٍ وآية, وهناك كلام يربط بآية عن طريق الاستخراج, وهذا الربط قد يكون استنباط حكم فقهي، أو قد يكون استنباط أدب أخلاقي، أو فائدة علمية.. إلى آخره, وكل هذا له أمثلة, واختصاراً للوقت لم أذكر أمثلةً لهذا.

والاستنباط كما ذكرت: أن الأصل فيه أنه من القول بالرأي.

مرتكز عملية الاستنباط

ثم ذكرت بعد ذلك أن عملية الاستنباط تدور على ثلاث قضايا: نص مفسر, وهذا التفسير إما أن يكون صحيحاً أو خطأً, ونص ظاهر، ومعلومة مرتبطة بأحدهما.

أنواع ربط المعلومة بالمعنى والتفسير

وربط أي معلومة كما قلت لا يخلو من أحوال:

الحالة الأولى: أن تكون المعلومة بذاتها فاسدة باطلة, وهذه من أول الأمر دلالة على بطلانها, فما دامت المعلومة بذاتها فاسدة، فربطها بالقرآن قطعاً سيكون باطلاً، بأي شكل من أشكال الاستنباط, وذكرت مثالاً في ذلك قوله سبحانه وتعالى: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ[ص:42], وأنه دليل على جواز الرقص عند الصوفية, أي: استدلوا بقوله: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ[ص:42], على جواز الرقص للرجال, وهو الرقص الذي يعمله الصوفية معروف أن الرقص في أصله للرجال حرام, فقطعاً ربطه بالآيات سيكون خطأ.

وذكرت أن هذا يكون في نص ظاهر, أو في نص مفسر صحيح, أو في نص مفسر غير صحيح, يعني: قد يفسر تفسيراً صحيحاً، لكنه يربط بفائدة غير صحيحة, أو يكون النص المفسر غير صحيح، فقطعاً تكون الفائدة غير صحيحة, وذكرت مثالاً في ذلك قوله تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ[التين:1], للمعاصر الذي ذكره القاسمي في قوله سبحانه وتعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ[التين:1].

الحالة الثانية: أن تكون المعلومة بذاتها صحيحة ولا تخالف الشريعة, وهذه على قسمين, الأول: أن يكون ربطها بالآية صحيحاً, والثاني: أن تكون المعلومة صحيحة، لكن ربطها بالآية خطأ, فالإشكال هنا عندنا في الربط, وليس الإشكال في ذات المعلومة فالمعلومة صحيحة وربطها بآية سواء كانت نصاً ظاهراً أو تفسيراً ظاهراً وهذا كثير جداً, وذكرت مثالاً في ذلك، وهو استدلال الشافعي رحمه الله تعالى بقوله: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ[المسد:4], على صحة أنكحة الكفار, يعني: كافر يعقد على كافرة فهذا نكاح صحيح, بدلالة قوله: وَامْرَأَتُهُ[المسد:4], لأنه نسب المرأة إلى زوجها وهما كافران.

فهذا من الربط الصحيح, فالمعلومة صحيحة والاستنتاج أيضاً صحيح, لكن أحياناً يكن عندنا أن المعلومة صحيحة لكن ربطها بالآية يكون فيه خلل, وهذا يكثر في التفسير الإشاري، وإن كان أيضاً النوع الأول الذي ذكرت أنه من المعاني الباطلة فيه, ولم أفصل في هذا اختصاراً, وهذا يكثر في التفسير الإشاري، كما يكثر في عمل الوعاظ اليوم, وعمل بعض الدعاة أيضاً الذين يريدون أن يستنبطوا بعض القضايا المتعلقة بالدعوة أو بالواقع من الآيات, فيقع الإشكال في أن تكون المعلومة صحيحة, لكن كون ربطها بالآية التي تدل عليها فيه إشكال، فالإشكال ليس في ذات المعلومة, ولكن الإشكال في الربط.

والمثال الذي ذكرت كان من التفسير الإشاري ذكره القرطبي رحمه الله تعالى في قصة طالوت مع النهر: إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ[البقرة:249], فهو ذكر عن هذا الرجل أي: المستنبط أنه قال: هذه الآية مثل ضربه الله للدنيا, ثم قسم الناس على هذا النهر، يعني: على مثابة أن الدنيا هي النهر, فقسمهم ثلاثة أقسام: الشارب, والمغترف, والذي لم يطعم, فالشارب هو المتهالك في الدنيا, والذي غرف غرفة الذي خلط, والذي لم يطعم الأبرار هذا بزعمه هو.

فهذا الكلام من حيث هو لو لم يكن مرتبطاً بالآية لكان صحيحاً, فلو أن الإنسان قال: هذه الدنيا كالنهر, والناس فيها على ثلاثة أقسام: فمنهم شارب من هذا النهر, ومنهم كذا لصح، فإن المعلومة بذاتها صحيحة, لكن كون الآية دلت على هذا المعنى أو أرادت هذا المعنى هذا فيه نظر, فالخلل هنا في الربط, وقد ذكرت كلام القرطبي في تعليقه على هذا، فقال: ما أحسن هذا الكلام لولا ما فيه من التحريف في التأويل والخروج عن الظاهر, ولكن معناه صحيح في غير هذا.

ثم ذكرت الربط بين آيتين أو استنتاج حكم أو فائدة من ربط آيتين ببعض, وكذلك الاستنباط بإعمال مفهوم المخالفة, وقلت: إنه لا يوجد حد لتنويع الاستنباطات, فما ذكرته إنما هو مجرد أمثلة لكن القانون الكلي الذي ذكرت وهذا هو مهم جداً، وهو النظر إلى المعلومة وإلى التفسير بالذات؛ لأنه نص ظاهر ليس فيه إشكال, لكن أولاً ينظر تفسيره هل هو صحيح والا غير صحيح, ثم بعد ذلك تبنى عليه الاستنباطات أو الفوائد, وهذ الاستنباطات والفوائد ينظر في المعلومة ذاتها، هل هي صحيحة في ذاتها أو غير صحيحة.

ثم ذكرت بعد ذلك أن عملية الاستنباط تدور على ثلاث قضايا: نص مفسر, وهذا التفسير إما أن يكون صحيحاً أو خطأً, ونص ظاهر، ومعلومة مرتبطة بأحدهما.


استمع المزيد من صفحة د. مساعد الطيار - عنوان الحلقة اسٌتمع
مقدمة في أصول التفسير [6] 2942 استماع
مقدمة في أصول التفسير [10] 2463 استماع
مقدمة في أصول التفسير [3] 2419 استماع
مقدمة في أصول التفسير [4] 2373 استماع
مقدمة في أصول التفسير [1] 2360 استماع
مقدمة في أصول التفسير [9] 2294 استماع
مقدمة في أصول التفسير [5] 2269 استماع
مقدمة في أصول التفسير [8] 2025 استماع
مقدمة في أصول التفسير [2] 1646 استماع
مقدمة في أصول التفسير [11] 1300 استماع