كتاب السنة


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.

أما بعد: فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال رحمه الله تعالى: [كتاب السنة، باب شرح السنة.

حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ).

حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى بن فارس قالا: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان، ح وحدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية قال: حدثني صفوان نحوه قال: حدثني أزهر بن عبد الله الحرازي عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان أنه قام فقال: ( ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة ) زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما: ( وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء، كما يتجارى الكلب لصاحبه ) وقال عمرو: (الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله) ].

وحديث أبي هريرة في الافتراق جاء عن جماعة من الصحابة، منهم عبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمثل هذه الطرق هو حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم عن عبد الله بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: ( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ [آل عمران:7] قرأ القعنبي إلى (أولو الألباب) قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم ) ].

وذلك أن الجدال لا يؤدي إلى خير؛ لأنه جدال بلا حجة غالباً، وكذلك أيضاً فإنه يورث للإنسان عجباً بمنطقه ولفظه بعيداً عن الحجج، والإنسان إذا أكثر من الجدال رد الحجة لا محالة، وإذا رد الحجة حينئذٍ حمله ذلك إلى الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الأعمال الحب في الله، والبغض في الله ).

حدثنا ابن السرح قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك، وذكر ابن السرح قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال: ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة، حتى إذا طال علي تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، فسلمت عليه، فوالله ما رد علي السلام، ثم ساق خبر تنزيل توبته )].

وفي هذا استحباب الهجر لمن وقع في شيء لا يردع إلا بهجره حتى في السلام، ولو بذل السلام فإنه لا يرد عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر قال: ( قدمت على أهلي وقد تشققت يداي، فخلقوني بزعفران، فغدوت على النبي صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، فلم يرد علي، وقال: اذهب فاغسل هذا عنك ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن ثابت البناني عن سمية عن عائشة: ( أنه اعتل بعير لـصفية بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب: أعطيها بعيراً، فقالت: أنا أعطي تلك اليهودية؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المراء في القرآن كفر )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد، إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه )].

السنة قسيمة القرآن، وهي وحي من الله عز وجل، فهي قسيمة القرآن من جهة الاحتجاج، حيث قرن الله عز وجل طاعة نبيه بطاعته، ومعصيته بمعصيته.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب قال: أخبرني عن نافع قال: ( كان لـابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه فكتب إليه عبد الله بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر ).

حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أن أبا إدريس الخولاني عائذ الله أخبره أن يزيد بن عميرة -وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره قال: ( كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: الله حكم قسط، هلك المرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل، والمرأة، والصغير، والكبير، والعبد، والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما يبتدع، فإن ما ابتدع ضلالة، وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وإن المنافق كلمة الحق قال: قلت لـمعاذ: ما ندري يرحمك الله إن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها: ما هذه، ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نوراً )، قال أبو داود: قال معمر عن الزهري في هذا: ولا ينئينك ذلك عنه مكان يثنينك، وقال صالح بن كيسان عن الزهري في هذا: المشبهات مكان المشتهرات، وقال: لا يثنينك كما قال عقيل، وقال ابن إسحاق عن الزهري قال: بلى ما تشابه عليك من قول الحكيم حتى تقول: ما أراد بهذه الكلمة.

حدثنا أحمد بن حنبل وعبد الله بن محمد النفيلي قالا: حدثنا سفيان عن أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه )].

وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ( متكئاً على أريكته ) إشارة إلى أن الكبر يرد الحق، فإذا وجد الكبر في الإنسان فبقدر وجوده يرد الإنسان الحجة البينة. وقد يؤخذ من هذا الدليل أن الإنسان إذا سمع الحجة من الوحي ينبغي له ألا يتكئ وأن يقعد جالسا ًتعظيماً لها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، ح وحدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المخرمي وإبراهيم بن سعد عن سعد بن إبراهيم عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد ).

قال ابن عيسى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد ).

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ثور بن يزيد قال: حدثني خالد بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي و حجر بن حجر قالا: ( أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ [التوبة:92]، فسلمنا، وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله! كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن جريج قال: حدثني سليمان يعني: ابن عتيق عن طلق بن حبيب عن الأحنف بن قيس عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا هلك المتنطعون ثلاث مرات )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أسود بن عامر قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: ( كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نعدل بـأبي بكر أحداً ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم ).

حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: قال سالم بن عبد الله: إن ابن عمر قال: ( كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ).

حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا جامع بن أبي راشد قال: حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال: ( قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر قال: ثم خشيت أن أقول ثم من فيقول عثمان، فقلت: ثم أنت يا أبت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين ).

حدثنا محمد بن مسكين قال: حدثنا محمد يعني: الفريابي قال: سمعت سفيان يقول: من زعم أن علياً عليه السلام كان أحق بالولاية منهما فقد خطأ أبا بكر و عمر والمهاجرين والأنصار، وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء.

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا عباد السماك قال: سمعت سفيان يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر و عمر و عثمان و علي و عمر بن عبد العزيز].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عبد الرزاق قال محمد: كتبته من كتابه، قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: ( كان أبو هريرة يحدث أن رجلاً أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أرى الليلة ظلة ينطف منها السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون بأيديهم، فالمستكثر والمستقل، وأرى سبباً واصلاً من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله! أخذت به فعلوت به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وصل فعلاً به، قال أبو بكر: بأبي وأمي لتدعني فلأعبرها، قال: اعبرها. قال: أما الظلة فظلة الإسلام، وأما ما ينطف من السمن والعسل فهو القرآن لينه وحلاوته، وأما المستكثر والمستقل، فهو المستكثر من القرآن، والمستقل منه، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فهو الحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به بعدك رجل فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع، ثم يوصل له فيعلو به، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثني أصبت أم أخطأت، فقال: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً قال: أقسمت يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقسم ).

حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا سليمان بن كثير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة قال: (فأبى أن يخبره).

حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: ( من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بـأبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه، ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: أيكم رأى رؤيا؟ فذكر معناه، ولم يذكر الكراهية، قال: فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني فساءه ذلك، فقال: خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء ).

حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن ابن شهاب عن عمرو بن أبان بن عثمان عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عمر نيط بـأبي بكر، ونيط عثمان بـعمر قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما تنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ) قال أبو داود: ورواه يونس وشعيب لم يذكرا عمر.

حدثنا ابن المثنى قال: حدثني عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أشعث بن عبد الرحمن عن أبيه عن سمرة بن جندب: ( أن رجلاً قال: يا رسول الله! أريت كأن دلواً دلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب شرباً ضعيفاً، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها فانتشطت، وانتضح عليه منها شيء ).

حدثنا حفص بن عمر أبو عمر الضرير قال: حدثنا حماد بن سلمة أن سعيد بن إياس الجريري أخبرهم عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب قال: بعثني عمر إلى الأسقف فدعوته، فقال له عمر: هل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم، قال: كيف تجدني؟ قال: أجدك قرناً من حديد. قال: فرفع عليه الدرة، فقال: قرن مه؟ فقال: قرن حديد، أمين شديد، قال: فكيف تجد الذي بعدي؟ قال: أجده خليفة صالحاً غير أنه يؤثر قرابته، قال عمر: يرحم الله عثمان ثلاثاً، فقال: كيف تجد الذي بعده؟ قال: أجده صدأ حديد، فوضع عمر يده على رأسه فقال: يا دفراه، يا دفراه! قال: يا أمير المؤمنين! إنه خليفة صالح، ولكنه يستخلف حين يستخلف، والسيف مسلول والدم مهراق]

أعظم ما يفسد على الأمراء والملوك والخلفاء هو إيثار القرابة، فإذا جاء إيثار القرابة استأثروا بالمال والجاه، واستأثروا بالسلطة ووقع الفساد وانتشر، وظهرت الرشوة في الأمة، ووقعت حينئذٍ المظالم، وأقيمت الحدود على الضعفاء، وأسقطت عن الشرفاء، وهذا الظلم الذي تهلك به الأمم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء عن ابن إدريس قال: أخبرنا حصين عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم وسفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازني قال: سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: ( لما قدم فلان إلى الكوفة أقام فلان خطيباً، فأخذ بيدي سعيد بن زيد فقال: ألا ترى إلى هذا الظالم، فأشهد على التسعة إنهم في الجنة، ولو شهدت على العاشر لم آثم، -قال ابن إدريس: والعرب تقول آثم- قلت: ومن التسعة؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على حراء: اثبت حراء إنه ليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد قلت: ومن التسعة؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف قلت: ومن العاشر؟ فتلكأ هنية ثم قال: أنا ) قال أبو داود: رواه الأشجعي عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن ابن حيان عن عبد الله بن ظالم بإسناده نحوه.

حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن الحر بن الصياح عن عبد الرحمن بن الأخنس: ( أنه كان في المسجد فذكر رجل علياً عليه السلام فقام سعيد بن زيد فقال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني سمعته وهو يقول: عشرة في الجنة: النبي في الجنة وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وسعد بن مالك في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، ولو شئت لسميت العاشر. قال: فقالوا: من هو؟ فسكت. قال: فقالوا: من هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد ).

حدثنا أبو كامل قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا صدقة بن المثنى النخعي قال: حدثني جدي رياح بن الحارث قال: ( كنت قاعداً عند فلان في مسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فرحب به وحياه وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة، يقال له: قيس بن علقمة فاستقبله فسب وسب، فقال سعيد: من يسب هذا الرجل؟ قال: يسب علياً، قال: ألا أرى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك ثم لا تنكر ولا تغير، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وإني لغني أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غداً إذا لقيته: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة ). وساق معناه ثم قال: ( لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر فيه وجهه، خير من عمل أحدكم، ولو عمر عمر نوح ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى المعنى قالا: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك حدثهم: ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صعد أحداً فتبعه أبو بكر و عمر و عثمان، فرجف بهم فضربه نبي الله صلى الله عليه وسلم برجله وقال: اثبت أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان ).

حدثنا هناد بن السري عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن أبي خالد مولى آل جعدة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي ).

حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد الرملي أن الليث حدثهم عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة، ح وحدثنا أحمد بن سنان القطان قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال موسى: (فلعل الله) - وقال ابن سنان: ( اطلع الله على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ).

حدثنا محمد بن عبيد أن محمد بن ثور حدثهم عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة قال: ( خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية -فذكر الحديث قال-: فأتاه يعني: عروة بن مسعود فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته، و المغيرة بن شعبة قائم على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فضرب يده بنعل السيف، وقال: أخر يدك عن لحيته، فرفع عروة رأسه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن شعبة )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا، وحدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، -والله أعلم أذكر الثالث أم لا- ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويفشو فيهم السمن ) ].

والقرون هنا لا يراد بها المئات، وإنما يراد بها الطبقات، أي: طبقة الصحابة، وطبقة التابعين، وأتباع التابعين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أصحابي، فولذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ).

حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زائدة بن قدامة الثقفي قال: حدثنا عمر بن قيس الماصر عن عمرو بن أبي قرة قال: ( كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس من أصحابه في الغضب، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة، فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول، فيرجعون إلى حذيفة فيقولون: لقد ذكرنا قولك لـسلمان فما صدقك ولا كذبك، فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة فقال: يا سلمان! ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال سلمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه، أما تنتهي حتى تورث رجالاً حب رجال، ورجالاً بغض رجال، وحتى توقع اختلافاً وفرقة؟ ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال: أيما رجل من أمتي سببته سبة، أو لعنته لعنة في غضبي، فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني رحمة للعالمين، فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة. والله لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر رضي الله عنه )].




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الطهارة [5] 2708 استماع
كتاب الطهارة [8] 2686 استماع
كتاب الترجل - كتاب الخاتم 2315 استماع
كتاب الصلاة [21] 2311 استماع
كتاب الأيمان والنذور [2] 2300 استماع
كتاب الطهارة [9] 2294 استماع
كتاب الطهارة [2] 2221 استماع
كتاب الطهارة [4] 2164 استماع
كتاب الصلاة [20] 2127 استماع
كتاب الصلاة [6] 2117 استماع